129 - صداقة ليون و اكيهيكو

في غرفة علاج بيضاء هادئة في الطابق الثمانين من ناطحة سحاب مهجورة، حيث تهيمن المناظر الحضرية الشاسعة لشنغهاي على الأفق، كان أكيهيكو لا يزال مستلقيًا. بدا متعافيًا تقريبًا؛ جروحه القديمة، التي كادت أن تودي بحياته في معركته الأخيرة، أصبحت الآن مجرد ندوب وردية باهتة تحت الضمادات النظيفة. كان يرتدي رداءً قطنيًا، وعيناه تركزان على جهاز آلي معقد يعرض بيانات المانا والتدفقات الطاقية في المدينة بالكامل.

كانت تجلس بجانبه السيدة هاي يونغ، وهي ترتدي قميصًا حريريًا أبيض أنيقًا وسروالًا رماديًا، وتحمل في يدها حاسوبًا لوحيًا يعرض مخططات بيانية مُعقدة. أما جو يون، فكان يقف عند النافذة، يداعب دمية صغيرة خشبية غريبة الشكل كانت قد تركها خلفه الرجل الذي قابله أكيهيكو قبل أيام. كان جو يون يتمتع بهدوء مُحيّر، لكن هيئته المرتَّبة وقميصه الذي لم يتجعد تشي بمهنيته العالية، حتى في ظروف الخيانة والهروب.

"المانا تتدفق بعنف في الضفة الغربية، لكنها غير مستقرة، كفقاعة على وشك الانفجار،" قال أكيهيكو بنبرة هادئة، يده تشير إلى نبضة حمراء ساطعة على شاشة الجهاز. "هل هذا هو المكان الذي يتواجد فيه بليك الآن؟"

أجابت هاي يونغ بحدة مُعتادة، دون أن ترفع عينيها عن شاشتها: "وفقًا لآخر تحديث مُشفَّر استطعنا الحصول عليه من شبكة 'كابوس'، نعم. بليك إيثر ومعظم فريقه (بابادوك، ماركو، فيرتشايلد) متمركزون في محيط مدرسة ثانوية مهجورة هناك. لا يبدو أنهم يقاتلون قوات المليارديرات، بل يتصارعون مع نتاج الكاتب نفسه. إنه عبء إضافي سخيف عليهم."

تنهد جو يون من عند النافذة، ناظرًا إلى الغيوم الداكنة التي كانت تتجمع فوق المدينة. "لقد خسروا ويسكر، وغيلثاندر انسحب. والآن أرسلوا مرتزقة كونية لقتال بليك على ضفاف المدينة. إنهم يتصرفون كأطفال تائهين يرمون ألعابهم في نلة القمامة،" ثم أضاف ببطء، وكأن الكلمات تُكلفه جهدًا: "ولكن هذا التهور هو ما يجعلهم أخطر. اليائس لا يبالي بالقوانين."

رمقت هاي يونغ جو يون بنظرة جانبية سريعة قبل أن تعود لتركيزها على البيانات. "التهور ليس المشكلة، جو يون. المشكلة هي أنك لا تستطيع أن تميّز متى تكون الإجراءات الضرورية مجرد تهور، أو متى تكون الغيرة هي ما تُعمي عينيك عن رؤية الحقائق الأساسية."

شعر جو يون بالاحتدام الطفيف في نبرتها. "ما الذي تقصدينه بالغيرة، هاي يونغ؟ هل أنا أغار من شجاعة أولئك المليارديرات في مواجهة الخطر؟ أو أغار من حماقتهم؟"

"أنا لا أتحدث عنهم،" أجابت هاي يونغ ببرود مصطنع. "أنا أتحدث عن التحليل البارد. أنت تصفهم باليائسين، بينما هم ينفذون خططًا بديلة بموارد ضخمة. وأنا أُشير تحديدًا إلى ميلك المزمن لتفسير كل شيء على أنه 'يأس'. ربما لأنك أنت نفسك يائس من أن تكون أي شيء آخر غير المساعد المخلص."

توقفت هاي يونغ برهة، وكأنها نادمة على حدة كلماتها، لكنها لم تتراجع.

