لم يكن الفجر الذي بزغ فوق شنغهاي فجراً عادياً؛ لقد كان فجراً مُلوثاً بظل كثيف وزغردة دمية شريرة.
وقفت الدمية "سلابي" على قمة سيارة مترو مهجورة، بدلة التوكسيدو الصغيرة تتهدل على جسده الخشبي النحيل، بينما كانت عيناه الخرزيتان تلمعان بمتعة سادية. كانت يداه الصغيرتان تلوحان في الهواء كقائد أوركسترا، يقود سيمفونية الفوضى.
وبأمر منه، انطلقت وحوش "مكتبة الرعب" نحو إحدى الضواحي الهادئة.
كانت الضاحية في البداية واحة من المنازل المتراصة، نوافذها تعكس الشمس الخجولة. لكن هذا الهدوء تحطم على وقع خطوات كيانات لا تنتمي لهذا العالم.
اجتاحت الكيانات الأولى الشوارع. كانت مقدمة الجيش عبارة عن عفاريت حبرية (Ink Goblins)، صغيرة، عدوانية، وبشرتها سوداء لامعة. كانت تتدحرج ككرات من القطران، ثم تقفز لتغطي الأبواب والنوافذ بالحبر الأسود اللزج، معصرةً صرخات الرعب الداخلية. تبعتها كائنات أكثر فتكاً؛ ذئاب ضخمة ذات فراء من الزجاج المكسور، ركضت بسرعة مذهلة، وكل خطوة لها كانت تترك خلفها شظايا حادة في الأسفلت.
لكن الرعب الحقيقي كان يتمثل في المنشار البشري (The Human Saw)؛ مسخ عملاق يمتلك هيكل عظمي بشري مُغلّف بصفائح فولاذية صدئة، وكانت ذراعاه عبارة عن شفرات منشار ضخمة تدور بعنف. كان المنشار البشري يتقدم نحو أول كتلة سكنية، وصوت دوران شفراته كان أشبه بزئير المعدن الذي يمزق الصمت. ومع أول اصطدام، تهاوت واجهة المبنى الخرسانية كقطعة كرتون، لتسقط أنقاضها فوق الذئاب الزجاجية، التي تجددت وتسلقت الأنقاض ببطء.
كان سلابي يستمتع. التفت نحو الدمية التي كانت تراقب المشهد من نافذة في الطابق الثاني لمبنى مهجور. كانت دمية بملامح طفولية خالية من العواطف.
> سلابي: "يا لها من مُتعة! الدمار، الرعب... والانتقام من (أبي) فيرتشايلد! لا يوجد شيء يضاهي الحرية، صحيح يا فتاة؟"
>
لم ترد الدمية، لكن سلابي لم يهتم. كان تركيزه على إشعال الفوضى. رفع يديه مجدداً، وأطلق إشارة لإحدى الوحوش الطائرة، العقبان الحبرية (Ink Eagles)، لتبدأ هجومها الجوي.
بعيداً عن جحيم الضاحية، في أعماق مخبأ ليو تشنغ تحت الهضبة، كان الهدوء يسود غرفة المراقبة الفارهة. ثمانية مليارديرات كانوا مُحاصرين، يتابعون الكارثة على شاشات ضخمة تنقل بثاً حياً من كاميرات الأمن الخاصة بهم المنتشرة في المدينة.
كان المشهد على الشاشات - الأبنية المُحطمة، الـ"منشار البشري" يمزق الخرسانة، والناس يصرخون - يُعرض بصمت، كفيلم رعب صامت.
كانت سيليا هارت، سيدة التكنولوجيا الفائقة، تقف بعيدة عن الجميع، يداها ترتجفان، لا خوفاً، بل غضباً. كانت ترتدي بدلة عمل رمادية أنيقة، لكن شعرها الشقر كان فوضوياً، ووجهها الجميل مشوه بحدة الغيظ. كانت تتنفس بصعوبة، تُحاول استيعاب الخسارة.
> سيليا (بصوت منخفض يرتجف): "إنها... كُتبي. كلها."
>
اقترب منها ليو تشنغ ببطء بكرسيه المتحرك. كان هادئاً، يراقب وحشية "المنشار البشري".
> ليو تشنغ: "سيليا، يجب أن تتقبلي أن هذه الفوضى هي نتاج جشعنا. لقد كان فيرتشايلد مجنوناً، وكُتبه كانت قنابل موقوتة. والآن سلابي يمتلك المفتاح."
