في صباح اليوم التالي، كانت السماء مليئة بالغيوم، ويمكن رؤية شمس مشرقة جميلة بين تلك الغيوم.
في ساحة تدريب طلاب السنة الأولى، وقفت الأستاذة أليزا على منصة دائرية أمام صفوف الطلاب. كانت ترتدي سترة كحلية مع بنطال أسود. وكان شعرها الطويل الجميل مربوطًا في شكل ذيل حصان.
على جانبها الأيسر، كان الأستاذ آستر يقف مرتديًا قميصًا أبيض مع بنطال أسود. ألقيا نظرة على الطلاب، لكن عبوسًا ظهر على وجه أليزا لأن بعض الوجوه المألوفة كانت مفقودة.
ناقش بعض الطلاب فيما بينهم بتوتر بينما كان البعض متحمسًا للامتحان العملي الذي سيعقد قريبًا.
في وسط الطلاب، كانت تقف فتاتان رائعتان ترتديان الزي الرسمي الأزرق. بدت إحداهما منعزلة وباردة بينما بدت الأخرى بريئة وساحرة في آن واحد. كان بعض الفتيان الصغار يلقون نظرات خفية على الفتاتين لكنهم لم يجرؤوا على الاقتراب لأن الفتاتين كانتا قويتين بما يكفي لضربهما.
نظرت ميا إلى الطلاب من حولهم بعينين مضيقتين وهمست للارا.
”أين آليك وكارسل؟“
حدقت فيها لارا وهزت كتفيها.
”لا أعرف.“
بينما كانتا تتحدثان، دخل أربعة أفراد إلى ساحة التدريب. لقد كانوا في الوقت المحدد، ولكن لأن الجميع كان قد وصل مبكرًا بعض الشيء، أحدث دخولهم صمتًا داخل ساحة التدريب.
حدق جميع الطلاب فيهم وهم يشقون طريقهم إلى الداخل. حتى الأستاذة أليزا وآستر ألقيا نظرة على الوافدين الجدد بعينين ضيقتين.
شعر آليك وكارسل وكايل ببعض الإحراج من التحديق بهم، لكن ناين ابتسم ابتسامة عريضة. لقد كان هو السبب في تأخرهم. أراد دخولًا خاصًا لا يُنسى! حتى أنه أجبر كايل والآخرين على ارتداء الزي الرسمي للأكاديمية.
كان ناين يتقدم بتعبير راضٍ بينما اقتربوا جميعًا من الطلاب الذين كانوا يحدقون فيهم بنظرات كالخناجر. بعد السير وسط الحشد الصامت، وقفوا بجانب لارا وميا اللتين كانتا تحدقان فيهما بحاجبين مرفوعين.
-'دخول رائع! صديقك يعرف كيف يصبح مشهورًا!'
صاحت بيا وهي تجلس فوق رأس كايل. كانت الكثير من العيون تحدق فيها لكنها اعتادت على ذلك بالفعل.
ألقى كايل نظرة على نفسه متنهدًا. كانت هذه هي المرة الأولى التي يرتدي فيها الزي الرسمي للأكاديمية. على عكس ملابسه الفضفاضة العادية، كان القميص الأزرق ضيقًا بعض الشيء، مما جعله يشعر بعدم الارتياح قليلًا.
حدق آليك في لارا وميا.
”مرحبًا، لقد مر وقت طويل.“
كان وجه لارا خاليًا من التعابير، لكن عندما ألقت نظرة على آليك، ظهرت ابتسامة صغيرة على وجهها. حدقت في كارسل وكايل وناين بإيماءة. تفاجأ كايل بسرور لكنه أومأ فقط في المقابل.
أراد أن يشيح بنظره، لكن من زاوية عينيه، لاحظ شيئًا جعله يطقطق بلسانه في داخله.
كانت ميا تقف بجانب كارسل، وقد أومآ لبعضهما البعض، لكن كايل استطاع أن يرى أن أذني الأمير الجبار كانتا حمراوين.
'تشه، يبدو أنه بعد ناين، الثاني الذي سيجد شريكة هو كارسل.'