التفت جو يون إليها، وكانت الدمية الصغيرة بين يديه. "يأس؟ لقد خاطرنا بحياتنا لسرقة مخططات 'العرين' والكشف عن أماكن احتجاز لين. نحن هنا، وتركنا وظيفة براتب سداسي الأرقام. لا أظن أن هذا يأس، بل هذا إيمان بقضية. أما الإخلاص، فهو صفة حميدة، لم أكن أعلم أنها تُعد عيبًا."

"بالتأكيد الإخلاص ليس عيبًا،" تدخل أكيهيكو بهدوء، مستمتعًا بالحوار المعتاد بينهما، "لكن قد يكون ستارًا. أحياناً الإخلاص يجعلك تخشى التقدم خطوة واحدة إلى الأمام خشية أن تجد نفسك في منطقة تجهلها. وهيونغ على حق. أنت خائف من التغيير، جو يون."

تضايق جو يون من اتفاق أكيهيكو مع هاي يونغ. "هل الجميع هنا قرر فجأة أن يصبح محللاً نفسيًا لي؟ أنا لست خائفًا من التغيير. لقد خنت رئيسي، وساعدت في إسقاط إمبراطورية. ما التغيير الذي يجب أن أفعله بعد ذلك؟ أن أصبح قراصانًا كونيًا؟"

نظرت هاي يونغ إليه مباشرة هذه المرة، وعيناها الزمرديتان تحملان نظرة عميقة ومُحيرة. "لا، ليس قراصانًا كونيًا. أن تدرك فقط أن الشيء الذي تريده بشدة موجود أمامك، وأن خوفك من المجهول يجعلك تتصرف كالدمية الخشبية التي تحملها، لا تتحرك إلا إذا حركها أحدهم."

انقبض وجه جو يون قليلاً. لقد فهم التلميح جيدًا. كانت تتحدث عن علاقتهما. "أنا لست دمية، هاي يونغ. أنا فقط رجل واقعي. وكرجل واقعي، أرى أنك سيدة بارعة، مستقلة، وذكية لدرجة لا تُصدق. وأرى أنني مساعدها السابق، وأن أي محاولة مني لتقريب المسافات ستُفسَّر على أنها ضعف أو محاولة انتهازية من شخص اعتاد على تلقي الأوامر."

أفلتت هاي يونغ ضحكة قصيرة لا تخلو من الاستياء. "هذا هو التفسير المثالي لهروبك، جو يون. أن تحوّل شعورك إلى تحليل منطقي معقد لكي تُبرّر تقاعسك. أنت تظن أنك بهذه الطريقة تُحافظ على كرامتك أو مهنيتك، بينما أنت تترك الأمور المهمة تنزلق من بين أصابعك خوفًا من الرفض. هل تظن أنني أعتبرك 'مساعدًا' بعد كل ما مررنا به؟"

"لا أعلم،" اعترف جو يون بصوت منخفض، متجنبًا النظر إليها. "لم تُلمحي أبدًا إلى أن الأمر قد يكون مختلفًا. أنتِ تُطلقين عليَّ الأحكام الصارمة في كل فرصة. أنتِ 'تسوندري' كما يُسميها الناس. وهذا يجعلني... أبتعد للحفاظ على كبريائي."

"الآن بدأت تتحدث بمنطق،" قالت هاي يونغ، وقد خف صوتها قليلًا. "أنا حادة في نبرتي لأني لا أملك الوقت للمجاملات اللطيفة، جو يون. نحن لسنا في مكتب، ولا نقوم بإعداد قهوة المدير في الصباح. أنا بحاجة إلى حقائق، لا إلى أحاديث فارغة. إذا كان هذا هو ما تراه 'تسوندرة'، فليكن. لكنني أحتاج أن أفهم لماذا لا تدرك أنني ما زلتُ أعتمد عليك، وأحتاج إلى وجودك، هنا، بجانبي، في هذا الفراغ الذي خلقناه بأنفسنا."

ساد صمت طويل، قطعته فقط همهمة الأجهزة المعقدة في الغرفة. كان أكيهيكو ينظر إليهما بابتسامة باهتة، لكنه لم يتفوه بكلمة، تاركًا لهما المجال لتبادل الكلمات.

