استيقظت على نسيم الصباح البارد الذي يمر بين الأشجار، حاملًا معه رائحة الزهور الأرجوانية وندى الصباح المتلألئ على الأغصان. شعرت بالسكينة تحيط بالغابة، كما لو أن كل شيء هنا يتنفس معي.
قبل أن أتمكن من الاستمتاع بالهدوء، توقفت مونو فجأة أمامي، وضربت جبهتي بخفة بيدها.
"استيقظ، الوقت لا ينتظر أحدًا." قالت، بصوت صارم قليلًا، لكن عينيها تحملان وميض اهتمام خفي.
"آه… أليس هذا مبكرًا بعض الشيء؟" قلت وأنا أدلك جبهتي.
"مبكر؟ لا… أنت فقط تحاول التملص من التدريب، أليس كذلك؟" ردت، مائلة رأسها بشكل يشبه المعلمة، لكنها كانت تخفي ابتسامة صغيرة عند زاوية شفتيها.
"حقًا؟ أعتقد أنني أستحق القليل من الدلال الصباحي بعد كل هذا التدريب." قلت بمزاح.
"دلال؟!" قالت، متصنعة الغضب، "أنا لست هنا لأدلعك. أنا هنا لأجعلك أفضل نسخة من نفسك… وهذا يتطلب أن تتحرك." ثم أضافت بخفة: "لكن… إذا أردت أن تعتبر ضربة الجبهة هذه نوعًا من الدلال، لا مانع لدي."
ضحكت قليلاً، وأخذنا نسير بين أشجار الغابة. أشعة الشمس الأولى تخترق أوراق الشجر، تلون الأرض ببقع ذهبية، والطيور تغرد فوقنا. شعرت أن هذا الصباح، رغم قسوته المحتملة، يحمل وعدًا بمغامرات جديدة وفرصًا للنمو.
بينما كنا نمشي بين أشجار الغابة المتلألئة، شعرت بأنني أستمتع بالهدوء أكثر من أي وقت مضى. لم أستطع مقاومة الإحساس بالدهشة تجاه مونو. توقفت فجأة، ونظرت إليها بابتسامة خجولة:
"أنت… لطيفة للغاية، حتى عندما تضربينني على الجبهة صباحًا."
رفعت حاجبيها، وكانت عيناها تلمعان، وكأنها تحاول كبت ضحكة صغيرة.
"لطيفة؟!" قالت، متظاهرة بالغضب. "أتركنييي… لا تبدأ بمزاحك المعتاد الآن!"
ابتسمت وأنا أقترب منها خطوة، مداعبًا لها كتفها بخفة. "لا يمكنني، أنت تجعلين الصباح أكثر… تحملًا، أليس كذلك؟"
دفعتني بخفة، ضاحكةً بصوت يشبه رنين الأجراس في الغابة. "أتركنييي! ستجد نفسك تتدحرج إلى أسفل التل إذا لم تتوقف!"
ضحكت وأدركت كم هو لطيف هذا المزيج من الصرامة والدعابة في شخصيتها. رغم أنها قوية، هناك دفء خفي يجعل كل شيء يبدو أقل صعوبة، وأكثر احتمالًا.
بعد دقائق قليلة من المداعبات والضحك، توقفنا أمام صخرة ضخمة، دائرية تقريبًا بحجم نصف شجرة صنوبر، أطول وأعرض مني قليلًا. سطحها الخام متجعد، كما لو أن الزمن نقش عليه قصصًا لا تُحصى.
وقفت مونو أمامها، تنظر إليّ بعينين جادتين، وقالت بصوت هادئ لكنه حازم:
"هذا… هو تدريبك القادم."
وقفت هناك، أستوعب حجم الصخرة، وأدركت أن هذا التدريب سيكون تحديًا مختلفًا تمامًا، أكثر غموضًا وإثارة من أي شيء سبق أن خضته مع مونو.
وقفت أمام الصخرة الضخمة، أسترق النظر إليها بحذر وفضول في آنٍ واحد، وأشعر بمزيج من الاستغراب والفرحة. أخيرًا، تدريب لا يحمل في طياته سمومًا أو كائنات غريبة تحاول قتلي. ابتسمت لنفسي، وكأنني أستطيع أخيرًا أن أتنفس بحرية.
سألت مونو، وأنا أنظر إلى الصخرة المهيبة التي تقع في حفرة طبيعية صغيرة:
"إذن، كيف هذه الصخرة سوف تكون تدريبي القادم؟"
ابتسمت مونو بابتسامة خفيفة، وكأنها كانت تنتظر سؤالي. قالت بصوتها الحازم الممزوج بلمسة ود:
"حسنًا، تدريبك هو أن تقطع هذه الصخرة الكبيرة بسيفك إلى نصفين، ثم تجر كل نصف مسافة كلم واحد فقط."
