أخذت الأخيرة حصان الخيال وأمرته بعدم إخبار الملك بهذا الامر لأنه مشغول بأمر التحضير لإجتماع سيقرر فيه مصير ريبيكا وكانت عائلة ُ مارسيل قد وصلت بالفعل إلى القصر الملكي، وانها ستتكلف بأمر إنقاذ أخوها بنفسها وصدفَ أن كان هونتر بالقرب منها، فأخذ حصانا وتبعها، حاولت كاثرين اقناعه بالعودة إلى القصر والتوقف عن ملاحقتها، لكن الأمير الصغير أصر على موقفه قائلا :
- لقد سمعتُ ما دار بينك وبين الخيال، سأرافقك!
وفي الوقت الذي عبروا من جسر كايدن بالرغم مما يحمله لهم من مأساة أطلعَ هونتر أخته بما يحدث معه في الأيام الأخيرة وعن الشخص الغريب الذي يُحدثهُ في أحلامهِ كل ليلة وإخباره بأنه فتى النبوؤة الذي انتظروه لأزيد من 1000 سنة، فاقَ كلامُ هذا الأخير تفكير كاثرين وتفكير أي شخص عادي وتجمد عقلُها لثوانٍ قبل أن يعيدها شقيقها إلى وعيها مقاطعا سهوها :
- فيما تفكرين يا كاثرين؟
اعتذرت الأخيرة لأخيها وأنها لم تتمكن من فهم ما قاله ولا تعرف بما ستجيبهُ وأن عليه التحدث مع كريغ بهذا الموضوع لعلهُ يستوعبُ هذا ويعطيه حلا مناسبا، وكما قالت كاثرين سابقا يتجهزُ القصر الملكي لإستضافة عائلة مارسيل للحسم في مصير ريبيكا، دخل لين أو كما يحلو لجده تسميته ب هوب ووالديه إلى غرفةِ الضيافة فوجدوا مشهدا قد يوضحُ كل شيء وكيف سيكون قرار الملك، كان ريس يجلسُ بجانبِ ريبيكا في إنتظار قدوم الملك الذي كان كرسيه فارغا جلس لين وعائلتهُ في الكراسي الثلاتة المقابلة لريبيكا وريس، وبعدَ وقتٍ من الإنتظار دخل الملكُ أخيرا إلى القاعة، يقف الجميعُ لتحيته، جلسَ الملكُ في مكانه المخصص وهو الكرسي الأمامي ورفعَ كأسهُ من النبيذ قائلا بعد أن دعى الجميع للشرب :
- لنشرب أولا
رفعَ الجميع كؤوسهم واحدا تلو الاخر واحتسوا النبيذ مع الطعام وبعد إنتهائهم من الٱكل والشرب بدا لين منزعجا من مماطلة الملك، وحث أباه على الثحدت بشأن ذلك وهذا ما فعلهُ هذا الأخير موجها حديثه للملك بيرت قائلا :
- إذن أيها الملك بعد أن انتهينا من الاكل والشرب، ألن تخبرنا ما قررته حول موضوع زواج ابني بإبنتك؟
وضعَ الملكُ كأسهُ جانبا ثم نظر إلى أستريد والد لين ثم قال :
- تعرفُ أنكَ صديقٌ عزيز علي، لكنني أضع سعادة بناتي فوق الجميع وأظن أن قراري واضحٌ دون قوله، أنا اسف يا استريد لكن ريبيكا هي من ستقرر بمن تريد الزواج
غضب لين وضرب َ على الطاولة بقوة دون شعور صارخا في وجه الملك :
- ماذا تعني بهذا أيها الملك!
