96 - العنكبوت و النبات الطفيلي

كان الظلام في الأسفل كثيفًا لدرجة أنه لم يكن مجرد غياب للضوء، بل كان شيئًا ماديًا يضغط على رئتي، كأنني أغوص في حوض سباحة مليء بالحبر الأسود.

النزول عبر فتحة الصيانة كان عملية مهينة لكرامتي، أنا، بابادوك، سيد الفوضى والنوم القسري. حملت إليزابيث على ظهري، وهي تئن بخفوت من جراحها، فيما فيرتشايلد، الروائي بائس الحظ، يتزحلق خلفي كظل جبان يرتدي نظارات.

"انظر حولك يا بابادوك!" همس فيرتشايلد، صوته يرتجف مثل ورقة جافة. "هذا هو مصنع الكابوس! هنا، صنعت سيليا هارت وحوشها الحقيقية! لا تقترب من السائل الأخضر! إنه... متقلب!"

"سائل أخضر؟" سخرت، وركلت بقدمي شيئاً صلباً. "ما يهمني هو آلة كتابتك السحرية، أيها العجوز. أنا هنا لإصلاح الفوضى التي أطلقتها بدميتك الساخرة، ليس لإنقاذ مختبرات علم الأحياء الفاسدة."

وصلنا إلى أرضية الطابق التالي. كان أسوأ مما توقعنا.

لم يكن "تدميراً"، بل كان أشبه بأن وحشاً عملاقاً تناول المكان ثم بصقه. الأسقف المعدنية تحولت إلى قشور ممزقة، وعوارض الصلب انحنت كأعواد الكبريت المبللة. الزجاج المهشم يلمع على الأرض كأنهار من الألماس الأسود. لقد تحولت المنطقة إلى ما يشبه كهف صناعي، حيث تنمو الفطريات الغريبة على المعدن المتآكل. ورائحة المكان كانت مزيجاً فظيعاً من الغازات الكيميائية، والدم الجاف، وشيء حلو وقذر يذكرني ببيضة متعفنة.

"آلة الكتابة في القبة السفلية... يجب أن نسرع!" صرخ فيرتشايلد، وهرول للأمام نحو ممر ضيق بالكاد يسع رجلاً ضخماً مثلي.

أغمضت عيني للحظة، وحولت تركيزي إلى تنفس الرياح، ليس لأقاتل، بل لأشعر. كانت الرياح هنا ثقيلة ومحملة بأكثر من مجرد غبار. كانت تحمل توقيعاً بيولوجياً متوحشاً.

"قف يا فيرتشايلد!" زمجرت، لكن الأوان كان قد فات.

سمعنا صوت "كلاك! كلاك! كلاك!"، صوت حاد كطرق المطرقة على الرخام. كان الصوت يأتي من الظلال العميقة في الجانب الأيمن، حيث كانت تقبع بقايا مختبر تحليل جيني.

في تلك اللحظة، تحول الظلام إلى كابوس.

من بين أنابيب التهوية المحطمة والأسلاك المتدلية، انسل كيان ضخم. لم يكن زومبياً بطيئاً، بل كان آلة قتل بيولوجية سريعة ومُغطاة بالفرو الكثيف والعيون الحمراء المضيئة.

إنه عنكبوت. ليس عنكبوتاً عادياً، بل شيء خرج من أسوأ كوابيس فيرتشايلد. كان حجمه يماثل شاحنة صغيرة، وأرجله الثمانية كانت مثل مناجل من العظم، مغطاة بأشواك سوداء لزجة. كانت كل حركة له تصدر صوتاً قذراً كمضغ العظام.

"هذا ليس من كتبي!" صرخ فيرتشايلد وهو يرتد إلى الخلف ويتعثر في كومة من الأنقاض. "هذا... هذا ملك تجاربهم البيولوجية! كانوا يحاولون خلق آلة حراسة مثالية!"

العنكبوت، بصرخة تشبه هسهسة الغاز المتسرب، ركل الأرض بقوة، وأطلق علينا دفقة كثيفة من خيوط شبكة شفافة لاصقة، تلمع تحت بصيص الأضواء المتكسرة.

"آه، يا لك من مشكلة لزجة!" تذمرت.

لم يكن لدي وقت لإلقاء تعويذة معقدة. أسقطت إليزابيث برفق خلف حائط فولاذي منهار (واستمددت منها قوة خفية عبر تعويذة دعم خفيفة لتهدئة جروحها). ثم سحبت مظلة الأباتشي خاصتي من خلف ظهري.

