39 - اوميميا ضد توباكينو

خرج أونيزوكا من باب المدرسة الرئيسي، وكأنه في نزهة اعتيادية. السيجارة تتدلى من شفتيه، والدخان يتصاعد ببطء في الهواء، متجاهلًا الأصوات الخافتة لمعارك بدأت بالفعل تندلع في جوانب أخرى من المبنى.

فجأة، وجد تسوباكي تقف أمامه مباشرةً عند عتبة البوابة. كانت سرعتها مذهلة، ولم يتوقع أونيزوكا أن يواجه مثل هذه السرعة من البداية.

"تبًا، لم أتوقع إيجاد شخص بهذه السرعة، والأسوأ من ذلك أنها فتاة." تمتم أونيزوكا وهو ينفث دخان سيجارته.

ابتسمت تسوباكي ببرود وثقة. "ماذا؟ ألا يمكنك مقاومة جمالي؟"

عبس أونيزوكا ورد بسخرية: "أي جمال تقصدين يا كتلة العضلات المقززة؟"

اشتعل غضب تسوباكي من كلماته. شدّت قبضتيها واستعدت للاندفاع نحوه، كانت عضلاتها تنقبض تحت الزي الذي يشبه الزي العسكري، وقدميها ثابتتين على الأرض تستعد للانطلاق بهجوم بالأيدي.

لكن قبل أن تتحرك، وببرود أعصاب لا يصدق، تحرك أونيزوكا. وبسرعة خاطفة، أخرج مسدسًا أسودًا لامعًا من داخل معطفه الطويل. صوت الطلقة عالٍ ومفاجئ اخترق هدوء الغروب، وقبل أن تستوعب تسوباكي ما حدث، كانت رصاصة قد استقرت في رأسها.

سقطت تسوباكي على الأرض بقوة، والدماء تسيل بغزارة من نصف وجهها المدمر. كانت ساقطة أمامه مباشرةً، نظراتها الجامدة تحدق في السماء المتلونة.

أعاد أونيزوكا مسدسه إلى داخل معطفه بنفس السرعة التي أخرجه بها، وأكمل تدخين سيجارته وكأن شيئًا لم يحدث. نظر إلى جثتها للحظة وقال بلامبالاة: "آسف، لا وقت لدي لتضيعه عليكِ."

ثم انطلق مبتعدًا، تاركًا وراءه جثة تسوباكي والدخان المتصاعد من سيجارته.

[تغير المشهد]

في أحد الأروقة الواسعة للمدرسة، كان توميميا يقف أمام كيريو. كانت عيناه الضيقتان تتفحصان كيريو من رأسه حتى قدميه، ووجهه يعكس نظرة احتقار. "أتمنى أن تمتعني أيها المخنث."

لكن كيريو ظل مبتسمًا، غير مكترث بالإهانة. "من غير اللطيف أن تدعو أناسًا لا تعرفهم بالمخنثين."

"يبدو أننا سنتعرف على بعضنا الآن." قال توميميا بابتسامة متلهفة للقتال. وبسرعة خاطفة، اندفع نحو كيريو.

كانت حركات توميميا سريعة ومباغتة، تشبه حركات القرد. يركض بسرعة على أطراف أصابعه، ويستغل قصر قامته للتسلل تحت لكمات كيريو. يوجه ضربات سريعة ومنخفضة نحو ركبتيه، ثم يقفز في الهواء ويوجه لكمة قوية نحو ذقنه. كانت كل حركة من حركاته محسوبة، مستفيدًا من رشاقته وخفة حركته. كان يستخدم محيطه بذكاء، يختبئ خلف الخزائن ثم يباغت كيريو من الخلف. لم يكن كيريو قادرًا على مواكبة سرعته.

بعد لحظات قليلة، أصبحت ابتسامة كيريو المتساهلة علامة على الألم. لكمة توميميا الأخيرة كانت قوية جدًا، أسقطته على الأرض. كان يتألم من الركلات السريعة والضربات المتتالية التي استهدفت نقاط ضعفه. هزمه توميميا هزيمة ساحقة.

نظر توميميا إلى كيريو الساقط على الأرض بابتسامة متغطرسة. "لقد استمتعت، أيها المخنث."