تقدم جو يون بضع خطوات نحوها، وضع الدمية على طاولة جانبية، وتحدث بنبرة جادة لم يكن قد استخدمها من قبل: "اسمعي، هاي يونغ. لن أختبئ وراء التحليل. أنا أُكنُّ لكِ احترامًا عظيمًا، وأرى فيكِ كل الصفات التي... التي أبحث عنها. ولكنني لا أريد أن أكون سببًا في إفساد حياتك المهنية أو الشخصية. لقد خسرنا كل شيء تقريبًا؛ لا أريد أن أخسر الإحساس بأنني ما زلتُ أستطيع أن أُقدم شيئًا ذا قيمة لكِ، حتى لو كان هذا الشيء هو أن أظل مجرد... شريك عمل موثوق به."

نظرت إليه هاي يونغ بعيون صافية. كانت تلك لحظة نادرة لم تكن فيها باردة أو حادة. "جو يون، لقد حطمنا حياتنا بالفعل. لا يوجد شيء نخسره بعد الآن سوى أرواحنا. وإذا كنا سنخوض هذه الحرب، فسنخوضها معًا، ليس كمساعد وامرأة قاسية. بل كشخصين متساويين يدركان أن هذا العالم الفوضوي يتطلب أن نكون صريحين وشجعانًا، حتى في أبسط المشاعر. لا يوجد كبرياء في الحرب."

أكيهيكو، الذي شعر بأن اللحظة بلغت ذروتها، قرر التدخل لكسر حدة التوتر. "هل لي أن أقترح شيئًا؟" قال بهدوء. "جو يون، هل تستطيع أن تحضر لي سيفي؟ سيفي المدفون في تلك الصخرة بالخارج؟ أشعر أنني جاهز للنهوض قريبًا."

أومأ جو يون، وقد ارتاح قليلًا لانتهاء الحديث العاطفي. "بالتأكيد، أكيهيكو. سأذهب لأحضره فورًا."

وفيما كان جو يون يهم بالخروج، همست هاي يونغ بصوت بالكاد يُسمع، لكنه وصل إليه بوضوح: "توقف، جو يون. كن شجاعًا في المرة القادمة. لا تترك شيئًا للصدفة."

ابتسم جو يون ابتسامة خفيفة لم ترها هاي يونغ قط، وأجاب بصوت ثابت ومختلف: "حسناً، هاي يونغ. سأعود ومعي السيف. لا تخافي، أنا معك في كل خطوة."

خرج جو يون مسرعًا من الغرفة، تاركًا هاي يونغ تحدق في الباب المغلق ببطء، قبل أن تعود إلى حاسوبها اللوحي، لكن هذه المرة، كانت شفتيها ترتسمان في شبه ابتسامة خفية، بينما هي تحاول جاهدة أن تظل مركزة على مخططات المانا المتقلبة.

أكيهيكو، بعد أن راقب المشهد بالكامل، هز رأسه وهو يبتسم. "الأمر لا يتعلق بالسيف، أليس كذلك؟"

"ماذا؟" سألت هاي يونغ بحدة مصطنعة، وقد اختفت ابتسامتها الخفية.

"المانا،" أجاب أكيهيكو براءة. "أنا أتحدث عن المانا. إنها متقلبة للغاية في الضفة الغربية. بليك لا يستطيع الصمود وحده. يجب أن نجد طريقة للانضمام إليهم... أو على الأقل، أن ندعم فريق الإنقاذ. هذا هو الجزء الأكثر أهمية الآن، بغض النظر عن المشاعر."

"أعلم،" قالت هاي يونغ، وعادت إلى وضعها الاحترافي بالكامل، "ولكن قبل أن نتحرك، يجب أن نعرف ما الذي يمكن أن يواجهه فريق الإنقاذ في مقر المليارديرات. إنهم يمتلكون الآن ورقتهم الرابحة الجديدة: البيو-جايانت، كما ورد في تقرير المليارديرات. وهي قوة مصممة لمواجهة القوى السحرية والكونية. يجب أن نُجهز تحليلًا تفصيليًا لها. وهذه هي مهمتنا الحقيقية، أكيهيكو. التحليل البارد والعملي قبل العاطفة."

