# الفصل الرابع: البحث عن الحقيقة
كان الظلام قد خيم على نيوسيول عندما تسلل جين إلى المدينة. استخدم طرقاً خلفية ومناطق مهجورة، متجنباً الكاميرات والدوريات. كان يعلم أن كلاً من الاتحاد وعشيرة القمر الأسود يبحثان عنه، وأن ظهوره في الأماكن العامة سيكون خطراً.
توقف في زقاق مظلم وأخرج هاتفاً قديماً اشتراه من متجر صغير على الطريق. كان هاتفاً رخيصاً يعمل ببطاقة مدفوعة مسبقاً - لا يمكن تتبعه بسهولة. أدخل رقماً كان يحفظه عن ظهر قلب.
بعد عدة رنات، أجابت مين-آه، صوتها مليء بالقلق. "مرحباً؟"
"مين-آه، إنه أنا،" قال بصوت منخفض.
"جين!" صرخت بارتياح. "أين أنت؟ لقد كنت قلقة للغاية! اختفيت لأيام، ثم جاء رجال من الاتحاد يسألون عنك، وبعدها—"
"اسمعيني بعناية،" قاطعها جين. "أنا بخير، لكنني في وضع خطير. لا يمكنني العودة إلى المنزل الآن."
"ماذا حدث؟" سألت، صوتها يخفت إلى همس.
"لا أستطيع شرح كل شيء عبر الهاتف. لكن هناك أشخاص خطرون يبحثون عني، وقد يستهدفونك للوصول إلي."
صمت للحظة. "هل أنت في المنزل الآن؟"
"نعم، لكن—"
"هل أنت وحدك؟"
"نعم. العمة مي-جا ذهبت لزيارة صديقة."
"جيد. استمعي بعناية. أريدك أن تأخذي حقيبة صغيرة وتضعي فيها بعض الملابس والمال الاحتياطي الموجود في الدرج الثالث في غرفتي. ثم اذهبي إلى محطة القطار المركزية واستقلي القطار إلى مدينة بوسان. عندما تصلين، اذهبي إلى العنوان الذي سأرسله إليك في رسالة نصية."
"جين، أنت تخيفني،" قالت مين-آه، صوتها يرتجف قليلاً.
"أعرف، وأنا آسف. لكن هذا ضروري لسلامتك. هناك أشياء... أشياء لا تعرفينها عن والدينا، عني. سأشرح كل شيء عندما نلتقي."
"هل هذا يتعلق بالمهمة التي كلفك بها الاتحاد؟"
"نعم، لكنه أكبر من ذلك بكثير." تنهد جين. "مين-آه، أعدك أنني سأشرح كل شيء. لكن الآن، أحتاج منك أن تثقي بي وتفعلي ما أقوله."
صمتت للحظة، ثم قالت بصوت أكثر ثباتاً: "حسناً. سأفعل ما طلبت."
"شكراً لك. تذكري - لا تخبري أحداً إلى أين أنت ذاهبة. لا العمة مي-جا، لا أصدقاءك، لا أحد. وتأكدي من أنك غير متبوعة."
"أفهم. متى ستأتي؟"
"سألحق بك في غضون يومين. هناك شيء يجب علي القيام به أولاً."
"كن حذراً، جين. أنا... أنا لا أريد أن أفقدك."
شعر جين بألم في قلبه. "لن تفقديني. أعدك."
أنهى المكالمة وأرسل رسالة نصية بالعنوان - منزل صديق قديم في بوسان، شخص يمكنه الوثوق به. ثم أزال البطارية من الهاتف وألقاها في حاوية قمامة، والهاتف نفسه في حاوية أخرى. لا يمكنه المخاطرة بتتبعه.
الآن، بعد أن اطمأن على سلامة مين-آه، كان عليه التركيز على مهمته التالية: العثور على الطفلة الغامضة، لي سو-يون، في المعبد الجبلي.
