"بأيةِ حال،عليكم جميعاً الغادرةُ بسرعة فهذا الكوكب على وشكِ أن يتحول إلى ثقبٍ أسود هائل" قال الشابُ ذلك بلامبالاه ،كما لو كان لا يتحدث عن نفس الكوكب الذي هم فيهِ حالياً.
صدمت المجموعة بهذا الوحي ونظراتهم تتجه إلى قائدتهم تينا طلبً لتحديث الأوامر ،لكن تينا نفسُها كانت مشغولةً بتأكيد كلام الشاب باستخدام قدرتها المحسنة« الإستبصار»
ومع ذلك لم تكن هناك نتيجة والتي أكدت فقط شكوكها بأن هناك ما يتداخل أويحجب رؤيتها للمستقبل فمنذ مجيإها ودخولها هذا الكوكب وقدرتها صامته مما سمح للشاب بأن يهيمنَ عليهم منذ بداية لقائهم والذي يعني فقط أن الشاب يمتلك أما قدرةً معارضة أو مشابه لكن بمستوى أعلى!
وهذا ليس حتى أسوأ ما في الأمر فعندما كانت لا تزال تحاول إجاد الخيوط لكيف وماحدث لقدرتها….
قعقعه قعقعه قعقعه (صوت الرعد)
السماءُ أظلمة و الأعاصير هاجت والدوامات المائية تملء سطح الكوكب مما يضفي على هذا الكوكب المائي جوً من الخراب والدمار.
وبينما كانت علامات الإنهيار تتكشف رن صوت اللامبالي للشاب مرة أخرى.
"تسك, إلى متى ستقفون هاكذا؟لم يبقى أكثر من بضع دقائق على التحول،إلم تسرعوا جميعاً للعودة فقد…”
لم يكمل الشابُ كلامه ومع ذلك لايمكن أن يكون الأمر أكثر وضوحاً بشأن مصيرهم إن ستمروا في البقاء هنا.
في النهاية كان القرار بالإنسحاب في يد القائد تينا والتي سرعان ماتخذت قرارها.
<جميعاً لقد فشلت المهمه والكوكب على شفى الإنهيار. ٱكرر,لقد فشلت المهمه والكوكب على شفى الإنهيار سننسحب جميعاً لسفينة القيادة وعلى جميع القوات المحيطة بالكوكب الإنسحاب الآن وفوراً!!!>
أرسلت تينا تلك الرسالة إلى جميع القوات المشاركة في هذه العملية وعلى الفور تقريباً تحركتْ هي ومجموعتها إلى السفينة التي جاءوا منها ومع ذلك بقيت عيونها تحدق في الشاب بحرقة وألم وكأنه قام بقتل والديها لتو ومع ذلك لم يكن بإمكانها سيوى أن ترمقه بنظاراتها الحارقة و الغبطةُ تملء كيانها بأكملهِ.
وبالعودة إلى الشاب فقد كان يتكلم مع نفسه براحة فلم يكن يهتم لا بنسحاب القوات التي أرادت أسره ولا بالدمار الذي يُحِيطُ به.
"حسناً،جميع الإستعدادت تمت وما تبقى هو الإنتظار إلى حين إقتراب ولادة الثقب الأسود الهائل من الإكتمال،ومع ذلك إن الدمج بين قدرة «قطع» التي تمثل « حقيقة النهاية» و قدرة «تأثير» التي تمثل «حقيقة القدر والكرمه» لينتج عنه القدرةَ الأسمى «كسر الأغلال» والتي تمثل «حقيقة الوجود» الحقيقة الأولى التي تنشأ منها كل حقيقة أخرى كان متعباً حقاً،لكن النتائج تفوق أي وصف”
"على أية حال،يبدو أن التحول على وشكِ الإنتهاء لذلك ،أولاً لنقم بسترداد جميع الأنا الأخرى (تجسيداته)"
ومرةً أخرى قام بفرقعة أصابعهِ،لكن التأثير لم يحدث داخل هذا الكوكب وإنما خارجه وعلى بعد ملايين السنين الضوئية وفي أماكن متعددة فعلى كوكب أزرق معدني مليء بالأضواء الملونه والمحاط بمئات الأساطيل من السفن الفضائية والألاف من المركبات التي تدخل وتغادر هذا الكوكب المعروف بعاصمة الأمبراطورية البشرية.
