# الفصل الثامن:
كان الفجر يلوح في الأفق عندما غادرت المجموعة الصغيرة الكهف. المعركة فوق المنحدر كانت قد انتهت، وساد صمت غريب المكان. لم يكن هناك أي أثر للاتحاد أو عشيرة القمر الأسود، باستثناء بقايا متناثرة من المعركة - بعض الحطام، آثار حروق على الأشجار، وبقع دماء على الصخور.
"يبدو أنهم رحلوا جميعاً،" قال هيون-سو، وهو يتفحص المنطقة بحذر. "لكن من انتصر؟"
"لا أحد،" قالت هاي-ين. "هذه كانت مجرد مناوشة. الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد."
تسلقوا المنحدر بصعوبة، متجهين نحو المنزل الساحلي. كانوا بحاجة إلى جمع ما يمكنهم من مؤن ومعدات قبل المغادرة.
عندما وصلوا إلى المنزل، وجدوه في حالة فوضى - أثاث مقلوب، نوافذ محطمة، آثار معركة عنيفة في كل مكان.
"لقد فتشوا المكان بالكامل،" قال جين، وهو يتفقد الغرف. "بحثاً عنا، على الأرجح."
"أو بحثاً عن أي معلومات عن وجهتنا التالية،" أضافت هاي-ين.
جمعوا ما تبقى من مؤنهم - بعض الطعام، قليل من الماء، وبعض الملابس. لحسن الحظ، كانت المركبة لا تزال موجودة، مخبأة في مرآب صغير خلف المنزل.
"على الأقل لدينا وسيلة للتنقل،" قال هيون-سو بارتياح.
"إلى أين الآن؟" سألت مين-آه، وهي تساعد سو-يون الضعيفة على الصعود إلى المركبة.
"كما قالت سو-يون،" أجاب جين. "إلى موقع الحادث. إلى المكان الذي مات فيه والداي."
"وأين هذا المكان بالضبط؟" سأل هيون-سو.
"منطقة جبلية في الشمال الشرقي،" قال جين. "بالقرب من الحدود. كان هناك منشأة بحثية سرية للاتحاد."
"أعرف المكان،" قال هيون-سو بتردد. "منشأة 'الفجر الأزرق'. كانت مخصصة لأبحاث الأحجار المتقدمة. تم إغلاقها بعد... حادث كبير."
"حادث؟" كرر جين. "هل تعني موت والديّ؟"
"ليس فقط. كان هناك انفجار هائل. دمر المنشأة بالكامل، وقتل أكثر من ثلاثين باحثاً وحارساً. الاتحاد أغلق المنطقة تماماً بعد ذلك، وأعلنها منطقة محظورة."
"لماذا لم أسمع عن هذا من قبل؟" سأل جين بغضب. "كل ما قيل لي هو أن والديّ قُتلا في هجوم عشوائي."
"الاتحاد أخفى الحقيقة،" قال هيون-سو. "حتى معظم أعضاء الاتحاد لا يعرفون التفاصيل الكاملة. أنا عرفت فقط لأنني كنت أعمل في قسم الأمن."
"وماذا حدث حقاً في ذلك اليوم؟" سأل جين.
تنهد هيون-سو. "حسب السجلات الرسمية، كان هناك تسرب للطاقة من أحد الأحجار قيد الدراسة. لكن الشائعات تقول إن الأمر كان أكثر من ذلك. يقال إن فريقاً من الباحثين، بقيادة والديك، كانوا يجرون تجربة على حجر نادر جداً."
"حجر التغيير،" قالت سو-يون بصوت ضعيف.
"نعم. وأثناء التجربة، حدث شيء غير متوقع. تدخل كانغ، الذي كان يعمل في الاتحاد آنذاك، محاولاً إيقاف التجربة. اندلع صراع، وفي خضم الفوضى، انفجر الحجر."
"وكنت أنا هناك،" قال جين، متذكراً كلمات الدكتور تشوي. "كنت في الخامسة عشرة، أبحث عن والديّ عندما تأخرا في العودة."
"هذا يفسر كيف نجوت،" قالت سو-يون. "كنت خارج المنشأة عندما حدث الانفجار. لكن كنت قريباً بما يكفي ليندمج الحجر معك."
