# الفصل السابع
كان المنزل الساحلي الذي أخذتهم إليه هاي-ين يقع على منحدر صخري مطل على البحر، في الجزء الجنوبي النائي من جزيرة جيجو. كان بناءً قديماً من طابقين، محاطاً بأشجار الصنوبر الكثيفة التي توفر تمويهاً طبيعياً من الأعين المتطفلة.
"كان هذا منزل جدي،" شرحت هاي-ين وهي تفتح الباب الأمامي المتهالك. "لم يأت أحد إلى هنا منذ سنوات."
كان ذلك واضحاً من طبقة الغبار التي غطت الأثاث المغطى بأغطية بيضاء. كانت النوافذ مغلقة بألواح خشبية، مما جعل الداخل مظلماً وخانقاً.
"ليس قصراً،" قالت هاي-ين وهي تفتح بعض النوافذ للسماح بدخول ضوء الفجر وهواء البحر المنعش، "لكنه سيكون آمناً لفترة."
"كيف عرفت عن هذا المكان؟" سأل جين وهو يساعد في إزالة الأغطية عن الأثاث.
"هاي-ين لديها العديد من الأسرار،" قالت سو-يون بهدوء، وهي تجلس على كرسي قديم. كانت تبدو شاحبة وضعيفة، تأثير واضح لابتعادها عن المعبد.
نظرت إليها هاي-ين بنظرة غريبة، مزيج من الاحترام والحذر. "نعم، لدي أسراري. كما لديك أنت أسرارك، أيتها الطفلة."
"هل أنتما تعرفان بعضكما من قبل؟" سأل جين، ملاحظاً التوتر بينهما.
"نوعاً ما،" قالت هاي-ين بعد تردد. "التقينا... في ظروف مختلفة."
"قبل أن تنضمي إلى عشيرة القمر الأسود،" قالت سو-يون، ليست سؤالاً بل تأكيداً.
"نعم. قبل ذلك بكثير."
قبل أن يتمكن جين من السؤال أكثر، قاطعهم هيون-سو الذي كان يتفقد المنزل. "المكان آمن نسبياً. مداخل محدودة، رؤية جيدة للمنطقة المحيطة. لكننا سنحتاج إلى مؤن."
"وكهرباء،" أضافت مين-آه، التي كانت تحاول تشغيل مصباح. "لا يوجد تيار."
"هناك مولد في الخلف،" قالت هاي-ين. "يمكننا تشغيله لبضع ساعات يومياً. لكن يجب أن نكون حذرين - الضوء والضوضاء قد تجذب الانتباه."
"سأذهب لإحضار المؤن من البلدة القريبة،" تطوع هيون-سو.
"ليس وحدك،" قالت هاي-ين. "سأذهب معك. أنا أعرف المنطقة."
"وماذا عنا؟" سأل جين.
"ابقوا هنا. ابدأوا بتنظيف المكان وجعله صالحاً للسكن. وأهم شيء - ابدأوا بالتدريب."
"التدريب؟"
"نعم. أنت ومين-آه بحاجة إلى تعلم كيفية استخدام قوتكما. وسو-يون هي المعلمة المثالية."
نظر جين إلى الطفلة الشاحبة. "هل أنت بخير؟ تبدين متعبة."
ابتسمت ابتسامة ضعيفة. "سأكون بخير. الابتعاد عن المعبد يضعفني، لكنني لست عاجزة. وتعليمكما أهم من راحتي."
غادر هيون-سو وهاي-ين بعد ساعة، متوجهين إلى البلدة الصغيرة التي تبعد حوالي عشرين كيلومتراً. بقي جين ومين-آه وسو-يون في المنزل، يعملون على تنظيفه وجعله أكثر راحة.
بعد ساعات من العمل، كان المكان قد تحسن بشكل ملحوظ. أزالوا الغبار، وفتحوا النوافذ للتهوية، وأصلحوا بعض الأثاث المكسور. وجدوا بئراً قديمة في الخلف، مما حل مشكلة المياه، وتمكن جين من تشغيل المولد، مما وفر كهرباء محدودة.
عندما انتهوا، جلسوا في غرفة المعيشة المطلة على البحر. كان المشهد خلاباً - أمواج زرقاء تتكسر على الصخور أدناه، وسماء صافية فوقهم.