>
انفجرت سيليا كالنار.
> سيليا: "تقبل!؟ لا يوجد شيء اسمه تقبل يا ليو! هذه الكُتب كانت مُلكي! أنا التي اكتشفتها، أنا التي دفعت ثمن حبس فيرتشايلد، أنا التي كنت أخطط لاستخدام تلك القوة لتحويل شركتي إلى إمبراطورية أدوية لا تُقهر! والآن... مجرد دمية قذرة تحرقها في الشوارع!"
>
دفعت سيليا طاولة زجاجية صغيرة بقدمها بعنف، فتحطمت إلى آلاف الشظايا.
> سيليا (بصوت صارخ): "هل تفهم حجم الخسارة؟ لقد كنا سنبيع الخلود، ليصبح في متناولنا، ونصبح الآلهة الحقيقية! والآن؟ الآن لدينا زومبي، وعفاريت، ووحش غامض يتحول إلى كتلة عضلات خضراء، وكل هذا بسبب طفل غبي يُدعى بليك إيثر ورفاقه!"
>
نظر إليها فيكتور راموس، رجل العقارات الضخم، ببرود.
> فيكتور: "سيليا، هدئي من روعك. طالما أننا نملك الستاندز الستة، والمدينة معزولة، يمكننا السيطرة على الوضع. الأولوية الآن هي كتاب شمس المعارف. إنه مفتاح تشين شي هوانغ الحقيقي. إذا حصلنا عليه، يمكننا ختم كل هذه الفوضى وإعادة ترتيب الأمور."
>
لكن سيليا لم تستمع. تحركت نحو إحدى الشاشات، ووضعت يدها على صورة سلابي، وكأنها تريد خنقه عبر الزجاج.
> سيليا (بهمس حاقد): "لا! الأولوية هي سلابي. يجب إعادته إلى الكتاب. لكن قبل ذلك... سأجعل تلك الدمية تتعفن ببطء لِما فعلته بـ 'مُلك سيليا هارت'. أين كاكيوين؟ هل قبض على ذلك الوغد بليك بعد سقوطه من الهضبة؟"
>
تدخل ليليان وونغ (أدوية)، بهدوء شديد وابتسامة باردة.
> ليليان وونغ: "كاكيوين يواصل البحث. لكن الفوضى الجوية الناجمة عن الانفجار الجوي في الأعلى أربكت هيروفانت جرين. أرسلنا الستاندز الخمسة الباقين لمسح المدينة والقبض على بليك أو أي شخص يمكنه قيادتنا إليه."
>
عادت سيليا إلى ليو تشنغ، عيناها تلتمعان بقرار قاطع.
> سيليا: "اسمعوني جميعاً. انسوا الخلود مؤقتاً. هدفنا الآن هو بليك إيثر. إنه الخيط الوحيد الذي يربط بين كتاب شمس المعارف وهذه الفوضى. يجب أن يُقبض عليه حياً. يجب أن نجعله يُعيد وحوش فيرتشايلد إلى كتبها، ثم نأخذ كتابه... ونحرقه!"
>
أومأ ليو تشنغ برأسه ببطء، في إشارة إلى أن الخطة مقبولة. كانت الكارثة التي خلقها سلابي قد وحدت المليارديرات في هدف جديد: تدمير بليك إيثر.
بانتقال التركيز إلى الشاشات، حيث يظهر المنشار البشري وهو يقطع عمود إنارة، وسلابي يضحك ضحكة قبيحة، بينما يستعد الستاندز للانطلاق عبر المدينة المشتعلة للبحث عن بليك
انقطع صمت غرفة المراقبة بدخول سريع ومُفاجئ لأحد مساعدي ليو تشنغ، كان رجلاً نحيفاً يرتدي زياً أسود بالكامل، وجهه شاحب من الركض والذعر.
> المساعد (يلتقط أنفاسه بصعوبة): "سيدي ليو! سادتي... لدينا تطورات خطيرة لم يتم رصدها على الشاشات الخارجية بعد!"
>
رفع ليو تشنغ يده الهادئة ليصمت الجميع، وكانت عيناه المثبتتان على المساعد تخفيان قلقاً خفياً.
> ليو تشنغ: "تحدث فوراً، ما الذي فاتنا في هذه الفوضى؟"
>
> المساعد: "تمكن فيرتشايلد، الروائي، من الفرار من زنزانته في الطابق السفلي. وتمكنت معه أيضاً الأميرة المعتقلة... إليزابيث."