جلس جين صامتاً للحظات، يحاول استيعاب كل هذه المعلومات. كانت ذكرياته عن ذلك اليوم ضبابية - صور متقطعة من ضوء أزرق، صراخ، ألم حاد. لكن الآن، بدأت تتضح أكثر.
"أتذكر... الركض،" قال أخيراً. "كنت أركض نحو مبنى كبير. ثم كان هناك ضوء، ضوء أزرق ساطع جداً. وبعد ذلك... لا شيء. استيقظت في المستشفى بعد ثلاثة أيام."
"فقدان الذاكرة الجزئي شائع بعد صدمة كهذه،" قال هيون-سو. "خاصة مع وجود طاقة الأحجار."
"أو ربما كان الحجر نفسه يحمي عقلك،" اقترحت سو-يون. "يخفي الذكريات المؤلمة حتى تكون مستعداً لمواجهتها."
"وهل أنا مستعد الآن؟" سأل جين.
ابتسمت سو-يون ابتسامة حزينة. "سنعرف قريباً."
انطلقت المركبة، متجهة شمالاً. كان الطريق طويلاً - أكثر من 500 كيلومتر عبر شبه الجزيرة الكورية. سيستغرق الأمر يوماً كاملاً على الأقل، حتى مع القيادة المستمرة.
تناوبوا على القيادة، جين وهاي-ين وهيون-سو، بينما استغلت مين-آه وسو-يون الوقت لمواصلة التدريب. كانت مين-آه تتقدم بسرعة في التحكم بقوة الشفاء، قادرة الآن على توجيهها بدقة أكبر.
"أختك موهوبة،" قالت سو-يون لجين خلال إحدى فترات الراحة. "قوتها تنمو بسرعة."
"دائماً ما كانت كذلك،" ابتسم جين بفخر. "حتى قبل ظهور حجرها، كانت مين-آه... خاصة. دائماً ما كانت تعرف كيف تجعل الناس يشعرون بتحسن، ليس فقط جسدياً، بل نفسياً أيضاً."
"هذه هي طبيعة حجر الأمل. يرى الإمكانات الإيجابية، ويقويها."
"وحجر التغيير؟ ما هي طبيعته الحقيقية؟"
فكرت سو-يون للحظة. "حجر التغيير يرى جميع المسارات المحتملة، ويمنح القدرة على اختيار أحدها وتقويته. إنه... الاحتمالات المتجسدة."
"لكن لماذا أنا؟ لماذا اختارني؟"
"الأحجار لا تختار عشوائياً، جين. هناك توافق روحي، صدى بين طبيعة الحجر وطبيعة حامله. أنت متوافق مع حجر التغيير لأن روحك تحمل نفس الصفات - القدرة على رؤية الاحتمالات، والشجاعة لتغيير المسار عندما يكون ذلك ضرورياً."
"وكانغ؟ مين-جون قال إنه متوافق مع حجر الموت."
"نعم. وهذا يفسر الكثير عنه. حجر الموت يرى نهاية كل شيء، التحلل والفناء الذي ينتظر كل ما هو حي. حامله يرى العالم من خلال عدسة الموت."
"هل هذا يجعله شريراً؟"
هزت سو-يون رأسها. "لا توجد أحجار شريرة أو خيرة، جين. فقط قوى مختلفة. كانغ ليس شريراً في عينيه - هو يرى نفسه منقذاً. يعتقد أنه بإنهاء هذا العالم 'الفاسد' وإعادة بنائه، سيخلق شيئاً أفضل."
"لكنه مخطئ."
"نعم. لأنه لا يفهم الطبيعة الحقيقية للأحجار. لا يمكن لأي إنسان، مهما كان قوياً، التحكم في قوة الحارس الكاملة. محاولة كانغ ستؤدي إلى كارثة."
صمتت للحظة، ثم أضافت: "لهذا السبب أنت مهم، جين. حجر التغيير هو الوحيد القادر على مواجهة قوة الأحجار المجتمعة. ليس بمنعها، بل بتوجيهها."
"توجيهها؟"
"نعم. إذا نجح كانغ في جمع أحجار المصير، فإن الحارس سيعود. لكن طبيعته - ما إذا كان سيعود كحامٍ أم مدمر - تعتمد على من يوجه عملية الاندماج. وحجر التغيير هو المفتاح لذلك."