استطرد أكيهيكو: "وبالحديث عن الواقعية والعمل، هل لديكِ خطة بديلة إذا لم ينجح فريق الإنقاذ في تحرير الهالك؟ فكرتُ في أننا قد نكون مضطرين لمواجهة الجيش الأمريكي بشكل مباشر. إذا كانوا يمتلكون الهالك، فستكون قوتهم لا يمكن تخيلها."

"لقد فكرت في ذلك،" ردت هاي يونغ، وهي تضغط على مفتاح إدخال البيانات في حاسوبها. "ولهذا السبب كان لابد لي من إرسال جو يون. إنه شخص يجب أن يعود بقوة، ليس فقط ليأتي بسيفك. بل ليُدرك أنه قادر على أن يكون المدخل إلى الخطة البديلة. سأشرح لك الخطة... إنها تتطلب بعض التضحية وبعض الشجاعة غير التقليدية. تمامًا كشجاعة جو يون عندما قرر أن يغادر، وتمامًا كشجاعة بليك عندما قرر أن يتحالف مع لص محترف. الأمر كله يتعلق بخلق الشجاعة اللازمة في اللحظات اليائسة."

في اللحظة التي التفت فيها جو يون ليغادر الغرفة، متسلحًا بقرار جديد وشجاعة نابعة من التوتر العاطفي، تجمّد عند الباب. كان صوت خطواته على الأرضية الرخامية قد توقف فجأة، وعاد إلى الداخل ببطء شديد، ويداه مرفوعتان أمام وجهه في استسلام واضح، وعيناه تحملان رعبًا مُفاجئًا.

"لا تتحركا. لا كلمة واحدة." جاء الصوت من الخلف، صوت خشن حاد يحمل نبرة تهديد لا لبس فيها، مصحوبة بوقع حذاء عسكري ثقيل على الأرض.

تدفقت مجموعة من الجنود المدججين بالسلاح إلى الغرفة، يرتدون سترات تكتيكية سوداء ويحملون بنادق هجومية موجهة نحو أكيهيكو وهاي يونغ. كان الجنود يتحركون بدقة آلية مُدربة، محيطين بالاثنين فورًا. دفع أحد الجنود جو يون بقوة نحو هاي يونغ، مما أفقده توازنه وسقط على ركبتيه بجانبها.

"خيانة، إذن؟" سألت هاي يونغ، محافظًة على هدوئها رغم التوتر الذي كان يشد عضلات وجهها. كان صوتها باردًا، كأنها تناقش تقريرًا ماليًا فاشلاً، لا حياتها المهددة.

"لقد تم تحديدكم كعملاء مزدوجين وخونة للمجموعة،" أجاب الجندي الذي كان يقود الفرقة، وهو رجل مفتول العضلات ذو وجه قاسٍ. "أرسلنا 'الثمانية' لجمعكم. ستُساعدوننا في فهم كيفية تسريب مخططات 'العرين' ثم ستنالون العقاب المناسب."

حاول أكيهيكو النهوض من سريره، لكن ألمًا حادًا اخترق ضلوعه الملتئمة حديثًا. كان يتنفس ببطء، يحاول حشد أي قدر ضئيل من المانا المتبقية لديه، لكن بدون سيفه الذي يعمل كقناة لتلك القوة الهائلة، كان الأمر مستحيلاً. هو يدرك جيداً أن محاولة القتال في وضعه الحالي هي انتحار حقيقي.

"عبث،" تمتم أكيهيكو، يده تهبط على حافة السرير. "يا له من عبث أن تُمسك بي وأنا في هذا الضعف."

"عبث أم لا، أيها 'المُخترق'، مصيرك الآن في أيدينا،" قال الجندي بابتسامة مُتعالية.

وفي تلك اللحظة، دخل قائد الفرقة الفعلية. لم يكن من الجنود العاديين. كان باكي بارنز، جندي الشتاء. كان يرتدي زيه العسكري الخفيف، وذراعه الميكانيكية اللامعة مُتدلية إلى جانبه. لم ينظر باكي إلى هاي يونغ أو جو يون أو حتى أكيهيكو مباشرة. كانت عيناه الجليديتان تمسحان محيط الغرفة بدقة، كما لو كان يبحث عن ثغرة في الدفاعات، أو مُتوقعًا لشيء قادم.