[تغير المشهد]

في أحد فصول المدرسة، كان تايشي يقف أمام نيي. كانت عينا تايشي الواسعتان تلمعان بالجنون وهو يضحك بسخرية. كان يتجول حول نيي وهو يرفع عصاه الخشبية ذات الأسلاك الشائكة، ويقول: "انظروا إلى هذا، يرتدي زيًّا صينيًا، ويضع عصابة على عينه. هل أنت قرصان، أيها الصيني الصغير؟ تبدو كشخصية من فيلم قديم."

لكن نيي ظل هادئًا. ابتسامة خفيفة ومرعبة كانت تعلو وجهه، ولم تكن سخريات تايشي تؤثر فيه. هذا الهدوء أغضب تايشي أكثر، فصرخ: "هل تظن أنني أمزح؟! سأريك الآن!"

بدأ القتال.

اندفع تايشي نحو نيي بعنف، وهو يلوّح بعصاه في محاولة لضرب رأسه. لكن نيي كان سريعًا وهادئًا بشكل لا يصدق. كان يتفادى الضربات برشاقة، وكأنه يرقص. في كل مرة كانت عصا تايشي تقترب منه، كان يميل برأسه أو يخطو خطوة جانبية، وكأنه يرى الهجوم قبل أن يحدث.

فجأة، وبسرعة خاطفة، أخرج نيي سلسلة كانت مخفية تحت زيّه. كانت السلسلة تنتهي بشفرة حادة. بدأ يلوّح بالسلسلة بمهارة، وكأنها امتداد لذراعه. أطلقت السلسلة صوتًا حادًا وهي تقطع الهواء، ونجحت في جرح تايشي في ذراعه، ثم في ساقه.

غضب تايشي من الدماء المتدفقة، وأخذ يهاجم بعنف أكبر، لكن هجماته كانت عشوائية. ابتسم نيي ابتسامة مرعبة وأكمل هجومه. كانت السلسلة كالأفعى، تلتف حول جسد تايشي وتجرحه في كل مرة يتحرك.

في النهاية، تمكن نيي من جذب تايشي إليه بالسلسلة، ثم وجه إليه لكمة قوية في وجهه، أسقطته على الأرض. كانت الدماء تنزف من وجه تايشي وذراعه، وكانت عصاه ملقاة بعيدًا عنه.

نظر نيي إلى تايشي المهزوم، وابتسامته لم تفارق وجهه. "لقد استمتعت بالقتال، أيها القراصنة الصغير."

تعذيب نيي لتايشي

في تلك اللحظة، كان تايشي ملقى على الأرض، يتلوى من الألم، والدماء تنزف من وجهه وذراعه. كانت ابتسامة نيي الهادئة أكثر إثارة للخوف من أي صرخة غضب.

تقدم نيي ببطء، ووقف فوق تايشي. أمسك بعصا تايشي الخشبية الملفوفة بالأسلاك الشائكة، ثم انحنى وبدأ يلمس وجه تايشي بها.

"يبدو أنك لا تحب الألم، أيها القراصنة الصغير؟" سأل نيي بصوت خافت.

لم يتمكن تايشي من الإجابة. كان الخوف قد أفقده القدرة على الكلام.

ابتسم نيي ابتسامة مرعبة، ثم بدأ بضرب تايشي بعصاه، لكن ليس بقوة تقتله، بل بقوة تؤلمه ببطء وبشكل متواصل. كانت الضربات دقيقة ومحسوبة، وكأنها جزء من رقصة شيطانية.

صرخ تايشي من الألم، لكن نيي لم يتوقف. كان يعذبه، وابتسامته تزداد اتساعًا. كان هذا ليس قتالًا، بل عقابًا.

[تغير المشهد]

في أحد الأروقة الطويلة بالمدرسة، وقف اوميميا وتوباكينو وجهًا لوجه. كان الهواء يملؤه التوتر، وكأن الكون كله قد توقف عن الحركة ليراقب القتال القادم.

"هاي أنت، أتتذكرني؟" سأل توباكينو، وهو يبتسم ابتسامة هادئة.