لكن قبل ذلك، كان بحاجة إلى معدات ومؤن للرحلة. وكان يعرف شخصاً واحداً في نيوسيول يمكنه مساعدته دون طرح الكثير من الأسئلة.
---
كان متجر "معدات الصياد" يقع في زاوية مظلمة من حي تجاري قديم. كانت واجهته متواضعة، مع لافتة باهتة ونوافذ مغطاة بالغبار. لكن بالنسبة لصيادي المكافآت، كان هذا المكان كنزاً.
طرق جين على الباب الخلفي ثلاث مرات، ثم مرتين، ثم ثلاث مرات مرة أخرى - إشارة متفق عليها مع المالك.
بعد لحظات، فُتح الباب، كاشفاً عن رجل ضخم في الخمسينيات من عمره، ذو لحية كثيفة وعين واحدة - الأخرى مغطاة برقعة سوداء.
"جين سو-هو،" قال الرجل بصوت عميق. "سمعت أنك مطلوب من قبل الاتحاد."
"مرحباً، سيد بارك،" قال جين. "هل يمكنني الدخول؟"
تنحى بارك جانباً، سامحاً لجين بالدخول إلى المتجر المظلم. كان المكان مليئاً بالرفوف التي تحمل كل أنواع المعدات - أسلحة، دروع، أجهزة تعقب، مؤن للبقاء على قيد الحياة في البرية.
"ماذا فعلت لتغضب الاتحاد؟" سأل بارك وهو يغلق الباب ويقفله.
"قصة طويلة،" تنهد جين. "لكنهم ليسوا الوحيدين الذين يبحثون عني."
رفع بارك حاجبه الوحيد. "عشيرة القمر الأسود أيضاً؟"
نظر إليه جين بدهشة. "كيف عرفت؟"
ضحك بارك ضحكة خشنة. "أنا أبيع معدات للجميع، جين. الاتحاد، الصيادون المستقلون، حتى بعض الجماعات... الأقل شرعية. الناس يتحدثون. والآن، الجميع يتحدث عنك."
"وماذا يقولون؟"
"يقولون إنك سرقت شيئاً ثميناً من عشيرة القمر الأسود. يقولون إن الاتحاد يريدك للاستجواب بخصوص تورطك معهم." هز بارك رأسه. "لكنني أعرفك منذ سنوات. أنت لست لصاً، ولست خائناً."
"شكراً لك،" قال جين بامتنان. "أنا بحاجة إلى مساعدتك، سيد بارك. أحتاج إلى معدات للبقاء في الجبال لعدة أيام، وربما بعض الأسلحة."
"تخطط للاختباء في الجبال؟" سأل بارك وهو يتوجه نحو الرفوف الخلفية.
"ليس تماماً. أنا بحاجة للوصول إلى معبد قديم في الشمال."
توقف بارك وعاد ينظر إليه. "معبد في الجبال الشمالية؟ هل تقصد معبد القمر الصامت؟"
أومأ جين برأسه. "أعتقد ذلك. هل تعرفه؟"
"أعرف عنه. مكان قديم وغامض. يُقال إنه محمي بحواجز قوية. القليلون الذين حاولوا الوصول إليه عادوا... مختلفين."
"مختلفين كيف؟"
"بعضهم فقد ذاكرته. آخرون عادوا مصابين بالهلوسة، يتحدثون عن رؤى غريبة." نظر بارك إلى جين بجدية. "ما الذي تبحث عنه هناك، جين؟"
"شخص يمكنه مساعدتي على فهم ما يحدث. طفلة تدعى لي سو-يون."
بدت الدهشة على وجه بارك. "الطفلة البيضاء؟ هل هي حقيقية إذن؟"
"هل سمعت عنها؟"
"مجرد أساطير. قصص يتناقلها الصيادون القدامى. يقولون إن هناك طفلة ذات شعر أبيض وعيون زرقاء تعيش في المعبد، لا تكبر أبداً، وتعرف أسرار الأحجار." هز بارك رأسه. "لم أصدق هذه القصص أبداً."