رفعت حاجبيها وأنا أتحقق من فهمي، متأكدًا أنني لم أسمع خطأ.
"هذا كل شيء؟"
"نعم، هذا كل شيء." قالت مونو بهدوء، وكأن الأمر بسيط جدًا، رغم حجم الصخرة.
ارتسمت على وجهي ابتسامة عريضة، وأخذت نفسًا عميقًا. "حسنًا، يبدو هذا سهلاً… وأخيرًا تدريب سهل!"
نظرت إلى مونو عن قرب، ولاحظت نظرتها، مظهرًا حادًا وعميقًا، يبرز ذكائها وتركيزها. الضوء الصباحي يلمع على معطفها الاصفر قليلا، مما أضفى عليها بريقًا غامضًا وهادئًا، كأنها تمزج بين الحزم والرقة في آن واحد.
وقفت هناك، أمام الصخرة، وأدركت أن التدريب قد يبدو سهلاً على الورق، لكنه سيختبر صبري وقوة سيفي، وربما شيئًا أعمق بداخلي. شعرت بفرحة غريبة—فرحة التحدي البسيط، بعد كل تلك التجارب المرهقة.
أمسكت بسيفي، أشعر بثقل الحديد في يدي وكأنني أقبض على شريان القوة نفسه. توقفت لحظة، أتنفس بعمق، وأركز كل طاقتي على الصخرة الكبيرة أمامي. ثم، بكل قوة، أطلقت ضربة حادة… لكنها اصطدمت بالصخرة بصوت مكتوم، دون أن تخدشها حتى.
ابتلعّت أعصابي، وأحسست بالإحباط يتسلل إلى صدري. "حقًا؟! لم تترك أي أثر؟" همست لنفسي، وأخذت خطوة إلى الوراء لأعيد المحاولة.
حاولت بعدها أن أدفع الصخرة بكل قوتي، مشدداً على رجليّ وظهري، كأنني أحاول دفع جبل. عضلاتي توترت، يدي تتعرق، ورغم كل جهدي، لم تتحرك الصخرة حتى ميليمترًا واحدًا. شعرت بحرارة الفشل تتصاعد داخلي، ووجهي يحمر من الإحراج والغضب في آن واحد.
أدركت فجأة صوت ضحكة خافتة من خلفي. رفعت عينيّ لأرى مونو، واقفة مبتسمة بنظرات حادة، وكأنها تراقب فشلّي بكل سخرية.
"حقًا؟ هذا كل ما لديك؟" قالت بلهجة ساخرة، مع لمسة تداعبني في الوقت ذاته، وكأنها تقول: "يا إلهي، أنت تجعلني أضحك!"
ارتجفت شعورًا بالحرج، ووجهي يشتعل حمرته أكثر، وداخل عقلي صراع مزدوج بين الغضب على نفسي والامتنان الغريب لسخرية مونو التي لم تكن مهينة، بل أكثر شبهاً بالمزاح الصادق. شعرت بأنني أريد أن أختبئ، وفي الوقت ذاته، أردت أن أثبت لها أنني أستطيع فعل ذلك.
مونو تقدمت خطوة، وحركت نظاراتها بخفة على أنفها، وابتسمت ابتسامة قصيرة، وكأنها تقول لي بغير كلمات: "حسنًا، لن تكون سهلة، لكنك ستتعلم." لم أستطع إلا أن أبتلع ريقي وأتأمل الصخرة مجددًا، مدركًا أن التحدي قد بدأ للتو، وأنني أمام لحظة اختبار حقيقية لقوتي وإرادتي.
صرخت على مونو، أصبعي يشير إليها بعزم: "سوف أقطع هذه الصخرة اللعينة، وسأريك أني أستطيع فعلاً!"
ابتسمت مونو بخفة، ونظاراتها تعكس أشعة الشمس الذهبية، وقالت: "حسناً، حسناً، سوف أترك لك أسبوع كامل لتكمل التدريب."
قفزت من الفرح، شعور طاغٍ يغمر صدري، شعور بالإنجاز القادم، أطلقت صيحة صغيرة: "أسبوع؟! سأفعلها في أقل من أسبوع، فقط انتظري!"
رفعت مونو حاجبيها، ثم ابتسمت: "أن تفعلها في أقل من أسبوع؟ يمكنك أخذ بقية الأسبوع راحة."
شعرت وكأن قلبي يرفرف في صدري، فرحتي كانت عارمة، كالنجوم التي تتساقط حولي في كل مكان. "حقاً!!!" صرخت وأنا أركض مكانياً من الفرح، حتى أن كل الأوراق على الأرض بدت كأنها ترقص معي.
لكن سرعان ما عاد الاستغراب، وارتسم على وجهي تعبير دهشة: "مونو… ألم تقولي إن الشهر هنا يساوي أسبوع في العالم الخارجي؟"
"نعم." قالت ببساطة، وابتسامة هادئة تعكس ثقتها بي.
