139 - نهاية القتال ضد باكي

انطوى الفضاء من حوله، ليتحول الضوء الكوني الساطع لكابتن مارفل إلى فراغ مظلم يبتلعه. جوني بليز، أو ما تبقى من كيانه البشري بعد أن أُلقي به بعيدًا بضربة نجمية عاتية، شعر وكأنّه حجرٌ انقذف من مقلاع عملاق، مخترقًا طبقات الهواء والزمن معًا. كانت النيران الجهنمية التي تحيط بجمجمته تتضاءل، ليستبدلها وهجٌ مؤلمٌ من الارتطام الوشيك. لم يجد أمامه سوى الثواني المعدودة ليتحول من "الشبح الراكب" إلى مجرد سائق استعراض مُنهك، فقد فقدان التركيز وقوة الغضب إرادته.

ارتطم جسد جوني بالأرض بقوة كارثية، ليخترق سطح أسفلتٍ هش، ثم جداراً إسمنتياً سميكاً، ليستقر أخيرًا في ظلمة باردة ورطبة. كان صوت الارتطام هائلاً، لكنه تلاشى سريعًا في هدير شبيه بالتنفس العميق لمدينة تحت الأرض. فتح جوني عينيه البشريتين بصعوبة، متفحصًا محيطه. وجد نفسه ساقطًا على أرضية موحلة داخل ما بدا أنه نظام صرف صحي قديم أو مجرور رئيسي، تفوح منه رائحة الصدأ والمياه الراكدة. كانت أضلاعه تؤلمه بشدة، وشعر بالدماء تسيل من رأسه.

"تَبًا... لم أتلقَ ضربة كهذه منذ أن حاول ميفيستو ابتلاع روحي كاملة،" تمتم جوني لنفسه، محاولاً النهوض ببطء وهو يتكئ على جدار قذر.

في تلك اللحظة، اخترق سكون المجرور صوتٌ حادٌ قادم من أعماق الأنفاق المتشعبة؛ صوتُ خطواتٍ سريعة وعاجلة تختلط بقعقعة معدنية، يتبعها صوتُ هديرٍ ثقيل يقتلع الحجارة من أماكنها. رفع جوني رأسه مُستنفراً. هذا ليس صوت مطاردة عادية؛ إنها أصواتُ هروبٍ يائس من قوة خارقة.

لم يكد جوني يستجمع قواه حتى ظهرت من الظلام مجموعةٌ من الشخصيات المذعورة والمنهكة. كان في مقدمتهم شابٌ يرتدي معطفًا جلدياً ويحمل بندقية (ليون إس. كينيدي)، تتبعه امرأة شقراء مُتعبة تسند كتف رجل ذي ملامح آسيوية مرهقة (جيل فالنتاين و أكيهيكو)، ثم فتاة ذات شعر أحمر بملامح ذكية تحمل حقيبة طبية (ريبيكا تشامبرز)، وفي المؤخرة زوجان شابان يركضان بتعثر واضح (جو يون وهاي يونغ).

بدا عليهم جميعًا الإجهاد الشديد والذعر بعد قتال النميسيس وباكي بارنز، وكانت ملابسهم ممزقة وغطتها الأتربة والدماء.

"هنا... هذا هو المنفذ!" صاح ليون بصوتٍ خافت ومتهدج، وهو يشير إلى فتحة جانبية ضيقة ومظلمة، لكنه توقف فجأة عندما رأى جوني.

حدق ليون في جوني بليز الواقف، الذي كانت ملابسه ما تزال تحمل آثار نيران جهنم، وحاول فهم هويته. تبادل الجميع النظرات الحائرة والقلقة.

"من أنت؟ وهل أنت... مُصاب؟" سألت ريبيكا بقلق مهني، متقدمة خطوة رغم الخطر الداهم.

رفع جوني يده متجاهلاً الألم، وقال بصوت أجش وعميق: "ما أنا فيه لا يُسمى إصابة، بل مجرد صدمة جسدية مؤقتة. السؤال هو: ما الذي يطاردكم؟ هل هو الشيطان نفسه؟"

قبل أن يتمكن ليون من الإجابة، اهتزت جدران المجرور بعنف، مصحوبةً بصرخة ميكانيكية مشوهة، تلتها عبارةٌ واحدة مألوفة مرعبة: "ستاااار... ستاااار..."

"إنّه النميسيس! سيهدم الأنفاق فوق رؤوسنا!" صرخت جيل، مُسرعةً بخطواتها نحو الفتحة.

"هذا هو الرد. لا، ليس الشيطان. إنه شيء أسوأ: سلاح بيولوجي موجه لا يعرف الرحمة،" أجاب ليون، ثم استدار نحو جوني. "أيًا كنت، إذا أردت النجاة، فلتأتِ معنا. لا وقت للشرح!"

لكن أكيهيكو، الذي كان يسنده ليون، كان قد انهار على ركبتيه، وغطى وجهه بيديه وهو يلهث، وقال بصوت مُتكسر: "لن أستطيع... لستُ قادرًا على الركض أكثر. لقد استنزفت تمامًا. اتركاني و... و اهربا." كانت إصاباته من قتال باكي و النميسيس ما تزال تؤثر عليه.

توقفت هاي يونغ وجو يون، وعادت هاي يونغ لتجلس بجوار أكيهيكو، واضعة يدها على كتفه. "لا تتفوه بمثل هذا الكلام. نحن لن نتركك. لا يمكننا التضحية بك بعد كل ما فعلناه لتهرب."

"أصمتي! أنا لستُ شيئًا ذا قيمة! أنتم مجموعة مكافحة للكوارث! وأنا... مجرد شاب يقاتل بالسيف. أنا لستُ أهلًا للمخاطرة بكم!" بدأ أكيهيكو بالاعتراف بضعف، مُدركاً حجم التضحية التي قدمها ليون ورفاقه.

تدخلت ريبيكا، وهي تفتح حقيبتها الطبية بسرعة لإعطائه مُنشطًا: "توقف عن التفكير. أنت مقاتل شجاع! والآن، يجب أن تتصرف كقائد، ليس كضحية! يجب أن نخرج من هنا!"

في تلك اللحظة، استطاع جوني بليز أن يشعر بقوة غير عادية تنبعث من الرجل الجريح أكيهيكو، لكنها كانت ممتزجة بالإنهاك.

"يا هذا،" قال جوني بليز لأكيهيكو. "لا يهم ما أنت عليه، بل ما تختاره. والآن يجب أن تختار القتال."

رد أكيهيكو بصوت متهدج: "القتال؟ لقد قاتلت باكي والنميسيس للتو حتى كدت أموت! أين هو السيف؟"

"ليس لدي سيف لأعطيك إياه. لكن لدي نيرانٌ تحرق من لا يستحقون الحياة،" قال جوني، ثم أشار إلى أكيهيكو: "يبدو عليك أنك قد ندمت على شيء. الندم هو بداية الطريق نحو الفداء."

"لا وقت للفلسفة!" صاح ليون وهو يطلق بضع طلقات نارية في الظلام، لتشتيت انتباه المهاجم. "نحن مُحاصَرون! يجب أن نتحرك!"

"ليون مُحق. نحن بحاجة إلى خطة. يجب أن نُبطئ النميسيس،" قالت جيل، وهي تعيد شحن بندقيتها.

"النميسيس لا يتباطأ،" قال جو يون بخوف واضح. "لقد تم برمجته على التدمير الأقصى. والطريقة الوحيدة لإيقافه مؤقتًا هي... إغراق هذا المجرور."

حدق الجميع في جو يون.

"إغراقه؟ هل جننت؟" سأل ليون.

"نعم. هذا المجرور يمر تحت محطة ضخ قديمة. إذا تمكنا من الوصول إليها، يمكننا تحرير تدفق المياه المعالجة على النميسيس. هذا الكائن يكره البيئة المائية الصارمة، وهذا قد يربكه لثوانٍ تكفي للهروب،" أوضح جو يون بتوتر شديد، مستخدماً ما تعلمه سابقاً في أروقة أمبريلا.

"هذا يمنحنا فرصة... ويهددنا بالغرق في الوقت نفسه،" علقت ريبيكا.

"لا يوجد بديل،" قال ليون بإصرار. "يجب أن نصل إلى غرفة التحكم. أنا أعرف المخططات الهندسية للمدينة التحتية من تقاريرنا عن TRICELL. لكنها بعيدة."

في تلك اللحظة، اخترقت لكمة ميكانيكية هائلة الجدار الأسمنتي خلفهم، وكشفت عن جزء من جسد النميسيس الضخم ووجهه المشوّه الذي يرتدي درعًا.

"ستاااار... إيجاد... هدف،" هدير النميسيس كان مرعبًا.

ثم ظهر باكي بارنز (جندي الشتاء) من نفس الثقب، ذراعه المعدنية لامعة ومُصوبة نحوهم. "انتهى الأمر أيها الهاربون. لا يوجد هروب. سلموا أنفسكم."