بدا الأمر كإعجاب بريء لأن الثنائي نفسه لم يلاحظ. طالت نظرات كايل عليهما ورأى ابتسامة ميا الحلوة.
-'توقف عن التحديق. إنها ليست عادة جيدة.'
تردد صوت بيا داخل رأس كايل، وعلى الفور أشاح بعينيه بعيدًا وكأنه لم يرَ شيئًا.
تنهدت الأستاذة أليزا، وصفقت بيديها لتجمع انتباه الجميع.
”صباح الخير، يا فتيات وفتيان. آمل أن يكون الجميع بخير ويعمل بجد.“
”كنتُ أحد الأشخاص الذين صمموا الامتحان النظري، ويجب أن أقول إنني محبطة جدًا من بعض الطلاب. النتيجة لم تظهر بعد، لكن الأوراق القليلة التي فحصتها كانت فظيعة لدرجة أنني أردت بشدة أن أرسب هؤلاء الأفراد!“
اجتاحت نظرتها الحادة حشد الطلاب. حتى أن القليل منهم بدأ يتعرق لأن أوراقهم كانت فارغة تقريبًا.
”على أي حال، هذا هو الموضوع الذي سنناقشه لاحقًا داخل الفصل الدراسي لأن النتائج ستظهر على الأرجح بعد أسبوع.“
بتعبير جاد، أشارت أليزا إلى الأرض.
”الآن انظروا إلى أقدامكم، هناك العديد من الدوائر البيضاء على الأرض. ابدأوا في التحرك وقفوا على دائرة قريبة ترونها. هذه الدوائر متصلة بمصفوفة لذا يمكن لفرد واحد فقط الوقوف على دائرة واحدة.“
نظر الطلاب على الفور إلى الأسفل. بالفعل كانت هناك الكثير من الدوائر تحت أقدامهم. تحت نظرة أليزا، تحركوا على عجل ووقفوا على الدوائر.
أومأت أليزا وبدأت تشرح عن الامتحان العملي.
”حسنًا. ستأخذكم هذه الدوائر جميعًا إلى مساحة منفصلة حيث سيُعقد الامتحان العملي. الأمر أشبه بزنزانة اصطناعية لكنها مختلفة قليلًا لأنكم لن تظهروا داخل غابة أو حقل مفتوح. بدلًا من ذلك، سيظهر الجميع فوق منصة منفصلة.“
”ستكون المنصة محاطة بضباب أبيض ولا يمكنكم الخروج من المنصة. بعد وصولكم إلى هناك، سيبدأ عد تنازلي وفي غضون دقيقة ستظهر وحوش مختلفة من الضباب. في البداية، ستكون الوحوش منخفضة الرتبة، لكن مع مرور الوقت ستصبح أقوى. ستهاجم وتحاول إصابة الشخص الواقف على المنصة. قتل الوحوش سيمنحكم نقاطًا ستحدد ترتيب الجميع.“
توقفت لبضع ثوانٍ لتترك الطلاب يستوعبون كل المعلومات.
”في اللحظة التي يصاب فيها أي طالب بإصابة بالغة أو يعلن الهزيمة بصوت عالٍ، سيتم إخراجه من الزنزانة. أولئك الذين يخرجون يمكنهم رؤية نتائجهم النهائية من خلال شاشة العرض تلك.“
أشارت يدها إلى شاشة عرض كبيرة تطفو فوق رؤوس الطلاب. أظهرت الشاشة أرقامًا من 1 إلى 200، لكن في الوقت الحالي لم يكن هناك اسم مكتوب أمام الأرقام.
”هل أنا واضحة أم هل يريد أحد أن يسأل سؤالًا؟“
ساد الصمت للحظة قبل أن يرفع بعض الطلاب أيديهم ويسألوا بعض الأسئلة الغبية مثل هل الوحوش خطيرة؟ أو إذا هزموا جميع الوحوش داخل الزنزانة كيف سيخرجون؟
قلبت أليزا عينيها الجميلتين وحدقت في الطلاب.
