أجلس على سريري في غرفتي، الضوء الخافت لمصباح المكتب الكهربائي ينير الرسالة بين يدي. منزلنا متوسط، حديث بما يكفي—جدران بيضاء، أثاث بسيط، وشاشة تلفاز صغيرة في الزاوية. الرسالة تبدو غريبة وسط هذا الواقع العادي، أوراقها الصفراء تحمل رائحة الحبر القديم وشيئًا آخر، شيئًا لا أستطيع تحديده.
الرمز المختوم في زاويتها يجذب عيني، والجوهرة الخضراء في عيني اليمنى تومض، كأنها تحذرني من شيء قادم. أشعر بحرارة خفيفة تنبعث منها، لكنني أتجاهلها وأركز على الكلمات: السيد ليو تشنغ يطلب حضورك في شنغهاي. الأمر يتعلق بكتاب شمس المعارف.أفكر في جدي ثيودور، في ما قالته نيرو عنه—أنه ربما لا يزال حيًا. هل هذه الرسالة مرتبطة به؟ أم بشيء أكبر؟ أصابعي تتحسس الورق، وأنا أحاول اتخاذ قرار.فجأة، يُفتح الباب بهدوء، وتظهر مونو. شعرها الأسود القصير يتأرجح قليلاً، وعيناها السودوان تلتقطان ضوء المصباح. أرمش، متفاجئًا.
مونو لا تدخل غرفتي هكذا عادةً، بدون سبب واضح."بليك، هل ما زلت مستيقظًا؟" صوتها هادئ، لكن فيه نبرة غريبة، كأنها مترددة."نعم، ما حاجتكِ؟" أرد، وأنا أضع الرسالة على الطاولة بجانبي."لا شيء، أردت فقط الجلوس معك قليلاً." تقولها وهي تقترب بخطوات خفيفة.قبل أن أرد، تقفز مونو على السرير وتستلقي بجانبي، تتوسد الوسادة نفسها التي أستند إليها. أتفاجأ، فمونو ليست من النوع الذي يحب الاقتراب من الآخرين. شعرها القصير يلامس كتفي، ورائحة خفيفة من الياسمين تملأ الهواء."ماذا تفعلين، مونو؟" أسأل، وأنا أحاول إخفاء ابتسامتي."لا شيء." ترد بنبرة هادئة، وهي تنظر إلى السقف.أتنهد، محاولًا فهم تصرفها. "لا بأس، لكن... أين نيرو؟""كانت هنا منذ قليل، لكنها ذهبت." تؤمئ مونو. "تلك الفتاة سريعة كالريح.""حقًا؟ بهذه السرعة؟" أقول بابتسامة، متخيلًا نيرو تتحول إلى عصفورها الأسود وتختفي."بليك." تناديني مونو بصوت هادئ، كأنها تتحدث إلى نفسها."نعم؟" أرد، وأنا أنظر إليها."ماذا ستفعل بشأن الرسالة؟" تسأل، وعيناها تلتقيان عيني للحظة."لا أدري، لم أقرر بعد." أجيب بصدق، وأنا أشعر بثقل القرار يضغط عليّ.
"أنصحك ألا تتسرع. قد يكون هؤلاء الأشخاص خطيرين." تقولها بنبرة جادة، لكن فيها قلق خفي."نعم، أعرف. لهذا أنا متردد." أرد، وأنا أفكر في الاحتمالات. "لكن... لو كنتِ في مكاني، ماذا كنتِ ستفعلين؟"تصمت مونو للحظة، ثم تقول: "لا أدري، أنا لست في مكانك في النهاية."نصمت لبضع ثوان، والغرفة هادئة إلا من صوت المكيف الخافت. أنظر إلى الرسالة مرة أخرى، ثم أقول: "حسنًا، أظن أنني سأذهب في النهاية. قد يعرف هؤلاء الأشخاص شيئًا عن شمس المعارف... أو جدي، أو حتى جدتي. لا يمكنني تفويت فرصة كهذه."فجأة، تقفز مونو من السرير بحركة سريعة، وتقف عند الباب. "إلى أين أنتِ ذاهبة؟" أسأل، وأنا أبتسم."سأعود إلى مكاني الخاص.
أتظن أنني سأنام بجانبك؟ مستحيل!" تقولها بنبرة حادة، لكنني أرى خجلاً خفيفًا في عينيها."أيتها الطفلة!" أقولها وأنا أضحك، وهي تخرج من الغرفة بسرعة. أستلقي على سريري، الرسالة لا تزال على الطاولة. قلبي ينبض بالترقب، لكنني أشعر بنوع من الأمل. غدًا، سأواجه ما ينتظرني. أغلق عيني، والجوهرة الخضراء تومض مرة أخيرة قبل أن أغرق في النوم.