كانت هذه معلومات جديدة لجين. "إذن مهمتي ليست منع كانغ من جمع الأحجار؟"
"قد يكون ذلك مستحيلاً في هذه المرحلة. لديه بالفعل حجري الموت والمعاناة، ويبحث عن البقية. المهمة الحقيقية هي التأكد من أنه، عندما تجتمع الأحجار، تتم العملية بشكل صحيح."
"وكيف أفعل ذلك؟"
"هذا ما نأمل في اكتشافه في موقع الحادث. هناك... أسرار دفنت هناك. أسرار عن الحارس، وعن الأحجار، وعن دورك الحقيقي."
قبل أن يتمكن جين من السؤال أكثر، توقفت المركبة فجأة. كانوا قد وصلوا إلى حاجز طرق.
"حاجز للاتحاد،" قال هيون-سو بتوتر. "يجب أن نكون حذرين."
"هل يمكننا تجاوزه؟" سأل جين.
"ليس بهذه المركبة. سيلاحقوننا ويوقفوننا."
"إذن ماذا نفعل؟"
فكرت هاي-ين للحظة. "سنترك المركبة ونتسلل عبر الغابة. الحاجز يغطي الطريق فقط، وليس المنطقة المحيطة بالكامل."
"وبعد ذلك؟ كيف سنصل إلى المنشأة؟"
"سنمشي إذا لزم الأمر. أو نجد وسيلة نقل أخرى."
لم تكن خطة مثالية، لكنها كانت أفضل ما لديهم. أخذوا حقائبهم وتسللوا بعيداً عن الطريق، متوغلين في الغابة الكثيفة.
كان المشي صعباً، خاصة على سو-يون الضعيفة. لكنها أصرت على الاستمرار، رافضة أن تكون عبئاً على المجموعة.
بعد ساعات من المشي، وصلوا إلى قرية صغيرة. كانت هادئة ومعزولة، مثالية للاختباء لفترة قصيرة.
"سنبقى هنا الليلة،" قررت هاي-ين. "نحتاج إلى الراحة، وإلى خطة أفضل للوصول إلى المنشأة."
وجدوا نزلاً صغيراً على أطراف القرية. كان مكاناً بسيطاً، يديره زوجان مسنان لم يبديا اهتماماً كبيراً بهوية ضيوفهم، طالما دفعوا مقدماً.
حصلوا على غرفتين متجاورتين - واحدة للرجال وأخرى للنساء. بعد عشاء بسيط، اجتمعوا في إحدى الغرف لمناقشة خطتهم التالية.
"المنشأة تبعد حوالي ثلاثين كيلومتراً من هنا،" قال هيون-سو، وهو يدرس خريطة المنطقة. "معظمها عبر تضاريس جبلية وعرة."
"هل هناك حراسة؟" سأل جين.
"على الأرجح. المنطقة محظورة رسمياً. هناك على الأقل حاجز أمني ودوريات منتظمة."
"يمكننا التسلل ليلاً،" اقترحت هاي-ين. "أنا جيدة في ذلك."
"المشكلة ليست فقط في الوصول إلى هناك،" قالت سو-يون. "بل في ما سنجده. المكان... ليس طبيعياً بعد الانفجار. طاقة الأحجار غيرت المنطقة."
"غيرتها كيف؟" سألت مين-آه بقلق.
"الحدود بين العوالم رقيقة هناك. قد نرى... أشياء. أشياء من عوالم أخرى تتسرب عبر الشقوق."
"مثل الوحوش؟" سأل جين.
"أحياناً. لكن أيضاً ظواهر أخرى - تشوهات في الزمان والمكان، ذكريات متجسدة، أصداء من الماضي والمستقبل."
صمت الجميع للحظات، متأملين في كلمات سو-يون. كانت المهمة تزداد خطورة وغموضاً مع كل معلومة جديدة.
"لا يهم،" قال جين أخيراً. "يجب أن نذهب. هناك إجابات أحتاج إلى معرفتها. عن والديّ، عن الحجر، عن نفسي."
"وأنا معك،" قالت مين-آه، ممسكة بيد أخيها. "دائماً."