>
تجمدت ليليان وونغ، التي كانت تقف بالقرب من ليو تشنغ، في مكانها. كانت هي المسؤولة عن أبحاث فيرتشايلد.
> ليليان وونغ (بصدمة باردة): "كيف؟ أقفال المانا لا يمكن أن تُكسر بهذه السهولة! ربما هو بليك، أو ربما... الدمية سلابي هو من أخرجه لينشر المزيد من الفوضى!"
>
> ليو تشنغ (يضغط على زر في كرسيه المتحرك): "ليليان، استخدمي جميع وسائل المراقبة الداخلية للعثور على فيرتشايلد. إنه المفتاح لإعادة كل تلك القذارة الحبرية إلى كتبها. وإليزابيث... يجب أن تبقى بعيدة عن أي اتصال."
>
> المساعد: "الخبر الثاني... تم تدمير مختبر Umbrella للأبحاث البيولوجية بالكامل في الأقبية السفلية للمخبأ."
>
اهتز كرسي ليو تشنغ المتحرك بعنف. هذا المختبر لم يكن مجرد مكان أبحاث؛ كان استثماره السري والمفتاح لبرنامج الخلايا المُعدلة الذي يموله.
> ليو تشنغ (صوته أصبح حاداً ومجلجلاً بالرغم من ضعفه الجسدي): "ماذا؟ دُمر؟ هل تقصد الأضرار السطحية أم... البنية التحتية؟"
>
> المساعد: "بنية تحتية كاملة، سيدي. الانفجار كان هائلاً. يُشتبه في أن يكون انفجار وقود هوائي ناتج عن تحطيم خزانات الميثان. الأضرار وصلت إلى مستوى الصفر. جميع العينات... وكل العمل الذي استمر لسنوات... انتهى."
>
ليو تشنغ لم يصرخ، لكن عيناه الضيقتان احتقنتا باللون الأحمر الغامق. التقط نظارته السوداء من على الطاولة وكسرها بين أصابعه في هدوء مخيف.
> ليو تشنغ: "إذن، أكيهيكو ورفيقه المتهور... لقد فعلوا شيئاً لا يُغتفر. إذا كان هذا الانفجار بسببهم، فليست الخسارة في المال فقط. سأجعل بليك إيثر يدفع ثمن كل قطرة وقود وكل خلية بيولوجية في هذا المختبر."
>
> المساعد: "الأسوأ من ذلك، سيدي، أن الانفجار أدى إلى تحرير جميع العينات. لقد تحررت النماذج الأولية الحية التي كنا نحتفظ بها. هناك الآن عدداً هائلاً من... الموتى الأحياء يتجولون في الأنفاق والأقبية الداخلية."
>
اندلعت موجة من الاشمئزاز والهلع الخفيف بين المليارديرات. فيكتور راموس، رجل العقارات، وضع يده على فمه بصدمة.
> فيكتور راموس: "الزومبي! أنتم حمقى! لقد أخبرتكم مراراً أن تلك التجارب غير قابلة للسيطرة! لقد حولتم مخبأنا النووي إلى مزرعة للأموات الأحياء؟"
>
> زارا خان (ملكة الأزياء، بوجه مشدوه): "هل تقصدون أن علينا الآن القتال ليس فقط ضد العفاريت السحرية في الخارج، بل أيضاً ضد جحافل من الجثث المتحركة التي تلتهم البشرية في الداخل؟"
>
> ليو تشنغ: "اهدأوا. هذه الفوضى ستظل تحت السيطرة طالما بقينا هنا. لكن هذا يؤكد أن علينا القضاء على جميع من اخترقوا المخبأ: بليك، أكيهيكو، وبابادوك. وإلا فسنواجه طوفاناً بيولوجياً يهدد بالانتشار خارج الهضبة."
>
تغير المشهد على الشاشة الرئيسية التي كانت تتابع الفوضى في الضاحية. الآن، التقطت كاميرات المراقبة المتبقية في الساحة الرئيسية للمدينة مشهداً آخر أكثر غرابة.
> المساعد: "سيدي، يبدو أن وحشاً آخر من كتب فيرتشايلد، وهو فرس النبي العملاق، شن هجوماً على الساحة الرئيسية. لكن الغريب... شخص ما واجهه."