"هيا، أيها المخلوق ذو الأرجل الكثيرة!"

القتال: بابادوك ضد شبكة الحياة البيولوجية

كان القتال مسرحية سريعة من الحركة المذهلة والتقنيات القذرة.

العنكبوت كان سريعًا بشكل لا يصدق. أرجله كانت تخترق الفولاذ كأنه عجين، وكانت خيوطه اللزجة تهدد بحبسي. لكنني كنت أسرع. أنا بابادوك، سيد الحركة المفاجئة.

* المناورة الأولى: استمددت قوة تنفس البرق: ضربة الوميض التي تعلمتها من أكيهيكو. لم أستخدم البرق، بل استخدمت السرعة الخارقة. اختفيت وظهرت خلف العنكبوت قبل أن تلامس شبكته الأرض.

* أثر: العنكبوت انطلق بخطأ نحو المكان الذي كنت فيه، فالتصقت شبكته في عارضة فولاذية، مما أعطاني فرصة ثانية.

* هجوم المظلة: أدرت مظلتي كشفرة مروحة سريعة وبدأت في تقطيع خيوط الشبكة التي كانت تحاول الإمساك بي. ثم وجهت المظلة نحو إحدى أرجل العنكبوت الأمامية.

* أثر: الرِجل لم تُقطع. لقد كانت مُدرعة بيولوجياً. كل ما حدث هو أنها أطلقت سائلاً لزجاً له رائحة الأمونيا، مما أفسد معطفي الرمادي الجديد.

* غضب القوة: غضبت. "لا أحد يفسد معطفي الجديد أيها القذر!"

* رميت مظلتي في الهواء واستخدمت قوة سحرية خالصة. وجهت كف يدي إلى بطن العنكبوت الضخم وصرخت بالتعويذة: "نوم الريح: الركود المُركز!"

* التعويذة، التي عودتها على إسقاط مجموعات من البشر دفعة واحدة في سبات عميق، تركزت على كيان واحد.

العنكبوت لم ينم. لكنه تجمد لثانية واحدة. لقد كانت ثانية حاسمة.

* الضربة القاضية: التقطت مظلتي التي سقطت من السماء. وجهتها نحو العيون الحمراء المضيئة التي كانت المصدر الواضح لتركيزه. اندفعت بسرعة البرق المتبقي في عروقي واخترقت إحدى عينيه.

* الأثر الكارثي: لم يكن الأمر مجرد اختراق. لقد كان انفجاراً بيولوجياً. تدفق دم العنكبوت كـ حمم بركانية سوداء كثيفة ذات رائحة حارقة.

صرخ العنكبوت، صرخة تهز الجبل. في خضام ألمه، أطلق موجة أخيرة وأعنف من الشبكة البيضاء اللاصقة، مُغطياً كل شيء، بما في ذلك نفسه.

الخاتمة: حقيقة فيرتشايلد

وقفت أتنفس ببطء، أستعيد سيطرتي على جسدي. العنكبوت تحول إلى كتلة بيضاء مُجمدة من مادة لزجة تتصلب ببطء. لقد هُزم.

أسرعت نحو فيرتشايلد، الذي كان يبكي ويهز رأسه بيأس.

"رأيت يا بابادوك! رأيت! إنها تجاربهم! إنها ليست كتبي! كتاباتي بريئة مقارنة بهذا الجحيم!"

"هل هو كذلك؟" سألته، ونظرت إليه بحاجب مرفوع. "أنت مؤلف كتاب رجل الثلج البغيض، وكتاب سلابي، الذي أطلق جيشاً من الرعب على شنغهاي. أنت هنا لتصلح أخطاءك، لذا، أين هي آلة الكتابة اللعينة؟"

ارتعد فيرتشايلد وهو يشير بإصبع مرتعش نحو باب صغير محصن بالرموز الكيميائية في نهاية القاعة.

"خلف ذلك الباب. آلة الكتابة السحرية... إنها الشيء الوحيد الذي يمكنه كتابة الخاتمة لهذه الفوضى.

دفعتُ الباب المعدني المحصن بقوة قدمي. اهتز القفل وتطايرت منه شظايا حديدية صغيرة، لكنه انفتح في النهاية بصرير احتجاجي طويل.

