97 - أمرأة مشوهة و زاحف سريع

لم يعد الأمر يتعلق بالسحر أو بـ "شمس المعارف". لم يعد يتعلق بالمليارديرات المتبجحين. كان الأمر الآن يتعلق بـ البقاء، والغرق في مستنقع قذر من الحمض الكيميائي والأحشاء الملتوية.

كنت أسحب ساقاي المتعبتين عبر الركام. رائحة التعفن والكلوروفورم تضرب أنفي الرمادي كصفعة قاسية. على ظهري، كانت إليزابيث – الفتاة التي أنقذتها من زنزانة فيرتشايلد – تتشبث بي، أنينها الخافت يذكرني بأنني أحمل روحًا هشّة وسط هذا الجحيم البيولوجي.

"إلى أين... إلى أين بالضبط تظن أنك ذاهب أيها المهرج؟" فيرتشايلد، الروائي العصبي ذو النظارات السميكة، كان يلهث خلفي. كلماته فقدت نبرة الغطرسة، وبقيت فقط نبرة الهلع.

"إلى الطابق الأسفل، حيث توجد آلة كتابتك الملعونة!" أجبت بصوت أجش، عضلاتي مشدودة كأوتار القيثارة، وجلد مظلتي الرمادي يمتص الأوساخ والرطوبة. "إذا كان سلابي قد أطلق مكتبة كاملة، فسنحتاج إلى آلة طباعة الكون لإيقافه. تحرك!"

نجحنا في الوصول إلى ما كان يُفترض أن يكون قاعة انتظار فخمة. الآن، كان السقف مثقوبًا كشبكة منخل، والأرضية مغطاة ببرك من الدم الأسود والمخلفات العضوية. رأيت درجًا فولاذيًا متآكلاً ينزل إلى الأسفل، وكأنه يغوص نحو قلب المخبأ المظلم.

"توقف!" صرخ فيرتشايلد، مشيرًا بإصبع مرتعش نحو الظلام. "هذا هو المستوى المحرم. إنه.. إنه البيت الخلفي لتجارب أمبريلا. كل ما تراه الآن من زومبي وعناكب هو مجرد أخطاء هامشية مقارنة بما يُخفونه في الأسفل."

"أنا بابادوك. أنا لا أتوقف." همست، ثم بدأت بالنزول.

الصعود من الظل

عندما وطأت قدماي أول درجة، شعرت باهتزاز خفيف. لم يكن اهتزاز مبنى ينهار، بل اهتزاز مخلوق حي يتنفس تحت الأرضية.

من بين شقوق في الجدار خلف مخلفات تجربة كيميائية فاشلة، بدأ يتسرب شيء. لم يكن ضوءًا، بل كان الظلام نفسه ينساب على شكل كتلة. تشكلت الكتلة ببطء مؤلم، كأنها تعيد بناء نفسها من الغبار والعدم.

"لا، لا، مستحيل..." تمتم فيرتشايلد بخوف مطلق، "لقد تخلصوا منها... لقد قالوا إنها تحللت بالكامل! إنها... إنها الإصدار صفر."

توقفتُ عن الحركة. لقد رأيتُ الوحوش، رأيتُ السرعوف، ورأيتُ الزومبي، لكن هذا الكائن كان مختلفًا.

ظهرت أمامنا امرأة. أو ما كان يُفترض أن تكون امرأة. كانت بجلد شاحب يميل إلى اللون البنفسجي، وعيناها بيضاوان تمامًا، بلا بؤبؤ، كأنها عينان عاريتان من العاطفة. جسدها كان مشوّهًا ومُعذّبًا، وتظهر فيه نُدوب مُخيطة ووصلات فولاذية تبرز من كتفيها. يداها كانتا ضخمتين بشكل غير طبيعي، وذراعها اليمنى تنتهي بمخلب حاد يقطر منه سائل زيتي. كانت ترتدي ثوب مختبر ممزق ومغطى بصدأ الدم.

لقد كانت وحشًا من صناعة الألم.

"بابا..." همست إليزابيث على ظهري، "أشعر... أشعر بالبرد القاتل."

الوحش (الإصدار صفر) لم تتكلم. نظرت إلينا بعينين فارغتين، ثم انطلقت نحو فيرتشايلد بسرعة خاطفة لا تتناسب مع ضخامة جسدها.

"أحمق!" صرخت، ودفعت فيرتشايلد خلفي. في جزء من الثانية، أطلقتُ مظلتي.