أجاب اوميميا بنفس الابتسامة الواثقة: "وكيف أستطيع أن أنساك؟ الشخص الذي تعادلت معه بعد أربع ساعات من القتال المتواصل."

"كم مرة من الوقت؟ سنة، سنتان؟" سأل توباكينو، وهو يستعيد ذكرى ذلك اليوم.

"لا يهم الآن، لأننا سوف نعرف من الأقوى."

اتخذ اوميميا وضعيته القتالية. كانت وضعيته بسيطة، تعتمد على القوة الجسدية البحتة. كانت قبضتاه مشدودتين، وذراعاه تحميان صدره، وكل عضلة في جسده كانت متأهبة. أما توباكينو، فاتخذ وضعية قتالية صينية، حيث كانت يداه تتحركان في حركات دائرية، وكأنه يرقص. كان يبتسم ببرود، وعيناه الذهبيتان تلمعان في الظلام.

بدأ القتال.

بدأ القتال بهجمة مباغتة من اوميميا. اندفع بسرعة لا تتناسب مع ضخامة جسده، ووجه لكمة قوية إلى وجه توباكينو. كانت لكمة قوية لدرجة أن الهواء حولها اهتز. لكن توباكينو لم يتلقّ الهجوم، بل استدار بخصره في اللحظة الأخيرة، ومرت لكمة اوميميا بجانب وجهه، وكادت أن تكسر النافذة خلفه.

استغل توباكينو هذه الفرصة، ووجه ركلة دائرية سريعة نحو ساق اوميميا، لكن اوميميا لم يتأثر. أوقف الركلة بساعده، ثم أمسك بقدم توباكينو وحاول طرحه أرضًا. لكن توباكينو تمكن من فك نفسه بحركة بهلوانية، ثم تراجع بضع خطوات، ووقف في وضعية قتالية جديدة.

بدأ اوميميا بأسلوب قتال أكثر تعقيدًا. كان يوجه لكمات قوية وسريعة، وكأنها قطار قادم بسرعة كبيرة. كل لكمة كانت تحمل قوة تدميرية، لكن توباكينو كان يصدها كلها بمهارة، ويستخدم يديه لتوجيه الضربات بعيدًا عنه. في كل مرة كان يصد لكمة، كان يقوم بهجمة مضادة، يوجه ركلة سريعة نحو بطن اوميميا، أو لكمة قوية نحو وجهه. لكن اوميميا كان قويًا جدًا، وكان يستقبل كل هذه الهجمات دون أن يتأثر.

بعد فترة، بدأ توباكينو بأسلوب قتالي مختلف. كان يهاجم بسرعة كبيرة، ويستخدم حركات جسده بأكمله ليتفادى هجمات اوميميا. كان يركض بسرعة حوله، ويوجه له لكمات سريعة من كل اتجاه. كان اوميميا يجد صعوبة في مواكبة سرعته، وبدأت الدماء تسيل من وجهه.

لكن اوميميا لم يستسلم. عندما لاحظ أن توباكينو أصبح أسرع منه، قرر أن يغير استراتيجيته. بدلاً من أن يهاجم، قرر أن يدافع عن نفسه فقط. كان يصد كل هجمات توباكينو بقوة، ثم يمسك بذراعيه ورجليه ليطرحه أرضًا.

أصبحت المعركة مزيجًا من الدفاع والهجوم. كان توباكينو يهاجم بسرعة، و اوميميا يدافع عنه بقوة. كل لكمة وركلة كانت تحمل قوة مدمرة، وكأنهما يقاتلان منذ زمن طويل.

تراشق اللكمات والركلات أصبح أشبه بتيار عنيف، لا يهدأ ولا يتوقف. كان توباكينو يوجّه ركلة عالية نحو رأس اوميميا، لكن الأخير تمكن من صدها بساعده، ثم أمسك بقدم توباكينو ودفعه بقوة نحو الحائط. ارتطم توباكينو بالجدار بقوة، لكنه لم يتأثر. قفز في الهواء ووجه ركلة دائرية نحو وجه اوميميا. هذه المرة، لم يصد اوميميا الهجوم، بل استداره، مما جعل ركلة توباكينو تضرب في الهواء.