وقف جوني بليز أمام المجموعة دون خوف، والشرر يتراقص في عينيه البشريتين. "أيها الرجل ذو الذراع الحديدية. ربما أنتَ من يجب أن يستسلم."

رد باكي ببرود مميت: "نحن لسنا أعداءً شخصيين أيها الغريب، ولكنك الآن هدفٌ ثانوي. تحرك من أمامي."

"هذا لن يحدث،" قال جوني، ثم أغمض عينيه. في ثوانٍ، اشتعلت جمجمته بنيران جهنم، وتحولت ملابسه الممزقة إلى درع من الجلد الأسود المشتعل، والبيئة المحيطة امتلأت برائحة الكبريت والاحتراق. "أنا الآن جندي الانتقام. وهذا المكان أصبح جهنمك."

أطلق جوست رايدر سلسلة من نيرانه الجهنمية على باكي والنميسيس، مما أجبرهما على التراجع.

"هذه هي فرصتنا! هيا بنا!" صاح أكيهيكو، مُستجمعاً قواه ومُتّخذاً زمام المبادرة الآن، وهو يقودهم نحو النفق الضيق.

[النفق والاعتراف بالخسارة]

كان النفق الضيق مساراً لأسلاك وكابلات كهربائية قديمة. تقدم ليون وجيل في المقدمة، وتبعتهما ريبيكا، بينما كان أكيهيكو يُسندُ شريكيه جو يون وهاي يونغ. استغرق جوست رايدر بضع ثوانٍ للتخلص من باكي والنميسيس، ثم تبعهم مسرعًا.

"يا إلهي... أنتَ تقاتل بدم بارد! ما هذا؟" سألت ريبيكا وهي تحاول مواكبة السرعة.

"إنها نار الانتقام. وهي تحرق خطايا الأشرار،" أجاب جوني بليز بهدوء غريب وهو يحول جسده المشتعل إلى طاقة دفع للركض.

"يا أكيهيكو،" نادى ليون على الشاب الجريح. "ما هي خطوتك التالية؟"

توقف أكيهيكو لبرهة، وهو يضع يديه على فمه ليتحدث بصوت أعلى بسبب ضيق النفق. "غرفة التحكم على بعد خمسمائة متر. خلفها، هناك محطة سكة حديد مهجورة. يجب أن نصل إليها. إنها الطريق الوحيد للخروج من المدينة التحتية."

"لكن النميسيس وباكي سيتبعاننا!" قالت جيل.

"لهذا سنقوم بإغراق المكان. يجب على اثنين منا أن يتسللا إلى غرفة التحكم ويفعلان تدفق الماء."

"سأفعلها أنا،" قال أكيهيكو بلهجة حاسمة. "أنا أعرف النظام. ولديّ القدرة على تفعيل الأوامر. سأذهب أنا وجو يون."

اعترض ليون على الفور: "لا، أنت مصاب، وجو يون ليس مقاتلًا. سأذهب أنا وريبيكا. أنا أسرع وأكثر خبرة في المناورات. وريبيكا متخصصة في الأنظمة الهيدروليكية، هي الأقدر على تفعيل النظام بدقة."

"هذا جنون! أنظمة التحكم في تلك المحطة قديمة ومُعقدة،" اعترضت ريبيكا.

"ليس جنونًا، بل ضرورة. أكيهيكو، يجب أن تقود البقية إلى محطة السكة الحديد. جيل، أنتِ وغوست رايدر ستغطيان ظهورنا. عند سماع صوت الماء... اهربوا دون تفكير."

"أنا أرفض هذا... يجب أن نكون سويًا،" قالت هاي يونغ، وهي تمسك بيد جو يون.

"أحيانًا، التضحية هي أفضل تكتيك للبقاء،" قال ليون ببرود. "هيا بنا يا ريبيكا، لنقم بهذا."

"حسناً،" وافقت ريبيكا بتردد، ثم نظرت إلى جيل بعينيها: "كوني بخير."

انطلق ليون وريبيكا نحو غرفة التحكم، بينما تحركت المجموعة المتبقية ببطء في الاتجاه المعاكس.

"يا أكيهيكو،" نادى جو يون على الشاب الجريح. "هل أنت متأكد من أن هذا سيجدي نفعًا؟"

"لا أعرف. لكننا خسرنا ويسكر، والمليارديرات يضغطون علينا. ليس لدينا ما نخسره. يجب أن نتمسك بخيط الأمل الأخير... وهو تحرير أنفسنا. هذا هو الطريق الوحيد للفداء،" قال أكيهيكو، وهو يتكئ على الحائط الموحل، لكن عينيه كانتا تشعان بإصرار جديد لم يكن موجودًا من قبل.

"إذن، هل أنت مستعد لقتال قذر؟" سأل جوست رايدر، وهو ينظر إلى أكيهيكو.

"أنا... مستعد تمامًا،" أجاب أكيهيكو.

[غرفة التحكم وتدفق المياه]

وصل ليون وريبيكا إلى غرفة التحكم القديمة. كانت الغرفة مليئة بالشاشات المكسورة والأسلاك المكشوفة. كان صوت النميسيس يقترب، مصحوبًا بضربات باكي المتناغمة مع هدير الكائن.

"لا وقت للتفكير يا ريبيكا، افعلي ما يمكن فعله!" صاح ليون.

"حسناً! سأحاول تحويل طاقة الضغط الهيدروليكي للمضخة إلى أنابيب المجرور الرئيسية!" ردت ريبيكا، وهي تتعرق من التوتر، وهي تربط سلكين مكشوفين في لوحة قديمة.

في الخارج، وصل باكي والنميسيس. واجههما جيل وجوست رايدر.

"انتبه أيها الشبح! هذا الكائن لا يموت بضربة واحدة!" حذرت جيل، وهي تطلق وابلًا من الرصاص على باكي، الذي كان يصدها بذراعه المعدنية.

"نيران جهنم ستكفي لردعه،" أجاب جوست رايدر، وهو يطلق سلاسله المشتعلة على النميسيس، مما أبطأه مؤقتًا.

في الداخل، ريبيكا كانت على وشك الانتهاء. "لقد نجحت! التحويل قيد التنفيذ. ثلاثون ثانية حتى يصل الضغط."

"هيا بنا!" صاح ليون، وهو يمسك بيد ريبيكا لكي يهربا.

بمجرد خروجهما من الغرفة، سمعوا صوت غضب هائل من النميسيس، أعقبه صوت هدير المياه الجارفة الذي كان يملأ المجرور بسرعة فائقة.

"اهربوا! انطلقوا!" صرخ ليون، وهو يركض في اتجاه محطة السكة الحديد المهجورة.

بدأت مياه الصرف الصحي تتدفق بغزارة هائلة، تغمر الأنفاق وتحمل معها الحطام والنفايات. شعر النميسيس بالإرباك، وبدأ نظام الاستهداف لديه بالتعطل. حتى باكي، الذي كان يقاتل باقتدار، اضطر إلى التراجع والبحث عن مكان أعلى.

"هذا يكفي! علينا أن ننسحب الآن!" صاح جوست رايدر، وهو يحمل جيل وينطلق بسرعة فائقة نحو المحطة المهجورة.

[المحطة المهجورة والانسحاب]

وصلت المجموعة المنهكة إلى المحطة المهجورة، وهي قاعة كبيرة وواسعة مليئة بآثار الصدأ والغبار. كان ضوء الشمس الخافت يتسلل إليها من بعض الثقوب في السقف.

سقط أكيهيكو على الأرض، يلهث بشدة، بينما كان جو يون وهاي يونغ يحتضنان بعضهما البعض في محاولة لتهدئة رعبهما.

"لقد نجحنا،" قال ليون وهو يسند ريبيكا. "لقد كسبنا بعض الوقت."

"ليس كثيرًا. المياه لن توقفهما للأبد،" قال جوست رايدر، وهو يعود لشكله البشري، وقد شعر بإرهاق شديد بعد استنزاف نيران جهنم.

نظر جوني بليز إلى أكيهيكو، ثم إلى رفاقه: ليون، جيل، ريبيكا، جو يون، وهاي يونغ. أدرك أنهم مجموعة من المقاتلين المنهكين، لكنهم يمتلكون رابطًا قويًا من التضحية المتبادلة.

"سأذهب لإحضار دراجتي. لم أهرب بها عندما هاجمتني الكونية،" قال جوني.

"لا تفعل ذلك، ستتعرض للخطر!" حذرت جيل.

"دراجتي... هي جزء مني. وسلاحي الأساسي. سأعود لكم. لكن في هذه الأثناء، استريحوا." قال جوني بليز، ثم غادر القاعة.

