الظلام في الغرفة لم يكن مجرد غياب للنور، بل كان كثيفًا، لزجًا، يلتصق بالجلد كعرق بارد. بابادوك وقف أمام الباب الفولاذي الذي أغلق خلفهم بصوت معدني ثقيل، يمسح الدم عن مظلته بقطعة قماش ممزقة من معطفه. إليزابيث كانت جالسة على الأرض،

ظهرها مستندًا إلى جدار منحني، وذراعها المصابة مربوطة بشريط من قميص فيرتشايلد. أما الروائي نفسه، فكان يتمايل كطفل مذعور أمام آلة كتابة قديمة ضخمة، يضغط على مفاتيحها بأصابع مرتجفة."هيا، يا قديمة... اعملي!" همس فيرتشايلد، صوته يرتجف بين الغضب واليأس. كانت الآلة – لوحة مفاتيح نحاسية عملاقة متصلة بأنابيب زجاجية مليئة بسائل أخضر متوهج – تصدر أصوات طقطقة خافتة، لكن لا شيء يحدث. لا ضوء، لا حبر، لا كلمات تتشكل على الورقة البيضاء المشدودة أمامها.بابادوك اقترب بخطوات بطيئة، مظلته تلامس الأرض بصوت خفيف. "كم مرة جربتها؟""ثلاث عشرة." فيرتشايلد لم يرفع عينيه. "ثلاث عشرة مرة، وكل مرة... لا شيء. كأنها ميتة.""أو كأنها لا تريدك أن تستخدمها." قال بابادوك بهدوء، يضع يده على كتف الرجل. "استرح. أنت ترتجف."فيرتشايلد دفع يده بعنف. "لا أستطيع الراحة! سلابي هناك، يمزق المدينة، وكل كتاب فتحته سيبقى مفتوحًا إلى الأبد

إذا لم أكتب 'الكتاب الأخير'! أنا... أنا المسؤول!"إليزابيث رفعت رأسها بصعوبة. "أنت لست المسؤول وحده. سيليا هارت هي من سجنتك. هي من أخذت الكتب. أنت... أنت كنت ضحية أيضًا.""ضحية؟" فيرتشايلد ضحك ضحكة جافة، مكسورة. "أنا خلقت سلابي. أنا كتبت 'رجل الثلج البغيض'. أنا... أنا من جعل الحبر يتحرك."بابادوك جلس القرفصاء أمام الآلة، يفحص الأنابيب. "هل جربت تغيير الحبر؟""نعم. ثلاث مرات. حبر عادي، حبر سحري، حتى دمي." فيرتشايلد رفع يده، جرح صغير في إصبعه لا يزال ينزف. "لا شيء.""ربما تحتاج إلى شيء أقوى." قالت إليزابيث بهمس. "شيء... من خارج الكتب."بابادوك وقف فجأة. نظر حوله. الغرفة كانت واسعة، قبة زجاجية مقلوبة، جدرانها مغطاة بمرآة سوداء تعكس وجوههم بتشوه خفيف. الأرضية معدنية، لامعة، وفي الوسط الآلة. لا أبواب أخرى. لا نوافذ. فقط هذا."انتبهوا." قال بابادوك، صوته منخفض. "هل تلاحظون شيئًا؟"فيرتشايلد توقف عن الضغط على المفاتيح. "ماذا؟""الصدى." بابادوك ضرب الأرض بمظلته. الصوت كان حادًا، قصيرًا. "لا يوجد صدى. في غرفة بهذا الحجم، يجب أن يكون هناك صدى."إليزابيث نظرت حولها. "والهواء... بارد جدًا. لكن لا أشعر بتيار."بابادوك بدأ يمشي ببطء، مظلته تلامس الجدار. "فيرتشايلد، كم كانت المسافة من المدخل إلى هنا؟""حوالي... خمسين مترًا؟ ربما أكثر.""وكم تعتقد أن هذه الغرفة؟"فيرتشايلد نظر إلى القبة. "عشرة أمتار؟ اثنا عشر؟"بابادوك توقف أمام المرآة. رفع يده، لمس السطح. أصابعه غرقت قليلاً. ليس زجاجًا. ليس معدنًا. شيء... ناعم."هذه ليست غرفة." قال بهدوء. "هذا وهم."فيرتشايلد قفز.