الشمس تتسلل من خلال ستائر غرفتي، تضيء الجدران البيضاء والأثاث البسيط الذي اعتدت عليه. أستيقظ ببطء، أمسح عيني، وأتذكر أحداث الليلة الماضية. الرسالة لا تزال على الطاولة بجانبي، رمز التنين يبدو أقل تهديدًا في ضوء النهار. أشعر ببعض التوتر، لكنني أقرر أن أتحدث مع الآخرين قبل أي قرار. أرتدي ملابسي اليومية—قميصًا أسود وجينز—وأنزل إلى غرفة المعيشة.غرفة المعيشة حديثة ومريحة، مع أريكة رمادية كبيرة أمام التلفاز المسطح، وطاولة قهوة صغيرة مليئة ببعض الكتب والمجلات. نيرو تجلس هناك بالفعل، تقرأ كتابًا قديمًا، ومونو تقف عند النافذة، شعرها الأسود القصير يلمع تحت الشمس. أبتسم لها، تذكرًا زيارتها الغريبة أمس."صباح الخير،" أقول وأنا أدخل المطبخ لأعد القهوة. "هل نمتم جيدًا؟""صباح الخير،" ترد نيرو بهدوء، دون رفع عينيها عن الكتاب.
مونو تكتفي بإيماءة رأس، كأنها تفكر في شيء آخر.قبل أن أكمل، يرن جرس الباب. أفتحه لأجد دووك—أو بابادوك في هيئته المتنكرة كطالب وسيم—وأكيهيكو يقفان خارجًا. دووك يرتدي ملابس عادية، قميصًا أبيض وجاكيتًا أسود، وأكيهيكو يبدو متعبًا قليلاً، لكنه مبتسم."صباح الخير، بليك! جئنا لنرى ما الذي يجري مع تلك الرسالة،" يقول أكيهيكو وهو يدخل، يتبعه دووك الذي يغلق الباب خلفه."تعالوا، اجلسوا في غرفة المعيشة. لدي شيء أريد أن أخبركم به،" أرد، وأنا أحمل فنجان القهوة وأجلس على الأريكة. يجلس الجميع حول الطاولة: أنا في الوسط، مونو بجانبي، نيرو مقابلي، أكيهيكو إلى يميني، ودووك يتكئ على الحائط.أبدأ بشرح ما حدث. "أمس، بعد عودتي، اعطيتنا رجل مجهول رسالة.
كانت من رجل يدعى السيد ليو تشنغ في شنغهاي. يقول إن الأمر يتعلق بكتاب شمس المعارف، ويطلب مني الحضور إلى منزله هناك."أمرر الرسالة لدووك، الذي يقرأها بسرعة ثم يمررها لأكيهيكو. "هذا يبدو مشبوهًا جدًا، بليك،" يقول أكيهيكو، وهو يمسح شعره الأشقر. "من يعرف عن الكتاب غيرنا؟ ولماذا شنغهاي؟""لا أعرف،" أرد، وأنا أنظر إلى الجميع. " جدي ثيودور ربما كان مرتبطًا بأشخاص مثل هذا. قد يكون لديه معلومات عن ماضيه، أو عن الكتاب نفسه. الجوهرة في عيني تومضت بقوة عندما قرأت الرسالة، كأنها تشعر بشيء."
مونو تتحدث أولاً، صوتها هادئ لكن حازم: "إذا كان الأمر يتعلق بالكتاب، فهو خطير. لكن إذا كان يعرف عن جدك، قد يكون فرصة لنكتشف الحقيقة."نيرو تغلق كتابها وتقول: "أنا معكم. إذا ذهبتم، سأرافقكم. يمكنني المراقبة من بعيد، في هيئتي كعصفور إذا لزم الأمر."دووك يبتسم بطريقته الساخرة: "بالطبع سنذهب. لا يمكنني تفويت فرصة لمواجهة أسرار جديدة. وإلا، ما فائدة كل هذا التدريب؟"أكيهيكو يومئ برأسه: "أنا أيضًا. لن نتركك تواجه هذا وحدك، بليك. نحن فريق."نناقش الخطة قليلاً—كيف نصل إلى شنغهاي، ما إذا كنا نحتاج إلى إخبار أونيزوكا أو الآخرين في العصابة.
