18 - ديالا خلف ذلك من جديد ؟

في الصباحِ الباكر لليوم التالي وبينما خرج سينساتي لقضاء حاجته، لمح كريغ وهو يغادر غرفةَ نالي، فوقفَ مدهوشا يشاهد كريغ، أحسَ الأخير بشيء غريب فنظر إلى يساره فيجدُ سينساتي ينظر إليه دون حراك أو أن يرمش حتى، جعل ذلك كريغ يرتعشُ وكأنه قد ثم رشهُ بالماء الصاقع، هز الأخير كتفيه ثم قال بتعجب :

- ماذا؟

إبتسم سينساتي وتوجهَ إلى كريغ وضحكةٌ خبيثة لا تُفارقه، واضعت يدهُ على كتف كريغ ثم اقترب إلى أذنه قائلا :

- ما رأيك أن أخبر مجنون أخته ذاك، أنك عبث بشقيقته!

لكن رد كريغ كان غريبًا وذكيا في نفس الوقت لمعرفته أن سينساتي ليس ذكيا جدا بل أقربُ إلى الأغبى اذ قال :

- يبدو أنك صرتَ قادرا على الحراك؟

رد سينساتي دون ادراك قائلا :

- نعم لقد احسست هذا الصباح أنني صرتُ قادرا على المشي

قبل أن يفهم أن كريغ حاول المراوغة بهذا السؤال قائلا بعد أن ابتعد عنه الأمير قليلا :

-مهلا لحظة أتحاول أن تنسيني ما رأيت، يا لك من مخادع حقير!

وبعدَ وقت قليل استيقظ البقية، ثم احتفلوا بتعافي سينساتي على الفطور، ليشكر كريغ كل القبيلة على معالجته والإعتناء به مخبرا إياهم أنهُ سيرحل وفي الوقتِ الذي حمل حقيبةً أملأها له سكان القبيلة بالطعام والشراب لباقي الرحلة، أمسكت نالي بذراعِ الأمير وأخبرت الجميع أنهَا سترافقهُ وأنها تحبه، تفاجئ اريك من كلام شقيقته قائلا باستغراب :

- ماذا تقولين؟ هل جننتي!

ردت نالي على شقيقها قائلة :

- نعم يا إريك أنا أحبُ كريغ أريد أن أذهب معه وأن أبقى بجانبه

وبوجه حزين رد إريك على أخته قائلا :

- ماذا عني هل ستتركينني؟!

ذهبَ كريغ إلى إريك واضعا يدهُ عليه ثم قال له :

- يمكنك أن ترافقنا أنت أيضا

حاولَ إريك أن يظهر عدم اهتمامه بما إقترحهُ عليه كريغ لكن السعادة كانت واضحة عليه قائلا :

- حسنا! اذا كان هذا ما تريد سأذهب معكم، في النهاية لا يمكنني الافتراق عن أختي

كان كل من في القرية سعيدا لهذين الأخوين لأنهم وجدوا ربما السعادة أخيرا، ورغم الدموع التي ذرفتها هذه القبيلة القوية لوداع الأخوين إلا أنهم سعدوا بذلك لأنهُ الأفضل لهم، لكن الوداع الخاص كان بين رون والشقيقين فهو من رباهم واعتنى بهم منذ الصغر، عانق اريك طبيب القرية ثم شكره قائلا :

- شكرا لك على كل ما فعلته معنا لن أنسى معروفك مهما حييت

أم بالنسبة لنالي فكانت عاطفيةً بعض الشيء وبدأت بالبكاء معانقةً رون بدورها قائلة بمشاعر جياشة :

- أنا أحبك يا رون، شكرا لك على كل ما فعلته لأجلنا سنعود لزيارتك بالتأكيد

حاول الطبيب عدم إظهار ثأتره بالموقف، لكن الدموع انسالت من عينيها وهو يعانق نالي الذي تذكر حجمها اليوم الأول للقائهم وقال بمشاعر صادقة :

- أنا أحبكم أيضا، أنتما طفلاي اللذان لم أرزق بهما انتبها لنفسيكما، أثقُ في أن كريغ سيحميكم

في ظل ذاك الجو المشحون بالمشاعر وقفَ كريغ بجوار سينساتي وصمتَ لبعض من الوقت ثم قال :

- أريدكُ أن ترافقني أنت ايضا

ابتسم سينساتي قبل أن ينظر إلى كريغ قائلا :

- أتمنى لو كنت قادرا على ذلك

استفسر كريغ عن ذلك قائلا :

- ما هو الأمر الذي يمنعك من ذلك؟

صمت سينساتي قليلا ثم أجاب عن تساؤل الأمير قائلا :

- أُختي الصغيرة تنتظرني أنا عائلتها الوحيدة

كان كريغ أكثر شخص يمكنه تفهم هذا الأمر، بالخصوص بعد ما حدث لشقيقته الكبرى، ليتقدم إلى حصانه ويقول لصديقه :

- أتمنى أن تتذكرني دائما كصديق يا سينساتي

ابتهج الأخير ثم قال :