>
ظهرت صورة ضبابية على الشاشة: سرعوف عملاق بجسم من الحبر الأسود يقفز نحو مبنى شاهق، وفي الأسفل، يقف رجل بملامح آسيوية عادية، لكن جلده يتحول إلى لون أخضر قاتم وتتضخم عضلاته بشكل لا يمكن تصديقه.
توقفت حركة المليارديرات. كانت الصدمة مرسومة على وجوههم، صدمة ممزوجة بالاعتراف.
> المساعد: "لقد أطلق على نفسه اسم 'هالك'، ويبدو أن قوته تفوق قوة فرس النبي العملاق بمراحل."
>
نظر إليهم ليو تشنغ، عيناه تلمعان بلمحة من النشوة المريضة التي تغلبت على غضبه السابق.
> ليو تشنغ (بصوت منخفض، كأنه يهمس بسر عظيم): "إذن... لقد وجدناه أخيراً."
>
> إيثان كروز (رجل الطاقة، في حيرة): "من هذا؟ ما هذا الكائن؟"
>
> ليو تشنغ: "هذا ليس كائناً عادياً. هذا هو الرجل الأخضر المُختفي، موضوع أبحاث دولية سرية استمرت لعقود. القوة العضلية المطلقة. كان يُعتقد أنه خرافة، أو ربما في الولايات المتحدة، لكنه كان مختبئاً هنا طوال الوقت."
>
نظر ليو تشنغ إلى ديفيد أوكوي (رجل النقل) بنبرة أمر لا يقبل النقاش.
> ليو تشنغ: "أوكوي، أريدك أن تتصل بالجهات الأمريكية التي نتعامل معها في السر. أبلغهم بهويتنا وبأننا نعرف مكانه. نحن الآن في وضع يسمح لنا بالمساومة على أعلى المستويات. قل لهم: لقد عثرنا على 'هالك'، وسنسلمه مقابل دعم عسكري ولوجستي كامل للسيطرة على هذه المدينة، والقبض على بليك إيثر."
>
> ليو تشنغ (بابتسامة باردة): "ممتاز. هذا الطفل الغبي لم يجلب لنا سوى المشاكل، لكنه جلب لنا أيضاً أكبر جائزة بيولوجية على الكوكب. حان الوقت لكي نلعب في الدوري الكبير."
>
ديفيد أوكوي وهو يخرج سريعاً لإجراء الاتصالات، بينما المليارديرات الباقون يتابعون بفزع وإعجاب قتال هالك العنيف على الشاشة.
[منظور بابادوك]
الصدى المعدني لانفجار المختبر كان لا يزال يرتد في أذني، مخلفاً وراءه رائحة الميثان المحترق وغبار الخرسانة. كانت الأقبية السفلية لمنشأة ليو تشنغ قد تحولت إلى متاهة من الأنقاض والحديد الملتوي. وسط هذا الدمار، كنت أجد نفسي. فيرتشايلد، الروائي العجوز، كان يلهث بصعوبة بجانبي، وإليزابيث، الفتاة الشاحبة، بين ذراعي، عيناها مغمضتان من الصدمة أو الإعياء. كنا ننزلق بين الحطام، نبحث عن مخرج، أو بالأحرى، عن "آلة فيرتشايلد للكتابة".
توقفت فجأة، يدي ترتفع في الهواء لتُوقف فيرتشايلد. حواسي التي صقلها التدريب القاسي مع نيرو همست لي بوجود خطر. كان الهواء ثقيلاً، لزجاً، يحمل رائحة غريبة كأنها مزيج من الأوحال والدم الطازج. خلف كتلة خرسانية ضخمة، سمعت همساً. لم يكن همس بشر، بل صوت حفيف ناعم، كأنما حرير يتلوى على صخور.
> بابادوك (بصوت خفيض): "ابقَ هنا، فيرتشايلد. لا تتحرك. هذا ليس زومبياً."
>
لم أكن قد انتهيت من كلماتي حتى انقض الخطر.
المشهد: بابادوك والعملاق اللزج
انفجر الركام الأسمنتي من خلف الكتلة الضخمة. لم يكن زومبياً يتهاوى، بل كان رأساً ضخماً، بلون أخضر داكن يميل إلى الزيتوني، لامعاً ببريق لزج. كان الفم العملاق ينفتح ليُظهر صفوفاً من الأسنان الحادة كالشفرات، والعينان الصفراوان تلمعان كجمر مشتعل في ليل الظلام. كان ثعباناً، لكنه ليس ثعباناً عادياً. حجمه يماثل جذع شجرة ضخمة، وطوله يمتد في الظلام بلا نهاية واضحة.