صفعَ أستريد إبنهُ وسطَ تفاجئ الجميع تم ركعَ للملك قائلا :
- أنا أعتذر نيابةً عن ما بدر من ابني، بالطبع أنت الملك وسنتقبل أي شيء تقرره
شكر الملك أستريد على تفهمه الموضوع قائلا :
- أنا أقدر لك ذلك يا أستريد، شكرا لك
بالتأكيد كان هذا مجرد كلام خوفا من عقاب الملك بيرت والدليل على ذلكَ مغادرة عائلة مارسيل بعدها مباشرةً والغضب يعلو وجوههم كلهم وخاصة أم لين التي نظرت إلى ريبيكا نظرة حقد وقالت بصوتٍ سمعتهُ ريبيكا لوحدها :
- أتمنى لك التعاسة الأبدية
وبعدما غادروا عانقت ريبيكا أبوها بحنان كبير شاكرة إياه على قراره الذي أدخل سرور إلى قلبها:
- أنا أحبك يا أبي
وفي ذات الوقت كان ريس يجمعُ بقايا الطعام لتسألهُ ريبيكا عما يفعله، يردُ ريس على حبيبته بأنهُ يريد أن يمنح هذا الطعام الشرفي لبعض الأطفال الذي يعتبرهم أصدقائه، نظرت ريبيكا إلى أبيها بقلقٍ لكن هذا القلق سرعانما تحول إلى فرحةٍ عندما وجدت الملك يبتسمُ مُعجبا بهذه الخطوة من زوج إبنته المحتمل، عادَ الملكُ إلى عرشه أما ريس فقد كانَ أمام القصر يوزع الطعام على الأطفال الصغار الأيتام شاكرين إياهُ على ذلك، وقد كانتْ ريبيكا تُراقب من الخلف تصرفَ حبيبها النبيل مع الأطفال اليتامى بإبتسامةٍ تزين وجهها الملائكي وبعد أن ذهب الأطفال مودعين ريس التف الاخير عائدا إلى القصر لكنهُ يرى ريبيكا تراقبه ليتجه نحوها قائلة :
- يبدو أنني على علاقةٍ مع البطل النبيل!
اقترب ريس أكثر من ريبيكا ثم قال بسعادة واضحة :
- البطلُ النبيل أسعدُ شخص في العالم لأنه فاز بحب الملاك الأجمل في كل ميروبس
قبل أن يمسك بخصرها ويجذبها نحوه لتضعَ هي أيضا يدها على وجناته قائلة :
- يبدو أن البطل النبيل تحول إلى شيطان!
وعلى حين غرة قبَل ريس حبيبته بقوةٍ لكنها جارته في الأمر وواصلا تقبيل بعضهم البعض قبل أن يقاطعهم صوت بجانبهم :
- احم احم!
انفصل الاثنان عن بعضهما بعد ذلك وابتعدَ ريس قليلا وبدا الخجلُ عليه بعد أن التفت إلى الوراء أما ريبيكا فمسحت فمها ثم تقول للشخص الذي قاطعهم:
- لوسي! ماذا تفعلين هنا؟ متى عدتي من أركاديا؟
بدا الإرتباكُ على ريبيكا من طريقة حديثها مع قريبتها لوسي التي أجابت على تساؤل ريبيكا قائلة:
- لقد وصلت قبل قليل فقط بعد أن سمعتُ شائعات عن قرب زواجك، يبدو ذلك صحيحا بالنسبة لي!
أمسكت ريبيكا بيد قريبتها وأخذتها باتجاه غرفتها :
- هيا بنا سأخبرك بكل شيء
وبالعودةِ إلى الملك بيرت الذي عادَ لغرفته لكي يستريح فقد ظهر عليه تعبٌ شديد على غير عادته وبدأ بالسعال بشكل متواصل، ورغب في شُرب الماء لذلك وقف ليجلب القدحَ من الماء أمامه لكنهُ وفور إمساكه القدح شعر بدوارٍ ليسقط أرضا ويسمعَ دوي سقوطه للحارسِ الماثل أمام باب عرفته، ليفتحَ الباب ويرى الملكَ على الأرضِ فأسرعَ إليه حاملا إياه على كتفيه بغرض وضعهِ على السرير، وفي تلكَ اللحظة تقيئ الملكُ الدماء بغزارة، أحسَ الحارسُ بخطورة الوضع حينها ليضعَ ملكهُ في مضجعه ويركضُ مُسرعا لإحضار الطبيب الملكي إيستوود، وفي طريقه لذلك يلتقي بمُساعدي الملك ألفونس ليبرت (اليد اليمنى وقائد أركان الجيش) و هاورد كالڤن (اليد اليسرى وقائد جيش الرماة)،مُخبرا إياهم بما حدث، فركضوا مسرعينَ إلى غُرفة الملك، لحظةَ دخولهم وجدوا ذاك المشهد أمامهم، قَدحُ الماء أرضا والدماءُ بجانبه، وعلى السرير الشخصُ الأعظمُ والأقوى في قارة ميروبس بوجهٍ أصفر شاحب، كانت هذه المرةُ الأولى الذي يريان فيها الملكَ بذاك الضعف والجمود، الصدمةُ التي اعتلت وجوههم جعلتهم غير قادرين على الحراك خطوةً واحدة يتبادلان النظرات مع الملك الغير قادرا على الكلام، ولم يكسر ذاك الجمود سوى دخول إيستوود ومساعديه حاملينَ أغراضهم الطبية، يقومُ المساعدين بفحصٍ سريع للملك الساكن قبل أن يخبروا الطبيب بشيء ما في أذنه ليطلب الاخير من الجميع الخروج ،نظر هاورد إلى حراس غرفة الملك وأمرهم بالخروج، لكن إيستوود يخبره رفقة ألفونس بالخروج كذلك قائلا:
-أنا أسف لكن يجب عليكم أنتم الخروج أيضا!