"كم مرّ من الوقت الآن؟" سألته وأنا أحاول استيعاب المفارقة الزمنية.
"مر حوالي أسبوعين في العالم الخارجي."
تجمّدت للحظة، ثم انفجرت مفاجأة: "حقاً؟ توقعت أنه أكثر… أنا بقيت شهرين هنا وما زلت لم أتعلم السحر بعد!!!"
أشارت مونو وهي تهز رأسها بخفة: "سوف تتعلمه قريباً، لكن الآن… أنا ذاهبة."
رفعت عينيّ لأراها، لكنها بدأت بالارتفاع تدريجياً، تتنقل بين أشجار الغابة الطويلة كما لو كانت طائرة فضائية تحلق بين الأوراق. شعرت وكأنها تترك وراءها أثراً ذهبياً متلألئاً، وصنعت بوابة مكانية ذهبية تتلألأ بضوء شفاف في الهواء.
"مونو… إلى أين أنت ذاهبة؟" ناديتها، صدى صوتي يتردد بين الأشجار و الشمس التي كانت تتلألأ فوقي.
"سوف أذهب إلى البلدة لأتفقد أحوال أكيهيكو وذلك الجن… و سوف ابقى هناك أسبوعاً كاملاً اذا حتى ذالك الوقت حرك الصخرة
" قالتها وكأنها مزحة، لكنها كانت حقيقية، وكأنها تجمع بين حزمها وروحها المشرقة في نفس الوقت.
قفز قلبي في صدري، شعرت بصدمة خفيفة، وعيوني اتسعت وأنا أراقبها تدخل البوابة، تختفي بين لمعان الذهبية، تاركة خلفها غابة متلألئة تتراقص بين أوراق الأشجار.
وقفت هناك، أراقب الصخرة الكبيرة أمامي، شعور بالإثارة والمغامرة يمتزج مع الدهشة، أدركت أن أسبوعي القادم لن يكون سهلاً كما توقعته… لكنه سيكون بداية جديدة حقيقية.
[منظور بابادوك]
قفزت بين المنازل المدمرة جزئيًا في حي مهجور من البلدة، أذرعي تتحولان بلا شعور إلى شكلهما الكامل، ذلك الكيان الجنّي الذي دربته نيرو بلا رحمة طوال الأسبوعين الماضيين. شعرت بثقل القوة الجديدة يندفع في عروقي، وكأن كل خلية في جسدي تتعلم من التجربة، كل حركة محسوبة، كل نظرة حادة، وكل نفس متزامن مع ضربات قلبي.
نيرو كانت تقف على سطح منزل نصفه منهار، عينها الثاقبة تتفحصني كما لو كانت تقرأ أفكاري قبل أن أتحرك. لم يتغير شيء في هيئتها، لا تردد، لا رحمة، لكنها ابتسمت ابتسامة صغيرة، أظنها تقول: "لن تسمو إلا إذا استحققت ذلك".
حاولت توجيه ضربة يدي المتحولة نحوها، يدي تتشكل إلى مخلوق الجن الكامل، أذرعها تتلألأ بالقوة الكامنة، وحرارة روحي تتضاعف في كل ثانية. لكنها، وكعادتها، كانت أسرع، تتجنب الضربة بخفة مذهلة، وتستخدم موجة من الطاقة تجعلني أرتد للخلف عدة أمتار، فتتحطم أرضية الشارع حولي.
أخذت لحظة لأتنفس، شعور غريب يجتاحني: الألم من التدريب يلتقي بالسرور من القوة المكتسبة، مزيج من الحزم والعزم، شعور بأنني بدأت أفهم فلسفة نيرو القتالية. لم تعد يدي مجرد عضو في جسدي، بل امتداد لروحي، أداة لترجمة كل شعور وغضب وإرادة إلى قوة فعلية.
نيرو قفزت إلى الأمام، سرعتها لا تقل عن البرق، ضحكت بخفة ساخرة: "هل هذه هي كل قوتك بعد أسبوعين فقط؟"
ابتسمت وأنا أرد بسخرية متواضعة: "أكثر مما تتوقعين… لكن ما زلت أتعلم منك."
مع كل حركة، شعرت بالتمازج بين السيطرة والانضباط؛ لقد تعلمت كيف أدمج قدراتي مع ردود فعلي الطبيعية، كيف أحوّل قوة الجن داخل يدي إلى ضربات دقيقة، وكيف أوازن بين القوة والسرعة دون أن أفقد تركيزي.
لكن نيرو، بلا رحمة، رفعت يدها مرة أخرى، موجة من الطاقة تتجه نحوي، وكأن الشارع نفسه يتقوس تحت ضغوطتها. لم يكن هناك وقت للتراجع، دفعت يدي المتحولة إلى الأمام، مشحونة بكل قوة، لكنها كانت مجرد اختبار آخر. شعرت بصدمتها تضربني، لكن هذه الصدمة لم تكن هزيمة، بل درس.