لم يتفوه باكي بكلمة واحدة. هدوؤه كان أكثر تهديدًا من صراخ الجنود. إنه يمثل الكفاءة القاتلة والصامتة.

ثم، ودون سابق إنذار، انطلق صوت إطلاق نار حاد من خارج الغرفة.

صوت واحد، مُركَّز، تبعته سلسلة من الانفجارات القصيرة والمُحكمة.

أطلق أحد الجنود صرخة قصيرة وسقط على الأرض، مخلفًا وراءه بقعة حمراء سريعة الانتشار على الأرضية البيضاء. انخرط الجنود في حالة من الفوضى القصيرة، محاولين تحديد مصدر الهجوم.

"تأمين الهدف!" صرخ الجندي القائد، مُشيرًا إلى أكيهيكو وهاي يونغ.

لكن باكي لم يتردد. بمجرد سماع الطلقة الأولى، كان قد تحرك. دفع الجنود جانبًا متجهاً نحو النافذة الزجاجية الضخمة، حيث بدا أنه يعتزم إطلاق النار على المصدر الخارجي.

في تلك اللحظة، تبادل الجنود الثلاثة الآخرون، الذين تسللوا عبر المدخل، إطلاق النار مع مصدر الهجوم. كان إطلاق نار سريعًا ومكثفًا. ارتدت الطلقات المعدنية على الجدران والأرضية، محولة الغرفة الهادئة إلى جحيم من الضجيج والدمار.

بدأ أكيهيكو يزحف ببطء، غريزته الوحيدة هي حماية الآخرين. دفع جو يون وهاي يونغ نحو حافة السرير ليتخذاها كغطاء. ثم انبطح فوقهما، مستخدمًا جسده كدرع واقٍ ضد الرصاص الطائش، على الرغم من أن جسده كان هشًا وقابلاً للكسر.

"لا تتحركا!" أمر أكيهيكو بصوت مُكتوم، يحاول تجاهل نبضات الألم الحادة في صدره.

"أكيهيكو، جروحك!" صرخت هاي يونغ، محاولة دفعه جانبًا لكي لا يتلقى كل الضرر.

"عليكما البقاء على قيد الحياة لتنفيذ الخطة البديلة!" أجابها أكيهيكو، يعض على أسنانه.

أما جو يون، فكان يتنفس بصعوبة، يرى الجنود يتساقطون الواحد تلو الآخر من ضربات قادمة من خارج الغرفة ببراعة مجهولة. أدرك جو يون أن هذه ليست مجرد مسألة حظ، بل هو تدخّل مُتعمَّد ومُخطَّط له.

فجأة، تحطمت النافذة الزجاجية بضوضاء هائلة. قفز شخصان من النافذة مباشرة، يتبعهما ثالث.

كانوا هم: ليون إس. كينيدي، الذي اندفع بمسدسه نحو باكي الذي كان قد استدار بسرعة فائقة؛ جيل فالنتاين، التي كانت تغطي ليون بنيرانها المُركَّزة؛ وريبيكا تشامبرز، التي كانت تبحث عن غطاء خلف جهاز طبي كبير.

توقف إطلاق النار للحظة بعد أن أصيب آخر جندي مُحيط بالثلاثة.

نظر ليون إلى أكيهيكو المنهك تحت الرصاص، ثم إلى الاتجاه الذي كان يقف فيه سيف أكيهيكو، مدفونًا في صخرة ضخمة كانت جزءًا من ديكور الشرفة الخارجية للمبنى.

بضربة خاطفة من يده، رمى ليون شيئًا ما عبر الغرفة نحو أكيهيكو.

لقد كان السيف.

تدحرج السيف على الأرضية الرخامية، وتوقف على بُعد بضعة سنتيمترات من يد أكيهيكو. كان السيف الفضي الضخم والمزخرف، الذي كان بمثابة قناة للطاقة.