أصبح القتال أسرع وأكثر عنفًا. كانت الأرض مغطاة بالدماء، والزجاج مكسورًا. كانت لكمة من اوميميا تكسر جدارًا، وركلة من توباكينو تحطم نافذة. كانا متساويين في القوة. كلما هاجم أحدهما، تمكن الآخر من الدفاع عن نفسه، والعكس صحيح.

في إحدى اللحظات، استغل اوميميا فرصة عندما كان توباكينو يهاجم، ووجه إليه لكمة قوية في بطنه. تراجع توباكينو للخلف، وشعر بالألم يتسلل إلى جسده. لكنه لم يستسلم. جمع كل ما تبقى لديه من قوة، ووجه لكمة قوية نحو وجه اوميميا.

ارتطم الاثنان ببعضهما، وسقطا على الأرض. كانت الدماء تنزف من وجههما، وكلاهما كان يلهث من التعب. لكنهما لم يستسلما. كانا ينهضان مرة أخرى، وكأنهما يتقاتلان من أجل الحياة.

ارتفعت حدة القتال بين اوميميا وتوباكينو. في كل ضربة، كان القتال يزداد عنفًا.

شن اوميميا هجومًا عنيفًا، حيث كان يوجه لكمات قوية متتالية، وكأنه يضرب مطرقة ثقيلة. لكن توباكينو تمكن من تفادي الهجوم بمهارة، حيث كان يراوغ بخصره، ثم يرد الهجوم بهجوم مضاد. كان يوجه ركلات سريعة نحو بطن اوميميا، الذي كان يستقبل الهجوم بابتسامة خافتة.

بعد فترة، بدأ توباكينو يغير من أسلوبه، وبدأ يستخدم تقنيات قتالية سريعة ومعقدة. كان يتنقل بسرعة حول اوميميا، وكأنه يرقص، ثم يوجه لكمة سريعة نحو وجهه. لكن اوميميا لم يتأثر، بل كان يوجه لكمات قوية نحو وجه توباكينو، الذي كان يصد الهجمات بمهارة.

بعد فترة طويلة، كان الاثنان على وشك السقوط. كانت الدماء تنزف من وجهيهما، وكلاهما كان يلهث من التعب. لكنهما لم يستسلما.

كانت ردهة المدرسة قد تحولت إلى حطام. كانت النوافذ محطمة، والجدران مليئة بالثقوب. وقف اوميميا وتوباكينو وجهًا لوجه، وكل منهما يلهث من التعب، والدماء تسيل من وجهيهما.

في هذه اللحظة، قرر توباكينو أن يغير من أسلوبه بشكل جذري. بدلاً من الهجوم، بدأ بالدفاع عن نفسه بمهارة فائقة. كانت يداه تتحركان بسرعة، وكأنهما أجنحة طائر، ويصد كل هجمة من هجمات اوميميا القوية. كانت لكمات اوميميا قوية لدرجة أن الهواء حولها اهتز. لكن توباكينو كان يصدها كلها، وفي كل مرة كان يصد لكمة، كان يقوم بهجمة مضادة، يوجه ركلة سريعة نحو بطن اوميميا، أو لكمة قوية نحو وجهه.

بعد فترة، بدأ اوميميا يشعر بالإحباط. كانت هجماته لا تؤثر في توباكينو، وكانت قوته تتضاءل. في المقابل، بدأ توباكينو يزداد قوة وثقة. كان يهاجم بسرعة كبيرة، ويستخدم حركات جسده بأكمله ليتفادى هجمات اوميميا. كان يركض بسرعة حوله، ويوجه له لكمات سريعة من كل اتجاه. كان اوميميا يجد صعوبة في مواكبة سرعته، وبدأت الدماء تسيل من وجهه.

في لحظة حاسمة، عندما كان توباكينو يهاجم، قرر اوميميا أن يستخدم آخر ما تبقى لديه من قوة. جمع كل ما لديه من طاقة، ووجه لكمة قوية نحو وجه توباكينو. كانت لكمة قوية لدرجة أن الهواء حولها اهتز. لكن توباكينو تمكن من تفاديها برشاقة، ووجه إليه لكمة قوية في بطنه، أسقطته على الأرض

لم تدم لحظة فوز توباكينو طويلاً.