تعابير وجهي كانت مزيجًا من التركيز والألم والإثارة، وعيوني تتأمل كل حركة صغيرة من نيرو، كل ضربة، كل خطوة. شعرت بأنني على حافة فهم فلسفتها بالكامل، أنني أخطو خطوة أخرى نحو أن أصبح أكثر من مجرد تلميذ؛ أن أصبح شريكًا في هذه القوة.
نيرو توقفت للحظة، ونظرتها الثاقبة تقول كل شيء: "لقد تحسنت… لكن الطريق لا يزال طويلاً."
أومأت برأسي، مدركًا أن التدريب لن ينتهي هنا، وأن كل ضربة، كل محاولة، كل خطأ، كان جزءًا من شيء أكبر بكثير: صقل قوتي، وتعلم كيفية التحكم بها، والاستعداد لما هو قادم.
الحي المهجور حولنا كان صامتًا، حتى الرياح توقفت للحظة، وكأنها تنتظرنا لنبدأ الجولة التالية، وأنا شعرت لأول مرة منذ زمن طويل، بأنني لست مجرد تلميذ ضعيف… بل شيء يوشك على الانبثاق الكامل.
بينما ابتعدنا عن الحي المهجور، شعرت بالهواء النقي يملأ رئتيّ بعد القتال المكثف، لكن شعوري لم يدم طويلاً.
"أتعلمين؟" قلت وأنا أتثاءب بشكل متعمد، أحاول استعراض نفسي، "أحيانًا أظن أن القتال هذا كله مجرد تدريب عقلي على التحمّل… ومع ذلك، أشعر وكأنني خرجت للتو من قبر مظلم."
نيرو توقفت، نظراتها الثابتة لا تتغير، ولم ترتجف شفتاها، وكأنها تقول: "أنت فقط تحاول أن تبدو مظلمًا، أليس كذلك؟"
"بالضبط!" صرخت، متقوّسًا بيداي، "إنها كآبة سوداوية! كل خطوة تخطوها في هذا العالم يجب أن تكون مملوءة بالغم، بالرعب الداخلي، وبالحنين إلى الماضي الذي لم يعد موجودًا!"
نيرو رفعت حاجبها برفق، ثم قالت بصوتها البارد الذي لا يترك مكانًا للجدية الكاملة: "أنت تبالغ… قليلًا."
ابتسمت بطريقة مبالغ فيها، وكأنني أحاول أن أعطيها درسًا في التعاطف السوداوي: "قليلًا؟ قليلًا؟! بعد أسبوعين من التدريب المكثف، أظن أن شعوري بالسواد يجب أن يكون أعمق من محيط هذه البلدة المهجورة كلها!"
لم تحرك نيرو ساكنة، فقط رفعت يدها بشكل هادئ، وكأنها تقول: "حسنًا، استمر في الدراما الخاصة بك…"
ضحكت بصوت عالٍ، مستمتعًا بالفرق الكبير بين تعليقاتها الباردة وكآبتي المبالغ فيها، وعرفت أن هذه الديناميكية الغريبة بيننا ستكون دائمًا محركًا للجنون المرح في وقت التدريب.
فجأة، ظهر أمامنا بريق ذهبي لامع، يتشكل تدريجيًا في الهواء أمامنا، فتح بوابة ضخمة، دائرية، تشبه القرص الذهبي المتوهج. نظرت إليها بدهشة، وابتلع قلبي بشعور غريب من الترقب والخوف الممزوج بالإثارة.
من قلب البوابة، ارتفعت مونو، تهبط بخفة بيننا، عيونها تتلألأ بالفضة، وعلامات القوة والسيطرة تظهر على كل حركة.
"يبدو أنني وصلت في الوقت المناسب…" قالت بابتسامة نصفية، تلمح لمزيج من المرح والانضباط، وكأنها تقول لي: "لا تقلق، لقد تركتك مع نيرو بما يكفي لتعرف أن السوداوية لا تنفع وحدها."
وقفت أمامنا، تنظر أولًا إلى نيرو، ثم إليّ، وكأنها تقيّم ما حققناه في غيابها، وفجأة شعرت أن كل شيء أصبح أكثر وضوحًا: هذا التدريب، كل السواد، كل الضحك، وكل اختبار، لم يكن سوى بداية لفهم أعماق قوتي الحقيقية.
"مونو؟!" انفجرت بالصوت، بينما توقفت نيرو عن المشي ورفعت حاجبها بدهشة غير معتادة منها.
مونو خرجت من البوابة بخفة مذهلة، وعيونها تتلألأ كالفضة، وحركتها كانت مزيجًا من الانضباط والمرونة، كأنها تعلّمت أن تتحرك بدون أن تترك أثرًا.