في اللحظة التي التقط فيها أكيهيكو مقبض السيف، شعر بتيار هائل من القوة الباردة يتدفق عبر جسده. كان الأمر أشبه بمنح محطة طاقة نووية مفتوحة لكيان مُحتضر. عاد الألم، لكن عاد معه أيضًا الوعي بالقوة. توهجت عينا أكيهيكو، ونهض ببطء، مستخدمًا السيف كدعامة.

"هذا ليس سيفك،" قال ليون بصوت عالٍ، وهو يشتبك الآن مع باكي في قتال يدوي سريع وعنيف.

"هو أداة للحياة الآن،" أجاب أكيهيكو، يمسح الدم عن طرف فمه.

"مرحباً بك في المعركة، أيها الساحر،" صاح ليون، بينما كان يراوغ لكمة ميكانيكية قادمة من باكي.

بدأت المعركة.

الجبهة الأولى: ليون وجيل ضد باكي

كانت معركة بالغة السرعة والوحشية. تبادل باكي وليون اللكمات، حيث استخدم باكي ذراعه المعدنية لصد ضربات ليون السريعة والدقيقة، بينما كان ليون يعتمد على خفة الحركة وتكتيكات الاشتباك القريبة. أطلقت جيل النار على باكي في محاولة لتشتيته، لكن باكي كان يتوقع الطلقات ويتدحرج أو يتخذ موقعًا مثاليًا خلف الأعمدة.

"إنه أسرع من ويسكر!" صاحت جيل لليون، وهي تبدل مخزن بندقيتها.

"لكن ليس لديه قوة فيروسية! اعتمدي على التشتيت، جيل!" رد ليون.

الجبهة الثانية: أكيهيكو وريبيكا ضد الجنود الباقين

استخدم أكيهيكو سيفه لأول مرة. بضربة واحدة حاسمة، أطلق موجة صغيرة من المانا الحادة قطعت الجزء العلوي من بندقية أحد الجنود. كان لا يزال ضعيفًا، لكن السيف كان يضاعف قوته.

عملت ريبيكا كطبيبة ومقاتلة، حيث كانت تطلق النار بدقة على أطراف الجنود المتبقين لإصابتهم بالشلل بدلاً من قتلهم، بينما كانت تضع عينها على أكيهيكو.

"يا إلهي، هل أنت متأكد أنك لست بحاجة إلى مضادات حيوية؟" سألت ريبيكا بقلق.

"المانا هي المضاد الحيوي الخاص بي،" قال أكيهيكو بلهجة جافة، يلوح بسيفه لصد رصاصة.

الجبهة الثالثة: جو يون وهاي يونغ كإستراتيجيين

كان جو يون وهاي يونغ يختبئان خلف السرير، لكنهما لم يكونا مُتعطلين. كانت هاي يونغ تستخدم حاسوبها اللوحي لتحديد نقاط ضعف المبنى القريبة من الشرفة، بينما كان جو يون يراقب قتال باكي.

"المانا الخاصة بباكي... إنها مُقفلة،" همست هاي يونغ، عيناها على جهازها. "إنه سلاح مدرب بالكامل، لكنه إنسان. لديه نية واحدة."

"نيته هي حماية سيده،" أجاب جو يون، يستعيد هدوئه تحت ضغط الخطر. "لكن ذراعه المعدنية هي نقطة ضعف هائلة في الدفاع. إنها تجعله بطيئًا في التكيف مع تكتيكات الاشتباك المتغيرة. ليون يعلم ذلك."

الذروة: باكي ينسحب

كان قتال ليون ضد باكي متكافئًا ومُدمِّرًا. أخيرًا، تمكن ليون من تمرير لكمة قوية اخترقت دفاع باكي، مما تسبب في اهتزاز ذراعه الميكانيكية بالكامل. تراجع باكي خطوتين، وبدلاً من أن يرد الهجوم، رمى قنبلة دخانية.

"سنعود لكم!" سمعوا صوت باكي عبر الدخان، ثم قفز من النافذة، مُطلقًا خطافًا من ذراعه ليتدلى بعيدًا عن المبنى.

توقف القتال فجأة. انحنى ليون وهو يلهث، بينما تقدمت جيل بحذر نحو أكيهيكو.

"هل أنت بخير؟" سألت جيل، وهي ترفع بندقيتها.