كان اوميميا ملقى على الأرض، والدماء تسيل من وجهه، وعيناه مغلقتان. لكن فجأة، بدأت عضلاته تنقبض بقوة، وكأنه يتلقى شحنة كهربائية. ارتفعت يداه ببطء، وراح يضغط على الأرض بقوة لينهض.

اتسعت عينا توباكينو من الدهشة. "ماذا؟ هل ما زلت قادرًا على الوقوف؟"

نهض اوميميا ببطء، وعيناه الزرقاوان كانتا تتوهجان بنور غريب. كانت قوته قد تضاعفت. كان ينظر إلى توباكينو بابتسامة مخيفة، وراح يضحك.

"ألم تقل إنك أقوى مني؟" قال اوميميا بصوت قوي ومخيف. "سوف أريك الآن من الأقوى!"

اندفع اوميميا نحو توباكينو بقوة هائلة. هذه المرة، لم يكن يوجه لكمات قوية فحسب، بل كان يوجهها بسرعة لا تُصدّق. كانت كل لكمة تحمل قوة مدمرة، وكأنها زلزال. لم يتمكن توباكينو من صد الهجوم، وارتطم بالحائط بقوة.

استمر اوميميا في هجومه، ووجه إليه لكمات قوية ومتتالية. كانت لكمات قوية لدرجة أن الجدار خلف توباكينو بدأ يتشقق. كانت الدماء تسيل من وجه توباكينو، وشعر بالألم يتسلل إلى جسده.

"هذا مستحيل..." تمتم توباكينو، وهو يلهث من التعب. "من أين أتت لك هذه القوة؟"

ابتسم اوميميا ابتسامة عريضة. "هذه هي قوتي الحقيقية. هذه هي قوتي!"

صوت أنفاسهما كان الشيء الوحيد الذي يسمع في الممر، بين زجاج محطّم ودماء متناثرة.

وقف أوميميا وتوباكينو وجهًا لوجه، جسدان مجهدان، ملطخان بالعرق والدم.

تراجع توباكينو نصف خطوة، مسح الدم من زاوية فمه، وعيناه الذهبيتان لم تغمضا لحظة عن خصمه.

"قوي... لكن ثقيل، وضرباتك يمكن قراءتها."

أوميميا لم يجب، فقط حرّك رقبته يمينًا ويسارًا حتى سمع طقطقة خفيفة.

"وأنت سريع... لكنك ترهق نفسك كثيرًا بالحركات الزائدة."

في لحظة واحدة، اندفع توباكينو من جديد.

خطوته كانت محسوبة، لا اندفاع غير ضروري، ولا قفزات سينمائية.

وجه لكمة قصيرة بمفصل الكف إلى فك أوميميا، تبعها بضربة بمرفقه نحو صدره، ثم انخفض ليركل ركبته اليمنى.

أوميميا صدّ الضربة الأولى بذراعه، تلقى ضربة المرفق بصدره لكنه لم يتراجع، وعندما نزل توباكينو ليركل، أمسك ساقه وثبّتها بقوة.

في قتال الشوارع الواقعي، الإمساك بساق الخصم في لحظة الركل مخاطرة... لكنها تنجح أحيانًا.

رفع أوميميا توباكينو بذراعه الحرة وأسقطه أرضًا في حركة إسقاط بسيطة تشبه حركة الـ"single leg takedown"، لكن بدون تقنية نظيفة. ارتطم ظهر توباكينو بالأرض، وتناثر الغبار.

لكنه لم يفقد وعيه.

رأسه كان محميًا بيديه، وهو ما أنقذه.

سدد أوميميا لكمة للأسفل، لكن توباكينو لفّ جسده في حركة دفاع أرضي، استخدم قدمه ليدفع بطن خصمه ويبعده.

نهض الإثنان بسرعة.

كلاهما يعرف أن القتال لن يستمر طويلًا بهذه الوتيرة.

العرق يملأ القمصان، وضربات الصدر والضلوع بدأت تُبطئ التنفس.

