داخل العالم الأبيض الناصع كان المدعو بسلف الأصل لا يزال يطفو محلقاً في الأرجاء وبعد التحليق في اتجاه عشوائيٍ لوقتٍ غير معروف توقف ليتحسس أمامه بيده التي لم تستطع المضي قدماً لسببٍ ما .
“وأخيراً وجدته!،لقد مَللتُ حقاً من هذا الإنتظار!”
“بأية حال ، حان الوقت لمغادرةِ هذا العالم الفارِغ"
وبقوله ذلك فرقع أصابعه لتنشيط قدرتين على التوالي .
“«باب»”
“«كسر الأغلال»”
ليتشكل أمامه بابٌ مفتوح يشعُ بالأبدية، ولكن هذه المرة ما كان في استقباله هو…..
أرضٌ مغطاة بالثلوج و سماءٌ ملبدة بالغيوم وأشجارٌ شاهقة الإرتفاع، والهدوء الغريب الذي يتخلخلُ المكان .
لم يتردد الشاب بالدخول إلى البوابة عندما رأى ماينتظره هناك ،كما لو أنهُ لا يهمه أين يذهب ،لآن كل ما يقف في طريقه كان محتماً عليه الزوال!.
وبعد خروجه من الباب مباشرة رن صوت الشاب لينطق بأولى كلماته في هذا البُعدَ الجديد.
"غريب،لماذا الجو هنا يُشعر بالثقَل؟, لكن الأهمُ الآن هو جمع المعلومات،لذلك لنستكشف أولاً "
متبعاً هذا الكلام سارَ الشاب في تجاه عشوائي وهو يتمعن النظر في كل شيء ويأخذ العينات من الأرض٫الثلج٫وحتى النباتات في النهاية توصل الشاب لاستنتاجٍ مفادهُ...
"إن هنالك طاقة غير معروفة تتخلل كل شيء في هذا الكوكب ومن المحتمل للغاية أن ينطبق ذلك على الأشكال الحياةِ الذكيةِ هنا،وهذا قد يكونُ سيء ًًبعض الشيء "
ولم يكن ليكون استنتاج الشابُ أكثر صحةٍ ،فكما قال فجميع الأشياء سواء الحية أو الجامدة تتخللها تلك الطاقة وأكثر.وكونه من بُعد أخر لا يمتلك مثل هذه الطاقة سيسهل اكتشافه من قبل السكان الأصليين لهذا الكوكب (البُعد).
"حسناً،لابد لي من تحليل تلك الطاقة لكن العينة من الحيوانات أو جنس مشابه للبشر سيكون أفضل"
“لكن الأن لنعمل بما هو موجود”
وضع الشاب قطعة من الحجر التقطها من الطريق في يده وهو جالس تحت شجرة بطول أكثر من مائة متر.
“تنشيط بروتوكول التحليل”
تلمع عيناه ببريق غريب ويتكون فيها رمز معقد للغاية كما لو كان مكوناً من مجموعة من الرموز المتداخلة مع بعضها ،ركز نظرَته على الحجر في يده ليرى ليس فقط المادة المكونه للحجر بل وحتى التكوين الذري لهُ.
"إن البنية المادية والذرية هي نفسها في عالمي السابق،لكن من الواضح أن الأواصر الذرية أكثر قوة بكثيرٍ والذي على الأرجح يرجع إلى تخلخل هذه الطاقة فيها"
انتقل الشاب لفحص عينة أخرى والتي كانت ورق التقطها من إحدى الأشجار أثناء سيره إلى هنا و ليحللها كذلك.
“حسناً الأمر نفسه تقريباً هنا ، لكن مع ختلاف بسيط فهذه الطاقة لا تعزز الأواصر الذرية للورقة فقط بل وتدخل حتى في تركيب الخلايا. لكن لتحليلٍ أدق لنأخذ عينةٍ حية"
وقف الشاب ومد يده ليضعها على لحاء الشجرةِ الجالس تحتها ليحللها كذلك.
"مدهش،إن تدخل هذه الطاقة يمتد حتى لعملية البناء الضوئي للنبات وحتى سكر الكلوكوز الناتج من هذه العملية يبدو أكثر في كل من النوعية والكمية وهذا في حال كون السماء غائمة!"
"أتسائل كيف سيكون تأثير هذه الطاقة على الحيوانات والأجناس الذكية على سطح هذا الكوكب؟"
“بالتفكير بالأمر، هل من الطبيعي أن لا يتواجد أي حيوان بالقرب من هنا؟”
لقد كان الأمر غريباً حقاً فعلى الرغم من سير الشاب لأكثر من ساعة فهو لم يلمح حتى حشرة واحدة ناهيك عن المخلوقات الأخرى.