"حسناً، سأكتشف الحقيقة قريباً،" قال جين. "هل يمكنك مساعدتي؟"
أومأ بارك. "بالطبع. لكن هذه رحلة خطيرة، جين. الجبال الشمالية ليست مجرد تضاريس صعبة - إنها موطن لوحوش قوية، وبعضها من الدرجة B أو حتى A."
"أعرف المخاطر."
"وأنت لا تملك حجراً." كانت هذه حقيقة، وليس سؤالاً.
"لا، ليس بعد على الأقل،" قال جين، متذكراً كلمات الدكتور تشوي عن حجر التغيير الكامن بداخله.
نظر إليه بارك بفضول، لكنه لم يسأل المزيد. بدلاً من ذلك، بدأ في جمع المعدات - حقيبة ظهر متينة، ملابس دافئة، طعام مجفف، معدات تسلق، خريطة مفصلة للمنطقة الجبلية، وبوصلة.
"هذه المنطقة معروفة بتشويش الإشارات الإلكترونية،" قال وهو يضيف بوصلة قديمة الطراز إلى المجموعة. "لا تعتمد على GPS أو أي تكنولوجيا حديثة."
ثم توجه إلى خزانة مقفلة وفتحها، كاشفاً عن مجموعة من الأسلحة. أخرج مسدساً متطوراً وسكيناً طويلاً ذا نصل أسود غريب.
"هذا المسدس مصمم خصيصاً للتعامل مع الوحوش من الدرجة B. الذخيرة محدودة، لذا استخدمها بحكمة." ثم رفع السكين. "وهذا... هذا نادر جداً. نصل مصنوع من معدن الظل - يمكنه اختراق الحواجز السحرية."
"كيف حصلت على شيء كهذا؟" سأل جين بدهشة.
ابتسم بارك ابتسامة غامضة. "لدي مصادري. المهم أنه قد يساعدك في الوصول إلى المعبد."
جمع كل المعدات في حقيبة الظهر وأعطاها لجين. "هذا كل ما أستطيع تقديمه."
"كم سيكلفني هذا؟" سأل جين، وهو يفتح حقيبته ليخرج بعض المال.
رفع بارك يده. "لا شيء. اعتبره ديناً قديماً أسدده."
"لكن—"
"لقد أنقذت حياتي مرتين، جين. في مهمة تعقب الوحش في المستنقعات الجنوبية، وفي حادثة مستودع الأسلحة. لم أنس ذلك."
وضع يده الضخمة على كتف جين. "لكن أريد منك وعداً."
"ما هو؟"
"عندما تنتهي من كل هذا، عندما تجد ما تبحث عنه، عد وأخبرني بالقصة كاملة. أريد أن أعرف ما الذي جعل كلاً من الاتحاد وعشيرة القمر الأسود يطاردون صياد مكافآت عادي."
ابتسم جين. "أعدك. وأنا لست عادياً جداً على ما يبدو."
ضحك بارك. "هذا ما كنت أشك فيه دائماً."
قاد جين إلى باب خلفي آخر، يؤدي إلى زقاق مختلف. "هذا الطريق سيأخذك إلى منطقة صناعية مهجورة. يمكنك العبور من هناك إلى الضواحي الشمالية دون أن يراك أحد."
"شكراً لك، سيد بارك. لن أنسى هذا."
"فقط ابق على قيد الحياة، جين. وكن حذراً في المعبد. الأماكن القديمة لها قواعدها الخاصة."
خرج جين إلى الزقاق المظلم، حقيبة الظهر الثقيلة على ظهره. كان الليل قد تقدم، والقمر يختبئ خلف السحب. ظلام مثالي للتسلل عبر المدينة.
بدأ يشق طريقه عبر الأزقة الخلفية، متجهاً نحو الشمال. كان عليه الخروج من المدينة قبل الفجر، والوصول إلى سفوح الجبال قبل أن تبدأ دوريات الاتحاد البحث عنه في المناطق الريفية.