قال توباكينو وهو يلف عنقه برفق:

"لم أقاتل شخصًا بجسمك هذا منذ مدة. ذراعك اليمنى بطيئة قليلًا… إصابة قديمة؟"

أوميميا هز رأسه، ثم قال:

"كُسرت ثلاث مرات. لكنها لا تزال تعمل."

تقدّم بخطوتين، واستدار بجسده، ثم وجه لكمة مباشرة إلى أنف توباكينو.

لكنه لم يستخدم كامل وزنه.

ضربة جسّ نبض.

توباكينو انحرف بالرأس وتجنبها، ثم سدد لكمة في الكلى، تبعها بكف مفتوح في حلق أوميميا — ضربة خنق سريعة، لا تقتل، لكنها تربك.

تراجع أوميميا خطوة، تنفس بصعوبة، لكن بقي واقفًا.

تقدّم توباكينو هذه المرة، لم يكن سريعًا كالسابق… التعب بدأ يضغط عليه.

ركلة أمامية، ثم لكمة بالكتف، أراد بها خلخلة توازن أوميميا.

لكن أوميميا انحنى قليلًا، واصطاد ذراع توباكينو في نصف الطريق، ووجه لكمة إلى جانبه الأيسر.

ضربة مباشرة إلى الضلوع. صوت طقطقة خفيف سُمع.

تراجع توباكينو فورًا، يتنفس بصعوبة…

"ضلعي… تشقق على ما يبدو."

أوميميا تقدم، لكن ليس بنفس الحدة.

"وأنت قطعت لي النفس مرتين على الأقل."

وقفا على مسافة مترين.

المدرسة حولهم هادئة. لا هتافات. لا جمهور. فقط صوت خطواتهم وأنفاسهم المتعبة.

رفع توباكينو يديه مجددًا.

"الخطأ الآن يعني نهاية القتال."

أوميميا ابتسم للمرة الأولى.

"أعرف."

بدا الممرّ كأنه ساحة حرب.

بلاط الأرض مشقق، بقع الدماء تلطّخ الجدران البيضاء، والهواء ثقيل بأنفاس متقطعة، ورائحة العرق والمعدن.

كان توباكينو يضغط على ضلعه الأيسر، يتنفس ببطء محاولًا ألا ينهار صدره من الألم.

أوميميا، من جهته، يعرج قليلاً على ساقه اليمنى… ركلة سابقة تلقّاها عند مفصل الركبة بدأت تؤتي أكلها.

لم تكن هناك موسيقى درامية.

فقط صوت الحذاء يحتكّ بالأرضية… وصوت قطرات الدم تنزل.

"ما زلت واقفًا؟" سأل أوميميا، صوته أجش، مشبع بالإعياء.

أجاب توباكينو بصوت أقرب للهمس: "لأني لم أُسقطك بعد."

ثم اندفع.

لكمة سريعة من يده اليمنى نحو الوجه، لم تكن قوية، لكنها خادعة. كان الهدف هو جذب يد أوميميا للدفاع… وما إن نجح، وجه ركلة منخفضة إلى وجه ساقه المتأذية.

أوميميا تألم… وصرخ خفيفًا، لكن لم يسقط.

حاول توباكينو استغلال الفرصة، اندفع بركبته نحو بطنه. لكن أوميميا رفع ساعده ودفع صدر توباكينو بقوة.

جسدان منهكان يتناطحان كالثيران.

تراجع توباكينو ببطء، لكنه كان يشعر بتورم في إحدى عينيه… بدأ نظره يضيق، وركبته ترتعش من التعب.

أوميميا ركّز عينيه عليه. كان أنفه ينزف بحرية، وشفته متشققة.

كلاهما يدرك: الخطأ التالي يعني النوم على البلاط.

---

انطلق أوميميا هذه المرة.

استدار بجذعه، وسدد لكمة هوك قوية، لكنها لم تصب الهدف.

توباكينو تحرك جانبًا، وردّ بضربة كوع مباشرة إلى فك أوميميا.

طقطقة.

أوميميا سقط على ركبة واحدة.

لكنه لم يسقط كليًا.

مسح الدم من فمه، وعيناه تقدحان نارًا.