وفي أماكن متعدد وكثيرة يمكن رؤية أشخاصٍ متنوعين رجالاً والنساءً من الأطفال الرضع إلى الكبار العجائز بمختلف المكانات والأوضاع وأجسادهم تبدأ في التحول إلى غبارٍ بلون المعدن إذ ظهر على بعضهم الذعر(لم يكونون يعلمون ما يحدث لهم لأن ذكريات التجسيدات بخصوص أصلهم مختومة إلى أن يستوفوا شروطاً معينة) لكن بعد لحظة يحل محله التفاهم(لأن الذكريات المختومة تحررت من ختمها) والهدوء وأخرون يرتدون تعبيراً لامبالياً كأن ما يحدث لهم أمرٌ طبيعيٌ وأن تحولَ أجسادهم إلى غبارٍ هو مجردُ حقيقةٍ أخرى من حقائق هذه الحياة!
ومن أولئك الذين بدأت جسادهم بالتحلل وداخل القصر الإمبراطوري وفي داخل أحد المكاتب في هذا القصر يوجد رجلٌ في منتصف العمر وأمامه شاشة زرقاء تعرض مشهداً لمرأةٍ في العشرينات وهي تتحدث بحزن.
"أسفه ،يبدو أن السلف أقوى بكثيرٍ من المعلومات المسجلة لدينا و يبدو أن له وصولاً للبيات السرية الإمبراطورية!"
"لا بئس قائد تينا،فلم يتوقع أحدٌ أن يكون مجنوناً بما يكفي لتدمير الكوكب أثناء وجوده فيه ،فهذا ليس خطئكِ على أيةِ حال ،وداعاً تينا إيناري وإلى القاء!"
وبقوله هذا بدأ جسمه بالتحلل والإضمحال ولم يكن في عينيهِ سوى مزيجٍ فريدٍ من الهدوء و الامبالاه والقليل من الذنب، لتظل تينا مصومةً لما يجري وهي تحدق في الشاشة أمامها بتعبيرٍ فارغ.
ولم يكن الرجل هو وحده في ذلك, ففي هذا الكوكب وألاف الكواكب على متداد هذه المجرة, وعدد من المجرات الأخرى حدث لبعض سكانها نفس الشيء فجميعاً تحولوا إلى غبارٍ والذي سرعان ما تحلل في الهواء.
وبالعودة إلى الشاب فمن الممكن الحكم على أنه ومنذ بدأ ما اسماه <سترداد الأنا الأخرى >كان ولا يزال وجوده قد بدأ بالتضخم وأن الشعور الذي ينضحُ منه كان كما لو أن البحيرة تحولت إلى بحرٍ بلا قاع(هاويه) وهذا الشعور يزداد كثافةً مع مرور الثواني.
وبعد ما يقرب الخمسة دقائق توقف عن الإزدياد ،لكن في المقابل بدأ جسده بإطلاق ضغطٍ بلا شكل, هائل, وفي نفس الوقت يبدو عليه النقاء كما لو كان ينبع من «حقيقيةِ الوجود» ذاتِها.
"حسناً لقد نجح الامرُ كما هو مخططٌ،ولم يكن هناك أيُّ خسائر أو تلف للروح بعملية النقلِ تقريباً، لا نقسام بالوعي ولا بالروح وكل ماتبقى هو إشعال الشرارة لإنهاءِ كلِ شيئ وكسرُ كُلِ القيود"
وبقولهِ هذا أكمل بترديده بإسم ثلاثٍ من قدراته على التوالي ورافعاً يده اليمنى إلى الأمام كما لو أنهُ يمسكُ بكرةٍ صغيرة.