في النهاية، نصل إلى قرار جماعي: سنذهب كلنا إلى شنغهاي. مونو تقترح استخدام بوابتها السحرية للوصول بسرعة، ونيرو تؤكد أنها ستحضر بعض التعاويذ الدفاعية. أشعر بالحماس يغمرني—لأول مرة، أشعر أننا فريق كامل، جاهز لمواجهة ما ينتظرنا."حسنًا، إذن. غدًا نبدأ الرحلة،" أقول، وأنا أنظر إليهم جميعًا بابتسامة. الجميع يومئون، والغرفة تمتلئ بإحساس الوحدة والقوة. لكن في داخلي، أعرف أن هذا قد يكون بداية شيء أكبر منا جميعًا.
ننتهي من نقاشنا في غرفة المعيشة، والهواء يمتلئ بحماس غريب. الجميع يوافق على الذهاب إلى شنغهاي، وأنا أشعر بمزيج من الترقب والقلق. الجوهرة الخضراء في عيني تومض مرة أخرى، كأنها تؤكد أن هذا القرار سيغير كل شيء. "حسنًا، إذن. غدًا نبدأ الرحلة."يومئ الجميع، وابتساماتهم تعكس وحدتنا. لكن مونو تقاطع الصمت فجأة:
"لماذا ننتظر إلى الغد؟ يمكنني فتح بوابة مكانية الآن."أنظر إليها، متفاجئًا:
"الآن؟ ألا نحتاج إلى تحضير أو شيء من هذا القبيل؟"تبتسم مونو بثقة:
"تحضير؟ أنتم معي، هذا يكفي. أحضروا أغراضكم، وسنذهب."نيرو تغلق كتابها وتقول:
"أنا جاهزة. سأحضر بعض التعاويذ الدفاعية."بابادوك يضحك:
"أنا لا أحتاج شيئًا غير قبضتي. دعونا نذهب!"أكيهيكو يهز كتفيه:
"حسنًا، لن أكون الوحيد الذي يتأخر. أنا جاهز."أومئ برأسي، وأشعر بالحماس يتدفق في عروقي:
"إذن، هيا بنا."نقف في وسط غرفة المعيشة، ومونو تبدأ في رسم دائرة سحرية على الأرض بأصابعها. خطوط المانا الزرقاء تتوهج، تتشابك في أنماط معقدة، والهواء يصبح أثقل، مشحونًا بالطاقة. أرى نيرو تتحقق من تعويذتها، وبابادوك يقف بثقة، بينما أكيهيكو يمسك بمقبض سيفه، كأنه يتوقع مشكلة.
أمسك بكتاب شمس المعارف، أشعر بوزنه في يدي، وأتساءل عما ينتظرنا.مونو ترفع يديها، والبوابة تتشكل—دوامة من الضوء الأزرق والأبيض، تنبض كأنها قلب حي. صوتها واثق:
"الجميع، استعدوا. شنغهاي تنتظر."نقفز عبر البوابة، وفي لحظة، يختفي العالم من حولنا. أشعر باندفاع الهواء البارد، ثم نسمات دافئة تحمل رائحة المدينة—مزيج من الطعام المقلي، العطور، والدخان الخفيف. أفتح عيني لأجدنا في زقاق ضيق بين ناطحات السحاب، أضواء النيون تتلألأ في كل مكان، وأصوات السيارات والناس تملأ الهواء. شنغهاي تتحرك حولنا مثل كائن حي، نابض بالحياة والفوضى."واو، هذه شنغهاي؟" أقول، وأنا أنظر إلى الأبراج الزجاجية التي تعكس الشمس.أكيهيكو يدور حول نفسه، مندهشًا:
"هذا المكان مذهل! انظروا إلى تلك الأضواء!"بابادوك يضحك:
"يبدو أننا في فيلم أكشن. أين ذلك السيد ليو تشنغ؟"أتفقد الرسالة في يدي، وأقول:
"منزله لا يزال بعيدًا قليلاً، في ضواحي المدينة. لدينا بعض الوقت. لماذا لا نستمتع بشنغهاي أولاً؟"نيرو ترفع حاجبًا:
"تستمتع؟ أليس من الأفضل أن نذهب مباشرة؟"مونو تهز رأسها:
"بليك محق. إذا كنا سنواجه شيئًا خطيرًا، فلنأخذ لحظة للتنفس."أكيهيكو يبتسم:
"أنا موافق! دعونا نرى ما تقدمه هذه المدينة."نبدأ بالتجول في شوارع شنغهاي. المدينة مزيج رائع من القديم والحديث—معابد ذات أسقف منحنية تقف بجانب ناطحات سحاب متلألئة. نمر بسوق مزدحم، حيث تملأ رائحة الزلابية المطهوة على البخار والتوابل الهواء. بابادوك يتوقف عند عربة طعام ويشتري كومة من الزلابية، يقسمها معنا وهو يضحك."هذه أفضل زلابية في حياتي!" يقول بابادوك، وفمه ممتلئ.أكيهيكو يضحك:
"يا رجل، كيف تأكل كل هذا ولا تزال واقفًا؟"أرد وأنا أتذوق واحدة:
"لنكن صادقين، هذه تستحق كل المخاطر."نيرو تأخذ قضمة صغيرة، ثم تقول:
"ليس سيئًا. لكن لا تشتتوا انتباهكم كثيرًا."مونو، التي عادة تعشق الطعام، تأخذ واحدة بحذر وتقول:
"همم، لا بأس بها."نتابع التجول،
نمر بحديقة يو الجميلة، حيث البحيرات الصغيرة تعكس الأشجار القديمة، والجسور الحجرية تضيف سحرًا للمكان. أكيهيكو يلتقط صورًا بهاتفه، بينما بابادوك يحاول تقليد حركات البائعين في السوق، مما يجعلنا نضحك حتى تؤلمنا بطوننا. نيرو تبتسم بهدوء، وأرى مونو تتأمل المكان، كأنها تبحث عن شيء في الظلال.في لحظة، نجد أنفسنا على ضفاف نهر هوانغبو، حيث الأضواء الملونة لبرج اللؤلؤة الشرقية تتلألأ في الماء. أشعر بالهدوء يغمرني، لكن الجوهرة في عيني تومض مرة أخرى.
بينما نمشي، نلاحظ لافتة تشير إلى متحف شنغهاي القريب. أكيهيكو يشير إليها بحماس:
"متحف؟ هيا، لنرى ما بداخله!"أومئ:
"لم لا؟ قد نجد شيئًا مثيرًا."نيرو تتردد:
"هل لدينا وقت لهذا؟"مونو تقول:
"إنه قريب. لن يضر."بابادوك يضحك:
"ربما نجد تعويذة قديمة هناك!"ندخل المتحف، والهواء بداخله بارد وهادئ، يتناقض مع صخب المدينة. الجدران مليئة بالتحف—سيوف قديمة، تماثيل برونزية، ولوحات تروي قصصًا من الماضي. نمشي ببطء، نتبادل النظرات والتعليقات الخفيفة، حتى نتوقف أمام لوحة ضخمة في قاعة التاريخ. تصور اللوحة إمبراطورًا صينيًا يقف على عرش مزين بتنانين ذهبية، محاطًا بمحاربين يحملون رماحًا متوهجة. خلفه، ظل غامض يشبه رمز التنين على الرسالة.أشعر بالجوهرة في عيني تنبض بقوة، وأقول:
"انظروا إلى هذه اللوحة. هذا الرمز... يشبه الذي على الرسالة."مونو تقترب، عيناها تضيئان:
"هذه ليست مجرد لوحة. إنها عن إمبراطورية قديمة، كانت تحمي أسرارًا سحرية."نيرو تضيف:
"قد يكون هذا مرتبطًا بليو تشنغ. أو بكتابك."بابادوك يميل برأسه:
"إذن، هذا الرجل ليس مجرد غريب؟ ربما هو من نسل هؤلاء الأباطرة!"أكيهيكو يبتسم:
"مهما كان، هذا يجعل الأمور أكثر إثارة."
أنظر إلى اللوحة، وشعور غريب يتملكني. الجوهرة تنبض بقوة، كأنها تدعوني لفعل شيء. أفكر في تعويذة "اللمس الحاسي"—لقد استخدمتها من قبل لاستكشاف ذكريات الأشياء، وربما تعطيني إجابات عن اللوحة. إذا كانت مرتبطة بالرسالة، فقد تكون مفتاحًا لفهم ليو تشنغ أو حتى ماضي جدي.أنظر حولي. أكيهيكو وبابادوك يتناقشان عن تفاصيل الدروع في اللوحة، ونيرو تقرأ لوحة إرشادية قريبة، بينما مونو تتجول بين التحف الأخرى. هذه فرصتي. أقترب من اللوحة، أتظاهر بأنني أتفحصها عن قرب، ثم أضع يدي على إطارها الخشبي القديم. أغمض عيني، وأهمس بكلمات التعويذة:
"اللمس الحاسي، كشف الماضي."الجوهرة تسخن، والعالم من حولي يتلاشى. أشعر بدوامة تسحبني إلى الداخل، وفجأة،
أنا لست في المتحف بعد الآن.أقف في قلب مدينة قديمة، محاطًا بجدران حجرية ضخمة وحشود من الناس يرتدون ملابس من العصر القديم. أدرك أنني أرى ماضي إمبراطورية تشين، منذ أكثر من ألفي عام. الإمبراطور—تشين شي هوانغ، أول إمبراطور للصين الموحدة—يقف في قاعة عرش مهيبة، محاطًا بمستشارين يرتدون أردية حريرية. وجهه صلب، عيناه حادتان كالصقر، يحمل هالة من السلطة المطلقة. جيشه الهائل يصطف في الخارج، آلاف المحاربين يرتدون دروعًا جلدية ويحملون رماحًا برونزية، رايات التنين ترفرف فوق صفوفهم.أرى تشين شي هوانغ يقود شعبه بيد من حديد. يأمر ببناء سور الصين العظيم، عمال يعملون تحت الشمس الحارقة، يحملون الحجارة بجهد هائل. المشاهد تتغير بسرعة—أرى توحيد الممالك المتحاربة، معارك ضارية حيث الجنود يقاتلون بشراسة، الدماء تسيل على السهول.