"ماذا تقصد؟!""انظر." بابادوك ضغط بقوة. يده اخترقت المرآة كأنها ماء أسود. "إنها بوابة. أو حاجز. الآلة التي أمامك... ليست حقيقية."إليزابيث نهضت بصعوبة. "لكنني أراها! ألمسها!""وهم متقن." بابادوك سحب يده، مغطاة بسائل أسود لزج. "مثل الكتب. مثل سلابي. شيء يريد أن يبقينا هنا."فيرتشايلد تراجع خطوة. "لا... لا، مستحيل. أنا أعرف هذه الآلة. كتبت عليها مئات المرات!""ربما." قال بابادوك، يمسح يده. "لكن ليس هنا. ليس الآن."ساد صمت ثقيل. فقط صوت تنفس إليزابيث المتقطع."إذًا... أين الآلة الحقيقية؟" سألت إليزابيث.بابادوك نظر إلى الأرضية. "تحتنا. أو فوقنا. أو... في مكان آخر تمامًا."فيرتشايلد جلس على الأرض، يخفي وجهه بين يديه. "لقد خدعوني. سيليا... ليو... كلهم. جعلوا هذا المكان ليحبسني. ليحبسوا الآلة.""ليس بعد." بابادوك اقترب من الآلة الوهمية، رفع مظلته، وضربها بقوة. الصوت كان كصفعة في الماء. الآلة تماوجت، ثم بدأت تذوب،

تتحول إلى حبر أسود يتسرب إلى الأرضية.الغرفة بأكملها بدأت تهتز."ابتعدوا!" صاح بابادوك.الجدران انهارات إلى الداخل، لكن لم يكن هناك سقوط. فقط ظلام. ثم ضوء أخضر خافت من أسفل.عندما فتحوا أعينهم، كانوا في ممر طويل، ضيق، مضاء بمصابيح طوارئ حمراء. الأرضية مائلة قليلاً، تنزل إلى الأسفل. في نهاية الممر، باب واحد. معدني. مغلق. بدون مقبض."هذا..." فيرتشايلد نهض ببطء. "هذا الممر... لم أره من قبل."إليزابيث أمسكت بذراع بابادوك. "كم تبقى من الوقت؟""لا أعرف." قال بابادوك. "لكن سلابي لن ينتظر."بدأوا يمشون. الممر كان صامتًا، لكن كل خطوة كانت تُصدر صوتًا غريبًا – كأن الأرض تتنفس."بابادوك." قالت إليزابيث بهمس. "إذا وجدناها... ماذا سنفعل؟""نكتب الكتاب الأخير." قال فيرتشايلد فورًا. "نختم كل شيء. نعيد الوحوش. نعيد سلابي.""وهل تستطيع؟" سأل بابادوك. "بعد كل هذا؟"فيرتشايلد توقف. "لا أعرف. لكن يجب أن أحاول. إنه... ابني. حتى لو كان وحشًا."الممر انتهى عند الباب. بابادوك وضع يده عليه. بارد. ثقيل. لكن ليس مغلقًا."جاهزان؟" سأل.إليزابيث أومأت. فيرتشايلد تنفس بعمق.دفع الباب.وراءه، لم تكن غرفة.كانت قبة حقيقية. هذه المرة، ضخمة. بارتفاع ثلاثين مترًا على الأقل. في الوسط، آلة الكتابة. لكن ليست الآلة التي عرفها فيرتشايلد.