أمسك ساق توباكينو من الخلف… وسحبها.

سقوط أرضي عنيف.

ارتطم ظهر توباكينو بالأرض بقوة. لكن ما زال يملك رد فعل.

ركل أوميميا من الأسفل بقدمه نحو بطنه.

ضربة طردت الهواء من صدره.

تراجع أوميميا خطوتين.

كلاهما على الأرض.

كلاهما يلهث… وكأنهما يجاهدان للبقاء.

---

زحف توباكينو على مرفقيه، جلس بصعوبة.

"هل كُسرت أضلاعي…؟" سأل نفسه.

لم يجب.

أوميميا استند إلى الحائط، رفع نفسه، لكنه بدا… ثقيلًا، متأرجحًا.

نهض توباكينو بدوره، لكن يده اليسرى لم تكن تتحرك… خلع الكتف.

تجاهله. رفع ذراعه اليمنى ووضعها على صدره. يده الأخرى معلّقة كجثة.

"كتفي خلع…" قال وهو يبتسم ابتسامة مهشّمة.

أوميميا قال:

"ساعدك… أنا أعيده."

وقبل أن يفهم توباكينو، أمسك أوميميا بذراعه اليسرى فجأة، ودفع الكتف للداخل بقوة.

صرخة توباكينو ملأت الممر.

لكنه وقف بعدها بثوانٍ، يلهث، يبتلع ألمًا حارقًا.

قال ببطء:

"شكرًا… أيها الوحش."

---

استعادا وضعيتيهما.

تحركا بخطى بطيئة، كل خطوة تقود إلى نهاية محتومة.

هذه ليست مباراة ملاكمة.

هذا بقاء.

أوميميا اندفع ولكم، توباكينو تصدى برأسه، ثم رد بركبة إلى البطن.

سقط الاثنان أرضًا معًا.

لكن الأيدي لم تتوقف.

لكمات بطيئة… لكنها مؤلمة.

ضربات على الصدر، على الضلوع، على الكتف المصاب.

كلاهما كان يتألم مع كل حركة.

لكن في لحظة…

توقفا.

كان كلاهما ممددًا… لا يمكنه الحركة الفورية.

أنفاسهما مختلطة… جسدان منتفخان بالكدمات.

قال أوميميا وهو يبتسم بفك شبه مكسور:

"هل انتهينا؟"

توباكينو، بضحكة مبحوحة:

"فقط استراحة… أيها الأحمق."

أوميميا – وجهه مشوه، عينه اليمنى منتفخة، الدماء تسيل من شفته.

توباكينو – كتفه اليسرى ملفوفة بقميص ممزق، أنف مكسور، أصابعه ترتجف.

ومع ذلك…

يقفان.

العالم خارج هذا الممر لم يعد موجودًا.

---

في ثانيةٍ لم تُسجَّلها العيون، اندفع توباكينو أولًا.

خطوتان – انزلاق – لكمة مستقيمة نحو الحلق.

صدّها أوميميا بمرفقه، ثم ردّ بركبة نحو الخاصرة.

صوت طقطقة.

ربما ضلعٌ آخر كُسر.

لكن توباكينو لم يتوقف. عضّ على أسنانه، استدار بخصره ووجّه كوعًا نحو الفك السفلي لأوميميا.

الرأس اهتز، الدم تناثر على الجدار، لكن أوميميا لم يسقط.

استغل قرب المسافة.

مسكة عنق – دفعة نحو الجدار – ضربة رأس!

توباكينو ترنّح… لكن أعصابه لم تُفرج عن وعيه بعد.

رفع يده المصابة، ببطء… ثم وجه لكمة مفتوحة براحة اليد إلى أنف أوميميا.

ارتداد عنيف.

كلاهما تراجع خطوتين.

الدماء تقطر من الأنف… من الفم… من الجروح القديمة.

العينان مشوشة، التنفس صعب، الجسد يرتجف…

لكن الأدرينالين؟ يغلي.

---

"أنت عنيد أكثر مما توقعت." قال أوميميا بصوت مبحوح.

توباكينو بصوت مكسور: "قلتها لك… لم أسقطك بعد."