بينما كان يمشي، كانت أفكاره تعود إلى مين-آه. هل ستصل إلى بوسان بأمان؟ هل ستكون بخير حتى يتمكن من اللحاق بها؟ وماذا سيخبرها عندما يلتقيان؟ الحقيقة كاملة؟ حتى الجزء المتعلق بحجر التغيير الذي قد يكون كامناً بداخله؟
وفوق كل ذلك، كان هناك سؤال أكبر يطارده: ماذا لو كان الدكتور تشوي مخطئاً؟ ماذا لو لم يكن حجر التغيير بداخله؟ أو أسوأ، ماذا لو كان موجوداً، لكنه لا يستطيع استخدامه لإنقاذ من يحبهم؟
هز رأسه، محاولاً طرد هذه الأفكار. كان عليه التركيز على المهمة الحالية: الوصول إلى المعبد والعثور على الطفلة الغامضة. كل شيء آخر سيأتي لاحقاً.
---
بعد ساعات من المشي، وصل جين إلى حدود المدينة. كانت السماء تبدأ في التحول إلى اللون الرمادي الفاتح، علامة على اقتراب الفجر. كان عليه الإسراع.
عبر حقولاً مفتوحة، متجنباً الطرق الرئيسية والمناطق المأهولة. بحلول منتصف النهار، كان قد وصل إلى سفوح الجبال الشمالية.
توقف للراحة تحت ظل شجرة كبيرة، وأخرج الخريطة التي أعطاه إياها الدكتور تشوي. وفقاً للخريطة، كان المعبد يقع في واد عميق بين قمتين جبليتين، على بعد يوم ونصف من سيره الحالي.
أخرج بعض الطعام المجفف وبدأ يأكل، عيناه تتفحصان المنطقة المحيطة بحثاً عن أي علامة على الخطر. كان المكان هادئاً بشكل غريب - لا طيور، لا حشرات، فقط صوت الريح بين الأشجار.
بعد استراحة قصيرة، استأنف رحلته. كلما صعد أعلى في الجبال، أصبح الهواء أكثر برودة والتضاريس أكثر وعورة. بدأت الغابات تصبح أكثر كثافة، والأشجار أكثر التواءً وغرابة.
مع غروب الشمس، وجد جين كهفاً صغيراً يمكنه قضاء الليلة فيه. تفقده بعناية للتأكد من خلوه من الوحوش، ثم أعد مخيماً بسيطاً. أشعل ناراً صغيرة، وتناول المزيد من الطعام المجفف، وأعد نفسه لليلة باردة.
بينما كان يجلس بجانب النار، أخرج السكين ذا النصل الأسود الذي أعطاه إياه بارك. كان غريباً - خفيفاً بشكل غير طبيعي، والنصل يبدو كأنه يمتص الضوء بدلاً من عكسه. معدن الظل، كما سماه بارك. قادر على اختراق الحواجز السحرية.
تساءل عن نوع الحواجز التي قد يواجهها في المعبد. وعن الطفلة الغامضة، لي سو-يون. من كانت حقاً؟ وكيف يمكنها مساعدته في فهم القوة الكامنة بداخله؟
مع هذه الأفكار تدور في رأسه، استسلم أخيراً للنوم، السكين قريباً من يده، والمسدس تحت رأسه.
في أحلامه، رأى طفلة ذات شعر أبيض وعيون زرقاء شاحبة، تقف وسط دائرة من الأحجار المتوهجة. كانت تنظر إليه مباشرة، كأنها تراه عبر الحلم، وشفتاها تتحركان بكلمات لم يستطع سماعها.
استيقظ فجأة، قلبه يخفق بقوة. كان الفجر قد بدأ للتو، والنار قد خمدت إلى جمرات. لكن ما أيقظه لم يكن الحلم، بل صوت - صوت خطوات ثقيلة خارج الكهف.
أمسك بالمسدس بهدوء وزحف نحو مدخل الكهف. في الضوء الخافت للفجر، رأى شيئاً يتحرك بين الأشجار - شيء كبير، أكبر من إنسان.