كانت الأناكوندا العملاقة، إحدى تجارب Umbrella التي تحررت من المختبرات المدمرة، قد وجدت طريقها إلى هذا الجزء من الأقبية.
لم أمنحها فرصة. في ثانية واحدة، كنت قد سحبت مظلتي الشهيرة. لم تعد مجرد مظلة؛ أصبحت عصاً قوية من المعدن، رأسها المدبب يلمع بوميض أزرق خفيف من سحر البرق الذي تدربت عليه مع أكيهيكو. رميت إليزابيث برفق نحو فيرتشايلد، الذي أمسكها بوهن، ثم انطلقت نحو الأفعى.
كان الثعبان سريعاً بشكل لا يُصدق بالنسبة لحجمه. جسده الملتف كان أشبه بكتلة عضلية متصلبة. ومع أول هجوم، اندفع نحوي، فاتحاً فمه لإطباقي. لكنني كنت أسرع. باستخدام أسلوب "تنفس البرق: وميض الظل"، تحركت في مسار متعرج، بالكاد أتجنب فكه الذي انطبق بقوة على الهواء الذي كنت فيه. صوت انطباق الفكين كان كصوت محرك معدني ضخم يتهشم.
> بابادوك (بسخرية): "أسرع من هذا، أيها الزلزال المتحرك! هذه ليست حفلة شاي!"
>
زمجر الثعبان العملاق، ورفع رأسه عالياً قبل أن يهوي به بقوة نحو الأرض التي كنت أقف عليها. كانت ضربة سحقية. قفزت في اللحظة الأخيرة، وسمعت صوت تصدع البلاط تحت وطأة رأس الأفعى. استغليت اللحظة، وهبطت على رأسه.
كان جلده سميكاً ولزجاً، لكن مظلتي، المشحونة بالبرق، كانت قادرة على اختراقه. دفعت رأس المظلة بعنف في نقطة خلف عينه الصفراء مباشرةً. صرخة مدوية اخترقت الأقبية. لم تكن صرخة ألم فحسب، بل صرخة غضب وغريزة دفاع عن النفس.
تلوى جسد الأفعى بالكامل، كحبل عملاق. اندفعت موجة صدمة عبر جسدي، شعرت وكأنني أركب على متن زلزال. كادت أطيح، لكنني تمسكت بجلده اللزج. دفعني الثعبان بقوة نحو جدار من الصلب الملتوي. لكنني لم أستسلم.
> بابادوك: "لنتذوق قليلاً من البرق، أيها الوحش!"
>
جمعت كل طاقة البرق التي تدربت عليها في مظلتي، وأطلقتها في النقطة التي طعنتها. وميض أزرق ساطع انفجر، وصرخة الثعبان تضاعفت، ثم تلاشى بريق عينيه الصفراوين.
ترنحت الأفعى، وبدأ جسدها العملاق يرتخي ببطء، يسقط نحو الأرض كجبل من العضلات. ومع السقوط، انهار جزء آخر من السقف، ليُضيف إلى الفوضى. قفزت من على رأسها قبل أن تسقط بالكامل، ووقفت ألهث، أعدل قبعتي الصغيرة السوداء.
> بابادوك (لنفسي): "هذا مجرد إحماء. أتمنى أن أجد شيئاً أقوى قليلاً قادمًا."
>
كانت الأرضية الآن مغطاة بكتلة خضراء داكنة من لحم الأفعى الميتة، تفوح منها رائحة كريهة. نظرت نحو فيرتشايلد، الذي كان يحدق بي بعينين واسعتين، وإليزابيث بين ذراعيه.
> فيرتشايلد (بصوت يرتجف): "كيف... كيف فعلت ذلك؟ هذا... هذا لم يكن وحشاً عادياً."
>
> بابادوك (ببرود): "لا وقت للحديث، أيها الروائي. علينا أن نتحرك قبل أن يأتي المزيد من "أصدقاء" هذه الأناكوندا. أين هي آلتك اللعينة؟"
>
أشار فيرتشايلد إلى فتحة ضيقة بالكاد مرئية خلف الأنقاض. كانت تبدو وكأنها طريق إلى الأعمق، إلى قلب الدمار