ثم انفجر الاثنان معًا.

الآن لم تكن حركاتهم بطيئة.

كانت دقيقة.

لكمة نحو البطن – انحناء – قبض على الرسغ – ضربة بمقدمة الركبة – تفادٍ – كوع نحو الرأس – صدّ بالساعد – دفع للخلف – ارتداد.

كل ثانية تحمل خمس حركات.

العضلات تقاتل رغم التمزقات.

الركب تصدر أصوات طحن.

كل إصابة أصبحت وقودًا لاشتعال الجنون.

---

توباكينو بدأ يُظهر ذكاءه القتالي.

لاحظ أن أوميميا يعتمد على الذراع اليمنى أكثر.

أصابه في كتفه اليمنى بكعب يده – ثم سدد ركلة منخفضة إلى نفس الجانب.

أوميميا تألم… لكنه استخدم الألم كذريعة.

دفع توباكينو بكلتا يديه نحو الجدار، ثم وجّه لكمات متتالية إلى أضلعه…

واحدة… اثنتان… ثلاث!

لكن الضربة الرابعة أوقفها توباكينو بأسنانه!

نعم… بأسنانه.

عضّ على قبضة أوميميا بكل قوة، حتى سال الدم.

أوميميا صرخ، حاول سحب يده، لكن توباكينو استغل اللحظة.

ضربة بالرأس مباشرة إلى أنف أوميميا.

الهواء توقف لثانية.

أوميميا ترنّح.

توباكينو استدار، قفز، وجّه ركلة جانبية كاملة الدوران.

أصابت الفك.

سقط أوميميا على ركبتيه.

هل انتهى القتال؟

...

لا.

بيد ترتجف، أمسك أوميميا بقدم توباكينو.

شدّه أرضًا.

سقط الاثنان على الأرض مرة أخرى.

عودة إلى نقطة الصفر.

كانا يقفان بصعوبة.

أرجلهما ترتعش. الأكتاف منهارة. الرؤية ضبابية، وكأن الحياة نفسها تتلاشى مع كل نفس.

لكن… عزيمتهما؟

لم تنكسر.

---

.

---

تقابلا في منتصف الممر، وسط الدماء والزجاج المحطم والحائط المشقوق خلفهما.

لم يتكلما.

لا حاجة للكلمات.

أخذ كل منهما وضع القتال الأخير.

وضع لا عودة بعده.

أوميميا يرفع يده اليمنى.

توباكينو يسحب ذراعه اليمنى إلى الخلف.

عد تنازلي داخلي.

3...

2...

1...

انطلقا في اللحظة نفسها.

لكمة مستقيمة!

أوميميا يسددها بقوة الغضب، ثقل الجسد، ووزن الذكرى.

توباكينو يوجهها بقوة التصميم، الرغبة في النصر، وصرخة الكرامة.

اللكمتان تصادمتا بوجهيهما في نفس اللحظة.

بووووم!!

اهتز الهواء.

ارتدّت الرأسان.

تجمّد الزمن لثانية.

ثم…

انهارا.

---

سقط جسدا أوميميا وتوباكينو على الأرض في آنٍ واحد، وكأن جاذبية المعركة قد فرغت قواها.

لم يتحرك أيٌ منهما.

لم يتنفس أيٌ منهما.

لكن لم يفقد أيٌ منهما الوعي… بعد.

---

ثوانٍ مرت، وصوت الرياح خارج المدرسة كان هو الوحيد الذي يُسمع.

ثم…

ابتسامة باهتة ظهرت على وجه أوميميا.

وتوباكينو؟ ابتسم أيضًا.

كلاهما ممدد على الأرض، يتنفس بشدة، لا يستطيع حتى رفع يده…

لكن كلاهما يعلم:

> "لم يفز أحد… لكن لم يُهزم أحد."

---

قال أوميميا بصوت ضعيف، بالكاد مسموع:

"كنت… خصمًا عنيدًا… يا ابن الكلب."

رد توباكينو، وهو يلهث:

"كذلك أنت… يا قطعة الطوب البشرية…"

ثم…

صمت.

2025/08/06 · 3 مشاهدة · 3189 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025