تنفس البرق: وميض الظل!

اندفعتُ بقوة البرق المشحونة في مظلتي. لم أستهدفها بالقتل، بل بالتشتيت. أصدرت المظلة صوتاً حاداً وهي ترتطم بذراعها اليمنى. قوة الضربة كانت كافية لتهز جدران الممر.

تراجعت، لكنها لم تتأثر. كان جسدها جامدًا كالفولاذ، وسرعان ما رفعت يدها اليسرى، وكأنها تحاكي ضربتي، لتقذفني بكرة من الطاقة السامة الخضراء الداكنة.

تجنبتُها بالدوران، لكنها اصطدمت بالجدار خلفي، فذاب الفولاذ وتحول إلى رغوة كريهة الرائحة.

"لا تقترب منها!" صرخ فيرتشايلد وهو يرتجف. "إنها قادرة على امتصاص الحرارة والكهرباء وتخزينها، ثم تطلقها! لن تستطيع هزيمتها بالقوة المباشرة!"

"رائع! هذا ما كنت أحتاجه... وحش لا يمكن قتله." تمتمت ساخرًا.

رقصة الظل والسلاح

كان القتال طويلًا ومرهقًا. كل ضربة مني كانت تقابلها بمقاومة خارقة.

* حاولتُ استخدام نوم الريح لتعطيلها، لكنها كانت سريعة وتتفادى التيار الهوائي بدقة مذهلة.

* حاولتُ إحاطتها بالبرق، لكنها امتصت الطاقة ووجهت إليّ ضربة "مخلب" واحدة كادت أن تشطرني نصفين. نجحتُ في صدها بالمظلة في اللحظة الأخيرة، لكن ذراعي ارتجفتا بعنف.

أدركتُ أنني لا أستطيع الدفاع والهجوم وإليزابيث على ظهري. هذا يحد من حركتي.

"فيرتشايلد! خذ إليزابيث واختبئ في الفتحة الجانبية! الآن!" أمرتُه.

توسلت إليزابيث: "لا تتركنا أيها البابا..."

"سأعود. لدي كتاب يجب أن أعيده إلى مكانه." قلتُ بابتسامة خبيثة، وألقيتُ نظرة سريعة نحو عينيها الزرقاوين.

بمجرد أن اختفيا، شعرتُ بالخفة. أطلقتُ العنان لسرعة بابادوك الحقيقية. تحولتُ إلى شبح رمادي، أركض حول الوحش بدوائر سريعة ومربكة.

كانت تتبعني بعينيها الفارغتين، لكنها لم تكن تستطيع مواكبة سرعتي. بدأتُ باستخدام المظلة كـ قوس قفز، أضرب الأرض بها لأقذف بنفسي في الهواء، وأهاجمها من زوايا ميتة.

كان الهدف الآن ليس قتلها، بل استنزافها.

في إحدى قفزاتي، استخدمتُ تنفس البرق: وميض الظل لضربها من الأعلى. لم تتضرر، لكنها اضطرت لامتصاص الطاقة وإطلاقها مرة أخرى على شكل انفجار طاقة سامة اجتاح المكان.

تجنبتُ الانفجار بصعوبة، لكن هذه الحركة كشفت عن هدفها. كانت تحاول تدمير الأرضية.

الحافة واليأس

كان الممر يمتد على حافة هاوية مظلمة تحتها، حيث كانت المحركات القديمة للمخبأ. كانت الوحش تسحبني نحو الحافة، كل خطوة تزداد قسوة وتركيزًا.

في معركة يائسة على الحافة، اصطدمنا بقوة. أطلقتْ يدها المخلبية نحوي، وكنتُ أطلق مظلتي نحو جسدها.

صوت ارتطام معدني فظيع!

شعرتُ بألم حارق في كتفي. لقد نجحتْ في خدشي، وكانت السموم تتسرب إلى جلدي الرمادي، مما تسبب في خدر مؤلم. في المقابل، نجحتُ في إحداث شرخ طفيف في درعها الفولاذي الواقي على كتفها الأيسر.

"انتهى الأمر، أيها المهرج!" بدا صوتها يتشكل بصعوبة، كأنه صادر من حنجرة ممزقة. "سأمتص طاقتك وأنهي هذه اللعبة!"

اندفعتْ نحوي في هجوم أخير، جسدها يطلق شرارات زرقاء وخضراء. كان لديها طاقة هائلة، وكنتُ قد وصلتُ إلى أقصى حدودي.