"حسناً،" قال جين، ملتفتاً إلى سو-يون. "كيف نبدأ هذا التدريب؟"
جلست سو-يون في وضع القرفصاء على الأرض، وأشارت لهما ليجلسا أمامها. "أولاً، يجب أن تفهما طبيعة الأحجار التي تحملانها. ليست مجرد أدوات أو مصادر قوة - إنها كائنات واعية، أجزاء من وعي أكبر."
"هل تعني أنها... حية؟" سألت مين-آه بتردد.
"ليست حية بالمعنى البشري، لكنها واعية. تشعر. تتذكر. وفي بعض الحالات، تتواصل."
"سمعت صوتاً،" قال جين، متذكراً. "في المعبد، عندما كنت أتخذ قراري. صوت عميق، قديم."
"ذلك كان صوت حجر التغيير، أو بالأحرى، جزء من وعي الحارس الذي يسكن الحجر." أومأت سو-يون. "هذا جيد. يعني أن الاتصال بينكما قوي."
"لم أسمع أي صوت من حجري،" قالت مين-آه بخيبة أمل.
"لأن حجر الأمل لم يستيقظ بالكامل بعد. الجزء الذي تحملينه صغير، مجرد شظية من الحجر الكامل. لكنه لا يزال قوياً، ويمكن تنميته."
"كيف؟"
"من خلال الممارسة والتركيز. الأحجار تستجيب للنوايا والعواطف. كلما كان تركيزك أقوى، وهدفك أوضح، كانت استجابة الحجر أقوى."
أخذت سو-يون نفساً عميقاً، ثم وضعت يديها الصغيرتين على الأرض أمامها. "شاهدا."
للحظة، لم يحدث شيء. ثم، ببطء، بدأت هالة زرقاء خفيفة تتشكل حول يديها. ومن الهالة، بدأت خيوط رفيعة من الضوء تمتد، متشابكة ومتفرعة، حتى شكلت شبكة معقدة أمامهم.
"هذه هي خيوط المصير،" شرحت. "كل خيط يمثل مساراً محتملاً للأحداث. بعضها أكثر سطوعاً - تلك هي الأكثر احتمالاً للحدوث."
كان المشهد مذهلاً. شبكة متوهجة من الضوء، تتحرك وتتموج كأنها حية.
"جين، حجر التغيير يمنحك القدرة على رؤية هذه الخيوط، وأكثر من ذلك، القدرة على التأثير عليها. يمكنك تقوية بعض المسارات، إضعاف أخرى، حتى إنشاء مسارات جديدة في بعض الحالات."
"وأنا؟" سألت مين-آه. "ماذا يمكن لحجر الأمل أن يفعل؟"
"حجر الأمل هو نقيض حجر اليأس. يمنح القدرة على الشفاء، نعم، لكن أيضاً القدرة على رؤية الإمكانات الإيجابية في أي موقف، مهما كان مظلماً. في يد شخص قوي، يمكنه حتى تحويل اليأس إلى أمل، الموت إلى حياة."
اتسعت عينا مين-آه. "هل تعني... إحياء الموتى؟"
هزت سو-يون رأسها. "لا، ليس بالضبط. لا يمكن لأي حجر كسر قوانين الطبيعة تماماً. لكن في اللحظات بين الحياة والموت، عندما تكون الروح لا تزال متصلة بالجسد، يمكن لحجر الأمل أن يقوي هذا الاتصال، يمنح فرصة ثانية."
"هذا... مذهل،" همست مين-آه.
"وخطير،" أضافت سو-يون. "كل استخدام للأحجار له ثمن. كلما كان التغيير الذي تحاول إحداثه أكبر، كان الثمن أعلى."
"ما نوع الثمن؟" سأل جين.
"يختلف. قد يكون إرهاقاً جسدياً، أو فقداناً للذكريات، أو في الحالات القصوى، جزءاً من روحك نفسها."
صمتت للحظة، ثم تابعت: "لهذا السبب يجب أن تتعلما التحكم. استخدام الأحجار بدون تدريب كاف يمكن أن يكون كارثياً، ليس فقط عليكما، بل على العالم من حولكما."
"كيف نبدأ؟" سأل جين.
