4 - الفصل الرابع: سايرا

كان هناك أروقة مخفية خلف جدران قصر نوفاك، مبنيّة ليدخل الخدم من خلالها دون أن يزعجونا نحن أو ضيوفنا. وغالباً ما كنتُ أمشي فيها، مُتعلّمة الرموز التي يستخدمها الخدم للتجوال والمحفورة على زوايا الجدران وأعلى المداخل والمخارج. كما كانت أوتيجا توبخني أحياناً بسبب حضوري دروسها وأنا مُغطاة ببيوت العنكبوت والأوساخ، لكن على الأغلب لم يكن أحد ليهتم كيف أقضي وقت فراغي طالما لا أُزعج أبي.

عندما بلغت الموسم السابع من عمري، أخذني تجوالي إلى الجدران المحاذية لمكتب أبي. فتتبعتُ صوت ثرثرة هناك، لكن عندما سمعتُ صوت أبي وقد ارتفع بغضب، توقفت جاثمةً في مكاني.

لبرهة من الوقت، ألهيتُ نفسي بفكرة العودة راكضةً بالطريقة نفسها التي أتيت بها وبذلك أكون آمنة في غرفتي. فلم يترافق ارتفاع صوت أبي عادة مع أمور جيدة في الماضي، ولا أظن الأمر سيختلف الآن. والشخص الوحيد القادر على تهدئته كان أمي، لكن حتى هي لم يكن بإمكانها تهدئته.

ألصقت أذني بالجدار كي أسمعه بشكل أفضل، فقال أبي: «أخبرني، أخبرني بالضبط ما الذي قلته له».

ارتعش صوت رايز وكأنه على وشك البكاء، وهذا لم يكن جيداً أيضاً. فقد كان أبي يكره الدموع فقال: «أنا... اعتقدتُ... اعتقدتُ، بما أنه يتدرّب ليكون خادمي، فهو سوف يكون موثوقاً...».

«أخبرني ما الذي قلته!»

«أخبرته... أخبرته بأنّ قدري، كما صرّح به الكهنة، الهزيمة أمام عائلة بينيسيت. إحدى العائلتين الثوفيتين. هذا كل شيء».

ابتعدتُ قليلاً عن الجدار. وعلق بيت عنكبوت في أذني. فلم يسبق لي أن سمعتُ بقدر رايزك من قبل. وأنا أعرف أنّ والديّ حدّثاه عن ذلك القدر عندما يكتشف معظم الأطفال المُقدّرين أقدارهم: عندما يكتسبون هبة تيارية. وسوف أكتشف قدري خلال بضعة مواسم. لكن أن أعرف قدر رايزك – أن أعلم أنّ رايزك سوف يُقتل على يدعائلة بينيسيت، التي أبقت نفسها في الخفاء لمواسم عديدة وكثيرة لدرجة أننا لم نكن نعرف حتى أسماءهم المستعارة أو كوكب إقامتهم – كان ذلك هبة نادرة أو عبئاً.

قال أبي بازدراء: «معتوه. هل هذا كل شيء؟ هل تعتقد أنك تستطيع أن تكون محل ثقة بقدر جبان مثل قدرك؟ يجب أن تُبقية مستوراً! وإلا ستهلك بسبب ضعفك!».

تنحنح رايزك وقال: «أنا آسف، لن أنسى ولن أفعل ذلك مرة أخرى أبداً».

«أنت على حق، لن تفعل ذلك». كان صوت أبي منخفضاً وأكثر عمقاً الآن. وهذا كان أكثر سوءاً من الصراخ. «سيتوجب علينا أن نعمل بجد أكثر ونجد طريقةً نخرج بها من هذه المشكلة، أليس كذلك؟ فمن مئات الأحداث المستقبلية الموجودة، سنجد واحداً لن تكون فيه مضيعة للوقت. وفي الوقت الراهن، ستعمل جاهداً كي تبدو قوياً قدر الإمكان، حتى بالنسبة إلى أقرب أقرانك، هل تفهم ذلك؟».

«نعم سيدي».

«جيد».

بقيتُ جاثمةً هناك، أستمع لصوتيهما المكتومين، إلى أن جعلني الغبار الموجود في الرواق أشعر بالعطاس. لقد تساءلت عن قدري، هل سيرفعني عالياً نحو السلطة أو يُقوّضني. لكن بدا الأمر أكثر إخافةً من قبل. فكل ما أراده أبي هو إخضاع ثوفية، وكان الفشل مقدّراً على رايزك، ومُحتّماً عليه خذلان أبي.

من الخطر إغضاب والدي بشيء ليس باستطاعتك تغييره.

لقد تألمتُ من أجل رايز، هناك في الرواق، وأنا أتخبط في طريق عودتي إلى غرفة نومي. لقد تألمتُ قبل أن أعرف أكثر.

2019/12/20 · 309 مشاهدة · 480 كلمة
Adk3RAK
نادي الروايات - 2024