كانت الغرفة مظلمة وباردة، لا تحمل رائحة المعارك الكيميائية بل رائحة الغبار العتيق والوحدة. أضاء فيرتشايلد، الذي كان يرتعد خلف ظهري، شعلة صغيرة بيده المرتعشة.

كانت غرفة صغيرة أشبه بقاعة عرض مغلقة. كان يجب أن تكون مهيبة، أن تكون مركز الكوارث. لكنها كانت فارغة.

"إلى أين ذهبت؟" سألتُ، والهدوء المطبق في المكان يزعجني أكثر من أي صراخ.

أخذ فيرتشايلد خطوتين إلى الأمام، ثم سقط على ركبتيه بانهيار جسدي كامل.

"لقد... لقد أخذوها." تمتم بصوت مخنوق باليأس. "إنها ليست هنا. إنها ليست على المنصة."

كانت هناك منصة رخامية في منتصف الغرفة، عليها آثار دائرية باهتة حيث كان من المفترض أن تستقر آلة الكتابة السحرية، تلك العارضة النحاسية التي خلقت وحوشه.

"هذا يذكرنا بتعقيدكم البشري الغبي،" علقتُ، وأنا أرفع مظلتي ببطء. "لِمَ لم تخبرني أنها قد تُنقل؟"

رفع فيرتشايلد عينيه المتورمتين من البكاء: "آلة الكتابة ليست مجرد أداة، يا بابادوك! إنها خطر وجودي! لا يستطيعون المخاطرة بوجودها بالقرب من الانفجار! لا بد أنهم نقلوها إلى القبو السُفلي الأخير! إلى مستوى الحماية المُطلقة! إنه أعمق مكان في هذه اللعنة!"

تنهدتُ بعمق، نفضتُ بها الغبار الكيميائي عن مظلتي. "إذًا يجب أن نذهب إلى مستوى الحماية المُطلقة. هذا يعني المزيد من السلالم، والمزيد من البراز المقرف الذي تخبئه أمبريلا."

"لا يمكنك أن تفهم! هذا هو قلب تجاربهم البيولوجية. كل شيء مُخيف في العالم، كل ما سمعت عنه في أحلامك المريضة... موجود هناك!"

"أحلامي؟" نظرتُ إليه بازدراء. "دعني أخبرك أيها الروائي، أنت لم ترَ كابوساً حقيقياً حتى الآن. لنذهب."

خرجنا من الغرفة الفارغة وعُدنا إلى الممر الضيق. فيرتشايلد كان بالكاد يجر ساقيه، وإليزابيث لا تزال شبحاً على ظهري. كنا نتحرك على طول حائط مائل من الفولاذ، نحو بقعة أشار إليها فيرتشايلد كمدخل طوارئ يقود للأسفل.

رائحة المكان تغيرت مرة أخرى. لم تعد مجرد مواد كيميائية، بل رائحة تربة رطبة، وعفن، وطعم حمضي خفيف في مؤخرة حلقي.

"أوه، لا،" تمتم فيرتشايلد. كانت عيناه، تحت نظارته، مفتوحتين على مصراعيها من الرعب. "الأنواع النباتية. لقد بدأت في النمو."

"ماذا تقول؟"

لم يُجب. وبدلاً من الإجابة، سمعتُ الصوت. كان صوت دبيب رطب، مثل حبل سميك يُسحب على الأرضية المعدنية.

نظرتُ إلى الأمام. الممر الذي كان ينبغي أن يكون فارغاً كان مسدوداً الآن بكتلة عضوية ضخمة.

كان مخلوقاً نباتياً، لكنه ليس نباتاً عادياً. كان عبارة عن كتلة لزجة من الجذوع المتعفنة والأغصان الشبيهة بالسياط. كان لونه أخضر قاتم، ولكن بقعاً بنية مُقززة تغطي أطرافه. من بين الأوراق السوداء الملتفة، رأيتُ ما جعل جسدي يتصلب.

كانت هناك بقايا جثث بشرية مدمجة في جسده. أجساد رجال أمن، وزومبي ربما، وقد تحولت جميعها إلى سماد لهذه الفظاعة. كانت الوحوش التي تغذت على الجثث قد تحولت إلى طعام لهذا النبات.

"هذا هو النبات المُطفر! الملقح بالتيتان!" صرخ فيرتشايلد. "إنه يتغذى على اللحم، ويستخدم الحامض لحرقه. إنها آلة بيولوجية كاملة! لا يمكنك ضربه! إنه يتجدد!"