"بالأساسيات. التنفس. التركيز. الاتصال بالحجر داخلكما."
وهكذا بدأ التدريب. جلسوا في دائرة، أعينهم مغلقة، يتنفسون ببطء وعمق، محاولين الشعور بالقوة داخلهم.
بالنسبة لجين، كان الأمر أسهل نسبياً. كان قد شعر بالفعل بحجر التغيير، سمع صوته. كان يستطيع الشعور به الآن، ينبض في صدره، كقلب ثانٍ.
لكن مين-آه كانت تكافح. "لا أشعر بأي شيء،" قالت بإحباط بعد ساعة من المحاولات.
"لأنك تبحثين في المكان الخطأ،" قالت سو-يون بلطف. "حجرك ليس في صدرك مثل حجر أخيك. إنه في يديك."
"يديّ؟"
"نعم. ألم تتساءلي يوماً لماذا قدراتك الشفائية تأتي من لمسك؟ الحجر موجود هناك، في أطراف أصابعك، في شرايين معصميك."
نظرت مين-آه إلى يديها بدهشة. "كيف لم ألاحظ ذلك؟"
"لأنه جزء منك. مثل قلبك أو رئتيك، لا تشعرين به لأنه دائماً هناك."
حاولت مين-آه مرة أخرى، هذه المرة مركزة على يديها. وببطء، بدأت تشعر بشيء - دفء خفيف، وخز لطيف في أطراف أصابعها.
"أشعر به!" قالت بحماس. "إنه... دافئ."
ابتسمت سو-يون. "جيد. الآن، حاولي توجيه هذا الدفء. تخيليه يتدفق من يديك، يشكل ضوءاً."
ركزت مين-آه، وببطء، بدأ ضوء أخضر خافت يتشكل حول يديها.
"رائع!" قال جين، مندهشاً من قدرة أخته.
"الآن أنت،" قالت سو-يون، ملتفتة إلى جين. "حاول رؤية خيوط المصير. ليس كما أريتك، بل بنفسك."
أغمض جين عينيه، مركزاً على الحجر في صدره. شعر به ينبض، يستجيب لتركيزه. وببطء، بدأ يرى - ليس بعينيه، بل بنوع مختلف من الرؤية. خيوط ضوئية، تمتد في كل اتجاه، تتشابك وتتفرع.
"أراها،" همس.
"جيد. الآن، اختر خيطاً واحداً. اتبعه. انظر إلى أين يؤدي."
اختار جين خيطاً ساطعاً، وتبعه ذهنياً. وفجأة، وجد نفسه يرى مشهداً - نفسه وأخته ومعلمتهم، يجلسون في نفس الغرفة، لكن في وقت لاحق من اليوم. كانت هاي-ين وهيون-سو قد عادا، يحملان أكياساً من المؤن.
"أرى... المستقبل القريب. هاي-ين وهيون-سو يعودان."
"هذا مسار محتمل، نعم. الأكثر احتمالاً في الوقت الحالي. لكن يمكن أن يتغير."
"كيف؟"
"حاول التأثير عليه. تخيل مساراً مختلفاً قليلاً - ربما يعودان في وقت مختلف، أو يحملان أشياء مختلفة."
حاول جين التركيز على تغيير المشهد، متخيلاً هاي-ين وهيون-سو يعودان في المساء بدلاً من الظهيرة. شعر بمقاومة، كأن الخيط لا يريد التغيير. لكنه استمر في الضغط، دافعاً إرادته نحوه.
وببطء، بدأ المشهد يتغير. أصبح الضوء في النافذة أكثر حمرة، علامة على غروب الشمس بدلاً من منتصف النهار.
"نجحت!" قال بحماس، فاتحاً عينيه.
لكن فرحته لم تدم طويلاً. فجأة، شعر بألم حاد في رأسه، ونزيف خفيف من أنفه.
"هذا هو الثمن،" قالت سو-يون بهدوء. "حتى التغييرات الصغيرة لها تكلفة."
مسح جين الدم بظهر يده. "كيف أتحكم في ذلك؟ كيف أقلل التكلفة؟"
"بالممارسة. بالتركيز. وبفهم أن بعض المسارات أسهل في التغيير من غيرها. المسارات الأقل سطوعاً، الأقل احتمالاً، تتطلب قوة أكبر لتقويتها."