"نحن جميعاً معك،" أكدت هاي-ين. "لكننا بحاجة إلى خطة جيدة. وإلى وسيلة نقل."
"أعتقد أنني أستطيع المساعدة في ذلك،" قال هيون-سو. "رأيت شاحنة صغيرة خلف النزل. يمكننا... استعارتها."
"تعني سرقتها،" صححت هاي-ين، مبتسمة.
"استعارة مؤقتة،" أصر هيون-سو. "سنعيدها إذا استطعنا."
"حسناً،" قال جين. "سنغادر قبل الفجر. الآن، يجب أن نرتاح جميعاً. غداً سيكون يوماً طويلاً."
انفصلوا إلى غرفتيهم. كان جين متعباً جسدياً، لكن عقله كان نشطاً، مليئاً بالأسئلة والمخاوف.
في منتصف الليل، استيقظ فجأة. كان هناك شعور غريب، إحساس بأنه ليس وحده. جلس في فراشه، ينظر حوله في الظلام.
"من هناك؟" همس.
"أنا،" جاء صوت سو-يون الهادئ من زاوية الغرفة. كانت جالسة على كرسي، تراقب النافذة.
"ماذا تفعلين هنا؟" سأل جين، مندهشاً من وجودها في غرفة الرجال.
"لا أستطيع النوم. والليل... يخيفني."
كان هناك شيء في صوتها - ضعف، هشاشة لم يلاحظها من قبل. للحظة، بدت حقاً مثل طفلة صغيرة خائفة، وليس كياناً قديماً من عالم آخر.
"تعالي،" قال جين، مشيراً لها بالجلوس بجانبه على حافة السرير. "ما الذي يخيفك في الليل؟"
جلست بجانبه، عيناها الزرقاء تلمعان في الظلام. "في الليل، أشعر بالعوالم الأخرى أقرب. أسمع... أصواتاً. أصوات الحارس، يناديني."
"وماذا يقول؟"
"يقول إنه يتألم. إن العوالم تتمزق. وإن الوقت ينفد."
شعر جين بقشعريرة تسري في عموده الفقري. "هل هذا... حقيقي؟ أم مجرد أحلام؟"
"كلاهما. الأحلام هي الطريقة التي تتواصل بها العوالم أحياناً. والحارس... جزء مني هو جزء منه. أشعر بألمه."
"هل هناك شيء يمكنني فعله لمساعدتك؟"
ابتسمت ابتسامة حزينة. "أنت تساعدني بالفعل. وجودك، وجود حجر التغيير، يمنحني... أملاً."
"أنا؟"
"نعم. أنت لا تدرك مدى أهميتك، جين سو-هو. ليس فقط لهذا العالم، بل للعوالم كلها."
كان هناك شيء في طريقة نظرها إليه - مزيج من الإعجاب والخوف والأمل - جعله يشعر بثقل المسؤولية التي يحملها.
"أنا مجرد صياد مكافآت،" قال بتواضع. "لست بطلاً أو منقذاً."
"الأبطال لا يولدون، جين. هم يُصنعون من خلال اختياراتهم. وأنت تتخذ الاختيارات الصحيحة، حتى عندما تكون صعبة."
صمتت للحظة، ثم أضافت: "هناك شيء آخر يجب أن تعرفه. عن غد."
"ما هو؟"
"عندما نصل إلى موقع الحادث، ستواجه ذكرياتك. ذكريات مؤلمة، دفنها عقلك لحمايتك. قد تكون... مربكة. مؤلمة."
"هل سأتذكر ما حدث حقاً لوالديّ؟"
"نعم. وأكثر من ذلك. ستتذكر لحظة اندماج الحجر معك. وهذه ذكرى قد تغير كل شيء."
"كيف؟"
"لا أستطيع رؤية ذلك بوضوح. المستقبل... متشعب جداً. لكنني أعرف أن ما ستكتشفه غداً سيحدد مسار كل شيء."
نظر جين من النافذة، إلى السماء المرصعة بالنجوم. "هل تعتقدين أننا سننجح؟ في إيقاف كانغ؟ في إنقاذ العوالم؟"
"لا أعرف،" اعترفت بصدق. "أرى العديد من المسارات، بعضها مظلم جداً. لكن هناك أيضاً مسارات مضيئة. مسارات حيث ننجح."