"أنا هنا لمساعدتكما"، قالت بنبرة صارمة ولكن ودودة في الوقت نفسه، تبرز مزيجًا فريدًا بين معلمة صارمة وصديق مخلص، "سأكون معكما لمدة أسبوع كامل لأرشدكما خلال التدريب."
نيرو أمالت رأسها قليلاً، نظرة برودها المعتادة لا تختفي، لكنها قالت بفضول خافت: "أسبوع كامل، أليس؟ هل هذا يعني أن بليك… كيف يسير تدريبه؟"
ابتسمت مونو قليلًا، كما لو أن السؤال لم يزعجها: "بليك يتقدم بشكل جيد، لكن لا يزال أمامه الكثير ليتعلمه. لقد كان الشهر هنا بالنسبة له مجرد أسبوع في العالم الخارجي."
"حقًا؟" همست نيرو بدهشة، ثم أضافت بنبرة أكثر جدية، "يبدو أن تدريبه مختلف جدًا عن تدريبنا هنا…"
تابعنا مسيرنا حتى بدأنا نقترب من مدرسة بوفورين المهجورة، متهدم جزئيًا، النوافذ المحطمة تكشف عن الصفوف المهجورة، والبوابة الحديدية التي تصدرت المدخل تحمل علامات الصدأ والقدرة على الصمود في وجه الزمن.
على طول الطريق، تبادلنا نحن الثلاثة الحديث، نيرو تتحدث عن تقنيات الدفاع والهجوم، بابادوك يرد بسوداويته المعتادة، وأنا أراقب الموقف محاولًا المزج بين الفضول والمرح.
"أتعلمون؟" قلت وأنا أراقب المبنى، "هناك شيء مريح في رؤية المكان فارغًا هكذا… بدون ضجيج أو جلبة. يبدو أن الماضي كله هادئ هنا."
نيرو رفعت حاجبها، نظرتها ثابتة: "أنت تحاول أن تبدو عميقًا، أليس كذلك؟"
"بالضبط،" قلت بابتسامة مستفزة، "كل هذه الخرابيات… أشعر وكأنها انعكاس لقلبي."
مونو، على الرغم من برودها الظاهر، أمالت رأسها قليلاً وهي تتفحصنا: "أنتما أكثر مرحًا مما توقعت، لكن لا تهملوا التدريب، فسأكون صارمة كما اعتدتما."
سارت خطواتنا بثقة حتى قابلنا أونيزوكا عند مدخل المدرسة. كان يقف، يرتدي معطفه الطويل، وابتسامة شبه مغرية على وجهه.
"نيرو… ما رأيك إن جعلنا هذا الزواج رسميًا؟" قال بصوت مزاح، مع نظرة خبيثة.
نيرو لم تتحرك سوى برفع حاجبها، وابتسمت نصف ابتسامة: "لقد رفضت هذا من قبل، وستفعل ذلك دائمًا. لا تضيع وقتك هنا."
ضحكنا جميعًا بصوت منخفض، خصوصًا أنا، محاولًا تذوق الجو الكوميدي الذي خلقه المشهد.
بعد لحظة، انضم إلينا هاروكا، واقفًا بيديه في جيوبه، ينظر إلينا بعينين حادتين.
"أين أكيهيكو؟" سألناه مباشرة، وكأننا نريد معرفة كل خطوة في تدريبه.
أجاب بثقة: "إنه في نصف تدريبه مع توراكو، لقد بدأ منذ ساعات، فلا تقلقوا."
دخلنا ساحة المدرسة، حيث رائحة الغبار والقديمة الممزوجة برائحة الخشب المتهالك تملأ الجو. كان كل شيء يبدو كما لو أن الزمن قد توقف، لكننا شعرنا بوجود طاقة غير مرئية تدب في المكان، وكأن أصوات التدريب السابقة ما زالت تتردد بين الجدران المدمرة.
بدأنا بالمشي بين الصفوف، نراقب كل زاوية وكل رماد، ونيرو تبادلنا الحوارات، تسأل عن أساليب التدريب السابقة، وتعلق أحيانًا بسخرية خفيفة على برود مونو، بينما بابادوك يرد بملاحظات سوداوية عن الصعوبة والظلام الداخلي الذي يشعر به في كل مكان.
"مونو، أنت دائمًا هادئة جدًا…" قلت، أراقبها وهي تتحرك بخفة بين الأعمدة المتهدمة، "كيف يمكن لشخص أن يكون صارمًا وهادئًا في الوقت ذاته؟"
"الهدوء لا يعني الضعف،" قالت بابتسامة نصفية، ورفعت حاجبها. "يعني فقط أنك تعرف متى تتحدث ومتى تتصرف."
نيرو أضافت بابتسامة هادئة: "لكن في النهاية، التدريب هو ما يصنع الفارق، والهدوء مجرد أداة."