استمر التدريب طوال الصباح. تعلم جين كيفية رؤية خيوط المصير بوضوح أكبر، وكيفية تتبعها لمسافات أطول في الزمن. وتعلمت مين-آه كيفية توجيه قوة الشفاء بدقة أكبر، مركزة على أجزاء محددة من الجسم.
بحلول الظهيرة، كان كلاهما متعباً لكن متحمساً. كانت هذه مجرد البداية، لكنهما كانا يتقدمان بسرعة.
"أنتما طالبان موهوبان،" قالت سو-يون، وهي نفسها تبدو متعبة من الجهد. "لكن يجب أن نتوقف الآن. الإرهاق يمكن أن يكون خطيراً عند استخدام الأحجار."
"متى سيعود هاي-ين وهيون-سو؟" سألت مين-آه، ناظرة إلى الساعة.
"في المساء،" قال جين بثقة، متذكراً المشهد الذي رآه ونجح في تغييره.
وبالفعل، عندما بدأت الشمس بالغروب، سمعوا صوت محرك المركبة تقترب من المنزل.
"كيف عرفت؟" سألت مين-آه بدهشة.
ابتسم جين. "رأيت ذلك. وجعلته يحدث."
دخل هاي-ين وهيون-سو، يحملان أكياساً من المؤن والمعدات. كانا يبدوان متوترين.
"ماذا حدث؟" سأل جين فوراً.
"الاتحاد،" قال هيون-سو، وهو يضع الأكياس على الطاولة. "إنهم في كل مكان. صورك معلقة في كل متجر، جين. وصورتك أيضاً، مين-آه."
"وصوري أنا وهيون-سو أيضاً،" أضافت هاي-ين. "يصفوننا بالخونة والإرهابيين."
"هل رآكما أحد؟" سألت سو-يون بقلق.
"لا أعتقد. ارتدينا أقنعة وقبعات. لكننا لن نتمكن من العودة إلى تلك البلدة مرة أخرى. كان هناك الكثير من عملاء الاتحاد."
"وماذا عن عشيرة القمر الأسود؟" سأل جين.
"لم نر أياً منهم،" قال هيون-سو. "لكن هذا لا يعني أنهم ليسوا هناك. كانغ أكثر... دهاءً في تحركاته."
"أحضرنا ما يكفي من المؤن لأسبوع تقريباً،" قالت هاي-ين، وهي تفرغ الأكياس. "طعام، ماء، أدوية، بعض الملابس، وهذا."
وضعت جهاز راديو قديماً على الطاولة. "لمتابعة الأخبار. ومعرفة ما يقوله الاتحاد عنا."
"وهذه أيضاً،" أضاف هيون-سو، مخرجاً عدة أسلحة من حقيبة أخرى. "للحماية."
كان هناك مسدسان، وبندقية صيد، وعدة سكاكين. "أتمنى ألا نضطر لاستخدامها، لكن من الأفضل أن نكون مستعدين."
"هل تعرفان كيفية استخدام هذه؟" سألت هاي-ين، ناظرة إلى جين ومين-آه.
"أنا أعرف،" قال جين. "كنت صياد مكافآت، تذكرين؟"
"وأنا تعلمت الأساسيات في الاتحاد،" قالت مين-آه. "كجزء من تدريب الشفاءة."
"جيد. لأننا قد نحتاج إلى كل المساعدة الممكنة."
بعد تناول عشاء بسيط، جلسوا جميعاً حول طاولة المطبخ، يناقشون خططهم التالية.
"التدريب يسير بشكل جيد،" قالت سو-يون. "لكننا بحاجة إلى وقت أطول. أسابيع، ربما أشهر، قبل أن يتمكن جين ومين-آه من استخدام قوتهما بشكل كامل."
"ليس لدينا أشهر،" قالت هاي-ين بحدة. "كانغ يتحرك بسرعة. لقد جمع بالفعل حجري الموت والمعاناة. وهو يبحث عن البقية."
"كم عدد أحجار المصير التي وجدها الاتحاد؟" سأل جين.
"حسب معلوماتي، واحد فقط - حجر الخيانة،" قال هيون-سو. "إنه محفوظ في مقر الاتحاد الرئيسي، تحت حراسة مشددة."