نظر ليون إلى أكيهيكو، ومد يده لمساعدته على النهوض. "حسنًا أيها المقاتل. ما هي خطوتك التالية؟"

تنهد أكيهيكو بعمق، ونظر إلى رفاقه. "لقد خسرنا الكثير. لكن ما زال لدينا أمل. الآن، يجب أن نغادر هذه المدينة. أنا أعرف طريقًا إلى الغابة القديمة، حيث يوجد... أصدقاء يمكنهم توفير ملاذ آمن مؤقتًا. يجب أن نصل إليهم قبل أن يتمكن باكي والنميسيس من تتبعنا مرة أخرى."

"أصدقاء؟ من هم؟" سألت جيل.

"الأمر ليس مهمًا الآن. المهم أن نتحرك. هل تثقون بي؟" سأل أكيهيكو بنبرة صادقة.

نظر الجميع إلى بعضهم البعض، ثم أومأ ليون برأسه أولاً، تبعه البقية. "سنثق بك. قُدنا أيها القائد."

رفع أكيهيكو رأسه، وشعر ببعض الثقة تعود إليه. نظر إلى الثقوب في سقف القاعة، مدركًا أن الشمس قد بدأت تغرب، وأن الظلام سيحل قريبًا.

"الآن... فلنستعد للمعركة التالية،" قال أكيهيكو، وهو يتجه نحو مخرج المحطة المهجورة.

لم ينتظر جوني بليز طويلاً في القاعة المهجورة. كانت دراجته، التي تركت خلفه عند الارتطام، تمثل جزءًا من روحه وطاقته الجهنمية. كانت النيران الخافتة التي تلف جسده البشري تحثه على العودة إليها.

"سأعود. ابقوا مُستعدين للتحرك،" قال جوني بليز بهدوء، ثم انطلق كظل يختفي في ظلام النفق الذي خرجوا منه.

لم يمضِ سوى دقيقتين، كانت الدقائق التي تبدو كأنها دهرٌ يمر على أكيهيكو ورفاقه المنهكين، حتى اهتزت محطة السكة الحديد المهجورة بعنف. كانت اهتزازات ليست من تدفق المياه الجارفة، بل من قوة ضاربة تقتلع الأعمدة الإسمنتية.

"لقد عادا! إنّهما أسرع مما توقعنا!" صرخت جيل فالنتاين وهي تسحب بندقيتها وتتخذ وضعية دفاعية أمام جو يون وهاي يونغ وريبيكا.

ظهر باكي بارنز أولاً، صاعدًا من فتحة السقف المكسورة، واضعًا قدمه المعدنية الثقيلة على حافة الإسمنت المتهاوي. كانت ملابسه مبتلة، لكن عيونه الزرقاء لم تكن تحمل إلا التركيز البارد. تلاه النميسيس، الذي بدا أكبر وأكثر شراسة بعد أن نجا من الغرق الجزئي. كانت أجزاء من درعه تتصاعد منها أبخرة، وشعاره المشتعل كان يشير مباشرة إلى أكيهيكو وبقية الفريق.

"المهمة... لم تفشل. القضاء على الأهداف،" هدير النميسيس كان أشبه بصوت قاطرة عملاقة تصطدم بكتلة صخرية.

توقفت المجموعة في حالة من الذعر. كانوا محاصرين.

"يجب أن نشتتهم!" صرخ ليون.

وفي تلك اللحظة، اخترق المشهد شعاعٌ من النار الجهنمية الساطعة. كان جوني بليز قد عاد، لا على قدميه، بل على دراجته النارية الشهيرة، التي كانت عجلاتها تشتعل بنار الجحيم. ارتفع الشبح الراكب في الهواء، وهبط بالدراجة بين النميسيس والمجموعة.

"لم يكن يجب أن تعودا إلى هنا. هذا المكان غير مخصص للموتى الأحياء والجنود المبرمجين،" قال الشبح الراكب بصوت يرتجف له الهواء.

حدق النميسيس في الشبح الراكب، ثم رفع قاذفة الصواريخ الملحقة بذراعه الضخمة. لكن الشبح الراكب كان أسرع. أطلق سلسلة من نيران جهنم على قاذفة الصواريخ، مما أدى إلى انفجار جزئي وإبطاء حركة النميسيس.

"النميسيس لي! اهربوا!" صاح الشبح الراكب، وهو يقود دراجته النارية حول النميسيس في حركات سريعة ومجنونة، مُطلقًا سلاسله المشتعلة نحو جسد الكائن البيولوجي الضخم.

انحرفت جيل بسرعة تجاه ليون. "علينا الانسحاب! لا يمكننا تحمل رؤية هذا القتال! هيا بنا!"

لكن باكي بارنز لم يكن مستعدًا للتراجع. لقد استوعب أن الشبح الراكب هو التهديد الأكبر، لكنه رأى هدفاً أضعف يتقدم ببطء. لقد رأى أكيهيكو.

"أنت... تبدو مختلفًا. هل تتذكرني؟" سأل باكي بصوت آلي، وهو يتقدم نحو أكيهيكو ببطء.

رد أكيهيكو، الذي كان يستند على عمود مكسور، وهو يتنفس بعمق شديد، متجاهلاً الآثار المُتبقية من إصاباته. كانت عيناه تركزان على الذراع المعدنية الباردة لباكي. "أعرفك. جندي الشتاء. آلة القتل التي لا تشعر. نحن نختلف."

"نحن متشابهان،" قال باكي بهدوء قاتل. "كلانا استخدمناهما. كلانا ضحايا لخطط الآخرين. لكنني الآن أتبع الأوامر. وأنت... هدف يجب القضاء عليه."

"أنا لستُ هدفًا،" قال أكيهيكو بصوت متهدج، لكنه كان يملؤه الإصرار. "أنا الآن أختار مصيري."

ثم حدث شيء غريب. بدأ جسد أكيهيكو يهتز بعنف، لكنها لم تكن رجفة خوف، بل طاقة داخلية مُكبوتة. فجأة، اشتعلت عروق أكيهيكو بنبضات كهربائية خفيفة، وكأن البرق يمر تحت جلده. كانت هذه هي تقنية "تنفس البرق" التي تعلمها منذ زمن بعيد.

"ليون، جيل، ريبيكا! اذهبوا! سأبقيه مشغولاً!" صاح أكيهيكو، وهو يسحب سيف الكاتانا الذي كان مربوطًا بحزامه، والذي كان قد أخفاه في أثناء الهروب.

"أكيهيكو! لا تفعل هذا! أنت لستَ جاهزاً!" صرخت جيل.

"الأمر انتهى! يجب أن نتحرك الآن!" أمر ليون، مدركًا أن أي تردد سيعني موتهم جميعًا. سحب ليون ريبيكا وجو يون وهاي يونغ نحو مخرج القاعة.

بقي المشهد مُقسماً إلى جبهتين ضاربتين.

المواجهة الأولى: الشبح الراكب ضد النميسيس

النميسيس كان كابوسًا من الإسمنت واللحم المتحول، مدفوعًا بقوة هدف واحد: "القضاء على الأهداف." كان ضخماً، يتجاوز الارتفاع الطبيعي بثلاثة أضعاف، وضرباته كانت قادرة على تدمير الجدران.

"ستاااار... القوة... هي... ضعف،" زمجر النميسيس، وهو يحاول ضرب الشبح الراكب بقبضته العملاقة.

رد الشبح الراكب، وهو يبتعد بدراجته في مناورة جنونية. "قوتك عمياء، أيها القاتل الأبله. أما قوتي، فهي تُقاد بالغضب المقدّس!"

أطلق الشبح الراكب دفعات من النيران الجهنمية نحو كتف النميسيس الأيسر، حيث كانت القاذفة المثبتة. لم تخترق النيران درعه، لكنها أذابت جزءًا من الطبقة السطحية، مما أطلق صرخات ألم ميكانيكية مشوهة.

استغل النميسيس صمته ليرفع قاذفة صواريخه الاحتياطية ويطلق صاروخًا هائلاً نحو الشبح الراكب.

لم يستطع الشبح الراكب تفادي الصاروخ بالكامل. ضرب الانفجار الحافة الخلفية لدراجته النارية، مما أدى إلى قذف جوني بليز بعيدًا عن الدراجة واصطدامه بعمود فولاذي. تضاءلت نيران جمجمته قليلاً، لكنها لم تنطفئ.

"لن تُوقَفْني آلةٌ فانية!" صاح الشبح الراكب، وهو ينهض ببطء، ناظراً إلى النميسيس الذي كان يتقدم ببطء وثقة.

رفع الشبح الراكب يده، وأطلق سلسلة مشتعلة أخرى، لكن هذه المرة وجهها نحو أرضية المحطة. اخترقت السلسلة الإسمنت القديم، ثم سحبها بقوة، مما أدى إلى انهيار جزء كبير من الأرضية تحت أقدام النميسيس. سقط الكائن الضخم في حفرة مظلمة تحت المحطة، مطلقاً هديرًا هائلاً.