وصلنا أخيرًا إلى بوابة ذهبية صغيرة، ساطعة بشكل مفاجئ بين الأنقاض، تلمع كأنها تتنفس الضوء.
"ها نحن…" قالت مونو، وعيناها تتلألأ بالفضة، "هذه البوابة ستأخذنا مباشرة إلى غرفة التدريب. حان الوقت لتعرفوا ما يعنيه التدريب الحقيقي."
تقدمت البوابة نحونا، وبدأ شعاعها يغمر المكان باللون الذهبي، والشعور بالحرارة والطاقه يملأ كل ركن في جسمي.
"هيا، لنكتشف إلى أين ستأخذنا هذه المرة…" همست لنفسي، بينما شعرت أن كل خطوة تقودنا إلى مستوى جديد من القوة والفهم، وأن التدريب مع مونو ونيرو سيكون تجربة لا تُنسى، مزيجًا من القسوة والحكمة، المرح والجدية، الغموض والاكتشاف.
الهواء كان يضرب وجهي بحرارة خفيفة، وأصوات الخشب المتصدع تحت أقدامنا تتناغم مع صرير السيوف المعدنية. وقفت أمام توراكو في وسط ساحة التدريب المكشوفة، أشعة الشمس تتسلل بين الأشجار المحيطة، تضيف لمسة ذهبية على العشب اليابس من الأمطار الأخيرة.
"جاهز؟" سألت توراكو، وهي تمسك بسيف الكاتانا الذي تلمع شفرته في الضوء كأنه ينتمي إلى عالم آخر.
"نعم…" همست وأنا أحمل السيف الذي أعطتني إياه مونو، شعور بالمسؤولية والرهبة يتشابك مع حدة التوتر.
بدأنا الحركات الأساسية، هجمات ودفاعات، كل ضربة تتحرك مع الريح وكأنها ترقص بين الظلال. توراكو كانت تتحرك بخفة ومرونة مذهلة، كل خطوة لها محسوبة، وكل ضربة لها دقة قاتلة، بينما أنا أحاول أن أوازن بين القوة والسرعة، بين التركيز والخجل الذي بدأ يزحف إليّ عندما اقتربت مني أكثر من اللازم.
"حذر، لا تدع المسافة تضيع!" صرخت لها، وأحسست بخجل بسيط عندما لاحظت أنها اقتربت جدًا مني عند دورانها لتفادي هجمتي. شعرت بأن وجهي احمر، لكنني حاولت ألا أظهر ذلك.
"تقدم بشكل أسرع!" قالت وهي تبتسم نصف ابتسامة، توحي بأنها تدرك تأثير قربها عليّ، لكن دون أن تقول شيئًا صريحًا.
تبادلتنا الضربات والهجمات السريعة، شعرت بالإيقاع يتسارع بيننا، وكأن كل ضربة وكل حركة تحمل وزنًا أكبر من السابق. الريح تتحرك بيننا، تتلاعب بأوراق الأشجار، وكأن الغابة كلها تصطف لمشاهدتنا.
"أكيهيكو… حاول أن تركز على السيف، لا على… أي شيء آخر!" قالت توراكو، وصوتها أتى أقرب قليلاً، وكان بإمكاني شم رائحة العطر الخفيف الذي كانت تضعه، وهو ما جعلني أتلعثم في التحركات قليلاً، محاولة أن أعيد تركيزي على السلاح.
حركاتنا كانت متزامنة، ضرباتنا تتقاطع، والدفاعات تصبح أكثر صرامة. كل لحظة من القتال كانت مليئة بالتوتر، الطاقة، والاحترام المتبادل بيننا. شعرت بأن كل ضربة تضيف لي شيئًا جديدًا، شيء أعمق في فهمي للسيف، للحركة، ولمهاراتي الشخصية.
بعد عدة دقائق، توقفت للحظة لألتقط أنفاسي، وابتسمت توراكو بخفة: "أنت تتحسن بسرعة… لم أتوقع أن تكون مستواك هذا خلال فترة قصيرة."
نظرت حولي فجأة، وتلفتُّ لأجد شيئًا أثار دهشتي. هناك، على حافة الساحة، يقفون بابادوك ونيرو ومونو، يراقبون كل حركة لكلانا، صامتين لكن حضورهم كان واضحًا ومهيبًا.
"لم أتوقع أن يكونوا هنا…" همست لنفسي، شعور بالارتباك والفضول امتزج في داخلي. ملاحظتهم جعلتني أشعر وكأن كل حركة وكل ضربة محسوبة ومراقبة، وكأنني أشارك في اختبار أكبر من مجرد تدريب، اختبار لمعرفة مدى قدرتي على السيطرة والتقدم تحت ضغط المراقبة.