"إذن هناك أربعة أحجار لا تزال مفقودة،" قال جين، يعد على أصابعه. "حجر الخسارة، حجر الحب، حجر الأمل الكامل، وحجر التغيير الذي بداخلي."
"لا تنسَ أن مين-آه تحمل جزءاً من حجر الأمل،" ذكرته سو-يون. "وهناك أجزاء أخرى متناثرة حول العالم."
"هل تعرفين أين هي؟" سأل جين.
هزت سو-يون رأسها. "ليس بالضبط. أستطيع الشعور بوجودها، لكن ليس تحديد مواقعها بدقة. خاصة وأنا بعيدة عن المعبد."
"إذن ما هي خطتنا؟" سألت مين-آه. "هل سنبقى هنا ونتدرب حتى يجدنا الاتحاد أو عشيرة القمر الأسود؟"
"لا،" قالت هاي-ين. "يجب أن نكون استباقيين. نحن بحاجة إلى معلومات - عن تحركات كانغ، وعن مواقع الأحجار المتبقية."
"وكيف نحصل على هذه المعلومات؟" سأل هيون-سو.
"لدي... مصادر،" قالت هاي-ين بتردد. "أشخاص ما زالوا على اتصال بي، داخل عشيرة القمر الأسود وخارجها."
"هل يمكن الوثوق بهم؟" سأل جين بشك.
"لا أثق بأحد تماماً،" ابتسمت هاي-ين ابتسامة باردة. "لكنهم مفيدون. وبعضهم لديه أسباب خاصة لمساعدتنا."
"مثل؟"
"مثل كراهية كانغ. أو الخوف من نتائج خططه."
"حسناً،" قال جين. "إذن نبقى هنا، نتدرب، ونجمع المعلومات. ثم ماذا؟"
"ثم نتحرك،" قالت سو-يون. "نحاول العثور على أحجار المصير المتبقية قبل كانغ. أو على الأقل، منعه من الحصول عليها."
"وإذا فشلنا؟" سألت مين-آه بصوت منخفض.
نظرت إليها سو-يون بعينيها القديمتين. "إذا فشلنا، فإن كانغ سيجمع كل أحجار المصير. وسيحاول استخدامها لإعادة تشكيل الواقع وفقاً لرؤيته."
"مما سيؤدي إلى عودة الحارس بشكل مشوه،" أكمل جين. "وانهيار الحدود بين العوالم."
"نعم. وهذا يعني نهاية عالمنا كما نعرفه."
هبط صمت ثقيل على المجموعة. كان حجم المهمة التي أمامهم مرعباً - خمسة أشخاص ضد أقوى منظمتين في العالم، يحاولون منع كارثة كونية.
"يجب أن ننجح،" قال جين أخيراً، صوته مليء بالتصميم. "ليس لدينا خيار آخر."
"لهذا السبب التدريب مهم جداً،" قالت سو-يون. "قوتك، جين، هي المفتاح. حجر التغيير هو الوحيد القادر على مواجهة قوة الأحجار المجتمعة."
"وحجر الأمل؟" سألت مين-آه. "ما هو دوره؟"
"حجر الأمل هو النقيض الطبيعي لحجر اليأس. يمكنه موازنة التأثيرات السلبية للأحجار الأخرى. وفي يدك، يمكنه حماية أخيك من بعض آثار استخدام حجر التغيير."
"حمايته؟"
"نعم. استخدام حجر التغيير بقوته الكاملة يمكن أن يكون... مدمراً لحامله. يمكن أن يستنزف روحه، يتركه مجرد قشرة فارغة. لكن حجر الأمل يمكنه منع ذلك، إلى حد ما."
نظر جين إلى أخته بمزيج من الحب والقلق. "لا أريدك أن تخاطري من أجلي."
ابتسمت له. "وأنا لا أريدك أن تخاطر من أجل العالم كله. لكننا هنا، وهذه مسؤوليتنا الآن."
قبل أن يتمكن جين من الرد، سمعوا صوتاً غريباً من الخارج - صوت محرك، لكنه ليس محرك سيارتهم.
"هل تتوقعان أحداً؟" سأل جين، ناظراً إلى هاي-ين وهيون-سو.
هزا رأسيهما بالنفي، وجوههما متوترة.