"أنت لا تقاتل البشر الآن، بل ما هو أقدم من خطاياهم!" قال الشبح الراكب، ثم انطلق لجمع دراجته النارية المُتضررة.

المواجهة الثانية: أكيهيكو (تنفس البرق) ضد باكي بارنز (جندي الشتاء)

في هذه الأثناء، كان القتال بين أكيهيكو وباكي يدور حول السرعة والتحكم. باكي، بفضل تدريبه المكثف وذراعه المعدنية، كان قوة صامتة ومميتة. أكيهيكو، رغم إصاباته، كان يندفع بقوة "تنفس البرق".

وقف أكيهيكو بوضع القتال، قبضته على مقبض سيف الكاتانا. كانت الكهرباء الخفيفة تومض حول نصل السيف.

"أنتَ بطيء. أنتَ تستهلك طاقتك عبثًا،" قال باكي، ثم اندفع بسرعة خاطفة، محاولًا تسديد لكمة بذراعه المعدنية نحو رأس أكيهيكو.

تحرك أكيهيكو بسرعة لا تُصدق، متفاديًا لكمة باكي بالكاد. كانت سرعته هي نقطة قوته الجديدة. رنينٌ حاد صدر من السيف عندما مر في الهواء.

"حركاتك ميكانيكية، يمكن توقعها،" رد أكيهيكو، وهو يتنفس بعمق، وكأن سحب الهواء تعيد شحن خلاياه. "تنفس البرق... الشكل الأول: السرعة القصوى!"

تحول أكيهيكو إلى ومضة من الضوء شبه المرئي. قطع مسافة عشرة أمتار في أقل من ثانية، ليجد نفسه خلف باكي بارنز. سدد ضربة سريعة بنصل سيفه نحو الوصلة المعدنية لكتف باكي.

أصدر السيف صوت احتكاك معدني حاد، لكنه لم يتمكن من اختراق درع الذراع الفولاذية. شعر أكيهيكو بالألم ينتقل إلى ذراعه من قوة الارتداد.

استدار باكي بارنز على الفور، مستخدمًا ذراعه المعدنية لصد الهجوم، ثم وجه ركلة قوية نحو ضلوع أكيهيكو.

تلقى أكيهيكو الركلة، ليُقذف بعنف نحو جدار المحطة. سعل دماً، وشعر بأن ضلوعه قد كسرت، لكنه نهض على الفور، مدفوعًا باليأس والإصرار.

"أنتَ آلة. أنا لستُ كذلك. أنا لستُ مُبرمجًا على السقوط!" صرخ أكيهيكو.

"أنتَ تعاني. القوة هي السيطرة على الألم،" قال باكي، وهو يتقدم ببطء وثقة.

هذه المرة، لم يقم أكيهيكو بالمناورة بسرعة. بدلاً من ذلك، وقف في مكانه، وجمع طاقة البرق في سيفه حتى بدأ النصل يصدر رنينًا كهربائيًا قوياً.

"تنفس البرق... الشكل السادس: وميض البرق المستمر!"

اندفع أكيهيكو مجددًا نحو باكي، ليس بسرعة واحدة، بل بسلسلة من الحركات المتتابعة، وكأنه يهاجمه من ستة اتجاهات مختلفة في نفس اللحظة. كل ضربة كانت موجهة إلى نقطة محددة: مفاصل ذراع باكي المعدنية.

تلقى باكي الهجمات ببرود، لكنه شعر بالضرر يتراكم. كانت الضربات السريعة والمكهربة لأكيهيكو تسبب شررًا كهربائيًا في ذراعه، مما أدى إلى تعطيل مؤقت لنظام الإحساس الاصطناعي الخاص به.

"توقف!" أمر باكي، وهو يحاول إطلاق لكمة تصد أكيهيكو.

لكن أكيهيكو كان قد استغل تعطّل ذراع باكي للحظة. سدد ضربة أخيرة نحو مفصل كتف باكي، بالقرب من الرقبة. لم تقتله، لكنها تسببت في انهيار قصير في نظام تحكمه، مما أدى إلى تراجع باكي لبضع خطوات وهو يتفحص ذراعه المُعطّلة جزئيًا.

"الآن... هل تفهم؟ هذا ليس قتالًا عاديًا!" قال أكيهيكو، وهو يلهث بشدة، ويشعر بأن جسده ينهار من الداخل بسبب استنزاف الطاقة الهائل.

كان النميسيس قد بدأ في الصعود من الحفرة، مُصدرًا هديرًا جديدًا. أدرك الشبح الراكب أن الوقت قد نفد.

"أكيهيكو! انتهى القتال! يجب أن ننسحب الآن!" صاح الشبح الراكب، وهو يدور بدراجته النارية حولهما، ويطلق نارًا جهنمية على النميسيس لإبقاء رأسه مشغولاً.

نظر أكيهيكو إلى باكي، الذي كان يضغط على ذراعه المعدنية محاولاً إعادة تشغيلها. رأى أكيهيكو فرصة حقيقية للهروب.

"حسنًا، أيها الراكب! لنذهب!" قال أكيهيكو، وهو يركض بتعثر شديد نحو نفق الخروج، حيث كان ليون وجيل ينتظرانهما في نهاية ممر ضيق.

وصل أكيهيكو إلى رفاقه، ثم سقط على الأرض بين ذراعي هاي يونغ وجو يون.

"لقد نجحت! لقد نجحت!" صرخت هاي يونغ بفرح ممزوج بالذعرإصاباته خطيرة، يجب أن نتحرك!" قالت ريبيكا بقلق بالغ وهي تتفحص أكيهيكو.

تبعهم الشبح الراكب، وهو يقود دراجته النارية المشتعلة عبر الأنفاق. أطلق الشبح الراكب دفعة أخيرة من النار الجهنمية خلفه، مهدماً ما تبقى من سقف القاعة، لمنع النميسيس وباكي من اللحاق بهم في الوقت الحالي.

"الآن... هيا بنا إلى الغابة!" قال ليون، وهو يقود المجموعة نحو المخرج المؤدي إلى سطح المدينة، تاركين خلفهم ضجيج انهيار محطة السكة الحديد المهجورة، وصرخات الغضب الميكانيكية للنميسيس، وصمت التهديد البارد لباكي بارنز.

اندفع ليون كينيدي بالمجموعة عبر النفق الضيق الذي قادهم إلى سلالم صدئة، صاعدين نحو مستوى أعلى من البنية التحتية للمدينة. كان الإجهاد ينهش أجسادهم، وصرخات النميسيس تتلاشى تدريجيًا خلفهم، لتُستبدل بهمهمة باكي بارنز الصامتة.

كان أكيهيكو يتنفس بصعوبة مميتة بين ذراعي جو يون وهاي يونغ، وكانت آثار "تنفس البرق" قد تركت جسده مُنهكًا بعد مواجهة جندي الشتاء. بينما كانت ريبيكا تحاول إبطاء نزيفه الداخلي بضمادات سريعة.

"علينا الخروج من هنا. هذا النفق سيقودنا إلى سطح الأرض في المنطقة الصناعية،" قال ليون وهو يفتح بابًا معدنيًا ثقيلًا. "جيل، ريبيكا، خذا أكيهيكو والبقية واهربوا. عليكم أن تصلوا إلى الغابة بأسرع ما يمكن. اتبعوا الشارع التاسع القديم، فهو مهجور."

"لكن ماذا عنك وعن الراكب الشبح؟" سألت جيل بقلق واضح.

"لا يمكننا المخاطرة بكم جميعاً،" قال ليون ببرود عملية، وهو يعيد شحن سلاحه. "إذا خرجنا كفريق واحد، سيتمكنان من إبادتنا دفعة واحدة. يجب أن نتفرّق. سأبقى مع الراكب الشبح لتغطية الانسحاب. النميسيس يريدني، وباكي يريد... أكيهيكو."

نظر أكيهيكو إلى ليون بعينين ضيقتين مليئتين بالامتنان والتحدي. "أيها الشبح الراكب... هل ما زلت مُصرًا على الدخول في معركة ليست لك؟"

عاد جوني بليز إلى هيئة الشبح الراكب، واشتعلت جمجمته بنار جهنم مرة أخرى، لكنها بدت أقل ضراوة مما كانت عليه في بداية القتال، نتيجة استنزاف طاقته في القتال الأول.

"العدالة لا تعرف الأصدقاء أو الأعداء، بل تعرف الأفعال. وكسر آلة القتل هو عملٌ نبيل. لا تقلق بشأن حربي. إنها خالدة،" قال الشبح الراكب، ثم وضع يده المشتعلة على كتف أكيهيكو، مما سبب له صدمة كهربائية مؤلمة لكنها مُنشطة قليلاً. "اهرب. وحاول أن تبقى حيًا لتصحح أخطائك."

"أنا... لن أنسى هذا،" قال أكيهيكو، وهو يتنفس بعمق.