في تلك اللحظة الحرجة، تذكرتُ بليك وكلمات أخيه عن القوة. تذكرتُ أكيهيكو وإصراره.

الآن هو وقت الجنون.

ضربة الجنون الأخيرة

بدلاً من الدفاع، اتخذتُ خطوة إلى الأمام.

استخدمتُ كل ما تبقى لدي من قوة في تنفس البرق، ليس لتوليد الكهرباء، بل لتوليد سرعة دوران مظلتي. أصبحت المظلة تدور بسرعة فائقة، كأنها مثقاب هواء.

وبالاعتماد على الوزن المندفع، لم أضربها بسلاحي، بل ضربتها بـ جسدي كله في نقطة الضعف التي خلقتها – الشرخ في الكتف الأيسر.

اصطدمتُ بها، لا كسلاح، بل كـ قذيفة مدفوعة بالبرق.

صُعقت الوحش. لم تكن تتوقع هجومًا انتحاريًا كهذا. تحركتْ المظلة كذراع إضافي، مثبّتة إياها.

صرختُ بـ قوة، وقمتُ بالدفع الأخير بكل ذرة قوة في عضلاتي.

دَفعتُ بها إلى الوراء.

وبفضل قوتي واندفاعها الأمامي، فقدت الوحش توازنها على الحافة. نظرت إليّ بعينين فارغتين لآخر مرة، قبل أن تتدحرج بصوت صدى مرعب نحو الهاوية المظلمة.

صمت.

لم أستطع سماع صوت سقوطها بسبب صمم مؤقت أصابني من انفجار الطاقة، لكن الاهتزاز الذي ضرب الأرضية كان كافياً.

تراجعتُ عن الحافة، أتجول بخطوات ثقيلة نحو الفتحة الجانبية. جسدي ينزف، وكتفي تتألم.

"فيرتشايلد!" صرختُ بصوتٍ مبحوح. "انتهى الأمر! لننزل إلى الأسفل... لننهي هذا!"

لم يكن القتال ضد تلك المرأة المشوهة مجرد استنزاف جسدي، بل كان استنزافاً لروحي أيضاً. جسدي الرمادي المعتاد على المعارك كان يرتعش تحت ثقل التعب والألم المتبقي من خربشة السموم.

ظهر فيرتشايلد وإليزابيث من مخبئهما. كان وجه الروائي شاحباً، لكن في عينيه بريقاً من الإعجاب المخيف.

"لم أصدق... لم أصدق أنك ستنجح. لا أحد استطاع هزيمة الإصدار صفر..." تمتم فيرتشايلد، وهو يركض نحو حافة الهاوية ليرى، لكنني سحبتُه بقوة.

"كفّ عن الهراء. كل ما فعلته هو أنني ألقتُ بقمامة أمبريلا في القبو."

حملتُ إليزابيث مرة أخرى، جسدها الصغير كالعصفور على ظهري. النزول إلى الطابق الأخير كان صعباً، الدرج الفولاذي كان متآكلاً، يصرخ تحت ثقلنا. لكن إرادة إيقاف سلابي كانت أقوى من أي وجع.

القبة السفلى: الرعب اللامع

وصلنا إلى أسفل الدرج. كان المكان مختلفًا تمامًا. لم يعد ممرًا ضيقًا، بل كان أشبه بـ قبة ضخمة ومهجورة. الأسقف كانت عالية، ومغطاة بأنابيب نحاسية متفجرة. الضوء الوحيد يأتي من مصابيح طوارئ حمراء تومض بخبث، مما يلقي بظلال سريعة ومرتجفة.

في المنتصف، كان هناك شيء. شيء ضخم.

"هذه... هذه كانت قاعة الاحتفالات السرية للمليارديرات. آلة كتابتي يجب أن تكون خلف هذا الجدار..." قال فيرتشايلد، مشيراً إلى جدار ضخم من الفولاذ يبدو غير قابل للاختراق.

بينما كنا نتقدم، شعرتُ بالخطر يزحف. لم يكن هذا الخطر كالسموم أو قوة الجذب؛ كان خطرًا مفترسًا.

طنين حاد ومتقطع!

اندفع شيء من الظلال الجانبية. كان سريعا، سريعا لدرجة أن عيناي المنهكتان بالكاد سجلتا شكله.