كانت أكبر. أقدم. متصلة بآلاف الأنابيب الزجاجية، تمتد إلى الجدران، إلى السقف، إلى الأرض. السائل داخلها لم يكن أخضر. كان أسود. يتحرك. يتنفس.وعلى الآلة، ورقة واحدة.فارغة."يا إلهي..." همس فيرتشايلد.بابادوك تقدم خطوة. "هذه هي؟""نعم." فيرتشايلد اقترب ببطء. "لكن... لماذا هنا؟ لماذا بهذا الحجم؟"إليزابيث نظرت حولها. "لأنها لم تكن لك وحدك أبدًا."في الظلام العلوي، شيء تحرك.صوت. خفيف. كضحكة طفل.ثم صوت آخر. أقرب. كخدش أظافر على معدن.بابادوك رفع مظلته."لسنا وحدنا." قال.فيرتشايلد جلس أمام الآلة."سأبدأ." قال. "لكن... أحتاج وقتًا.""كم؟""لا أعرف. ربما ساعة. ربما أكثر."إليزابيث نظرت إلى بابادوك. "سنحميك."بابادوك أومأ.من الظلام، بدأت الأصوات تتكاثر.

الأصوات كانت تتكاثر: خدوش، ضحكات، خطوات خفيفة على المعدن. فيرتشايلد كان يضغط على المفاتيح بجنون، والورقة البيضاء لا تزال فارغة. إليزابيث وقفت بجانبه، يدها المصابة ترتجف، لكنها ممسكة بحجر مكسور من الأرضية كسلاح بدائي.بابادوك دار حول الآلة، مظلته مفتوحة جزئيًا كدرع. "هذا لا يعقل. الآلة كبيرة جدًا، لكن المساحة... لا تتطابق.""بابادوك، ركّز!" صاحت إليزابيث. "شيء قادم!"من السقف، انحدرت ظلال طويلة، كأنها أصابع سوداء. ثم ظهرت أشكال: وحوش صغيرة، عيونها حمراء، أسنانها بارزة. لكنها... لم تكن تلامس الأرض. كانت تطفو."وهم." قال بابادوك بصوت منخفض. "مرة أخرى."فيرتشايلد توقف عن الكتابة. "لكنني أشعر بها! أشعر بالآلة!""لا." بابادوك اقترب من أحد الوحوش، رفع مظلته، وضرب. الوحش انفجر كفقاعة صابون، لكن الصوت... كان صوت نغمة ساكسفون عالية، مزعجة."موسيقى؟" همست إليزابيث.بابادوك أغلق عينيه. استمع. النغمة لم تكن عشوائية. كانت تتكرر. دورة. مثل لحن يُعزف على آلة واحدة."الصوت هو المفتاح.

" قال. "الوهم يُبنى بالصوت."فجأة، توقفت الأصوات. الظلام انحسر. الآلة الكبيرة بدأت تذوب، كأنها حبر يتسرب إلى الأرض. الوحوش اختفت. القبة انهارت إلى الداخل، لكن هذه المرة... لم يكن هناك سقوط.كانوا في غرفة صغيرة. حقيقية. جدران خرسانية، أنابيب مكشوفة، رائحة رطوبة وكيماويات. في الوسط، آلة كتابة عادية. صغيرة. قديمة. مثل تلك التي رآها فيرتشايلد في زنزانته.لكن أمامهم، رجل.قصير القامة، ممتلئ الجسم. آذان مدببة، أنف صغير، عينان مغمضتان تمامًا. فم كبير يبتسم ابتسامة عريضة. يرتدي سترة بأزرار جانبية، وسائد كتف، بنطال داكن، حذاء داكن، قفازات سوداء، قلادة معدنية، وقبعة مخروطية صغيرة. في يده، ساكسفون تينور لامع."برافو!" قال الرجل بصوت ناعم، مرح. "اكتشفتَ الوهم. أنت ذكي، يا صديقي الرمادي."فيرتشايلد تراجع خطوة. "من أنت؟!""كيني جي." الرجل انحنى قليلاً. "عازف الساكسفون، صانع الأحلام... والكوابيس. سيليا هارت استأجرتْني لحماية الآلة. قالت إنك ستأتي، يا فيرتشايلد. وأتيتَ."إليزابيث رفعت الحجر. "ابتعد عن الآلة!"كيني جي ضحك. "لا داعي للعنف، أميرتي.