"أطفئوا الأنوار،" همس هيون-سو، وهو يلتقط مسدساً. "قد يكون مجرد سائح ضل طريقه، لكن لا يمكننا المخاطرة."
أطفأوا الأنوار، وتحركوا بحذر نحو النوافذ، ينظرون إلى الخارج في الظلام المتزايد.
كان هناك ضوء مصابيح سيارة يقترب عبر الطريق الترابي المؤدي إلى المنزل. سيارة سوداء كبيرة، تتحرك ببطء، كأنها تستكشف.
"الاتحاد؟" همس جين.
"لا أعتقد،" قالت هاي-ين. "الاتحاد يستخدم سيارات رسمية، مميزة. هذه سيارة عادية."
"عشيرة القمر الأسود إذن،" قال هيون-سو.
"ربما. أو شخص آخر تماماً."
توقفت السيارة على بعد عدة أمتار من المنزل، وانطفأت مصابيحها. للحظات، لم يحدث شيء. ثم فُتح باب السائق، وخرج شخص.
كان رجلاً طويلاً، يرتدي معطفاً أسود طويلاً. وحتى في الضوء الخافت، استطاع جين التعرف على وجهه.
"مين-جون،" همس بغضب. "ذراع كانغ اليمنى."
"كيف وجدنا؟" سألت مين-آه بخوف.
"لا أعرف،" قالت هاي-ين، وجهها شاحب. "لكنه لم يأت وحده."
وبالفعل، بدأت أشكال أخرى تخرج من السيارة - ثلاثة أشخاص آخرين، جميعهم يرتدون عباءات سوداء مع رمز القمر.
"أربعة منهم، خمسة منا،" قال هيون-سو، محاولاً أن يبدو واثقاً. "يمكننا التعامل معهم."
"لا تكن أحمق،" قالت هاي-ين بحدة. "هؤلاء ليسوا أعضاء عاديين في العشيرة. إنهم من النخبة، جميعهم يحملون أحجاراً قوية."
"ماذا نفعل إذن؟" سأل جين.
"نهرب،" قالت سو-يون بهدوء. "من الباب الخلفي، عبر المنحدر إلى الشاطئ. هناك كهوف يمكننا الاختباء فيها."
"وماذا عن المركبة؟ ومؤننا؟"
"لا وقت. يجب أن نتحرك الآن."
بدأوا بالتحرك بهدوء نحو الباب الخلفي، لكن قبل أن يصلوا إليه، سمعوا صوتاً من الخارج - صوت مين-جون، عالياً وواضحاً.
"جين سو-هو! نعلم أنك هناك. اخرج، ولن نؤذي أصدقاءك."
توقف جين، متردداً.
"لا تفكر حتى في ذلك،" قالت مين-آه، ممسكة بذراعه. "إنه يكذب."
"أعرف،" قال جين. "لكن إذا هربنا جميعاً، فسيطاردوننا. شخص ما يجب أن يؤخرهم."
"إذن سأكون أنا،" قالت هاي-ين. "أنا أعرفهم. أعرف أساليبهم."
"لا،" قال جين بحزم. "أنا من يريدون. وأنا من سيواجههم."
"جين، لا!" صرخت مين-آه.
لكنه كان قد اتخذ قراره. "اسمعوني جميعاً. سأخرج وأشتت انتباههم. أنتم تهربون من الخلف، وتلتقون بي عند الكهوف التي ذكرتها سو-يون."
"هذه انتحار،" قال هيون-سو.
"لا، ليست كذلك." ابتسم جين ابتسامة واثقة. "لدي حجر التغيير، تذكر؟ سأجد طريقة للهرب."
قبل أن يتمكنوا من الاعتراض أكثر، توجه نحو الباب الأمامي. "انتظروا حتى أجذبهم بعيداً، ثم اهربوا. وتذكروا - الكهوف على الشاطئ."
فتح الباب ببطء، وخرج إلى الظلام، يداه مرفوعتان. "أنا هنا، مين-جون. دعنا نتحدث."
وقف مين-جون على بعد عدة أمتار، محاطاً بأتباعه. كان يبتسم ابتسامة باردة. "جين سو-هو. كم أنا سعيد برؤيتك مرة أخرى."