سحبتُ مظلتي فوراً، ووضعتُها في وضعية دفاعية عمودية. كان هذا رد فعل لا إرادي.

صوت ارتطام قاسٍ!

تلقيتُ الضربة في منتصف المظلة. لم تكن قوة هجوم، بل كانت قوة تصادمية مجنونة. تراجعتُ ثلاث خطوات ضخمة على الرخام المكسور، ويدي ترتجفان تحت الضغط.

الآن رأيته.

كان المخلوق يشبه زاحفًا ضخمًا، أسود اللون ولامعًا، كأنه مدهون بزيت ثقيل. كان يقف على ساقين خلفيتين قويتين أشبه بـ "قدم ديناصور" متحول، ويملك ذراعين أماميتين ضعيفتين لكنهما تنتهيان بـ مخالب طويلة نحيفة حادة كالسكاكين.

عيناه كانتا صفراوين، متوهجتين تحت الضوء الأحمر المرتعش، ووجهه كان أشبه بكمامة عظمية مسننة. كان يتنفس بصوت صفير حاد، ورائحته كانت مزيجاً من الأمونيا واللحم المحترق.

الزاحف المُفترس

"أسرع! يجب أن نختبئ!" صرخ فيرتشايلد، وبدأ يزحف خلف طاولة مقلوبة.

"لا يمكنني الركض!" همستُ لنفسي، وشعرتُ بالضغط على كتفي المصاب.

أدركتُ أن هذا الكائن، بخلاف الوحش السابق، لا يمتص الطاقة. لكنه يمتلك السرعة وقوة التقطيع. إذا استخدمتُ تنفس البرق الآن، فسأستنزف نفسي بالكامل وأصبح عاجزًا أمام ضربة واحدة حاسمة منه. يجب أن أعتمد على مهاراتي القتالية المجردة.

تحرك الزاحف مرة أخرى. هذه المرة، لم يندفع بالكامل، بل تحرك في حركات متعرجة لا يمكن توقعها. كان يتوقف فجأة ثم يقفز للأمام.

رميتُ إليزابيث بلطف خلف عمود حديدي ضخم، وصرختُ لها: "ابقِ هناك!"

استدرتُ للزاحف. أصبحتُ الآن هدفاً واحداً.

بدأت الرقصة القاتلة.

اندفع الزاحف، مطلقاً صفيراً عالياً، وذراعاه المخلبيتان تومضان كالسيوف في الهواء. لم أستطع استخدام سرعة البرق، لذا اعتمدتُ على خبرتي في قراءة الحركة.

عندما أطلق أول ضربة مخلب، انحنيتُ إلى الخلف بصعوبة، متجنباً الشفرات التي كادت تمزق صدري. مرّت المخالب على بعد سنتيمترات، وشعرتُ بتيار الهواء البارد الذي خلفته.

الضربة الثانية كانت متجهة إلى رأسي. استدرتُ بالكامل في حركة دفاعية، وصددتُ الضربة بـ جسم المظلة الرمادي. اهتزت يدي بشدة، لكن المظلة صمدت. قوة الكائن كانت هائلة، لكنني كنتُ أكثر ثباتاً.

بدأ الزاحف في دورة هجومية مجنونة. كان يهاجم بخمس أو ست ضربات متتالية، كل ضربة تأتي من زاوية مختلفة. كنتُ أصد وأراوغ، أعتمد على ليونة جسدي وقوته الرمادية التي اكتسبها من السحر.

كانت الضربة الموجهة إلى الساقين هي الأصعب. عندما حاولتُ تجنبها بالقفز، استخدم الكائن ذيله الطويل والصلب ليضربني من الخلف.

تلقيتُ الضربة!

شعرتُ وكأنني ضُربتُ بعصا بيسبول من الفولاذ. سقطتُ أرضاً، ولسان حالي يصرخ من الألم. الزاحف لم ينتظر.

الإغلاق والتمويه

ركض الزاحف نحوي، استعداداً لضربه النهاية بفكيه المسننين.

في تلك اللحظة، اعتمدتُ على الخداع.

مددتُ يدي بعشوائية نحو الأرض، والتُقطتُ قطعة كبيرة من الرُكام المتفحم، ورميتُها مباشرة نحو وجهه.

لم يكن الحجر مؤذياً، لكنه كان كافياً لتشتيت بصره للحظة.

قفزتُ بسرعة خاطفة، لم أترك له فرصة للهجوم مجدداً. استخدمتُ مظلتي لا للقتال، بل لـ التمويه.