أنا فقط أعزف. اسمعي..."رفع الساكسفون إلى فمه. نفخ نغمة واحدة. طويلة. عميقة.الغرفة اهتزت.الجدران بدأت تتموج. الأرض تحولت إلى بحيرة حبر. الآلة ارتفعت، أصبحت عملاقة مرة أخرى. وحوش جديدة ظهرت – تنانين صغيرة، أشباح، دمى حية."لا!" صاح فيرتشايلد. "توقف!"لكن بابادوك لم يتحرك. كان يركز. يستمع. النغمة لم تكن مجرد صوت. كانت... اهتزاز. موجات. مثل تنفس الصوت، لكن معكوسة."كيني." قال بابادوك بهدوء. "أنت تعزف لتخلق. لكن الموسيقى... يمكن كسرها."كيني جي فتح عينًا واحدة – عين صغيرة، حمراء. "ماذا تقصد؟"بابادوك أغلق مظلته بسرعة. ثم فتحها فجأة. صوت فرقعة عالي. مثل طلقة.النغمة انقطعت.الوهم توقف للحظة."الآن!" صاح بابادوك.اندفع.كيني جي نفخ مرة أخرى، لكن بابادوك كان أسرع. مظلته، مشحونة بـ"تنفس البرق"، قطع الهواء.

الشفرة المخفية في طرف المظلة انبثقت.ضربة واحدة. أفقية. نظيفة.الساكسفون انقسم نصفين.ثم صدر كيني جي.الدم رذاذ أحمر على الجدار. الرجل وقع على ركبتيه، يمسك صدره. الدم يتدفق بين أصابعه. عيناه مفتوحتان الآن – واسعتان، مذهولتان."لكن... أنا... أعزف..." همس.ثم سقط على وجهه. ميت.الوهم انهار تمامًا.الغرفة عادت إلى طبيعتها. الآلة الصغيرة. الجدران الخرسانية. لا وحوش. لا حبر.فيرتشايلد اقترب ببطء، جثا بجانب الآلة. "هي... هي الحقيقية."إليزابيث جلست بجانبه. "اكتب."فيرتشايلد وضع أصابعه على المفاتيح.لكن يده توقفت."ماذا لو... لم أستطع؟" همس.بابادوك وقف خلفه. "لأنك ستفعل. لأن عليك."فيرتشايلد تنفس بعمق.بدأ يكتب.

الدم كان لا يزال يتسرب من جثة كيني جي، يرسم بركة صغيرة على الأرضية الخرسانية. الساكسفون المقطوع نصفين كان يصدر صوتًا خافتًا، كأن آخر نغمة ما زالت معلقة في الهواء، ثم سكت تمامًا.إليزابيث تراجعت خطوة، وجهها شاحب، تنظر إلى الجثة بعينين واسعتين. "مَنْ... مَنْ كان هذا؟ لماذا كان يعزف؟ وكيف...

كيف فعلتَ كل هذا بالمظلة؟"بابادوك أغلق مظلته ببطء، مسح الدم عن طرفها بقطعة قماش من جيبه. لم يرد فورًا. كان ينظر إلى الباب الخلفي الذي بدأ يفتح ببطء، صوت مفصلاته يشبه أنينًا معدنيًا طويلًا.فيرتشايلد، الذي كان لا يزال جالسًا أمام الآلة الحقيقية، رفع رأسه. يده مرتجفة فوق المفاتيح. "كيني جي..." قال بصوت خافت، كأنه يتذكر اسمًا من حلم قديم. "سمعتُ عنه. في الزنزانة. الحراس كانوا يتحدثون."إليزابيث التفتت إليه. "يتحدثون عن ماذا؟"فيرتشايلد ابتلع ريقه. "هناك ستة. ستة أشخاص. يُطلق عليهم مستخدمو الستاند. هم الحراس الحقيقيون لهذا المخبأ. ليس الحراس العاديين بالبنادق. هؤلاء... هم الذين يحمُون المليارديرات. ليو تشنغ، سيليا هارت، البقية... كلهم يعتمدون عليهم."بابادوك اقترب خطوة من الجثة، ركل الساكسفون المقطوع بقدمه.