"تشي،" زمجرتُ. لم أتحرك. لم يكن التحرك غباءً فحسب، بل كان إشارة ضعف لا أتحملها.

"هل يمكن أن يُقتل؟" سألتُ بهدوء قاتل، مظلتي مرفوعة وممسوكة بقوة.

"بصعوبة! تحتاج إلى جرعة مركزة من المبيد الكيميائي V-Jolt! هذا هو الشيء الوحيد الذي يقتله فوراً! لديهم خزانات صغيرة منه في مختبرات الطوارئ!"

"وأين تلك المختبرات؟"

"في الطابق السفلي التالي! إذا نجونا من هذا!"

معركة الأغصان والحمض

النبات لم ينتظر قرارنا. بدأ جسمه اللزج يهتز، وانطلقت منه أغصان حادة كأنها رماح نحو رؤوسنا. كانت سريعة كالبرق، وتطلق رذاذاً من الحمض الكيميائي الذي بدأ يتآكل في المعدن القريب.

"انبطح، أيها الروائي!" أمرتُ. رميت فيرتشايلد جانباً قبل أن يتمكن من الرد، ثم انحنيتُ أنا بنفسي، محمياً إليزابيث بظهري.

الأغصان ضربت حيث كنا نقف، مخلفة ثقوباً في الجدار.

"مظلتي، أيها الحقير، هي كل ما تحتاج إليه!"

اندفعتُ نحو المخلوق. كانت المسافة حوالي عشرة أمتار، لكنها بدت كألف ميل.

الهجوم الأول: استخدمتُ مظلتي للدفاع. كانت الأغصان تنهال عليّ كالمطر. كل أغصان صدها الغطاء الحريري المقوى لمظلتي. كانت الضربات عنيفة لدرجة أن عظام يدي اهتزت مع كل تصادم.

"هذا مضيعة للوقت!" صرخ فيرتشايلد. "الحامض سيأكل غطاء مظلتك!"

أدركتُ أنه محق. لم تكن مظلتي مصممة لتحمل حمض الفوليك والسموم البيولوجية.

الهجوم الثاني: ألقيتُ مظلتي جانباً في حركة خاطفة، ثم سحبتُها من جديد. لقد استبدلتُ وضعيتها من الدفاع إلى الهجوم، وكشفتُ عن النصل الفولاذي الدقيق المخفي في داخلها.

اندفعتُ بجنون نحو جذع المخلوق. كان ضخماً وسميكاً. بدأتُ بتقطيع الأغصان الدقيقة التي تعترض طريقي كـ"زبدة" رخيصة.

لكن المخلوق كان يتجدد. كلما قطعتُ غصناً، نبت غصن آخر أكثر سمكاً وأسرع.

وصلتُ إلى جذعه. طعنتُ بكل قوتي.

"تشقق!"

النصل اخترق القشرة الخارجية المتفحمة، واندفع منه سائل عضوي لزج يفوح بالحمض. صرخ النبات بصرخة غريبة، مثل صوت الشجرة التي تقتلع جذورها.

استغللتُ ارتداد المخلوق من الألم. أقفلتُ مظلتي بسرعة، وضغطتُ بالجزء المدبب منها بقوة هائلة في نفس الثقب الذي أحدثته. ثم استخدمتُ جسدي كاملاً كـ رافعة بيولوجية. ضغطتُ ودفعتُ نحو الأسفل.

كانت معركة جسدية صامتة بين المادة العضوية الغاضبة وكرامتي المحصورة. سمعتُ صوت ارتطام قوي.

"فش!"

لقد نجحتُ في اختراق جذعه بالكامل. لكن بدلاً من أن يسقط، بدأ يتدفق منه سيل من القيء الحمضي الكثيف مباشرة نحو وجهي.

ألقيتُ بنفسي إلى الوراء بسرعة تفوق سرعة الأغصان، بينما الحمض يتآكل في الأرضية المعدنية خلفي.

"هذا مثير للاشمئزاز! أنت بحاجة إلى حمام ساخن من المبيدات!"

كانت مظلتي الآن مغطاة بالحمض واللعاب النباتي. كان المخلوق يتعافى بالفعل، ويُعيد بناء جذعه ببطء مؤلم.