أطلقتُ زرًا سريًا في مقبض المظلة، فأطلق سحابة كثيفة من دخان أسود (بقايا متفحمة من عطب سابق في المخبأ). غطّى الدخان القبة الحمراء، مما حوّل المشهد إلى فوضى مظلمة.

لم يعد الزاحف يراني.

لكنني كنتُ أستطيع سماعه. سمعتُ صفيراً غاضباً ومزعجاً، يتبعه صوت مخالبه وهي تحفر الرخام المكسور. كان يتحرك ببطء، يبحث عن فريسته بالاعتماد على السمع ورائحة الخوف.

همستُ لنفسي: "لا سحر، بابادوك. فقط الصبر والسكاكين."

بدأتُ في الزحف عبر الظلام، متحركاً ببطء شديد نحو الجدار الفولاذي، حيث كان فيرتشايلد يختبئ. كان عليّ أن أجد إليزابيث أولاً.

لكن الزاحف كان ذكيًا.

توقف الكائن فجأة عن الحركة. صمت كامل. ثم، في خطوة لا يمكن توقعها، بدأ الزاحف في الركض مباشرة نحو العمود الحديدي حيث اختبأت إليزابيث!

لقد أدرك وجودها. لقد استخدمها كـ طُعم ليُخرجني من الظلام.

"لا!" صرختُ، قاطعاً الصمت.

اندفعتُ من الظلام، مُطلقاً مظلتي نحو جسد الزاحف. نجحت المظلة في تشابك إحدى ساقيه القوية، مما أبطأه للحظة.

لكنه كان أقوى. بدأ الزاحف في سحب المظلة نحوه، يصرخ بصفير غاضب.

بذلتُ كل قوتي لأبقي على المظلة بيدي، لكن الكائن كان يسحبني رويداً رويداً نحو فكيه المفتوحين، نحو فكي الجحيم.

لم يعد سحب المظلة مجرد شد بيني وبين الوحش؛ لقد كان صراعًا ضد المنطق البيولوجي. جسد الزاحف، المغطى بجلد زيتي أسود، كان يمثل قوة دفع لا تتوقف، قوة نشأت من مئات التجارب الفاشلة لشركة "أمبريلا".

كان يسحبني ببطء ولكنه حتمي. قدمي كانتا تنزلقان على الرخام المبلل بالحمض المتفحم. شعرتُ بأصابع يدي تنمل وتتخدر حول مقبض المظلة، وكأنها تستسلم لقوة تفوق قوة السحر.

"اهرب أيها الأبله! اهرب!" صرخ فيرتشايلد من خلف الطاولة المقلوبة، لكن صوته كان كصرخة طفل خائف.

لم أستطع الهرب. ليس الآن. لو تركتُ المظلة، سيندفع الكائن نحو إليزابيث المخدرة خلف العمود. لا يمكنني تركها فريسة له.

الجمود القاتل

تحول القتال إلى جمود مؤلم.

كان الزاحف يشد المظلة نحوه. وكنتُ أشدها نحوي. في كل مرة ينجح فيها في كسب شبر واحد، كنتُ أستخدم قوة عضلات الساقين والظهر التي دربتها على يد بليك لأستعيده. كنتُ أعتمد على الزخم؛ عندما يسحبني، أسمح له بالسحب قليلاً ثم أستخدم قوته المضادة ضده لأثبت نفسي.

استمر هذا الجمود لثوانٍ بدت وكأنها دهور في قاعة الاحتفالات الحمراء.

فجأة، توقف الزاحف عن الشد.

لقد كان فخًا بيولوجيًا.

في اللحظة التي استرخيتُ فيها عضلاتي قليلاً، ظنًا مني أنه استسلم مؤقتًا، اندفع نحوي فجأة بسرعة مضاعفة، مطلقًا صرخة صفير حادة تخترق طبلة الأذن.

لقد استخدم كل قوته لرمي نفسه عليّ، مستفيدًا من الزخم المشترك.

لم يكن لدي وقت لاستعادة توازني. تركتُ المظلة، وصرختُ في داخلي بأعلى صوت: لم يعد هناك تنفس برق! لا سحر! فقط أنت ومخالب الوحش!

تدحرجتُ على الأرض بصعوبة. طارت المظلة وتدحرجت بعيدًا، واصطدمت بالجدار الفولاذي الضخم.