"ستاند؟"فيرتشايلد أومأ ببطء. "نعم. الستاند... هو تجسيد مادي لطاقة الحياة. أو كما يسمونها... الروح القتالية. كل واحد منهم يمتلك كيانًا نفسيًا، شيء يظهر بجانبهم، يقاتل بدلاً منهم. غير مرئي للناس العاديين. لكن إذا رأيته... فأنت إما مثلهم، أو ميت."إليزابيث نظرت إلى بابادوك. "وأنت... رأيته؟""لا." قال بابادوك. "لكنني شعرت به. النغمة لم تكن من الساكسفون. كانت من شيء آخر. شيء كان يقف خلفه."فيرتشايلد استمر، صوته يرتجف: "الستاند يأخذ شكلًا... يعكس شخصية صاحبه. قوته. خوفه. كيني جي... كان يعزف الأوهام. ساكسفونه لم يكن آلة موسيقية فقط. كان الستاند نفسه. أو جزء منه. عندما قطعتَه... قطعتَ الرابط بينه وبين روحه."إليزابيث جلست ببطء على الأرض. "إذًا... كل ضرر يلحق بالستاند ينتقل إلى المستخدم؟""بالضبط." قال فيرتشايلد. "والعكس. لهذا مات فورًا. لم يكن هناك ستاند يحميه بعد الآن."بابادوك نظر إلى الباب الخلفي.

كان مفتوحًا الآن نصف متر. ظلام دامس خلفه. لا صوت. لا ضوء."كم تبقى من الستة؟" سأل.فيرتشايلد تنفس بعمق. "كيني جي كان واحدًا. ... خمسة باقون."إليزابيث نهضت بصعوبة. "وكلهم هنا؟""لا أعلم." قال فيرتشايلد. "لكن إذا كان كيني جي هنا... فالآلة مهمة أكثر مما كنت أعتقد. إنها ليست مجرد أداة. إنها... مفتاح."بابادوك اقترب من الباب الخلفي. "مفتاح لماذا؟"فيرتشايلد نظر إلى الآلة. "لأن الكتاب الأخير... ليس مجرد كتاب. إنه ختم كوني. إذا كُتب بشكل صحيح، يمكنه إعادة كل الوحوش، كل الكتب، كل الفوضى... إلى العدم. لكن إذا أُسيء استخدامه...""يصبح سلاحًا."

أكملت إليزابيث.بابادوك دفع الباب بمظلته.الظلام خلفه كان عميقًا، لكن في آخره... ضوء أحمر خافت. وصوت.صوت خطوات.ثقيلة.بطيئة.قادمة."فيرتشايلد." قال بابادوك دون أن يلتفت. "اكتب. الآن."فيرتشايلد وضع أصابعه على المفاتيح.الكلمات الأولى بدأت تظهر على الورقة:"في البدء كانت الكلمة... وفي النهاية، ستكون الصمت."

.

الكلمات الأولى ظهرت على الورقة، ثم... توقفت.الآلة صدرت صوتًا غريبًا. طقطقة جافة، كأن مفتاحًا عالقًا. فيرتشايلد ضغط بقوة أكبر، لكن الحبر لم يخرج. الورقة بقيت بيضاء، باستثناء السطر الأول الذي بدأ يتلاشى، كأنه يُمحى ببطء."ما الذي يحدث؟" همست إليزابيث.فيرتشايلد ضرب المفاتيح بعنف. "تعملي! تعملي، يا لعينة!"لا شيء. الآلة كانت صامتة الآن. ميتة.بابادوك ترك الباب الخلفي، اقترب بخطوات سريعة. رفع مظلته، فحص الآلة من الجانب. الأنابيب الزجاجية... فارغة. لا سائل. لا حبر. فقط أنابيب بلاستيكية مزيفة."انظروا." قال، يشير إلى قاعدة الآلة. كان هناك ختم صغير. شعار أمبريلا، لكن مع كلمة مكتوبة باليد: "DECOY".فيرتشايلد تجمد. "ديكوي؟" همس. "مزيفة؟"إليزابيث اقتربت، لمست السطح. كان باردًا، لكن... خفيفًا. رفعته بسهولة. الآلة كانت مجوفة. داخلها، لا شيء سوى أسلاك مقطوعة وورقة صغيرة مطوية.بابادوك أخذ الورقة، فتحها."إذا وصلتم إلى هنا، فأنتم أذكياء. لكن الآلة الحقيقية في المستوى -7. لا تتعبوا أنفسكم. الموت ينتظركم في كل طابق."