نظرتُ إلى فيرتشايلد. "أيها الروائي! لا وقت للبكاء! أين هو مدخل الطوارئ الذي تحدثت عنه؟ سأشتت انتباهه! عليك أن تذهب وتُجهز نفسك!"

"هناك! تحت الأنقاض!" صرخ فيرتشايلد وهو يشير نحو كومة من المعدن المُلتوي.

أدركتُ أن هذا القتال كان بلا فائدة. كان مجرد إبطاء. لم يكن لدي V-Jolt. لكن لدي هدف.

"حسناً يا جثة، لنلعب الغميضة! لكنني أعدك، سأعود ومعي مُنظف الأرضيات!"

ألقيتُ مظلتي نحو جذع المخلوق. بينما كانت الأغصان تُشتت بضرب مظلتي، ركضتُ نحو فيرتشايلد.

"هيا، أيها العجوز! نحتاج إلى مُبيد! الآن!"

دفعتُه أمامي وبدأتُ أنا وإياه، نحفر بجنون في كومة الأنقاض، ونحن نعرف أن كل ثانية تمنح النبات المزيد من القوة للتجدد والهجوم. كان علينا أن نصل إلى الطابق السفلي، إلى قلب الظلام البيولوجي، قبل أن يلحق بنا.

كان النزول إلى الطابق التالي أشبه بالخروج من الجحيم إلى قاعة انتظار.

كان مدخل الطوارئ دهليزًا ضيقًا اضطررت لتمزيق بابين منه، لكن خلفهما لم نجد المزيد من المعادن الملتوية أو الأجساد الممزقة.

وجدنا سلمًا هادئًا.

وصلنا إلى الأسفل، ودخلنا ما بدا وكأنه ... بيت ضيافة فاخر.

"ما هذا الهراء؟" تمتمتُ، وعيني لا تصدق ما تراه.

كانت المنطقة أقل تدميراً بكثير من المستويات العليا. الإضاءة كانت خافتة ولكنها تعمل، والمكان كان مفروشًا بسجاد سميك ومُزين بأثاث خشبي داكن. كانت هناك أريكة جلدية ضخمة، وطاولة قهوة من الزجاج، وحتى رفوف كتب أنيقة (مغلقة، لحسن الحظ). الجو كان دافئًا، يكاد يكون مريحًا.

"هذا هو مستوى الضيافة،" قال فيرتشايلد، صوته يعود إليه بعض الشيء من الصدمة. "حيث كان المليارديرات يستضيفون شركاءهم في أعمالهم القذرة، أو يختبئون بعد فشل التجارب. كان هذا المكان مخصصًا لـ 'الهدوء'."

"الهدوء؟" ضحكتُ بسخرية. "الهدوء لا يدوم في عالمنا يا أيها الروائي. الآن، أين هو مبيدك الكيميائي العظيم؟"

كانت إليزابيث لا تزال على ظهري، تهمس بأنها تحتاج إلى طبيب. لكن لا وقت لذلك.

بدأنا البحث. كان المكان مقسماً إلى عدد من الأجنحة الصغيرة، ربما مكاتب أو غرف نوم لكبار الشخصيات. بدأنا بتفتيش كل طاولة، وكل خزانة.

"ابحث عن أي شيء مكتوب عليه V-Jolt،" همس فيرتشايلد وهو يفتح أدراج مكتب منحوت بشكل معقد.

"أعلم ما أبحث عنه،" أجبتُ. "أنتم البشر لا تستطيعون إخفاء قذارتكم جيداً."

فتحتُ خزانة مشروبات. لا شيء سوى زجاجات شمبانيا قديمة وويسكي باهظ الثمن. لا مبيدات.

مرت دقيقتان. كان الصمت ثقيلاً ومقلقاً. كنتُ أسمع فقط أنفاس فيرتشايلد السريعة ونبضات قلبي وإليزابيث.

"هذا سخف،" قلتُ، وضربتُ بقبضتي على سطح طاولة خشبية. "المبيدات لا تُخزن في غرف جلوس المليارديرات."

"انتظر! ربما في مخزن المؤن!" قال فيرتشايلد، وهو يندفع نحو باب صغير في نهاية الردهة.

في تلك اللحظة، اهتز الطابق بأكمله. اهتزاز لم يكن من انفجار، بل من قوة بيولوجية هائلة.

اقتحام المُتطفل

"كلاك! كلاك! كلاك!"

عادت أصوات أقدام العنكبوت الميكانيكية المُميتة، لكن هذه المرة كانت مصحوبة بـ تكسر عضوي مروع.