"لنستغل التغطية الآن!" أمر ليون.

اندفعت ريبيكا، وهي تسند أكيهيكو، ومعها جيل وجو يون وهاي يونغ، نحو الشارع المهجور.

لم يمر سوى دقيقة حتى وصل المطاردان إلى مدخل النفق، محطمين الباب المعدني.

باكي بارنز كان قد أعاد تشغيل ذراعه المعدنية بالكامل، والنميسيس كان قد استعاد عافيته بسرعة بيولوجية مدهشة. كانت عيناهما مُصوَّبتَين على مصدر الحرارة والتهديد: ليون والشبح الراكب.

"الاثنان... هما الهدف،" هدير النميسيس كان مرعبًا.

"الوصول إليهما أولًا،" قال باكي بارنز ببرودة آلة.

أدرك ليون أن قوته النارية لن تصمد أمام النميسيس إلا لثوانٍ معدودة.

"الشبح الراكب، استهدف ذراعه المعدنية. لديه نقطة ضعف هناك،" صاح ليون، وهو يطلق طلقات متتالية على صدر النميسيس، لا ليصيبه، بل ليشتت انتباهه.

"جسده مُصمم لامتصاص هذا النوع من الأضرار! علي أن أُركّز نيراني،" رد الشبح الراكب، وهو يقود دراجته النارية في حركة دائرية سريعة.

لكن النميسيس وباكي كانا يتمتعان هذه المرة بوضوح أكبر وبأفضلية الموقع.

تقدم النميسيس خطوة واحدة نحو الشبح الراكب، ثم رفع ذراعه الضخمة وأطلق شحنة كهربائية متفجرة نحو الدراجة النارية مباشرة.

كانت الضربة سريعة وقوية جدًا. لم يستطع الشبح الراكب تفاديها بالكامل. تحطمت الدراجة النارية، التي كانت قوة الشبح الراكب، وأُلقي به بعيدًا في كومة من الحطام المعدني المكسور. خمدت النيران الجهنمية في جمجمته للحظات، وعاد ليظهر على هيئة جوني بليز المنهك، لكنه سرعان ما تحول مجدداً بفعل الغضب.

"آه... الآن أصبحتَ أبطأ، أيها الكائن المشتعل،" قال باكي بارنز ببرود، وهو يتقدم نحو جوني بليز الذي كان يحاول النهوض.

"القوة الحقيقية لا تأتي من الآلات، بل من الروح!" صرخ الشبح الراكب، وهو يحاول إطلاق سلسلة من نيرانه الجهنمية نحو باكي.

لكن باكي بارنز كان مستعدًا. لقد كان في وضع أفضل. تحرك جندي الشتاء بسرعة لا تُصدق وتفادى السلسلة، ثم وجه ضربة قاضية بذراعه المعدنية نحو رأس الشبح الراكب.

تلقى الشبح الراكب الضربة القوية، مما أدى إلى ارتطامه بالجدار الإسمنتي. انطفأت نيرانه تمامًا، وعاد جوني بليز إلى هيئته البشرية. كان وجهه مغطى بالدماء، وشعر بدوار لا يوصف. كان باكي بارنز قد نجح في كسر حاجز قوته الجهنمية مؤقتًا.

"أنت لستَ قوياً كما تظن. أنتَ مجرد جثة مشتعلة،" قال باكي، وهو يصوب سلاحه نحو رأس جوني.

في تلك اللحظة، تدخل ليون. "ليس اليوم أيها القاتل المأجور!"

أطلق ليون طلقة اخترقت ذراع باكي المعدنية، مما أحدث شرخًا بسيطًا. كانت ضربة تشتيت انتباه ممتازة.

تراجع باكي قليلاً، وهو ينظر إلى ليون بغضب. "أنتَ لستَ هدفي الآن، أيها الضابط. لكنك ستكون كذلك."

اندفع ليون نحو جوني بليز وسحبه بعيدًا عن طريق النميسيس الذي كان يقترب ببطء.

"انهض أيها الشبح! يجب أن ننسحب! لقد خسرنا هذه الجولة!" قال ليون، وهو يسند جوني، الذي كان يتعثر بشدة.

كان النميسيس ينظر إلى ليون وجوني، ثم رفع يده وبدأ في إطلاق وابل من الرصاص الثقيل من مدفعه المثبت.

شعر ليون بالعجز. لم يعد لديه أي مجال للمناورة. كانت الطلقات تقترب بسرعة.

فجأة، اخترق صوت حاد المشهد. كان أكيهيكو، الذي عاد، رغم إصاباته، وهو يندفع مرة أخرى بآخر بقايا طاقة "تنفس البرق" لديه.

"ابتعد أيها النميسيس!" صرخ أكيهيكو، وهو يوجه ضربة سيف قوية نحو مدفع النميسيس.

نجحت الضربة في تدمير المدفع بشكل جزئي، مما أدى إلى انفجار محدود، ودفع النميسيس للتراجع خطوة واحدة، مُطلقاً صرخات ألم وغضب.

"أكيهيكو! ماذا تفعل؟! كان يجب أن تهرب!" صاح ليون بغضب.

"لا يمكنني الهرب بينما تقاتلون من أجلي! سأبقى... لأخدم العدالة... لمرة واحدة في حياتي!" قال أكيهيكو، وهو يقف بين ليون والنميسيس، وسيفه يرتجف في يده.

كانت إصاباته تتحدث نيابة عنه. كان ينزف بغزارة، وكانت حركاته أبطأ بكثير من المرة الأولى. كانت عيناه تلمعان بتصميم يائس.

لكن باكي بارنز لم يضيع الوقت. استغل تشتيت انتباه أكيهيكو بالنميسيس، واندفع نحوه بسرعة، لا بذراعه المعدنية، بل بقبضة بشرية قوية، موجهة نحو صدره.

ضربت لكمة باكي أكيهيكو بقوة هائلة. شعر أكيهيكو بأن عالمه ينهار. سقط السيف من يده، وسقط أكيهيكو على الأرض، غير قادر على التنفس، والدماء تتجمع حوله.

"الآن... انتهى الأمر،" قال باكي ببرود، وهو يرفع سلاحه ليجهز على أكيهيكو.

"لا أيها اللعين!" صرخ جوني بليز، وقد استجمع آخر ما تبقى من نيرانه الجهنمية. تحولت جمجمته إلى جمرة مشتعلة، وأطلق سلاسله نحو باكي، محاولًا إبعاده عن أكيهيكو.

اضطر باكي للتراجع بضع خطوات لتفادي السلاسل المشتعلة، لكن النميسيس كان أسرع.

اندفع النميسيس نحو ليون والشبح الراكب، مُطلقاً لكمة ضخمة نحو الأرض. ضربت اللكمة جوني بليز وليون معًا، مما أدى إلى تحطيم الأرضية وتطايرهما بعيدًا.

سقط جوني بليز مرة أخرى، وعادت نيرانه لتخبو تمامًا. شعر بأنه فقد الوعي للحظات. عندما فتح عينيه، رأى النميسيس يقف فوقه، مُصوِّباً ذراعه الضخمة نحو رأسه.

"مقاومة... فاشلة... النهاية،" همس النميسيس بصوت مشوه.

كانت القبضة تقترب ببطء ووحشية. حاول جوني بليز التحول مجدداً، لكن قوته الجهنمية كانت قد استنزفت تماماً. كان هذا هو الموت الحقيقي.

في تلك اللحظة، سمع جوني صوت ليون يصرخ من مسافة قريبة، يتبعه صوت طلقات نارية متتالية. ثم سمع صوت جلبة، تلاها صمت.

لم يرَ جوني ما حدث لليون، لكنه أدرك أن النميسيس كان على بعد سنتيمترات من إنهاء حياته.

وفجأة، توقف النميسيس.

"إشارة... هدف... ثانوي... يجب... إيقافه،" قال النميسيس، ثم استدار بسرعة هائلة نحو مكان آخر في الظلام.

في تلك اللحظة، سمع جوني بليز صوت أزيز قوي قادم من الأعلى، وكأنه صوت قاذفة طائرات نفاثة تقترب.

نظر باكي بارنز نحو مصدر الصوت، ثم تراجع قليلاً، غير متأكد مما يحدث.

"هذا ليس جزءًا من الخطة،" قال باكي بارنز بصوت هادئ، ثم نظر إلى أكيهيكو المُلقى على الأرض وإلى ليون وجوني المُنهكين.

"علينا... الانسحاب... الآن،" أمر باكي، ثم اختفى في الظلام بسرعة مدهشة، تاركًا النميسيس يتبع هدفًا ثانويًا غير مرئي.

شعر جوني بليز بالهواء يتسرب من رئتيه. لقد نجوا. لكنهم خسروا القتال. ليون كان مصابًا، وأكيهيكو كان على وشك الموت.