”أرى أن بعضكم لديه الكثير من المخاوف غير الضرورية، لكن دعوني أوضحها. أولًا، ليس من الممكن الصمود لفترة طويلة داخل الزنزانة لأنه مع كل وحش تقتله، سيهاجمك وحش جديد وأكثر قوة.“
”ثانيًا، لا أعتقد أن أي شخص لديه قدرة تحمل عالية كهذه ليدوم لبضعة أيام داخل الزنزانة دون أن يتعب. أخيرًا، إذا استطاع شخص ما الصمود لبضعة أيام في الداخل وقتل جميع الوحوش التي تهاجمه، فسيخرج ذلك الطالب تلقائيًا.“
قالت الجملة الأخيرة بسخرية ثم استقرت نظرتها على كايل الذي كان يستمع بانتباه.
”كايل، اترك وحشك المُقيَّد خلفك.“
حدق فيها كايل بعبوس لكن أليزا تنهدت.
”إذا لم تفعل، فسيُعتبر ذلك غشًا لأنك لن تقاتل وحدك. الغرض من هذا الامتحان هو اختبار قوة كل فرد على حدة. لا تقلق يمكنك تركه مع....“
قُطعت جملتها عندما دخل رجلان عجوزان إلى ساحة التدريب. أحدهما كان الشيخ هان والآخر كان ذا شعر أسود.
نظرا إلى الطلاب ولوح الشيخ هان لأليزا.
”نحن هنا فقط لتفعيل المصفوفة.“
أومأت أليزا ونظرت مرة أخرى إلى كايل الذي رفع يده.
”حسنًا.“
حدقت بيا في السيدة الجميلة. لمعت عيناها، وأرادت الذهاب نحو أليزا لكن صوت كايل جعل مزاجها سيئًا.
'بيا، ابقَي مع معلمي لبعض الوقت.'
-'آغ.. حسنًا!'
بتعبير متردد، بدأت تطير وذهبت نحو الشيخ هان الذي كان مشغولًا بوضع بعض البلورات حول ساحة التدريب.
ظهر تعبير مندهش على وجهه العجوز عندما رأى بيا تأتي نحوه فجأة. نظرت الأستاذة أليزا أيضًا إلى شخصية بيا.
بعد أن استقرت بيا على كتف الشيخ هان، نظر إلى كايل متنهدًا. كان لديه فكرة نوعًا ما عن شخصية كايل بعد رؤيته مرات عديدة. كان كايل طيب الطبع وهادئًا إلى حد ما، لكنه لم يثق بالآخرين بسهولة.
”سأعتني بها.“
قال واستأنف عمله. حدق الكثير من الطلاب في بيا. حتى نظرة الأستاذ آستر الفضولية طالت على جسدها. شخر في داخله بتعبير منزعج.
'من الخطر جدًا التصرف داخل الأكاديمية الآن. على الرغم من أن هويتي نظيفة، إلا أن المدير هنا ولهذا لا يمكنني المخاطرة.'
'على أي حال، أحتاج فقط إلى تقديم تقرير. ليس من واجبي فعل كل شيء.'
استقرت نظرته على آليك لثانية قبل أن يتردد صوته المدوّي داخل ساحة التدريب.
”هذا كل شيء، أنا أرسلكم جميعًا إلى الزنزانة الآن. استعدوا.“
مع ذلك، نظر الأستاذ آستر إلى الشيخين اللذين كانا يجهزان البلورات على الأرض. أومآ ووضعا بضع بلورات أخرى على الحافة الأخرى من ساحة التدريب.
حدق كايل في قدميه. كانت هناك دائرة بيضاء حوله. شعر بإحساس مألوف قبل أن تتحول رؤيته إلى الظلام لبضع ثوانٍ ووصل فوق منصة.
تمامًا كما قالت الأستاذة أليزا، أحاطت طبقة من الضباب الكثيف بالمنصة. تقدم خطوة إلى الأمام وحاول السير داخل الضباب لكن بطانية شفافة ظهرت عند حواف المنصة، ومنعته من دخول الضباب.