كان وحشاً، من النوع الذي يسميه الصيادون "قاطع الأشجار" - مخلوق ضخم يشبه الدب، لكن مع أربعة أذرع تنتهي بمخالب حادة كالسكاكين. كان من الدرجة C، خطير ولكن ليس مستحيلاً بالنسبة لصياد من مستوى جين.
لكن ما أثار قلقه هو سلوك الوحش. كان يتحرك بطريقة منهجية، كأنه يبحث عن شيء - أو شخص. وكان يقترب من الكهف.
هل كان يتتبعه؟ هذا غير معتاد. وحوش "قاطع الأشجار" عادة ما تكون إقليمية، تهاجم فقط من يدخل أراضيها.
لم يكن لدى جين وقت للتفكير أكثر. الوحش كان يتجه مباشرة نحو الكهف. كان عليه اتخاذ قرار - المواجهة أو الهرب.
اختار المواجهة. كان الهرب سيجعله عرضة للهجوم من الخلف، والوحش كان أسرع منه في التضاريس الوعرة.
خرج من الكهف بسرعة، مسدسه مصوب نحو الوحش. "هنا أيها القبيح!"
استدار الوحش نحوه، عيناه الصغيرتان تلمعان بذكاء غير متوقع. ثم، بسرعة مذهلة لمخلوق بهذا الحجم، هجم.
أطلق جين النار، مصيباً الوحش في كتفه. تراجع المخلوق للحظة، ثم استمر في هجومه، غير متأثر كثيراً بالجرح.
هذا لم يكن طبيعياً. عادة ما تكون ذخيرة مسدسه فعالة ضد وحوش الدرجة C.
تجنب جين الهجوم بالكاد، متدحرجاً جانباً. أطلق طلقتين أخريين، مصيباً الوحش في رأسه. هذه المرة، ترنح المخلوق، لكنه لم يسقط.
"ما الذي يحدث؟" تمتم جين وهو يتراجع، محاولاً الحفاظ على مسافة بينه وبين الوحش.
ثم لاحظ شيئاً - كان هناك نوع من الضوء الأحمر الخافت ينبعث من عيني الوحش. وعلى عنقه، كان هناك شيء يشبه الطوق المعدني.
"إنه مُتحكَّم به،" أدرك جين. شخص ما كان يستخدم الوحش لتعقبه.
لم يكن لديه وقت للتفكير في من قد يكون. الوحش هجم مرة أخرى، وهذه المرة، كان جين مستعداً. انتظر حتى اللحظة الأخيرة، ثم انحنى تحت مخالب الوحش وطعنه بالسكين ذي النصل الأسود في بطنه.
صرخ الوحش صرخة مروعة، وتراجع متلوياً من الألم. النصل الأسود كان أكثر فعالية من الرصاص.
استغل جين الفرصة وهجم، مستهدفاً الطوق المعدني على عنق الوحش. قطعه بضربة واحدة من السكين، والطوق سقط على الأرض.
فوراً، اختفى الضوء الأحمر من عيني الوحش. بدا مرتبكاً للحظة، ثم، بدلاً من مهاجمة جين مرة أخرى، استدار وهرب إلى الغابة.
التقط جين الطوق المعدني وفحصه. كان مصنوعاً من معدن غريب، مع رموز منقوشة عليه لم يستطع فهمها. لكن كان هناك شيء واحد تعرف عليه - رمز القمر الأسود الصغير المنقوش على الجانب.
"عشيرة القمر الأسود،" تمتم. كانوا يتتبعونه، يستخدمون الوحوش للعثور عليه.
هذا يعني أنه لم يعد لديه وقت للراحة. كان عليه الوصول إلى المعبد قبل أن يرسلوا المزيد من الوحوش - أو أسوأ، قبل أن يأتوا بأنفسهم.