"وما الذي يحدد أي مسار سنتبع؟"
"أنت. اختياراتك. قوتك."
شعر جين بثقل كلماتها. كان مصير العوالم يعتمد عليه - على قراراته، على قدرته على استخدام حجر التغيير.
"أنا خائف،" اعترف أخيراً.
"أعرف. وهذا ما يجعلك مناسباً لهذا الدور. الخوف يجعلنا حذرين. يجعلنا نفكر قبل أن نتصرف."
"على عكس كانغ."
"نعم. كانغ لا يخاف. وهذا ما يجعله خطيراً."
جلسا في صمت لفترة، كل منهما غارق في أفكاره. ثم، ببطء، بدأت سو-يون تميل، رأسها يسقط على كتف جين. كانت قد غفت، متعبة من الحديث ومن ضعفها المتزايد بعيداً عن المعبد.
حملها جين برفق ووضعها على السرير، مغطياً إياها ببطانية. بدت صغيرة جداً، هشة جداً، وهي نائمة. من الصعب تصديق أنها كانت كياناً قديماً من عالم آخر.
عاد إلى النافذة، ينظر إلى الليل. غداً سيواجه ماضيه - الذكريات المدفونة، الحقيقة عن والديه، عن الحجر، عن نفسه.
وبعد ذلك، سيواجه مصيره.
---
استيقظوا قبل الفجر، مستعدين للمغادرة. كما خطط هيون-سو، "استعاروا" الشاحنة الصغيرة من خلف النزل، تاركين مبلغاً من المال تحت باب المالك كتعويض.
قاد هيون-سو، متبعاً طرقاً فرعية وعرة لتجنب حواجز الاتحاد. كانت الرحلة بطيئة وصعبة، الشاحنة تهتز على الطرق غير الممهدة.
"كم تبقى؟" سألت مين-آه بعد ساعتين من القيادة.
"حوالي عشرة كيلومترات،" أجاب هيون-سو. "لكننا سنترك الشاحنة قريباً ونكمل سيراً على الأقدام. لا يمكننا الاقتراب أكثر بدون أن نلفت الانتباه."
بعد نصف ساعة أخرى، توقفوا في منطقة مشجرة كثيفة. أخفوا الشاحنة بين الأشجار وبدأوا المسير.
كان الطقس بارداً، السماء ملبدة بالغيوم. كان هناك شيء غريب في الهواء - رائحة معدنية، وشعور بالكهرباء الساكنة.
"هل تشعرون بذلك؟" سأل جين. "الهواء... مختلف."
"إنها طاقة الأحجار،" قالت سو-يون. "آثار الانفجار لا تزال موجودة، حتى بعد كل هذه السنوات."
كلما اقتربوا من موقع المنشأة، أصبح الشعور أقوى. بدأت الأشجار تتغير - أشكال غريبة، ألوان غير طبيعية. بعضها كان يتوهج بضوء خافت، آخر كان يبدو وكأنه يتحرك ببطء، حتى عندما لا توجد ريح.
"المنطقة متأثرة بشدة،" قال هيون-سو بصوت منخفض. "الانفجار غير طبيعة المكان نفسه."
"كونوا حذرين،" حذرت هاي-ين. "قد نواجه... أشياء غريبة."
وبالفعل، بعد فترة قصيرة، رأوا أول علامة على الغرابة - غزالاً يقف بين الأشجار، لكنه كان يتوهج بضوء أزرق خافت، وله أربعة عيون بدلاً من اثنتين.
"لا تقتربوا منه،" همست سو-يون. "إنه ليس من هذا العالم."
تجنبوا الغزال الغريب، مستمرين في طريقهم. مع مرور الوقت، رأوا المزيد من الظواهر الغريبة - نباتات تتحرك كالحيوانات، طيور بأجنحة شفافة كالزجاج، حتى ما بدا وكأنه إنسان من بعيد، لكن عندما اقتربوا، اختفى في الهواء.
"أصداء،" شرحت سو-يون. "أشباح من عوالم أخرى، تتسرب عبر الشقوق في الواقع."