"لا أستطيع قول الشيء نفسه،" قال جين، متقدماً ببطء، محاولاً إبعادهم عن المنزل.
"أين أصدقاؤك؟" سأل مين-جون، عيناه تتفحصان المنزل خلف جين.
"ذهبوا. أرسلتهم بعيداً بمجرد رؤيتكم قادمين."
ضحك مين-جون. "كذبة سيئة. نحن نعلم أنهم ما زالوا هناك. لكن لا يهم. السيد كانغ مهتم بك أنت فقط. الآخرون... ثانويون."
"ماذا يريد كانغ مني؟"
"نفس الشيء الذي أراده دائماً - مساعدتك. توجيهك. تعليمك كيفية استخدام قوتك."
"لاستخدامي كأداة في خططه."
هز مين-جون رأسه. "أنت تسيء فهم السيد كانغ. هو لا يريد استخدامك. هو يريد إنقاذك."
"إنقاذي؟ من ماذا؟"
"من نفسك. من الاتحاد. من مصير أسوأ بكثير مما تتخيله."
تقدم مين-جون خطوة أخرى. "الطفلة لم تخبرك بكل شيء، جين. هناك أجزاء من القصة لا تعرفها."
"مثل ماذا؟"
"مثل حقيقة ما سيحدث إذا استمر استخدام الأحجار بشكل عشوائي. ليس فقط انهيار الحدود بين العوالم، بل موت كل شيء. كل عالم، كل واقع، سينتهي."
"وحل كانغ هو تسريع النهاية؟"
"لا. حله هو إعادة ضبط كل شيء. استخدام قوة الأحجار المجتمعة ليس لتدمير العوالم، بل لإصلاحها. لإعادتها إلى حالتها الأصلية، قبل أن تتلوث بالفوضى والفساد."
كان جين يستمع، ليس فقط لكلمات مين-جون، بل أيضاً لأي إشارة من المنزل خلفه. كان يأمل أن يكون أصدقاؤه قد هربوا بالفعل.
"وكيف يعرف كانغ أن خطته ستنجح؟" سأل، محاولاً إطالة المحادثة. "كيف يعرف أنه لن يدمر كل شيء بدلاً من إصلاحه؟"
"لأنه درس الأحجار لعقود. لأنه فهم طبيعتها الحقيقية أكثر من أي شخص آخر. ولأنه، مثلك تماماً، يحمل جزءاً من الحارس داخله."
هذه المعلومة فاجأت جين. "كانغ... يحمل حجراً؟"
ابتسم مين-جون. "أكثر من ذلك. إنه متوافق مع حجر الموت، تماماً كما أنت متوافق مع حجر التغيير. لهذا السبب هو الوحيد الذي يمكنه فهمك حقاً، جين. لأنه مثلك."
كان جين يفكر بسرعة. كان يحتاج إلى المزيد من الوقت، وكان بحاجة إلى معرفة المزيد.
"وماذا عن الآخرين؟" سأل. "حاملي أحجار المصير الأخرى؟"
"بعضهم معنا بالفعل. آخرون... سينضمون قريباً."
"وإذا رفضوا؟"
اختفت ابتسامة مين-جون. "لا أحد يرفض السيد كانغ في النهاية. الجميع يرون الحقيقة، عاجلاً أم آجلاً."
"حتى لو كان ذلك يعني قتلهم؟"
"الموت ليس نهاية، جين. إنه تحول. وفي العالم الجديد الذي سيخلقه السيد كانغ، لن يكون هناك موت. لن يكون هناك معاناة. فقط توازن أبدي."
كان جين قد نجح في إبعادهم عن المنزل بمسافة كافية. كان يأمل أن يكون أصدقاؤه قد هربوا بالفعل.
"وماذا الآن؟" سأل. "هل ستأخذني إلى كانغ بالقوة؟"
"لا بالضرورة. أنا هنا لأقدم لك خياراً. تعال معي طواعية، واستمع إلى ما يقوله السيد كانغ. اسمع قصته كاملة، ثم اتخذ قرارك."
"وإذا رفضت؟"
"إذن سنأخذك بالقوة. وسنأخذ أختك أيضاً."
عند ذكر مين-آه، شعر جين بغضب يتصاعد داخله. "لن تلمسها."