جمع معداته بسرعة وغادر الكهف، متجهاً مباشرة نحو الجبال. كان الطريق وعراً والتسلق صعباً، لكنه استمر، مدفوعاً بالحاجة الملحة للوصول إلى المعبد والعثور على إجابات.
بحلول منتصف النهار، كان قد وصل إلى ممر ضيق بين قمتين جبليتين. وفقاً للخريطة، كان المعبد يقع في الوادي خلف هذا الممر.
توقف للحظة، متنفساً بصعوبة من الجهد. كان الهواء رقيقاً في هذا الارتفاع، والبرد قارساً. لكن ما لفت انتباهه حقاً كان الصمت - صمت مطلق، كأن الجبال نفسها كانت تحبس أنفاسها.
عبر الممر بحذر، يده على مسدسه. كان هناك شعور غريب في الهواء، كأنه يمر عبر ستارة غير مرئية. للحظة، شعر بدوار خفيف ووخز في جلده.
"الحاجز،" تمتم. كان قد عبر أول حاجز سحري.
عندما خرج من الممر، توقف مذهولاً. أمامه امتد واد واسع، محمي بالجبال من جميع الجهات. وفي وسط الوادي، محاط بحلقة من الأشجار القديمة العملاقة، كان هناك معبد.
كان بناءً جميلاً وغريباً في آن واحد - مزيج من العمارة التقليدية الكورية والتصاميم التي لم يرها من قبل. جدران بيضاء، أسقف زرقاء منحنية، وبرج مركزي يرتفع نحو السماء. وحول المعبد كله، كان هناك ضباب خفيف يتلألأ بألوان قوس قزح عندما تسقط عليه أشعة الشمس.
بدأ جين ينزل نحو الوادي، منجذباً إلى المعبد كأنه مغناطيس. كلما اقترب، أصبح الشعور الغريب أقوى - شعور بأنه يُراقب، ليس بعداء، بل بفضول.
عندما وصل إلى حافة حلقة الأشجار، توقف. كان يشعر بوجود حاجز آخر، أقوى من الأول. أخرج السكين ذا النصل الأسود، متذكراً كلمات بارك عن قدرته على اختراق الحواجز السحرية.
لكن قبل أن يتمكن من استخدامه، سمع صوتاً - صوت طفلة صغيرة.
"لا حاجة لذلك، جين سو-هو. أنت مدعو للدخول."
استدار بسرعة، مسدسه جاهزاً. وهناك، واقفة بين شجرتين عملاقتين، كانت طفلة صغيرة.
كانت تبدو في العاشرة من عمرها، لكن عينيها كانتا قديمتين بشكل لا يصدق. شعرها أبيض كالثلج، طويل يصل إلى خصرها. عيناها زرقاء شاحبة، تشعان بضوء خافت. كانت ترتدي ثوباً أبيض بسيطاً، وتمشي حافية القدمين على الأرض المغطاة بالصقيع دون أي علامة على الانزعاج.
"لي سو-يون،" قال جين، خافضاً سلاحه.
ابتسمت الطفلة ابتسامة غريبة - حكيمة وبريئة في آن واحد. "لقد انتظرتك طويلاً، حامل حجر التغيير."
"إذن هذا صحيح؟" سأل جين. "الحجر... بداخلي؟"
أومأت برأسها. "نعم. منذ ذلك اليوم، منذ اثني عشر عاماً. يوم فقدت والديك."
"كيف... كيف تعرفين ذلك؟"
"أعرف الكثير من الأشياء، جين سو-هو. أرى المصائر، كل المصائر المحتملة." أشارت نحو المعبد. "تعال. لدينا الكثير لنتحدث عنه، والوقت قصير."
"الوقت قصير؟"
"نعم. أتباع القمر الأسود قادمون. وكذلك الاتحاد. كلاهما يريدك، وكلاهما سيصل قريباً."
شعر جين بالقلق يتصاعد في داخله. "هل يمكنهم عبور الحواجز؟"
ابتسمت ابتسامة حزينة. "الحواجز قوية، لكنها ليست مثالية. خاصة ضد أولئك الذين يمتلكون أحجاراً قوية."