بعد ساعة من المشي، وصلوا إلى حافة غابة كثيفة. وأمامهم، في واد واسع، رأوا ما تبقى من منشأة "الفجر الأزرق".
كان المشهد مهيباً ومرعباً في آن واحد. حطام واسع من الخرسانة والمعدن، متناثر في دائرة قطرها كيلومتر تقريباً. في المركز، كانت هناك حفرة عميقة، تتوهج بضوء أزرق خافت. وفوق الحفرة، كان هناك شيء أكثر غرابة - ما بدا وكأنه شرخ في الهواء نفسه، خط رفيع من الضوء المتموج، معلق في الفضاء.
"شق في الواقع،" همست سو-يون. "نافذة إلى عالم آخر."
"هل هو... خطير؟" سألت مين-آه.
"ليس بشكل مباشر. إنه مستقر نسبياً. لكن ما قد يأتي من خلاله..."
"لا أرى أي حراس،" قال هيون-سو، متفحصاً المنطقة بمنظاره.
"لا حاجة للحراس،" قالت هاي-ين. "المنطقة نفسها خطيرة بما يكفي لإبعاد معظم الناس. والاتحاد أعلنها منطقة إشعاعية محظورة."
"إذن يمكننا النزول؟" سأل جين.
"نعم، لكن بحذر. لا نعرف ما قد نواجهه هناك."
بدأوا النزول ببطء نحو موقع المنشأة المدمرة. كلما اقتربوا، أصبح الشعور الغريب أقوى - وخز في الجلد، طنين في الأذنين، وأحياناً، ومضات من صور غريبة تخطف في زوايا رؤيتهم.
بالنسبة لجين، كان هناك شيء آخر - شعور متزايد بالألفة. كان جسده يتذكر هذا المكان، حتى لو كان عقله لا يزال يكافح مع الذكريات المدفونة.
"كنت هنا،" تمتم. "أتذكر... الركض. كنت أركض نحو ذلك المبنى."
أشار إلى بقايا مبنى كبير على حافة الحفرة المركزية. كان أكثر المباني سلامة نسبياً، مع جدران لا تزال قائمة وسقف جزئي.
"المختبر المركزي،" قال هيون-سو. "حيث كانت تُجرى التجارب الرئيسية."
"حيث كان والداي يعملان،" أضاف جين.
اقتربوا من المبنى بحذر. كان الدخول صعباً - الأنقاض متناثرة في كل مكان، وبعض الممرات منهارة تماماً. لكنهم وجدوا طريقاً عبر ما كان يبدو كمدخل جانبي.
داخل المبنى، كان الظلام دامساً. أضاءوا مصابيحهم، كاشفين عن ممر طويل مليء بالحطام. جدران متشققة، أبواب محطمة، وفي كل مكان، آثار حريق هائل.
"انفجار قوي جداً،" قال هيون-سو، متفحصاً الأضرار. "أقوى بكثير مما يمكن لأي متفجرات تقليدية أن تسببه."
"طاقة الأحجار،" قالت سو-يون. "خاصة حجر التغيير. قوته... هائلة عندما تنفجر."
تقدموا ببطء عبر الممرات المدمرة. كان جين يشعر بتوتر متزايد، قلبه يخفق بقوة. كانت الذكريات تتدفق الآن - صور متقطعة، أصوات، مشاعر.
"كنت هنا،" قال مرة أخرى، صوته مرتجفاً قليلاً. "كنت أبحث عن والديّ. كانا متأخرين في العودة إلى المنزل."
"هل تتذكر أين وجدتهما؟" سألت سو-يون برفق.
أغمض جين عينيه للحظة، محاولاً التركيز على الذكريات المتدفقة. "المختبر... المختبر المركزي. كانا هناك، مع آخرين. كانوا يتجادلون."
"مع من؟"
"كانغ. وآخرون من الاتحاد. كان هناك... شيء على طاولة. شيء يتوهج."
"حجر التغيير،" همست سو-يون.
"نعم. كان أزرق، متوهجاً. والدي كان يحاول... حمايته من كانغ. قال إنه خطير جداً، إنه لا يفهم قوته الحقيقية."
توقف جين فجأة. كانوا قد وصلوا إلى باب كبير، نصفه منهار. خلفه، كانت هناك غرفة واسعة - ما تبقى من المختبر المركزي.