استشاط ألفونس غضبا من كلام الطبيب ايستوود قائلا :
- ماذا تقول أنت الان، أتعرف مع من تتكلم؟
رفضُ الاثنين الخروج بداية لكن سرعانما تغير ذلك بأمر من الملك بتحريك رأسه جعلهم ينفذون ما قاله الطبيب الحكيم إيستوود، خرجَ النائبين وأغلقا الباب خلفهما ثم جلسا أمام باب الغرفة منتظرين خبرا من الفرقة الطبية في الداخل لينظر هاورد إلى ألفونس قائلا :
- البشرُ كائناتٌ ضعيفة يا ألفونس!
نظرألفونس إلى هاورد لبعض الوقت تم رد عليه بحسرة :
- إنك على حق من كان يتوقع يوما أن الشخص الأقوى ربما في تاريخ ميروبس قد ينتهي به الأمر هكذا!
وبعد وقتٍ من الإنتظار والترقب فتحَ إيستوود بابَ الغرفة بنفسه وأطلعَ ألفونس و هاورد أن الملك يريدهم، وأمر إيستوود مساعديه بالخروج ليتبقى في الغرفة أربعة أشخاصٍ، الملك طريح الفراش وبجانبه طبيبه الحكيم إيستوود أمام دهشةِ كل من هاورد و ألفونس، سببُ تلك الدهشة كان حديثُ الملك الموجه لطبيبه الذي قال :
- أخبرهم بالأمر!
نظر الطبيب مطولا إلى ملكه قبل أن يقول له :
- هل أنت متأكد من ذلك أيها الملك؟
هز الملك رأسه إيجابا قائلا لطبيبه :
- لا بأس يا إيستوود أنا أثق بهم
تحولَ نظر وتركيزُ ألفونس و هاورد إلى إيستوود الذي قال لهم :
- الملكُ قد تم تسميمه!
كلام الطبيب هذا أغرقَ الاثنين في بحر من الظُلمة والحيرة، وابتعلهم صمتٌ غريب وكأن شفاههم قد خُيطت وفي ظل هذا استمر إيستوود في حديثه قائلا:
- لأكون صريحا معكم، الملكُ لن يعيش طويلا، لقد استطعت بمعجزة الحفاظ على حياته الان ، ٱمنت له بعض الوقت بصنع دواءٍ سيحسنُ حالته إن واظب عليه لكنهُ لن يزيل ثأتير السم الذي سيدمر أعضائه الداخلية تدريجيا، شهر واحد قد يكون أقصى ما سيعيشه الملك
أمسكَ ألفونس قبضتهُ بغضبٍ شديد لدرجةِ أن قبضتهُ صارت حمراء كأنه جرح نفسهُ بشيء حاد ليقول بعدما توجه إلى الملك :
- إنها غلطتي أنك في هذه الحالة أيها الملك، سأرضى بأي عقابٍ تنفذهُ بي
شعرَ ألفونس بالذنب لأنهُ لم يكن يقظا هذه المرة وسمحَ للملك أن يسمم، لكن الملك قد أمسكَ يدَ نائبه ثم نظر إليه قائلا :
- إنهُ ليسَ ذنبكَ ألفونس
في ذلك الوقت طرح هاورد ما كان يفكر به جميع من في الغرفة قائلا :
- من الواضحِ أن الملك سُمم في المؤدبةِ الاخيرة التي استقبل فيها عائلة مارسيل أليس كذلك؟
أجاب الطبيب ايستوود على تساؤل هاورد قائلا :
o لا شك في ذلك، لقد أرسلتُ مساعدي لتفحصِ كأس الملك الذي شرب فيه النبيذ إن كان فيه بعض السم، فستكون عائلة مارسيل المتهم الأول
وفور إنتهائه من كلامه، دخل أحدُ مساعدي إيستوود إلى الغرفة مخبرين إياه أنهم وجدوا قليلا من السم في كأس الملك، تم تأكيد ذلك من طرف كل المتواجدين في الغرفة، عائلة مارسيل هي من سممت الملك، تحدث الملكُ إلى نائبيه قائلا :
- تعرفانِ ما يجب عليكم فعله!، واحرصا على أن لا يعرف أحد بهذا الامر
وضعا الاثنانِ يدهم على صدورهم وركعوا بحزنٍ وغضب قائلين (أمركَ أيها الملك)
وبعد أن إلتفوا متوجهين خارجَ الغرفة نادى عليهم الملكُ قائلا :
- أنتما أكثر شخصين أثق بهم