"بقدر ما يمكن أن يكون عليه رجل طُعن ثلاث مرات وتلقى للتو وابلًا من الرصاص،" أجاب أكيهيكو، وهو يتكئ على سيفه.

"لقد كنا نلاحق ويسكر، لكننا اكتشفنا أنكم الهدف الأساسي لتصفية الحسابات. كنا نعرف أن باكي قد تم إرساله. يجب أن نغادر هذا المكان فورًا،" قال ليون، وهو يمسح وجهه من الغبار.

"نحن لسنا ذاهبين إلى أي مكان،" قالت هاي يونغ بحدة، وهي تخرج من خلف السرير ومعها جو يون. "نحن ذاهبون إلى مقر 'الثمانية' لتحرير أخت ني يان والهالك."

نظر ليون إلى أكيهيكو، الذي أومأ برأسه بتأكيد.

"حسنًا،" قال ليون بابتسامة متعبة. "يبدو أن لدينا تحالفًا جديدًا. أين يقع هذا العرين؟"

أجاب جو يون، وهو يتقدم خطوة نحوهم، وعيناه تحملان إصرارًا لم يكن موجودًا قبل دقائق: "لقد سرقنا المخططات. يمكنني أن آخذكم إليه. لكن هذا يتطلب منا أن نعمل معًا، وليس كـ 'مساعد' وقائد."

نظر أكيهيكو إلى ليون، الذي كان يضع مسدسه بأناة في جرابه، ثم إلى الدمار الذي لحق بالغرفة. كان جو يون وهاي يونغ مشغولين بتفحص الخريطة الرقمية التي سرقتها هاي يونغ من شبكة المليارديرات. أما جيل وريبيكا فكانتا تتحركان بمهارة لتأمين محيط الغرفة، تتفحصان كل زاوية بحثًا عن أي تهديد متبقٍ.

"أمر ويسكر،" قال أكيهيكو، مُتّكئًا بثقل على سيفه. "هل قضيتم عليه حقًا؟ ذلك الكيان الذي كان يتلاعب بالفيروسات والتحورات... لقد ظننت أنه لا يُقهر."

رفع ليون كتفيه بتعب، وعيناه تعكسان إرهاق معركة طويلة وشاقة. "لا يوجد شيء لا يُقهر، أيها الساحر، فقط كيانات لم تواجه بعد القوة المناسبة في اللحظة المناسبة. لقد قمنا بتدمير تحوله الأخير بالكامل. دفن تحت أطنان من الخرسانة في نفق المطار، مع كل قنابله الفيروسية. المهمة الأساسية، من منظورنا، قد أُنجزت. لا مزيد من تهديدات 'تراي سيل' البيولوجية في هذه المدينة."

أومأ أكيهيكو برأسه في استيعاب، ثم سأله باستغراب حقيقي: "إن كانت مهمتك الأساسية قد أُنجزت، والقضاء على ويسكر هو ما جئتم لأجله... فلماذا أنتم هنا؟ كان بإمكانكم أن تُغادروا المدينة فورًا مع حلول الفجر، وأن تتركوا هذه الفوضى لنا."

ابتسم ليون بمرارة، ونظر إلى أكيهيكو نظرة عميقة تحمل معنى الصداقة والولاء الذي يتجاوز الواجب. "وهل أترك أصدقائي وأهرب؟"

كانت العبارة بسيطة ومُباشرة، لكنها حملت صدى قوياً في فضاء الغرفة المُدمَّرة، صدى يُذكّر أكيهيكو بالولاء الذي فقده عندما خانته منظمته القديمة.

"صديقك؟" سألت جيل، تنظر إلى ليون بدهشة، ثم إلى أكيهيكو، غير مُدركة الرابط بينهما.

تجاهل ليون نظرة جيل وأجاب أكيهيكو بنبرة هادئة: "ميليوداس، قائد الشياطين، هو من أخبرني. لقد التقينا به قبل أن ينفصل عن فريق بليك لملاحقة إليزابيث. كان يبدو مُنهكًا بعد مواجهة كابتن مارفل، لكنه كان واثقًا. قال لي إنك هنا، وإنك مُصاب وتحتاج المساعدة، وحذرني من أن 'الثمانية' يحاولون التخلص من 'الخائنين' لإخفاء آثارهم. عندما أنهينا أمر ويسكر، كان من الطبيعي أن نأتي إليك."