ابتسمت توراكو قليلًا، كأنها لاحظت أيضًا نظراتهم، وقالت بجدية خفيفة: "حسنًا، استعد… الجولات القادمة ستكون أكثر صعوبة."
لكن نظري عاد مرة أخرى إلى الثلاثة الذين يقفون هناك، شعور بالمسؤولية والحماس يغمرني، وكأنني أعلم الآن أن كل تدريب وكل حركة سلاح سأقوم بها لن تكون مجرد ممارسة، بل خطوة نحو فهم أعظم للقدرات والقوة التي تنتظرني.
وقفت هناك، أتنفس بصعوبة بعد أن أنهينا الجولة الأخيرة، السيف ما زال في يدي، وكتفيّ يرتجف من شدة التركيز والطاقة المبذولة. توراكو ابتسمت لي بخفة، ثم تراجعت خطوة إلى الوراء، كأنها تقول بصمت: "لقد أنهيت جولتك… أحسنت."
لم يكن لدي وقت للاحتفال، لأنني حين رفعت نظري فجأة، رأيتهم. ثلاثة وجوه مألوفة، تقف أمام الساحة، كل واحدة تحمل حضورًا مميزًا وواضحًا.
بابادوك، بابتسامته السوداوية المعتادة، يراقبني بعينين نصف مغلقتين، وكأنه يزن كل حركة وكل نفسٍ أخذته. نيرو، ببرودها الذي لا يخلو من حدّة، تتجاوزني بنظرة تقييم دقيقة، وكأنها تفحص كل زاوية في جسدي لمعرفة إن كنت قد تقدمت فعلاً. وأخيرًا، مونو، التي جعلت قلبي يتسارع بلا سبب، تقف هناك، وابتسامتها نصف مخفية وراء نظاراتها، بعينين مليئتين بالترقب والحذر.
"مونو…؟" خرج مني الاسم بلا وعي، صدمتني الحقيقة… لم أتوقع أن تكون هنا.
"هل تفاجأت؟" قالت، ونظاراتها تلمع في ضوء الشمس، ومع ذلك كانت كلماتها مهنية، حازمة قليلًا، لكنها تحمل لمسة من الدفء. "أنا هنا لأتابع تدريبك، وسأقضي معك أسبوعًا كاملًا، مثل ما فعلت مع بليك."
قلبي تخطى عدة دقات، وحرّك خجلي شعورًا غير مألوف، لكنني حاولت أن أحتفظ بهدوئي. "أنا… لم أتوقع أن أراك هنا…" همست، محاولًا أن أبدو طبيعيًا.
بابادوك ضحك بضيق، صوته يعكس سخرية خفيفة، "يبدو أن يومك اليوم سيكون مزدحمًا أكثر مما توقعت، أليس كذلك، أكيهيكو؟"
نيرو اكتفت بملاحظة قصيرة ببرود: "التدريب لم ينته بعد. ولكن يبدو أنك تقدم جيدًا."
ابتسمت توراكو بخفة، وكأنها تشجعني من بعيد: "حسنًا، يبدو أن لديك جمهور الآن. لا تتردد."
شعرت بالإثارة تملأ جسدي، لكن هناك شيء أعمق… شعور بالمسؤولية تجاه كل من يراقبني، ومعرفة أن كل حركة وكل ضربة سأقوم بها ستكون تحت أعينهم.
مونو تقدمت خطوة، نظراتها صارمة، لكنها تحمل دعمًا خفيًا: "سأكون هنا لأرشدك، لكن كل تدريب سيكون محسوبًا. لا مكان للأخطاء، أكيهيكو."
ابتسمت ابتسامة صغيرة، مزيج من التحدي والخجل: "حسنًا… سأبذل كل ما لدي."
بابادوك التفت إلى نيرو وقال بنبرة ساخرة: "هل تعتقدين أن الصبي يستطيع الصمود أمام كل هذا؟"
نيرو اكتفت بالرد: "سنرى… كل شيء يعتمد على إرادته."
ابتسمت مونو بخفة، ونظارتها تتلألأ تحت أشعة الشمس: "أكيهيكو، لنبدأ… التدريب الحقيقي يبدأ الآن."
كنت أشعر بدقات قلبي تتسارع، والإثارة والفضول يملأان كل جزء مني. لقد كان الأمر أكثر من مجرد تدريب؛ كان اختبارًا حقيقيًا لقدراتي، وفرصة لمعرفة مدى قوتي تحت ضغط من هو أقوى مني، ومن يهمه أمري.
وقفت هناك، في وسط الساحة التدريبية، شعور الغبار يرفع من الأرض مع كل نسمة تهب من الغابة المحيطة، الشمس تتسلل بين الأغصان، لتخلق خطوطًا ذهبية على أرض الحلبة الرملية. أنفاسي متقطعة، وقلبي يدق بشكل سريع، أراقب مونو بعينين متسعتين، أحس بها كأنها تقرأ كل حركة مني، كل شعور ينبض في داخلي.