زحف جوني بليز بصعوبة نحو ليون. "هل أنت... بخير؟"

"لستُ بخير... لكنني حي،" قال ليون، وهو يمسك بذراعه المكسورة، ناظرًا إلى أكيهيكو الذي كان ملقى بلا حراك. "أكيهيكو..."

حاول ليون الزحف نحو أكيهيكو، لكنه لم يستطع.

"لقد خسرنا... هذه الجولة،" تمتم جوني بليز، وهو ينظر إلى جثة أكيهيكو التي كانت تنزف ببطء.

كانت محطة السكة الحديد المهجورة تغرق في صمت مهيب، لم يقطعه سوى صوت تنفسهما الثقيل وهدير الطائرة المجهولة التي كانت تحوم في السماء.

أدرك ليون وجوني بليز أن اللحظة الحرجة لم تكن قد انتهت بانسحاب العدو. كان القتال قد أخذ منهم كل شيء. كانت أرضية المحطة محطمة، والهواء مثقل برائحة البارود والاحتراق.

زحف ليون بصعوبة نحو جوني، بينما كانت عيناه مثبتة على أكيهيكو. "علينا أن نتحرك. لا أعرف لماذا توقفا، لكن هذه ليست النهاية."

حاول ليون النهوض، مستخدماً عموداً فولاذياً مائلاً كدعامة. "جوني... يجب أن تجد مصدر قوتك مجدداً. أنا..."

لكن صوته توقف فجأة. شعر بالبرودة تلتف حول عنقه.

كان باكي بارنز قد عاد. لم يكن قد انسحب تماماً، بل كان يختبئ في الظلال، ينتظر اللحظة المناسبة للقضاء على الأهداف المُنهكة.

"الهروب... فاشل،" قال باكي بصوت أشبه بالهسيس الميكانيكي، وهو يمسك ليون من رقبته بقبضته المعدنية، ويرفعه عن الأرض بسهولة مخيفة.

شعر ليون بأن الأكسجين ينسحب من رئتيه. حاول مقاومة القبضة الحديدية لكنها كانت أقوى من قوته البشرية.

وفي تلك اللحظة، عاد النميسيس.

ظهر الكائن الضخم من بين الحطام، عيناه الحمراوان تلمعان في الظلام، وبدت ذراعاه أقوى وأكثر وحشية بعد إصلاح ذاتي سريع.

"ستاااار... القضاء... على الضعف،" هدير النميسيس كان مرعباً وموجهاً نحو جوني بليز المُنهك.

شعر جوني بليز باليأس يلتف حوله. حاول تجميع آخر بقايا قوته الجهنمية، لكنه لم يستطع. كان استنزافه كاملاً.

لكن الصمت المطبق انكسر فجأة بصوت صراخ غاضب.

"اتركه وشأنه أيها الآلة القاتلة!"

كانت جيل فالنتاين وريبيكا تشامبرز، اللتان عادتا بعد سماع صوت القتال يتجدد.

اندفعت جيل للأمام وهي تطلق وابلاً من الطلقات النارية على ذراع باكي المعدنية، مستهدفة نقطة الضعف التي استغلها أكيهيكو سابقًا. رنين حاد صدر من المعدن، مما أجبر باكي على تحرير ليون للحظة وجيزة بسبب الألم والصدمة.

سقط ليون على الأرض، يسعل بشدة، بينما اندفعت ريبيكا نحوه بسرعة جنونية، مُسندة إياه نحو الظل خلف أحد الجدران المتهاوية.

"جيل! الآن! اهربي!" صرخ ليون وهو يلهث.

لكن جيل كانت قد أخذت موقعاً دفاعياً. "لا! لن أترككما! يجب أن نغطيهما!"

وفي تلك اللحظة، تحولت المواجهة إلى قتال يائس من أجل البقاء.

💥 ليون ضد باكي بارنز: صراع القوة البشرية ضد الآلية

كان ليون يعلم أن قتال جندي الشتاء وجهاً لوجه هو انتحار محض، خصوصاً بعد إصابته. لكنه لم يترك له خياراً.

استدار باكي بارنز نحو ليون الذي كان يحاول النهوض، وعيناه تلمعان بتركيز قاتل. كان يرى ليون كعائق مزعج يجب إزالته.

"المقاومة... بلا جدوى،" قال باكي وهو يندفع نحو ليون بسرعة خاطفة، محاولاً توجيه ضربة قاضية بذراعه المعدنية.

تلقى ليون الضربة لكنه تفاداها في اللحظة الأخيرة، مستخدماً ردود أفعاله التدريبية. اندفع ليون تحت ذراع باكي، وحاول تسديد ركلة قوية على ركبته.

لم يتأثر باكي بالركلة، لكن ليون استغل اللحظة ليسحب سكيناً حاداً من جيبه، ووجهه نحو مفصل الفخذ لباكي. أحدث السكين خدشاً عميقاً في النسيج المُقاوم للرصاص، لكنه لم يوقفه.

"مقاتل جيد... لكنك بطيء،" علق باكي، ثم أمسك بذراع ليون اليسرى بقبضته البشرية، وضغط عليها بقوة.

صرخ ليون من الألم. شعر بأن ذراعه ستنكسر في أي لحظة. "يجب... أن تبتعد!"

جمع ليون كل قوته لدفع باكي بكتفه، بينما كان جيل تُطلق طلقات تشتيت الانتباه على ظهر باكي. سمح هذا التشتيت لليون بالانسحاب والابتعاد عن قبضة باكي القاتلة، لكنه شعر بأن ذراعه لم تعد صالحة للاستخدام.

"أنت لا تفهم... نحن لا نتعب،" قال باكي، وهو يتجه نحو ليون مرة أخرى، بخطوات أكثر سرعة وقسوة.

أدرك ليون أنه لا يمكنه التغلب على باكي بالقوة المباشرة. عليه أن يعتمد على البيئة المنهارة حوله.

في تلك الأثناء، كانت جيل وريبيكا تقومان بمهمة مستحيلة: إبقاء النميسيس بعيداً عن جبهة قتال ليون وجوني بليز.

كان النميسيس ككتلة إسمنتية متحركة. كانت رصاصات جيل تصطدم بدرعه وتتطاير دون أن تترك أثراً يُذكر، سوى إطلاق صرخات غضب ميكانيكية منه.

"ريبيكا! ابقِ رأسك منخفضًا! رصاصاتي لا تجدي نفعاً!" صرخت جيل، وهي تعيد شحن سلاحها بأقصى سرعة.

كانت ريبيكا تزحف على الأرض، تسحب حقيبتها الطبية، وهي تحاول أن تجد وسيلة أخرى للمقاومة. نظرت إلى أكيهيكو الممدد على الأرض، وإلى جوني بليز المُنهك.

"علينا أن نجد شيئًا أكبر، جيل! أي شيء!" صرخت ريبيكا.

انطلق النميسيس نحو ريبيكا وجيل، محطماً عموداً فولاذياً في طريقه. شعرت الفتاتان بالحرارة المنبعثة منه وبالرعب الذي يجلبه.

"أنا... أراه! انظري!" صاحت جيل فجأة، وهي تشير إلى صندوق ذخيرة قديم متروك في زاوية مظلمة بالقرب من مخارج المحطة. "بداخل الصندوق... هناك! سلاح ثقيل!"

اندفعت جيل نحو الصندوق بجرأة مميتة، متفادية ذراع النميسيس العملاقة بمليمترات. كانت تتعرق، لكن عينيها كانتا تشعان بتصميم لا يقبل الهزيمة.

نجحت جيل في فتح الصندوق القديم. كانت اللحظة حاسمة.

"إنها... بازوكا! قاذفة صواريخ!" صرخت جيل، وهي ترفع القاذفة الثقيلة بصعوبة. كان قاذفاً قديماً، لكنه يبدو فعالاً.

"ابتعدي يا ريبيكا! هذا قد يكون الفرصة الوحيدة!" أمرت جيل، وهي تثبت القاذفة على كتفها.

وقف النميسيس، عيناه مثبتتان على جيل، وكأنه يدرك التهديد الذي تمثله القاذفة.

"ستاااار... لا مفر،" هدير النميسيس كان موجهاً.

لم تنتظر جيل. ضغطت على الزناد بقوة. انطلق الصاروخ بزمجرة هائلة، تاركاً وراءه دخاناً كثيفاً، متجهاً مباشرة نحو صدر النميسيس.

اصطدم الصاروخ بصدر النميسيس بقوة انفجارية مهولة. ارتفعت سحابة من الدخان والغبار والشظايا في الهواء، واهتزت المحطة بأكملها.

تنفس ليون الصعداء للحظة. هل انتهى الأمر؟

لكن عندما تلاشى الدخان، رأى ليون المنظر المرعب.