"هل تم اصطيادهم جميعاً أم هربوا جميعاً من هـ-"
( صوت الإنفجار )BOOM
لكن قبل أن ينهي كلامه سمع دوي الإنفجار وتساقطت الأشجار مع الحطام الذي وصل بعضه بالقرب من الشاب رغم المسافة الشاسعة بينه و بين موقع الإنفجار.
ومعَ مرور موجة الصدمة سمع الزئير الصادم على بعد عشرات الكيلومترات.
كان شاب غير مبالٍ بقطع الحطام المتساقطة وكل مافعله هو تغطية نفسه بجناحيه اللذين يبدوان الآن بعد خروجه من الشرنقة الملونة كما لو كانا مصنوعين من السبج المصقول.
"تسك” تذمر الشاب وبمجرد إنتهاء زخات الحطام فرد جناحيهِ محلقاً إلى مركز الإنفجار.
وما هي إلا ثوانٍ حتى وصل إلى هناك،لجد ما أذهله قليلاً.
“ما هذا؟ وكيفَ يكون مثل هذا الشيء ممكناً؟”
ما راءه كان خمسة دببة بيضاء ثلاثة منها تقف على الجانب والتي كانت تبدو كل دياسم مقارنةً بالدبين الأخَرَين اللذانِ كانا يصدران كل هذه الجلبة لكن المذهل في الأمر لم يكن حجمهما الهائل ولا جسديهما المرصع بالكرستالات الزرقاء,بل هو كيف يقاتلان بعضهما البعض بما لا يمكن وصفه إلا بالسحر!
فلا المسامير ولا الجدران الجليدية التي يستخدمانها يمكن أن يُفسَر بغير هذا.
فووو(صوت صفير)
"إذاً هل إنتقلتُ لتو لعالم السِحر؟، ومعَ ذلك فهذا يفسر بتأكيد تلك الطاقة الغريبة في هذا الكوكب"
لكن مع تكلم الشاب توقفت المعركة بين هذين العملاقين و لتنظر جميع الدببة في اتجاهه وعيون الدبين الكبيرين ترسمان نظرةً حادة مع بعض الحذر.
“ها، لماذا توقفتم ،و أنا مازلت مستمتعاً بالمشاهدة!؟”
كان الشابُ غير مبالي بنَظَراتِ الوجودِ أمامه ومتصرفاً كطفلٍ يستمتع بمشاهدة الرسوم المتحركة ليُطَفئ عليه التلفازُ فجأة!
"شيطان!” صرخ أحد الدببة الدببة الصغيرة في الشاب ليتفاجأ الأخير بذلك.
"ماذا؟ ٫يمكن للحيوانات هنا الحديثُ أيضاً؟ أتسائل أيُّ عالمٍ مجنونٍ إنتقلتُ لهُ حقاً؟"
تفاجئ الشابُ بحقيقة تمكن الحيوانات من النطق والحديث ولم يهتم لا بماذا نادوه ولا كيفَية تمكنهِ من فهمهم كما لو كان ذلك طبيعياً.
“شيطان٫ ألا تعلم على منطقة من تتطفل الآن!؟”
تكلم الدب الأكبر بين المجموعة بصوت مهيمن و الذي يبدو من صوته أنهُ ذكر.ليتبعه الصوت الساخر للدب الهائل الأخر.
"ماذا تُريدُ الشياطينُ الآن ، لاتقل لي أنهم يريدون تحالفاً مَعَنا نحن الوحوش بعد خسارتهم الأخيرة؟"
لكن لم يظهر ايُّ حرجٍ أو غضبٍ على وجه الشاب على الرغم من الكلام الساخر الذي قاله الدب والذي فاجئ هذا الدب قليلاً، فقط ليذهل هو وبقية الدببه من رده الغير متوقع.
"جيد جداً، هذا العالم ممتعٌ حقاً! أولاً هذه الدببة السحرية والآن يوجد شياطينٌ أيضاً! أتسائل حقاً أين تكمن حدود هذا العالم في إمتاعي!"
كان الشابُ يضع وجهاً مملوء بالنشوه وهو يعانقُ نفسه كما لو كان أوتاكو وجد أنمياً جديداً ومذهلاً.
ليتجاهل بذلك مجموعة الدببةِ التي تنظر إليه وعلى وجوههم تعبيرٌٍ غبيٌ حقاً ونظره مليئة بالغرابة ، في النهاية نطقَ أحد الدببة الصغيرة بذهول.
"مجنون, هذا الشيطان بتأكيدِ مجنون ،لابد وأن هذا الشيطان أُصيب في رأسه أثناء الحرب الأخيرة،أليس كذلك؟"
ليومئ باقي الدببة بموافقتهم وهم يتسائلون كيف انتهى بهم المطاف للالتقاء مثل هذا الشيطان الغريب وما الذي سيفعلونهُ بشأنه؟