الزاحف، بسبب اندفاعه المجنون، لم يستطع التوقف فوراً. مرّ بجانبي بسرعة فائقة، ومخالبه النحيفة كادت تقطع جلدي. أدركتُ أنه لم يعد يهتم بالقبض علي، بل يريد تمزيقي إلى أجزاء صغيرة.

المعركة على حافة الانكسار

قفزتُ بسرعة، محاولًا العثور على سلاح آخر. لا يوجد شيء. فقط رخام مكسور وفولاذ مصدأ.

الزاحف انعطف حول نفسه، ووجهه المسنن يقطر لعابًا سامًا. كانت خطوته الآن واضحة: إغلاق المسافة وقتل الفريسة.

عندما اندفع نحوي، اعتمدتُ على تكتيك "القفز من فوق الرأس".

دفعتُ نفسي بقوة من الأرض. لقد كانت قفزة عالية ومحفوفة بالمخاطر. كان هدفي هو القفز فوق رأسه الضخم قبل أن يغلق فكيه عليّ.

نجحتُ. مررتُ فوق جسده الأسود اللامع، وشعرتُ برائحة الأمونيا تحرق عيني.

عندما سقطتُ خلفه، لم أتردد. لقد كان هذا هو الوقت المناسب لضربه!

تلقفّتُ قطعة من الفولاذ الحاد من الركام، ثم اندفعتُ نحو ظهره. لقد كانت ضربة يائسة. طعنتُ قطعة الفولاذ بكل قوتي في مفصل ساقه الخلفية – النقطة التي تمنحه قوة الدفع الهائلة.

صرخة ألم مروعة!

لم يكن صوتاً، بل كان صفيرًا متصلاً من الجحيم.

توقف الزاحف عن الحركة للحظة، ثم انقلب على ظهره، متخبطًا بعنف هستيري. لقد آذيته. لقد اخترقتُ جلدًا كان يبدو أنه لا يمكن اختراقه.

لكن الإصابة لم تكن قاتلة. كانت كافية لـ إثارة غضبه بدلاً من إنهاء حياته.

سحب الكائن قطعة الفولاذ من ساقه بسهولة. ثم استدار ببطء، وعيناه الصفراوان تتوهجان بالانتقام.

التراجع التكتيكي

أدركتُ أن القتال المباشر سيكلفني حياتي. كان جسدي الآن يصرخ بطلب الراحة.

عدتُ أدراجي، راكضًا بأقصى سرعة ممكنة نحو الجدار الفولاذي حيث كانت مظلتي ملقاة.

رآني الزاحف، واندفع نحوي بـ غضب عارم. لم يعد يتحرك بتعرج، بل أصبح مجرد كتلة سوداء من القوة تندفع لتمزيقي.

"بابادوك! افتح الجدار!" صرختُ لفيرتشايلد، الذي كان يحاول لمس الجدار الفولاذي المعقد.

انزلق نحو المظلة. سحبتُها، ووضعتُها في وضعية هجومية. لم يكن هناك وقت لاستخدامها كدرع.

في اللحظة التي كان الزاحف على بعد متر واحد مني، عندما كادت مخالبه أن تلامسني، انفتح الجدار الفولاذي!

لقد نجح فيرتشايلد.

لم أتردد.

دفعتُ نفسي والمظلة عبر الفتحة الضيقة.

صرخ فيرتشايلد: "الفتحة صغيرة جدًا! لن يستطيع..."

لكن قبل أن يُكمل، سمعنا صوت ارتطام هائل ومخيف. لقد حاول الزاحف اللحاق بنا، لكن جسده الضخم انحشر في الفتحة الفولاذية.

كان جسده يرتعش بعنف، ومخالبه تحفر في الفولاذ، محاولاً توسيع الفتحة ليتمكن من الدخول.

دفعني فيرتشايلد إلى الأمام، وهو يلهث: "الآلة في الداخل! سنغلقها عليه! يجب أن نغلقها!"

اندفعنا عبر الممر المظلم، تاركين خلفنا صوت الزاحف و

هو يكافح بعنف ضد جدار من الفولاذ، ونحن نعلم أنه مسألة وقت قبل أن يتمكن من تمزيقه والخروج.

القتال لم ينتهِ. إنه ينتظرنا في الخارج، ونحن نتجه إلى الهدف الأخير والوحيد: آلة الكتابة السحرية.

2025/10/25 · 23 مشاهدة · 2482 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025