كان النميسيس لا يزال واقفا. صدره، الذي ضربه الصاروخ، كان مغطى بشقوق عميقة، لكن لم يتم اختراقه بالكامل. كانت الدروع الحيوية الخاصة به قوية بما يكفي لامتصاص الصدمة. والأهم من ذلك، كان الكائن غاضباً بشكل لم يسبق له مثيل.

"هذا... غير فعال،" قال النميسيس، ثم سدد ضربة ميكانيكية حادة نحو جيل.

لم يكن لدى جيل أي وقت للتفادي. لكن ليون، الذي رأى المشهد، اندفع بآخر ما تبقى من قواه البشرية، ورمى بنفسه أمام جيل في اللحظة الأخيرة.

ضرب النميسيس ليون بقوة هائلة، مما أدى إلى قذفه بجنون نحو الجدار. كان ليون قد فقد وعيه تمامًا.

"ليون!" صرخت جيل بانهيار.

في تلك اللحظة، استدار النميسيس نحو مصدر الضعف الأكبر. ريبيكا وأكيهيكو وجوني بليز المُنهك.

وقف جوني بليز، مستخدماً جداراً مائلاً كدعامة. كانت نيرانه الجهنمية قد خمدت تماماً، لكن عينيه البشريتين كانتا تشتعلان بالغضب واليأس.

"لقد خسرنا... كل شيء،" تمتم جوني بليز، وهو يرى النميسيس يقترب منهم ببطء، ويرى باكي بارنز يتقدم نحو ليون وجيل لإنهاء المهمة.

كانت اللحظة الأكثر سواداً في هذا القتال.

كانت جيل فالنتاين تجثو بجوار ليون كينيدي الفاقد للوعي، بينما كانت ريبيكا تشامبرز تحاول سحب أكيهيكو الجريح بعيدًا عن الطريق. أما جوني بليز، فكانت عيناه مثبّتتين على وحشية النميسيس التي تتقدم بلا رحمة. لقد كان الهزيمة الكاملة تلوح في الأفق.

"أنتِ،" قال النميسيس، وهو يشير إلى جيل التي كانت تحاول إسناد ليون، "ستكونين... الهدف التالي."

لم يكن لدى جيل سوى سلاحها الخفيف الذي أفرغت ذخيرته تقريبًا. كانت تعلم أن أي محاولة للمقاومة المباشرة هي انتحار.

في تلك اللحظة، ظهر باكي بارنز مرة أخرى. لم يكن مهتماً بالنميسيس أو أهدافه، بل كان تركيزه منصباً على القضاء على المقاتل البشري الذي أظهر له بعض المقاومة: ليون.

توجه باكي نحو ليون وجيل بخطوات ثابتة وباردة، متجاهلاً جوني بليز المنهك تماماً. "انتهى وقت اللعب. التسليم هو الخيار الوحيد."

حاولت جيل أن تقف في وجهه، لكن ليون، الذي استعاد وعيه جزئياً رغم الدوار الشديد، دفعها بعيداً. "اهربي يا جيل! اهربي مع ريبيكا!"

"لن أتركك يا ليون!" صرخت جيل.

"هذا أمر!" صرخ ليون بأقصى قوته، وهو يرفع سلاحه للمرة الأخيرة، مستخدماً ذراعه السليمة.

في تلك اللحظة، اندفع باكي بارنز. لم يكن قتالاً، بل كان إعداماً وشيكاً.

تلقى ليون ضربة قوية بذراع باكي المعدنية على صدره. لم تقتله، لكنها حطمت دفاعه الأخير. سقط ليون على ركبتيه، يشعر بأن الهواء انقطع تماماً عن رئتيه.

"الآن... النوم الأبدي،" قال باكي بصوت هادئ، وهو يرفع سلاحه نحو رأس ليون.

كانت جيل تصرخ، وريييكا تبكي، وجوني بليز يضغط على جمجمته المنهكة محاولاً استدعاء قوة لم تعد لديه. كان الجميع يشاهدون النهاية المأساوية لبطالهم.

وفي تلك اللحظة، تحرك شيء لم يكن متوقعاً.

كان أكيهيكو مُلقى على الأرض، مغطى بالدماء والغبار، يشعر بضعف قاتل. كانت رؤيته مشوشة، لكنه سمع صوت ليون يصرخ، ورأى باكي بارنز يقترب من النهاية.

في تلك الفوضى، عاد إليه فجأة شريط قديم من الذكريات، ذكريات مؤلمة، لكنها أيقظت فيه الغضب.

استعاد أكيهيكو مشهدًا واضحًا: جيلثاندر، قوة الفوضى المطلقة، وهو يقف فوقه في الفصل الثاني عشر، بعد أن هزمه، يشعر بأنه ضحية لضعفه. لقد شعر بالمهانة، وشعر بالخسارة المؤلمة التي كادت تقتله.تذكر أكيهيكو كلمات جيلثاندر الساخرة: "أنتَ ضعيف، أيها الساموراي. أنت تعتمد على الآخرين لإنقاذك. هذه هي لعنة الضعفاء."

تدفقت تلك الذكرى كتيار كهربائي حارق في جسد أكيهيكو البالي. هل سيعيش هذه اللحظة مرة أخرى؟ هل سيتم إنقاذه مجدداً بينما أصدقاؤه يموتون؟ لا. لم يكن ليسمح بذلك.

تشنج جسد أكيهيكو، ورغم الألم الذي اخترق كل عظمة في جسده، تحرك بصعوبة، متجاهلاً الصرخات المذعورة لريبيكا.

"لا... ليس مجدداً..." تمتم أكيهيكو، وصوته أجش يكاد لا يُسمع، لكنه حمل ثقل عهد قديم.

حاول النميسيس أن يوقفه، لكنه كان مشغولاً بتوجيه لكمة نحو جيل.

استغل أكيهيكو تلك اللحظة. ضغط أكيهيكو على قلبه بيديه، ثم بدأ يتنفس بعمق، لكن هذه المرة، لم يكن تنفساً عادياً. كان سحب الهواء إلى رئتيه أشبه بامتصاص الطاقة من البيئة المحيطة.

بدأ جسد أكيهيكو يرتعش بعنف، واشتعلت عروقه، ثم شعره، بلون أبيض مزرق. كانت الكهرباء تتراقص حوله بعنف هائل. لقد جمع آخر قطرة من الإصرار والقوة الداخلية المُتبقية لديه.

"لن أخسر مجدداً! ولن أموت كضحية لضعفي!" صرخ أكيهيكو بأقصى صوته، صارخاً بالذكرى الأليمة، صارخاً باليأس الذي تحول إلى قوة قاهرة.

وقف أكيهيكو، يده اليمنى ممدودة نحو الأمام، وكأنه يحمل سيفاً غير مرئي. لم يعد لديه سيف الكاتانا، لكنه كان يمتلك سلاحاً أعظم: الإرادة المطلقة.

"تنفس البرق... الشكل السابع: هجوم الإله المُضيء!"

اندفع أكيهيكو نحو باكي بارنز في ومضة من البرق الخالص. لم يعد جسده ينزف، بل كان يضيء. كانت سرعته تفوق كل ما رآه باكي من قبل. لقد تجاوز السرعة البشرية بكثير، بل تجاوز سرعة باكي المعدنية.

شعر باكي بالخطر، وحاول أن يتفادى الهجوم، لكنه كان متأخراً.

اخترق أكيهيكو دفاع باكي، ووجه ضربة وهمية – لكنها مدمرة – بقبضته نحو صدر باكي. كانت الضربة محض طاقة كهربائية واندفاع هائل.

لم تكن ضربة مادية بالسيف، بل كانت ضربة قوة. اصطدمت طاقة البرق بصدر باكي المعدني والبشري بقوة انفجارية مروعة.

توقف الزمن للحظة.

صرخ باكي بارنز صرخة لم يسمعها أحد من قبل، صرخة ألم آلي وإنساني في آن واحد. رأى ليون وجيل وريبيكا الشرارات تتطاير من جسد باكي وهو يتراجع بعنف، وكأنه ضُرب بمقلاع عملاق.

سقط جندي الشتاء على الأرض، جسده يرتعش بعنف، والدخان يتصاعد من ذراعه المعدنية التي تحولت إلى كتلة مشوهة من المعدن المنصهر جزئياً. عيناه أغلقت، وسقط فاقداً للوعي. لقد هُزم. هُزم على يد رجل بشري جريح.

أكيهيكو، بعد أن نفّذ هجومه الأخير، لم يستطع الصمود. تلاشت الكهرباء من حوله، وعاد جسده إلى حالته الطبيعية الهشة. شعر بأن كل ذرة طاقة في جسده قد استنزفت بالكامل.

وقف للحظة، ينظر إلى باكي بارنز الممدد على الأرض، ثم شعر بأن عالمه يدور من حوله.

سقط أكيهيكو، هذه المرة مغمياً عليه، بجوار ليون، وقد نجح في تحقيق ما لم يستطعه أي منهم: هزم جندي الشتاء.