"هنا،" قال بصوت منخفض. "هنا حدث كل شيء."
دخلوا الغرفة بحذر. كانت واسعة، مع سقف عالٍ جزء منه منهار، مما سمح لضوء النهار بالتسلل إلى الداخل. في وسط الغرفة، كانت هناك منصة دائرية كبيرة، محاطة ببقايا أجهزة معقدة.
"منصة الاحتواء،" قال هيون-سو. "حيث كانت تُدرس الأحجار."
تقدم جين ببطء نحو المنصة، عيناه مثبتتان عليها. وفجأة، بدأت الذكريات تتدفق بقوة أكبر - ليست مجرد صور متقطعة الآن، بل مشاهد كاملة، واضحة وحية.
رأى والديه، يقفان بجانب المنصة، يتجادلان مع رجل أصغر سناً - كانغ، قبل أن يرتدي القناع. كان هناك حجر أزرق على المنصة، يتوهج بقوة متزايدة.
"لا تفهم ما تفعله، كانغ!" صرخ والده. "هذا الحجر ليس كالآخرين. إنه جزء من شيء أكبر بكثير!"
"أنا أفهم تماماً،" رد كانغ بهدوء. "أفهم أنه المفتاح لإنقاذ عالمنا. لإصلاح الأضرار التي سببتها تجارب الاتحاد."
"بتدمير العالم وإعادة بنائه؟" سألت والدته بسخرية. "هذا جنون، كانغ. لا يمكنك التحكم في قوة الحارس."
"ليس وحدي، لا. لكن مع الأحجار الأخرى..."
"لن نسمح بذلك،" قال والده بحزم. "سنأخذ الحجر بعيداً، نخفيه حيث لا يمكنك العثور عليه أبداً."
"آه، الدكتور سو-هو العظيم،" سخر كانغ. "دائماً تعتقد أنك تعرف الأفضل. لكنك مخطئ هذه المرة. مخطئ تماماً."
ثم حدث شيء - حركة سريعة، صراخ، وفجأة، كان كانغ يحمل سلاحاً. أطلق النار، ليس على والديه، بل على الحجر نفسه.
"إذا لم أستطع امتلاكه، فلن يمتلكه أحد!" صرخ.
اصطدمت الرصاصة بالحجر، وحدث شيء غير متوقع - بدلاً من تحطمه، بدأ الحجر يتوهج بشكل أكثر سطوعاً، ينبض بإيقاع متسارع.
"ماذا فعلت؟" صرخت والدته. "الحجر غير مستقر الآن!"
"جين!" صرخ والده فجأة، ملاحظاً وجود ابنه عند المدخل. "اهرب! الآن!"
لكن جين لم يهرب. بدلاً من ذلك، ركض نحو والديه، محاولاً الوصول إليهما.
"أبي! أمي!"
"لا، جين! عد للخلف!" صرخ والده.
كان الحجر يتوهج الآن بشكل مؤلم للعينين، ينبض بسرعة متزايدة. وفجأة، انطلق منه شعاع من الضوء الأزرق، مصيباً كانغ مباشرة في صدره.
صرخ كانغ، متلوياً من الألم. ثم، بحركة يائسة، أطلق النار مرة أخرى - هذه المرة على والد جين.
"لا!" صرخ جين، راكضاً بسرعة أكبر.
سقط والده، والدماء تنتشر على قميصه. والدته ركعت بجانبه، محاولة إيقاف النزيف.
"جين، اهرب!" صرخت، دموعها تتساقط على وجه زوجها.
لكن الوقت كان قد نفد. الحجر كان ينبض الآن بسرعة جنونية، وفجأة، انفجر في كرة هائلة من الضوء الأزرق.
كان آخر ما رآه جين هو والديه، محاطين بالضوء، ينظران إليه بمزيج من الحب والخوف والأسف. ثم اجتاحته موجة من الطاقة، رافعة إياه عن الأرض، غامرة إياه بألم لا يوصف.
وفي تلك اللحظة، شعر بشيء يدخل جسده، يندمج مع روحه - الحجر، أو جزء منه على الأقل، يختاره كحامل.
ثم، ظلام.