— سيليا هارت

فيرتشايلد سقط على ركبتيه. "لا... لا... كل هذا... من أجل لا شيء؟"صوته انكسر. لأول مرة، بدا الرجل مكسورًا تمامًا. "سلابي... المدينة... كل شيء... سيبقى هكذا."إليزابيث جلست بجانبه، وضعت يدها على كتفه. "فيرتشايلد...""دعيني!" دفع يدها بعنف. "أنا... أنا فاشل. كنتُ أعتقد أنني سأنقذهم. لكنني... أنا فقط أكتب قصصًا. قصصًا تدمر."بابادوك لم يتحرك. كان ينظر إلى الورقة، ثم إلى الباب الخلفي. الخطوات الثقيلة... لم تعد تسمع. لكن الصمت كان أسوأ."انهض." قال بهدوء.فيرتشايلد لم يرد."قلتُ: انهض." كرر بابادوك، صوته أقوى. "الآلة الحقيقية في المستوى -7. نحن في... أين نحن الآن؟"فيرتشايلد رفع رأسه ببطء. "هذا... المستوى -3، أعتقد. أو -4."

"إذًا أمامنا ثلاثة أو أربعة طوابق." بابادوك أشار إلى الباب الخلفي. "الدرج هناك. سننزل."فيرتشايلد ضحك ضحكة مريرة. "ونواجه ماذا؟ خمسة مستخدمي ستاند آخرين؟ زومبي؟ وحوش؟ أنا... أنا لست مقاتلاً.""أنت لست مضطرًا لأن تكون." قالت إليزابيث، تنهض بصعوبة. "أنت الكاتب. نحن نحميك."فيرتشايلد نظر إليها، ثم إلى بابادوك. "لماذا تفعلان هذا؟ أنا... أنا السبب في كل شيء."بابادوك جثا أمامه، وضع يده على كتفه. "لأنك لست السبب. أنت الضحية. والآن... أنت الحل. إذا لم نصل إلى الآلة، سلابي سيفوز. المليارديرات سيفوزون. وشنغهاي... ستُمحى."ساد صمت.فيرتشايلد مسح دموعه بكم قميصه. "أنا... خائف.""أنا أيضًا." قال بابادوك بصراحة. "لكن الخوف لا يوقفني. يجعلني أسرع.

"إليزابيث مدت يدها. "معًا."فيرتشايلد أمسك يدها، نهض.بابادوك قاد الطريق إلى الباب الخلفي. دفع الباب بمظلته.وراءه، درج حلزوني. معدني. ينزل إلى الظلام. لا ضوء. فقط درجات تختفي في الأسفل."كم تبقى من الوقت؟" سألت إليزابيث."لا أعلم." قال بابادوك. "لكن كل دقيقة نضيعها... مدينة تموت."بدأوا ينزلون.الدرج الأول. لا شيء.الدرج الثاني. صوت. خفيف. كأن شيء يتحرك في الأسفل.الدرج الثالث. رائحة. دم. كيماويات.فيرتشايلد كان يمسك بذراع إليزابيث. "إذا متنا...""لن نموت." قاطعته إليزابيث. "ليس اليوم."وصلوا إلى منصة صغيرة. باب آخر. مكتوب عليه: -4.بابادوك دفع الباب.وراءه، ممر طويل. مضاء بمصابيح حمراء وامضة. في نهايته... باب آخر. -5."مازال أمامنا طريق." قال بابادوك.فيرتشايلد تنفس بعمق. "لنذهب."

2025/10/28 · 2 مشاهدة · 2084 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025