"لقد لحق بنا!" صرخ فيرتشايلد، وعاد يركض نحو الأريكة ليختبئ خلفها.

لم يكن نبات أمبريلا يتبعنا فحسب، بل كان يفتح طريقاً جديداً لنفسه. اخترق الجذع الضخم السقف الخرساني للطابق الذي كنا فيه، مُحطماً إياه في عملية عنيفة خلفت غباراً وأغصاناً متدلية من الأعلى.

سقطت قطع من السقف والأثاث على الأرض. لم يعد الأمر هادئاً بعد الآن.

وقف النبات في منتصف الغرفة، جذعه أكبر وأكثر ترويعاً مما كان عليه، وقد ازداد لونه سواداً. الحمض الكيميائي الذي يتدفق من مسام جلده كان يغلي ويصدر أصواتاً عالية. كان يبدو وكأنه غاضب لأنه اضطر إلى بذل كل هذا الجهد لتمزيق هذا الجدار.

"عليك اللعنة، أيها القمامة الخضراء!"

كان بابادوك أمام تحدٍ مختلف. القتال في هذا المكان يعني تدمير كل شيء، وربما دفن أنفسنا تحت الأنقاض. ومع وجود إليزابيث على ظهري، لم يكن خيار المناورة متاحاً.

هجم النبات أولاً. أطلق أربعة أغصان رئيسية في وقت واحد، مُستهدفاً مركز جسدي.

استخدمتُ مظلتي، ولكن هذه المرة لم أقم بالدفاع فحسب، بل بالهجوم المضاد.

الصد واللف:

* صدمتُ الفرع الأول والثاني، وأحدثت صوتاً مدوياً.

* لففتُ المظلة حول الفرع الثالث، وسحبتُه بقوة نحوي، مُجبرًا النبات على الانحناء.

* وبينما هو ينحني، استخدمتُ نصل المظلة الفولاذي لاستهداف الأفرع التي كانت تحمل الجذوع الميتة، مُحدثاً ثقوباً في الأجزاء الأكثر هشاشة.

النتيجة: القطع المقطوعة كانت تتجدد على الفور، لكن اللف والسحب أربك حركة النبات لفترة وجيزة، مما أتاح لي مجالاً صغيراً للتحرك.

كانت المعركة عنيفة ومُحبطة. كلما ضربتُ، كان الحمض يتناثر ويأكل من صلابة مظلتي. أدركتُ أن هذه معركة استنزاف، والنبات يمتلك مصدراً لا نهائياً.

"فيرتشايلد! المبيد! أسرع أيها العجوز الجبان!" صرختُ، بينما كنت أستخدم مظلتي لصد فرع سميك كجذع شجرة.

"لا أجده!" صرخ فيرتشايلد من خلف الأريكة، صوته يعكس رعباً لا يمكن تزييفه. "هذا مكان فوضوي! لست جيداً في أعمال التفتيش!"

"أنت أفضل كاتب قصص رعب في هذا العالم اللعين! استخدم عينيك! استخدم خيالك القذر!"

جرعة الموت البيولوجي

استمر القتال للحظات، كل لحظة فيه كانت أطول من ليلة كاملة. كنا ندمر الأثاث حولنا. تحطم الرف، وانقلبت الطاولات. كنتُ أصد وأتراجع وأنا أحمل إليزابيث، مُدركاً أنني إذا أصبتُ بالحمض، فسأفقد الوعي وسنكون جميعاً سماداً لهذا الوحش.

في خضم الفوضى، وبينما كنتُ أشتت انتباه النبات بضربات مظلتي المتكررة والسريعة، رأيتُ شيئاً يلمع.

لقد كان كأس زجاجي. لقد سقط من على طاولة قهوة تحطمت للتو.

وفي تلك اللحظة، صرخ فيرتشايلد، لكن صرخته لم تكن صرخة رعب، بل صرخة انتصار جنوني:

"وجدته! وراء رف الكتب! في حقيبة إسعافات أولية فاخرة!"

كانت حقيبة جلدية صغيرة، مخفية ببراعة خلف كتب قديمة. كان المليارديرات حريصين على البواريد، لا على حياة حراسهم.

فيرتشايلد أمسك بالزجاجة الصغيرة التي سقطت من الحقيبة. كان سائلاً أزرق فاقعاً، يلمع بشكل مخيف. كان مكتوباً على الملصق: "V-Jolt - BioHazard Class A".