- أنت أيضا يا كريغ، لقد مررت بأجمل أيام حياتي معكم، اتمنى أن تذكرني لأبد

هذا لم يكنْ مجرد حوار بل كان وداعا بين كريغ والشخص الأول الذي نال اهتمامه وإعجابه، كريغ تمنى أن يذكرهُ سينساتي كصديقٍ له لأبد، لكن ما زال هنالك بعض الوقت سيقضيه الاثنان لأن قرية سينساتي تمرُ بأرغونيا وكذا طريق كريغ للعودة إلى العاصمة، منحَ سكان قبيلة الماساي أربعة فرسان لكريغ والبقية بغرض رحلتهم، لينطلقوا بعدها في مسيرتهم المفترقة، وبعد نصفِ يوم من المسير وصل الأربعةُ إلى أرغونيا وفي اللحظة التي كان الشعور الأصعب بتوديع سينساتي، الوداع ومن دون أذنى شك أصعبُ شيء يواجههُ البشر فهو يتركُ شعورا كئيبا غير مفهوم في قلوب المودعين، لكن في تلكَ الأثناء حدث شيءٌ غير مسار سينساتي إلى الأبد ربما، أحاطَ بكريغ والرفاق بعضٌ من سكان ومحاربي أرغونيا ورغمَ مقاومةِ سينساتي وشجاعةِ إريك وقيادة كريغ إلا وأنه كما يُقال فالكثرة تغلبُ الشجاعة، انقضَ الأرغونيين على الاربعة كما ينقض الأسد على فريسته، كل ذلك قد حدث تحت ناظري أحد الخيالة الذي أرسلهم الملك بيرت قبلَ أيامٍ للبحث عن ابنه الضائع، كان يراقب من خلف الحشائش خوفا من أن يكتشفهُ الأرغونيين وانهاء حياته فقررَ العودةَ بحصانه للعاصمة وإبلاغ الملك بما رأه، أخذ الأرغونيون كريغ ومن معه وبتواجد سينساتي كذلك التي تأجلت رحلتهُ لرؤية أخته، إلى زعيمهم وقائدهم لومبار الذي رحب بهم بطريقته قائلا :

- أهلا أيها الأمير لقد مر وقتٌ طويل!

استغرب كريغ من كلام الزعيم ليرد عليه :

- ماذا تقصد، أنا لا أعرفك؟

ضحكَ لومبار وسطَ استغراب الجميع، نادى الزعيم على أحد أتباعه قائلا له :

- أرسل رسالة إلى ديالا بيدرفورد وأخبرها أنني أمسكتُ كريغ ماتين

توجهَ الحارس لتنفيذ أمر زعيمه، أما كريغ فابتسم ولم يبدو مصدوما من كلام زعيم القبيلة قائلا :

- اذن تلك العاهرة خلف هذا مرة أخرى

ابتسم لومبار بسبب كلام الأمير ورد عليه قائلا :

- إنها خلف كل شيء أيها الأمير، لن أبالغ إن قلت أنها الإمرأة الأخطر عبر تاريخ ميروبس

أمرَ لومبار الحُراسَ بعد ذلكَ بوضع كريغ ورفاقه في الزنزانة الموجودة في اخر رواق بيته حتى وصول ديالا، تأسفَ كريغ للجميع لأنهم حبسوا بسببه، وبالأخص لسينساتي لكنهم أخبروه بأنها ليست غلطته وهم ليسوا مستائين منه، لكنهم استفسروه عن من تكون ديالا وعلاقتهُ بها، قضى كريغ الليلة وهو يخبرهم عنها وأنها من قتلت أمه ، ورغبتهُ في الإنتقام منها، صمت الجميع متأسفين له عن وفاة أمه أمام ناظره، عانقتهُ نالي للتخفيف من ألمه، وبفضلِ أخذه لطريق جسر المأساة/كايدن وصلَ خيالُ عائلة الماتين إلى القصرِ الملكي، صباحَ اليوم التالي وبدأ في البحث عن الملك بيرت لإبلاغه بما شاهده، تراهُ كاثرين فتنادي عليه :

- ألستَ واحدا من الخيالة الذي أرسلهم أبي للبحث عن كريغ؟

بدا الحارسُ متعبا ويتنفسُ بصعوبة بالغة فرد على كاثرين بكلماتٍ متقطعة تظهرُ أنه لم يسترح في طريقه مطلقا :

- لقد وجدتُ الأمير، وأنا الان أبحثُ عن الملك لأخبره بذلك

ابتهجت كاثرين وغمرتها فرحةٌ عارمة لتسأل الخيال بحماسة :

- وأين هو إذا؟

أخبرها الخيال أنه تم القبضُ على كريغ رفقةَ أصدقائه من طرف محاربي قبيلة أرغونيا، استغربتَ كاثرين كثيرا وبدت حائرة من كلام الخيال مستفسرة :

- أصدقاء؟ أرغونيا!؟

2024/01/13 · 31 مشاهدة · 1034 كلمة
Hafidmatin
نادي الروايات - 2025