الإمبراطور يتفقد الجيوش بنفسه، يخطط بحكمة، ويوحد الصين تحت حكمه. لكنه مهووس بالخلود، يرسل مبعوثين للبحث عن إكسير الحياة، ويستشير الكهنة والعلماء.المشهد يتحول إلى قصر مظلم، حيث يجلس تشين شي هوانغ وحيدًا، يبدو أكبر سنًا وأضعف. مستشاروه يحيطون به، لكن هناك توتر في الهواء. أرى خيانة تُحاك في الظلال—مستشار يهمس لآخرين، يخططون لتسميمه. في إحدى الليالي، يُقدم له كأس نبيذ مسموم. يشرب منه، وسرعان ما يسقط، جسده يرتجف. لكنه، حتى في لحظاته الأخيرة، يهمس بكلمات واثقة:
"سأعود يومًا ما. إرادتي لن تموت."المشهد ينتقل إلى جنازة سرية. مجموعة صغيرة من المحاربين المخلصين والكهنة تحمل جثمان الإمبراطور عبر ممر جبلي مخفي، بعيدًا عن أعين العالم. يضعونه في قبر سري محفور في كهف تحت جبل لي، محاط بحجارة منحوتة برموز التنين. الكهف محمي بآليات معقدة—أبواب حجرية ومصائد لصد الغزاة. أحد الكهنة، رجل عجوز بعيون حزينة، يقول:
"هنا يرقد الإمبراطور، في انتظار عودته. لا أحد يجب أن يكتشف هذا المكان."السنوات تمر، والقبر يبقى مدفونًا في الظلال. قرون من الصمت تغطيه، والكهف يصبح أسطورة بين القليلين الذين يعرفون. أرى المكان مهجورًا، مغطى بالغبار، لكن القبر لا يزال سليمًا، لم يمسه أحد. أشعر بالجوهرة في عيني تنبض، كأنها تربطني بهذا التاريخ. هل ليو تشنغ يعرف عن هذا القبر؟ هل هذا مرتبط بالرسالة؟فجأة، أشعر بيد على كتفي، وأعود إلى المتحف. أكيهيكو ينظر إليّ بقلق:
"بليك، هل أنت بخير؟ كنت واقفًا هنا مثل تمثال!"أرمش، أحاول استعادة أنفاسي:
"أنا... بخير. رأيت شيئًا."مونو تقترب بسرعة:
"ماذا فعلت؟ استخدمت اللمس الحاسي، أليس كذلك؟"أومئ:
"نعم. هذه اللوحة... إنها عن تشين شي هوانغ، أول إمبراطور للصين. رأيت حياته، جيشه، خيانته. مات ووضعوه في قبر سري تحت جبل، ينتظرون عودته. لم يكتشفه أحد بعد."نيرو تنظر إليّ بحدة:
"قبر سري؟ هل تعتقد أن ليو تشنغ يعرف عنه؟"بابادوك يبتسم:
"قبر إمبراطور؟ هذا يصبح أكثر إثارة!"أكيهيكو يضيف:
"يبدو أننا على وشك اكتشاف شيء كبير."أنظر إلى اللوحة مرة أخيرة، والجوهرة تنبض بقوة:
"حان الوقت لنذهب إلى منزل ليو تشنغ. إذا كان يعرف عن هذا القبر، فقد يكون لديه إجابات."
الجميع يومئون، ونغادر المتحف، خطواتنا مليئة بالتصميم. اللوحة لا تزال محفورة في ذهني، كأنها تحذرني من شيء أكبر. أمسك بالرسالة في جيبي، وأعلم أن الطريق إلى ليو تشنغ هو بداية الحقيقة.