ثم استدارت وبدأت تمشي نحو المعبد. "تعال. سأريك الحقيقة. الحقيقة عن الأحجار، عن والديك، وعن مصيرك."
تبعها جين عبر حلقة الأشجار، شاعراً بوخز آخر عندما عبر الحاجز الثاني. كان المعبد أكثر روعة عن قرب - تفاصيل معقدة منحوتة في الخشب والحجر، ورموز غريبة مرسومة بألوان زاهية.
قادته سو-يون عبر بوابة كبيرة إلى فناء داخلي، حيث كانت هناك بركة صغيرة تعكس السماء. في وسط البركة، كانت هناك جزيرة صغيرة مع شجرة واحدة - شجرة ذات أوراق فضية وجذع أبيض.
"شجرة المصائر،" قالت سو-يون. "مصدر قوتي، ومكان سأريك فيه ما تحتاج لرؤيته."
عبرت جسراً صغيراً إلى الجزيرة، وأشارت لجين ليتبعها. عندما وصلا إلى الشجرة، وضعت يدها الصغيرة على الجذع.
"المس الشجرة، جين سو-هو. والحجر بداخلك سيستيقظ."
تردد جين. "ماذا سيحدث؟"
"سترى المصائر - مصيرك، مصير أختك، مصير العالم. وستفهم لماذا أنت مهم جداً."
نظر إلى الشجرة، ثم إلى الطفلة الغريبة. كان هناك شيء في عينيها - صدق، وحزن عميق.
"هل سيؤلم؟" سأل أخيراً.
"نعم،" أجابت بصراحة. "رؤية المصير دائماً مؤلمة. لكنها ضرورية."
أخذ جين نفساً عميقاً، ثم مد يده ولمس الجذع الأبيض.
فوراً، شعر بألم حاد في صدره، كأن شيئاً بداخله يستيقظ فجأة. سقط على ركبتيه، متشبثاً بالشجرة، بينما اجتاحته موجة من الصور والأصوات.
رأى مين-آه، تصرخ وهي محاطة بالظلام. رأى كانغ دو-هون، يقف وسط دائرة من الأحجار المتوهجة، قوة هائلة تتدفق منه. رأى مدناً تنهار، وشقوقاً تظهر في السماء نفسها.
ثم رأى نفسه، يقف في نفس الدائرة، يحمل حجراً يشع بضوء أزرق، يواجه كانغ. وخلفه، ظل غامض، كيان بلا شكل محدد، يتحدث بصوت يهز الواقع نفسه.
"هذا هو المصير،" سمع صوت سو-يون، كأنه يأتي من بعيد. "مصير واحد من بين العديد من المصائر المحتملة. لكنه الأكثر احتمالاً... ما لم تغيره."
ثم، بنفس السرعة التي بدأت بها، انتهت الرؤية. وجد جين نفسه ملقى على الأرض، يلهث، وعرق بارد يغطي جبينه.
وقفت سو-يون بجانبه، عيناها مليئتان بالتعاطف. "الآن تعرف."
"ما الذي رأيته؟" سأل جين، صوته مرتجفاً. "ما كان ذلك الظل؟ وماذا يفعل كانغ؟"
"الظل هو حارس الحدود بين العوالم. والأحجار... الأحجار هي أجزاء منه، شظايا من كيان قديم سقط على عالمنا."
ساعدته على
النهوض. "تعال. سأخبرك بالقصة كاملة. ثم ستفهم ما عليك فعله."
قادته إلى مبنى صغير بجانب البركة. داخله، كانت هناك غرفة بسيطة مع طاولة منخفضة ووسائد للجلوس.
"اجلس،" قالت. "وسأخبرك بالحقيقة عن الأحجار، وعن سبب وجودي هنا، وعن سبب اختيارك أنت."
جلس جين، مستعداً أخيراً لسماع الحقيقة الكاملة. الحقيقة التي قد تغير كل شيء.