عاد جين إلى الواقع، راكعاً على أرضية المختبر المدمر، دموعه تتساقط على الأنقاض. كانت مين-آه تمسك بكتفيه، تهزه برفق.
"جين! جين، هل أنت بخير؟"
رفع رأسه ببطء، عيناه حمراوان من البكاء. "تذكرت. تذكرت كل شيء."
"ماذا رأيت؟" سألت سو-يون بلطف.
"كانغ. كانغ قتل والدي. أطلق النار عليه، ثم... أطلق النار على الحجر، مما تسبب في انفجاره."
"وماذا حدث بعد ذلك؟"
"الحجر... اختارني. في اللحظة الأخيرة، قبل الانفجار، شعرت به يدخل جسدي، يندمج معي."
"لماذا أنت؟" سألت هاي-ين. "لماذا اختارك الحجر من بين كل الأشخاص الموجودين هنا؟"
"لأنه كان متوافقاً معه،" قالت سو-يون. "وربما... لأن والديه أرادا ذلك."
"ماذا تعنين؟" سأل جين.
"الأحجار تستجيب للنوايا القوية، خاصة من أولئك الذين درسوها وفهموها. والداك كانا باحثين في الأحجار لسنوات. ربما، في تلك اللحظة الأخيرة، وجها الحجر نحوك، علماً أنك الوحيد الذي يمكنه حمله بأمان."
"لحمايتي؟"
"ولحماية العالم. كانا يعرفان ما يمكن أن يحدث إذا وقع الحجر في أيدي خاطئة."
وقف جين ببطء، مسح دموعه. كان هناك شيء مختلف فيه الآن - تصميم جديد، فهم أعمق.
"كانغ قتل والدي،" قال بصوت هادئ لكنه مليء بالغضب. "وهو الآن يحاول إكمال ما بدأه هنا - جمع أحجار المصير، واستخدامها لإعادة تشكيل العالم."
"وأنت الوحيد الذي يمكنه إيقافه،" قالت سو-يون.
"ليس إيقافه فقط،" قال جين، عيناه تلمعان بضوء أزرق خافت - انعكاس لقوة الحجر المستيقظة بالكامل الآن. "بل تصحيح الخطأ. إعادة التوازن."
"كيف؟" سألت مين-آه.
قبل أن يتمكن جين من الإجابة، سمعوا صوتاً من خارج المبنى - صوت محركات متعددة تقترب.
"لدينا زوار،" قالت هاي-ين، متوجهة بسرعة نحو نافذة محطمة للنظر إلى الخارج. "الاتحاد. وعشيرة القمر الأسود. كلاهما هنا."
"كيف وجدونا؟" سأل هيون-سو بذهول.
"الحجر،" قالت سو-يون. "استيقظ بالكامل الآن، يشع كمنارة لمن يعرف كيف يبحث عنه."
"يجب أن نخرج من هنا،" قالت مين-آه بقلق.
"لا،" قال جين بهدوء. "لا مزيد من الهرب. حان وقت المواجهة."
"جين، هم كثيرون. ونحن خمسة فقط."
"لا يهم. هذا هو المكان الذي بدأ فيه كل شيء. وهذا هو المكان الذي سينتهي فيه."
نظر إلى رفاقه، عيناه مصممتان. "لكن لا أطلب منكم البقاء. هذه معركتي."
"أنا لن أتركك،" قالت مين-آه فوراً، ممسكة بيده.
"ولا أنا،" أضافت سو-يون.
"نحن معك حتى النهاية،" قالت هاي-ين
، وأومأ هيون-سو موافقاً.
ابتسم جين، ممتناً لولائهم. "شكراً لكم. والآن، دعونا نستعد. لأن المعركة الحقيقية على وشك أن تبدأ."
خرجوا من المختبر المدمر، متجهين نحو الحفرة المركزية حيث كان الشق في الواقع يتموج في الهواء. وهناك، في الضوء الغريب للشق، وقفوا منتظرين وصول أعدائهم.
كان جين يشعر بقوة الحجر تتدفق في عروقه، أقوى من أي وقت مضى. كان مستعداً الآن - لمواجهة كانغ، لمواجهة مصيره، لمواجهة الحقيقة عن من كان حقاً.
حامل حجر التغيير. آخر أمل للعوالم.