“ «تحكم» ؛ «مجال_جذب» ؛ «كسر الأغلال» ”
ما نتج عن جمع هذه القدرات المتراكبة كان كرةً بحجم الإبهام والتي كانت حالكةَ السواد و لتمتص الضواء القريبة منها.
ثم ألقى بيها الشابُ في الهواء لتهبط على الأرض بسرعة عالية لكن وبمجرد ملامستها الأرض تحللت التربة المحيطتُ بها كما لو واجهت ضغطاً أجبرها على التفكك و ستمرت الكرة بالنزول إلى أعماق الأرض ،لكن وعند وصولها إلى نواة الكوكب توقفت وسرعان ما توسعت في الحجم وما تلاه هو ولادةَ أول وربما أخرِ ثقبٍ أسودَ هائل بشكلٍ مصطنع في هذا البُعدَ!
وفي نفس الحظة التي ولد بها هذا الثقب الأسود ردد الشاب وهو يطيرُ إلى عمق هذا الثقب.
“«مجال_دفع»”
“«كسر الأغلال»”
لم تؤثر الجاذبية الهائلة للثقب الأسود عليه ولو قليلاً،حتى أفق الحدث الذي يختص به الثقب الأسود لم يكن له تأثير غيرَ إبطائه قليلاً!
في النهاية وصل الشاب إلى مركز الثقب الأسود ليتوقف أمام ما يبدو كجدار يمتد على طول قطر مركز الثقب الأسود ليمنعهُ من المضيُ قُدماً إلى الأمام.
لكن لم يأبه الشابُ لذلك كما لو علمَ أن هذا سيحصل وقد أتم ستعداده لما سيأتي مقدماً وهو يردد لامسً الجدار بيده اليسرى.
“«باب»”
“«كسر الأغلال»”.
وكما لو يرن الجدار مع أصداءِ كلماته ومثل تكسر الزجاج ,تكسر جزءٌ من الجدار ليشكل بَابَاً مفتوحاً على مصراعيه ينضحُ بشعورٍ غريب من الوجود كما لو لم يكن من المفترض أن يوجد أصلاً!، ليكشفَ عن عالمٍ أبيض ناصعٍ جميل.
ومثل ما أراد الشابُ الدخول إلى هناك ومن اللامكان ظهرت مئات السلاسل من شتى الألونِ والأحجام لتُقيدهُ وتمنعه من مغادرةِ هذا البُعدَ.
“تسك”
لم يبدو على الشاب الخوف أو الرعب من هذا الحدث المفاجئ،وإنما نقر على لسانه ببرودٍ ونزعاجٍ واضح وهو ينطق ببضعِ جمل ستغير حياته إلى الأبد.( حرفياً)
“«ميزانُ الأضَاحي»”
بترديدهِ اسم القدرة ظهر أمامهُ ميزانٌ ذهبي وهمي ينضحُ بالقدم والشر، يشعُ ضوءً أحمرَ أسِراً.
"اضحي أولاً بجميع الكرمة التي زرعتُها على مدا أكثر من ألفِ عامٍ من حياتي.( كرمة التجسيدات محسوبة كذلك)
ثانياً أضحي بجميع القدرات الموجودة في هذا الجسد.
ثالثاً أضحي بجزء من$#@&$#.
لتمكين« كسر الأغلال» لتصبح مؤقتاً «حقيقة» بحدِ ذاتِها!"
حال إنتهاء الشاب من الكلام خرج من جسده أربع كرات من الضوء بألوانٍ وأحجامٍ مختلفة ثلاثة بنفس الحجم تقريباً وأخرى بنفس حجم الثلاثة الأخرى مجتمعات.
وكل واحدة ذهبت لنقطه مختلفة من الميزان ،الأكبر منها وذات اللون الأبيض ذهبت لجسد الميزان لتُمتصَ هناك مباشر مما يجعل الميزان يتجسدُ بالكامل.