أحس أكيهيكو بموجة من الدفء تُغطي برودة سيفه. "لقد خاطرتم كثيرًا من أجلي. ميليوداس... إنه يحمل ولاءً غير تقليدي لمن يعتبرهم حلفاء."

"الأمر لا يتعلق بي فقط، بل بـ جيل وريبيكا أيضًا،" أشار ليون إلى رفيقتاه. "في النهاية، كلنا نُقاتل ضد ذات القوى التي تستغل الناس وتحولهم إلى أسلحة، سواء كانت فيروسات أو مانا، أو نفوذ مالي. هدفنا الآن هو هدفك: تحرير الآخرين."

انحنى أكيهيكو بامتنان خفيف، ثم استقام، واثقًا من القوة التي تتدفق في عروقه بفضل السيف. "إذن، لنضيّع الوقت في التخطيط. جو يون، هاي يونغ، هل وجدتما طريقة للتسلل؟"

قبل أن يتمكن جو يون من الرد، أصدرت ريبيكا تحذيرًا عاجلاً: "حركة! اثنان قادمان من الشرق، وهناك مجموعات تتمركز على المباني المجاورة! إنهم يُعيدون تطويقنا!"

وفي جزء من الثانية، تمزق الجدار خلف أكيهيكو وهاي يونغ في سحابة من الغبار والركام. باكي بارنز كان هناك، قد عاد للتو. انسحابه لم يكن سوى تكتيك مُخادع لإعطاء الجنود وقتًا لإعادة الانتشار. لم يكن وحده، فقد تبعته فرقة كاملة من الجنود يرتدون دروعًا خفيفة وقبعات خضراء، مُسلّحين برشاشات.

"أيها الخونة! لن تُغادروا هذا المبنى أحياءً!" صرخ قائد الفرقة العسكرية.

اندفع باكي مباشرة نحو أكيهيكو. هذه المرة، لم يكن مُترددًا أو مُكتشفًا لنقاط الضعف. لقد كان هجومًا صريحًا وحشيًا.

لكن أكيهيكو كان مستعدًا. لقد امتص طاقة كافية. تحرك ببراعة وسرعة لم يكن ليحلم بهما قبل ساعة.

"تنفس البرق: الشكل الأول!"

توهج سيف أكيهيكو بضوء أزرق حاد. كانت خطواته سريعة كـ الوميض، تاركة أثرًا كهربائيًا على الأرض. اصطدم سيفه بسلاسة ذراع باكي الميكانيكية، مما أحدث شرارة هائلة وصوتًا معدنيًا حادًا.

"يا له من سيف غريب،" تمتم باكي، عيناه تحدقان في أكيهيكو، لكنه لم يتراجع.

بدأ أكيهيكو وباكي قتالًا فرديًا مُذهلاً. كان أكيهيكو يعتمد على سرعة البرق ورشاقة السيف ومهاراته القتالية المُتعلَّمة، بينما كان باكي يعتمد على القوة العضلية المدعومة بالهندسة والتكتيك العسكري. كل ضربة سيف من أكيهيكو كانت تهدف إلى شل حركة الذراع الميكانيكية، وكل لكمة من باكي كانت تهدف إلى سحق عظام أكيهيكو الهشة.

وفي ذات الوقت، انخرط ليون ورفاقه في معركة ضد الجنود العاديين.

"جيل، ريبيكا! غطاء!" صرخ ليون.

اندفع ليون وجيل نحو مجموعة من الجنود، بينما كانت ريبيكا تستخدم بندقية قنص خفيفة لتوفير التغطية من زاوية عالية. كانت المعركة الآن في ذروتها: سيف يضرب درعًا، ورصاص يمزق الهواء، وصرخات تتصاعد مع كل سقوط لجندي.

كان جو يون وهاي يونغ لا يزالان يحاولان إيجاد خطة سريعة للهرب، عيناهما تتنقلان بين المعركة على الأرض والمخططات على الشاشة.

2025/11/26 · 9 مشاهدة · 3304 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025