"هذا ليس قرارك، جين. حجر الأمل الذي تحمله مهم جداً لخطة السيد كانغ. وهي ستأتي معنا، بطريقة أو بأخرى."
كان جين يشعر بحجر التغيير ينبض في صدره، يستجيب لغضبه. وفجأة، رأى الخيوط مرة أخرى - خيوط المصير، تمتد من هذه اللحظة إلى المستقبل.
رأى مساراً حيث يستسلم، يذهب مع مين-جون، ويلتقي بكانغ. رأى مساراً آخر حيث يقاوم، وتندلع معركة، ينتهي فيها مقتولاً. ورأى مساراً ثالثاً، باهتاً وغير واضح، حيث يحدث شيء غير متوقع.
ركز على المسار الثالث، محاولاً تقويته، جعله أكثر احتمالاً للحدوث. شعر بمقاومة هائلة، وبألم يبدأ في رأسه، لكنه استمر في الضغط.
"ما قرارك، جين سو-هو؟" سأل مين-جون، غير مدرك للصراع الداخلي الذي يخوضه جين.
"قراري هو..." بدأ جين، ثم توقف عندما سمع صوتاً - صوت محركات متعددة تقترب بسرعة.
التفت مين-جون وأتباعه، مفاجئين بالصوت. وفجأة، ظهرت أضواء كاشفة قوية من بين الأشجار، تغمرهم بضوء ساطع.
"الاتحاد!" صرخ أحد أتباع مين-جون.
وبالفعل، ظهرت عدة سيارات سوداء تحمل شعار الاتحاد، محاصرة المنطقة.
استغل جين اللحظة. تراجع بسرعة، ثم استدار وركض نحو المنحدر الخلفي، متجهاً نحو الشاطئ.
خلفه، سمع صرخات وأصوات طلقات نارية - كانت معركة قد اندلعت بين عشيرة القمر الأسود والاتحاد.
"شكراً لك، حجر التغيير،" تمتم جين وهو يركض في الظلام. لم يكن متأكداً كيف نجح في جذب الاتحاد إلى هناك في الوقت المناسب تماماً، لكنه كان ممتناً.
وصل إلى حافة المنحدر، ونظر إلى الأسفل. كان الشاطئ على بعد عشرين متراً تقريباً، منحدر شديد لكن ليس مستحيلاً.
بدأ بالنزول بحذر، متشبثاً بالصخور والنباتات. كان يمكنه سماع المعركة تستمر فوقه، أضواء كاشفة تتحرك في الظلام.
بعد دقائق من النزول الصعب، وصل أخيراً إلى الشاطئ. نظر حوله، باحثاً عن أي علامة على أصدقائه.
"جين!" سمع همساً من بين الصخور. كانت مين-آه، تلوح له من مدخل كهف صغير.
ركض نحوها، وعندما وصل، وجد الآخرين ينتظرون داخل الكهف - هاي-ين، هيون-سو، وسو-يون.
"نجحت!" قالت مين-آه، معانقة أخاها بقوة. "كيف فعلت ذلك؟ كيف جعلت الاتحاد يظهر في الوقت المناسب تماماً؟"
ابتسم جين ابتسامة متعبة. "حجر التغيير. رأيت مساراً حيث يظهر الاتحاد، وقويته."
"مذهل،" قال هيون-سو. "لكن هذا يعني أن كلاً من الاتحاد وعشيرة القمر الأسود يعرفان الآن أين كنا."
"نعم،" قالت هاي-ين. "ل
م يعد بإمكاننا البقاء هنا. يجب أن نتحرك، وبسرعة."
"إلى أين؟" سألت مين-آه.
نظرت سو-يون إلى جين. "إلى المكان الوحيد الذي قد نجد فيه إجابات. إلى المكان الذي بدأ فيه كل شيء."
"وأين ذلك؟" سأل جين.
"موقع الحادث،" قالت سو-يون. "المكان الذي مات فيه والداك. المكان الذي اندمج فيه حجر التغيير معك."
نظر جين إلى البحر المظلم أمامهم، ثم إلى السماء المرصعة بالنجوم. كان يشعر بأن رحلته الحقيقية قد بدأت للتو. رحلة ستأخذه إلى ماضيه، وربما، إلى مستقبل العالم كله.