نيرو، واقفة عند الحافة، تقول ببرودها المعتاد: "لقد وضعت ختمًا على قوتك البرقية… ليس لأنك ضعيف، بل لأنها غير مستقرة بعد. إن استمرت بهذا الشكل، ستؤذي جسدك قبل أن تصل إلى أي نتيجة حقيقية."
شعرت ببرودة تتسلل إلى عمودي الفقري، لا من الخوف، بل من إدراك حجم ما أنا على وشك خوضه. التفت نحو مونو، عيني تلتقط نظراتها، وأحسست بحزمها وسلاستها في الوقت نفسه، وكأنها مزيج من معلمة صارمة وصديقة وفية.
"ما نوع هذا الختم؟" سألته وأنا أحاول أن أبدو واثقًا، لكن بداخلي شعور بالفضول والخوف معًا.
مونو نظرت إليّ بعينين نصف مبتسمتين، وقالت بهدوء: "إنه ختم توازن، يمنع الطاقة البرقية من الخروج عن السيطرة… لكنه لن يتحمل الاستفزاز المباشر."
قبل أن أكمل أي شيء، شعرت بطاقة تتصاعد داخل صدري، البرق يشتعل في يدي، ينتشر إلى ذراعي، إلى ساقي، وكل جزء من جسدي يصبح ناقلًا للطاقة البرقية. عيني اتسعتا بشكل مروع وأنا أحاول السيطرة، لكن كل إرادتي تبددت في ومضة من الكهرباء البيضاء الزرقاء، الصوت يتردد حولي مثل صاعقة تضرب الصمت.
"أكيهيكو!" صرخت مونو، صوتها يقطع الريح، لكنها لم تتحرك من مكانها، واقفة بثبات كأنها مركز هدوء داخل العاصفة.
نيرو أضافت ببرود ولكن بحذر: "سوف ينفجر إذا لم توقفه الآن، مونو."
وفي لحظة، شعرت بأن جسدي أصبح آلة كهربائية، كل خطوة لي تضرب الأرض بوميض، شعوري بالتحكم اختفى، حتى قلبي بدا وكأنه ينساب مع الطاقة البرقية بدلًا من أن يقوده. صرخات البرق المتدفقة من داخلي كانت تتردد كصوت المطر على الأسطح المعدنية، والهواء حولي متوهج بالشرر الأزرق، وأنا عاجز عن الحركة بوعي كامل.
مونو تقدمت خطوة واحدة، عينان حادتان، يديها ترتفعان ببطء. "هدوء… فقط هدوء." كلماتها لم تكن مجرد صوت، بل كانت مثل موجة تهدئ البحر المتلاطم داخلي.
ومجرد أن لمست الهواء أمامها، انفجرت قوة البرق حولي في دائرة هائلة من الضوء، ولكن بدلاً من الألم، شعرت بأن طاقتي تتجمع وتترك جسدي في نسق جديد، كما لو أن كل خيط من الكهرباء اتصل بها مباشرة، وقامت بتحويله، ببطء، إلى تدفق منظم، إلى هدوء مخيف، هدوء لم أشعر به من قبل.
تراجعت خطوة، وهبطت يديها، ونظرت إليّ، وعينيها تقولان كل شيء: لقد أوقفت كل انفجار داخلي، أعادت السيطرة إليّ، وأكدت لي أنني لم أعد وحيدًا أمام قوتي.
تنفس بعمق، جسدي لا يزال يرتعش قليلاً، لكن السيطرة عادت إليّ، وكنت أحس بطاقة البرق تنتظر الأمر مني مرة أخرى، ولكن هذه المرة، كانت تحت إرادتي. شعرت بالقوة والرهبة في آن واحد، وابتسمت مونو بخفة، وابتسامة لم تكن مجرد ابتسامة… بل إشعارًا بالاعتراف بقدرتي.
"أهذا… كل شيء؟" همست، صوتي لا يزال يرتجف، لكنه يحمل شيئًا من القوة المكتشفة حديثًا.
"نعم… كل شيء." ردت مونو بهدوء، "تذكر، التوازن ليس مجرد السيطرة على القوة… بل السيطرة على نفسك أثناء استخدامها."
نيرو اكتفت بملاحظة قصيرة، لا تزال برودها حاضرًا: "الآن أصبحنا نعرف حدودك الحقيقية… وستتدرب حتى تصل إلى ما يجب أن تكون عليه."
وقفت هناك، في وسط الساحة، أراقب البرق يتلاشى، أشعر بالدوار من القوة التي كنت أملكها، لكن شعور الغبطة يملأ قلبي… كنت أعلم أنني اليوم، للمرة الأولى، لم أخسر السيطرة أمام قوتي، وأن الموجة القادمة ستكون
أخطر، لكنها لن تفاجئني بعد اليوم.