"كيف نستخدمه؟!" صرخ فيرتشايلد، صوته يرتجف.

"أنت تقترب منه وترشّه على اللعنة! كيف غير ذلك؟!" صرختُ بغضب.

لكنني كنت أعرف أن ذلك مستحيل. ففيرتشايلد ليس مقاتلاً، والنبات كان في حالة غضب قصوى، يغطي جميع الزوايا بأغصانه الحامضية.

"انظر! لا أستطيع أن أقاتل وأحمي وأرش في نفس الوقت! يجب أن تشتت انتباهه! أنا!"

نظرتُ إلى فيرتشايلد. الرجل يرتدي قميصاً من الصوف ونظارات. كاتب. لا يستطيع القتال.

"اسمعني جيداً أيها العجوز،" قلتُ، ووجهي أصبح جاداً بشكل لم يعتده. "سأقوم بضربة متهورة أخيرة. سأقترب وأطعه من الجذع. في اللحظة التي يصرخ فيها من الألم، اركض! اركض كالجحيم ورش هذا القرف على الثقب الذي سأحدثه!"

لم ينتظر فيرتشايلد. هز رأسه بقوة، وعيناه ممتلئتان بالإرهاب، لكنه تشبث بزجاجة المبيد كأنه تذكرة النجاة الوحيدة.

أخذتُ نفساً عميقاً. مظلتي كانت تتأكل بالفعل من الحمض. كان عليّ أن أُنهيها الآن.

"استعدي يا إليزابيث،" همستُ لها. "هذا سيؤذي."

اندفعتُ نحو النبات. لم أستخدم السرعة هذه المرة، بل استخدمتُ القوة الغاشمة المُركزة.

ركلتُ بقدمي طاولة قهوة زجاجية تحطمت أمامي، مما أحدث إلهاءً صوتيًا قصيراً. ثم، بينما كان النبات يركز على الضوضاء، قفزتُ من فوق الأريكة الممزقة، مظلتي مرفوعة.

لقد تجاوزتُ الأغصان الطائرة واللعاب الحمضي. وجهتُ نصل المظلة الفولاذي نحو العقدة المركزية للجذع، المنطقة التي يبدو أنها تُغذي باقي الأغصان.

صرختُ بكل قوتي، ووجهتُ طعنة دقيقة وعميقة.

"صَك!"

اخترق النصل قلب النبات.

"آآآآآآآآآآه!"

كانت صرخة النبات هذه المرة مختلفة. لم تكن صرخة غضب، بل صرخة موت بيولوجي.

في اللحظة التي بدأ فيها السائل الأسود اللزج بالتدفق من الجرح، رأيتُ فيرتشايلد.

لقد ركض. ركض كالغزال، وكأنه يهرب من الرقيب. كان يركض وهو يصرخ بأسماء أبطاله الخياليين.

اندفع فيرتشايلد نحو الجرح المفتوح للنبات، وبدون تردد، أفرغ زجاجة V-Jolt مباشرة في الثقب.

كان المشهد مرعباً.

تفاعل المبيد الأزرق مع الدم الأسود. اهتز النبات بعنف مروع، واندلعت منه سحابة بيضاء كثيفة برائحة كلور حادة. بدأ الجذع في التحلل والذوبان أمام عيني، والأغصان تحولت إلى مادة سائلة لزجة تتساقط على الأرض.

في أقل من خمس ثوانٍ، لم يتبق شيء من النبات الطفيلي العملاق سوى بقعة قذرة من العفن الكيميائي على الأرضية.

تنفس بابادوك بعمق. النصر كان باهظ الثمن ومهيناً (فلم يكن قتالاً قوياً).

"هذا ما كنتُ أتحدث عنه، أيها الروائي،" قلتُ، وأنا أعدل من وضع إليزابيث على ظهري. "المشاكل البيولوجية تحتاج إلى الحلول البيولوجية. الآن، إلى أين اللعنة يجب أن نذهب لنجد آلة الكتابة؟"

نظر فيرتشايلد إلى البقعة القذرة على الأرض، ثم إلى يده الملطخة بالحمض. لقد نجا.

"لدينا أمل، بابادوك. أنا متأكد. إنه المستوى المحمي كلياً. المستوى الأخير."

2025/10/25 · 3 مشاهدة · 2916 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025