وفي كفتِ الميزان اليمنى طفت كرتان، كرة ذهبية وكرة أخرى متعددة الألون وفي كفت الميزان اليسرى حلقت الكرة الأخيرة والشفافةِ تقريباً.
وأخيراً زاد الضوء الأحمر الذي يحيط بالميزان وفجأة اختفى الضوء مع الميزان لتيبقى فقط الكرة الشفافة ولكن بضعف الحجم الذي كانت عليه سابقاً ويحيطها بها قطع من السلاسل المحطمة ولتسرع بالعودةِ لجسده.
"جيد جداً” قال الشاب بتكلف ووجهُ شاحبٌ كما لو فقد شيئاً ثميناً لكن إبتسامة النصر لم تفارق شفتيه.
“والأن لم يبقى إلا الخطوة الأخيرة”
“«كسر قيود الحقائق»!!!”
وفوراً جميع القيود اللاتي تقيده كُسرت وتحطمت!
ومعها أصبح جسده ذابلاً والجلدُ مطبقٌ على العضم كثمنٍ لعمل هكذا قدرةٍ محطمةٍ للواقع!
لكن هل الهروب من قيود الحقيقة بهذه السهولة!؟
والجواب بطبع لا!
فجميع القطع المحطمة من قيود الحقائق بدلاً من أن تتشت وتختفي سارعت من حركتها ولتدخل جسده وتتغلغلهُ من الداخل وإلى الخارج وتغزو كيانه بأكمله لكن وقبل نجاحها بختمه أصدر الشاب صوتاً أجشاً ومليئاً بالعناد.
"«كسر قيود الحقائق!»"
"«تغير»"
وبعمل كل من هاتين القدرتين معناً حدث ما لايمكن تصوره فقطع الحقائق التي غزت جسده بل وحتى وروحه لم تتوقف فقط بل وبدلاً من الغزو والختم الذي كانت تفعله قامت بدمج نفسها مع جسده وروحه كما لو لم يعد مكوناً من الدم واللحم والروح, وإنما من «قيود الحقيقةِ» ذاتِها ولتكون شرنقةٍ متعددة الألون من قطع القيود المحطمة لتحيطُ وتغطي جسدهُ بأكملهِ وقبل أن تغلق الشرنقة رن هدير الشاب بصوتٍ مملوء بالإمانِ والجنون.
"إلم يكن العيش دون القيود ممكناً, فسأصبحُ أنا نفسي تلك القيود! ٫لم ولن أسمح لأيَّ آحدٍ أو شيءٍ غير نفسي بتقيدي!”
تكلم الشاب بأخر أفكاره قبل غلق الشرنقة تماماً.
…..وبعد عدد غير معروف من الوقت
تفككت تلك الشرنقة في عرضٍ مليءٍ بالألون وخرج منها الشاب لكن بإطلالة جديدة ومن دون ايّ قيدٍ يقيده بهذا العالم وهو يعوم إلى الباب الذي مازال مفتوحاً في الجدار ويتمت بسعادة وحماس.
“هذه ليست حتى البداية”
ليرحل من هذا البُعدَ ويدخل بُعداً جديداً وهو يتسائل عن القيود التي سيلقيى بها عليه في هذا البعد الجديد!
_____________________
*ملاحظة الكاتب:
قدرة «كسر الأغال» هي قدرة سلبية ولا تتطلب موارد لعمله وهي تعمل على زيادة فعالية القدرات الأخرى وكسر حدودها فهي قدرة داعمه ومختلفة عن «كسر قيود الحقائق».
ولمن يتسائل عن كيف قام بتفعيل «تغير» رغم تضحيته بجميع قدراته ما عدا «كسر الأغلال» فعليك التركيز على كلمة 'في جسدي'
ومراجعة الفصل (1000001) لأصل القدرات.
وقراءة جميع فصول المقتطفات
لفهم أفضل للقصة.