توقف النميسيس، الذي كان على وشك توجيه لكمته القاضية نحو جيل، للحظة واحدة، مُصدراً صوتاً ميكانيكياً غريباً من الإرباك. لقد استشعر سقوط باكي، وشعر بالخطر الهائل الكامن في هذا المقاتل البشري.

"هدف... القوة... خارج... التقدير..." همس النميسيس، وهو ينظر إلى جسد أكيهيكو الهامد.

في تلك اللحظة، استغلت جيل الموقف، متجهة نحو أكيهيكو وجوني بليز. كان الهروب الآن هو الخيار الوحيد.

كانت لحظة الانتصار القصير على باكي بارنز ممزوجة بالرعب المطلق. سقط أكيهيكو مغشيًا عليه، لكنه ترك خلفه صمتًا مهيبًا أجبر باكي، آلة القتل الفولاذية، على السكون. ومع ذلك، لم يكن النميسيس قد هُزم بعد.

توقف النميسيس عن حركته، لكنه لم يتراجع. كان يقف كجبل من العضلات المعدلة بيولوجيًا والإسمنت المتصلب، يمثل الخطر الأكبر والأكثر إلحاحًا. كانت عيناه الحمراوان، اللتان تلمعان في ضوء المحطة الخافت، تستهدفان الآن المجموعة المتبقية: جيل، ريبيكا، ليون المصاب، وجوني بليز المنهك.

"هدف... رئيسي... يجب... القضاء عليه،" هدير النميسيس كان يحمل الآن نبرة مختلفة، نبرة غضب مُركّز بعد أن رأى حليفه يسقط.

"لقد سقط باكي! لكن هذا الوحش لن يسقط بالرصاص العادي!" صرخت جيل، وهي تسحب ليون المصاب بعيدًا، بينما كانت ريبيكا تعيد بسرعة تغطية أكيهيكو المغمى عليه.

كان ليون يعاني من الألم، لكنه تمكن من التحدث بصوت أجش: "يجب أن نجد شيئاً يضرب بعمق! قاذفة الصواريخ لم تنفع! يجب أن يكون هناك شيء... في هذه المحطة!"

اندفعت جيل إلى الأمام، مُطلقة ما تبقى من رصاصات سلاحها على النقاط المتشققة في درع النميسيس بعد ضربة البازوكا الفاشلة. لم تكن الرصاصات لتحدث ضررًا، بل لتشتيت الانتباه فقط.

"تشتيت الانتباه لا يجدي نفعاً أيها المقاتلة. إنه لا يتأثر بالخوف!" قال جوني بليز، وهو يزحف ببطء نحو حطام دراجته النارية، مُدركاً أن استعادة القوة الجهنمية تتطلب تركيزاً لا يملكه في تلك اللحظة.

كان النميسيس يتجاهل جيل تمامًا، وتقدم خطوة واحدة نحو جوني بليز. بالنسبة للوحش، كان جوني هو التهديد الخارق الذي يجب إزالته أولاً.

حاول جوني أن يجمع قواه مجدداً. شعر ببرودة قاتلة في روحه. لقد استنزف نفسه تماماً في القتالين السابقين. نيران جهنم لا تُستدعى بالإرادة فقط، بل تتطلب غضباً نقياً، وغضبه كان مغموراً باليأس والإنهاك.

"يا إلهي، أين كنت عندما قذفتني الكونية؟! لم أعد أحتمل!" تمتم جوني لنفسه، وهو يضغط بقوة على قبضتيه.

رفع النميسيس ذراعه الضخمة، مُصوِّباً لكمة قاضية نحو رأس جوني بليز.

وفي تلك اللحظة، تحركت ريبيكا. رغم أنها ليست مقاتلة، إلا أنها كانت الأذكى في استخدام البيئة. ركضت نحو لوحة التحكم الكهربائية المُحطمة جزئياً، والتي كانت متصلة بمولد احتياطي قديم.

"انتبه! سأصدمه كهربائيًا!" صرخت ريبيكا، وهي تربط سلكاً مكشوفاً بسلك آخر، مُحدثة قفلة كهربائية عنيفة.

انطلقت موجة كهربائية قوية عبر أرضية المحطة، أصابت النميسيس. أصدر الكائن هديرًا عاليًا من الألم، وتصاعد الدخان من درعه. تراجع النميسيس خطوتين، لكنه لم يسقط.

"غير كافٍ! لا تزال طاقته الحيوية عالية جداً!" صرخت ريبيكا، وهي تشعر باليأس.

استغل ليون الموقف. "جيل! جوني! حائط الانهيار! اذهبوا خلف حائط السكك الحديدية!"

اندفع ليون وجيل نحو جوني بليز وسحباه بعيداً، مختبئين خلف جدار فولاذي مائل كان يمثل آخر حاجز في المحطة.

نظر جوني إلى النميسيس الذي كان يتعافى من الصدمة الكهربائية بسرعة مذهلة. أدرك جوني أن كل محاولاتهم – الطلقات، الكهرباء، البازوكا – كانت مجرد وخزات صغيرة في جسد هذا الجبار.

"لا توجد طريقة بشرية لإيقافه،" قال ليون بضعف.

"الطريقة ليست بشرية، بل... جهنمية،" قال جوني بليز، وهو ينظر إلى رفاقه المصابين، وإلى أكيهيكو الممدد، وإلى ليون الذي كاد يموت مرتين.

في تلك اللحظة، تحول يأس جوني إلى غضب حقيقي، غضب ليس على ميفيستو أو شياطين الجحيم، بل غضب على الظلم المطلق والعبثية القاتلة التي يمثلها هذا الكائن البيولوجي.

ضغط جوني بقوة على غضبه، ووجه كل طاقته نحو الروح المشتعلة بداخله. بدأ جسده يرتعش بعنف، ثم انفجرت جمجمته بالنار الجهنمية مرة أخرى. لكن هذه المرة، لم تكن النيران عادية. كانت أشد زرقة وأكثر كثافة، وكأنها نيران مركزة مُستمدة من أعمق بؤر الجحيم.

"هذا هو... الانتقام الأخير،" همس الشبح الراكب، وهو ينهض ببطء.

كان النميسيس يتقدم نحو الحائط الذي يختبئون خلفه، مستعداً لضربه بقوته الكاملة.

"ستاااار... القضاء... على الضعف،" هدير النميسيس كان الآن على مسافة سنتيمترات.

اندفع الشبح الراكب فجأة من خلف الحائط المائل بسرعة تفوق سرعة البرق. لم يستخدم الدراجة، ولا السلاسل. لقد اعتمد فقط على قوته الجهنمية النقية.

قفز الشبح الراكب في الهواء، موجهاً جسده الناري نحو النميسيس.

"هذا هو الحكم الأبدي أيها الكائن!" صرخ الشبح الراكب بصوت يرتجف له كيان الوحش.

وضع الشبح الراكب يديه المشتعلتين مباشرة على وجه النميسيس، فوق عينيه الحمراوين.

كانت تلك هي اللحظة الفاصلة. لم تكن مجرد نيران، بل كانت نيران جهنمية مركزة تحمل طاقة العقاب المُطلقة.

صرخ النميسيس صرخة لم تكن ميكانيكية أو بيولوجية، بل كانت صرخة روح تستشعر الموت الحقيقي لأول مرة. ذابت عينا النميسيس على الفور، وتغلغلت النيران الجهنمية في نسيج دماغه ودروعه. بدأت الدروع الخارجية بالذوبان والاحتراق، وتناثرت قطع من جلده المتحول في الهواء.

أصبحت قوة النميسيس تتلاشى بسرعة هائلة. تراجعت ذراعه الضخمة، وبدأ جسده يهتز بعنف. لم يستطع الوحش مقاومة قوة العقاب الروحي.

دفع الشبح الراكب بقوته الكاملة النميسيس، الذي تحول الآن إلى كتلة مشتعلة وواهنة.

طارت جثة النميسيس المُفحمة عبر الجدار المنهار، واخترقت سقف المحطة المهجور. سمع الجميع صوت ارتطام هائل في الخارج، ثم توالت أصوات السقوط من ارتفاع شاهق.

صمت مطلق.

توقف الشبح الراكب، ونيرانه بدأت تخبو تدريجياً، ثم عاد جوني بليز إلى هيئته البشرية المنهكة، يسقط على ركبتيه.

"لقد انتهى... الأمر،" قال جوني بليز، وهو يلهث.

نظرت جيل إلى الأعلى، حيث اخترق النميسيس السقف وسقط. ثم نظرت إلى باكي بارنز المغمى عليه، وإلى أكيهيكو الذي كاد يموت مرتين.

سحبت ريبيكا ليون، الذي كان بالكاد يتنفس، وأسنَدت جيل جوني بليز. كانت المحطة في حالة خراب، لكنهم نجوا.

كانت هذه هي نهاية القتال.

2025/12/11 · 4 مشاهدة · 6986 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025