ضاقة عيني جورج بصدمة عندما رأى ما داخل السيارة، لقد كانت هناك جثة رجل كبير في مقعد السائق!


"يا إلهي!!" فزع جورج من الجثة التي مال جسدها نحو المقعد الأخر، والتفت بسرعة نحو ميريلي و صرخ "اتصلي على الإسعاف فورا! هناك رجل ميت!!"


اعتقدت ميريلي بأنها سمعت خطأ، وقبل ان تتأكد فقد صرخ جورج مره أخرى نحوها "الإسعاف يا ميريلي! الإسعاف!!" "ح-حسنا!!" فامسكت بهتفها فورا بيديها التين ارتجفتا وكادتا تسقطان الهاتف وضغطت على شاشة هاتفها الذكي "مرحبا؟ الإسعاف--"


عاد جورج ونظر بشكل أدق في جثة الرجل، كان المكان مظلما داخل السيارة، ولكنها كانت ايضا دافئة بالكامل، ورغم الظلام الا انه إستطاع ان يرى جيدا بسبب إضاءة عمود الإنارة القريب.


كان الرجل يرتدي معطفا أسود طويل، يحمل شارة فضية غريبة شبيها بالمثلث-بل مثلثان أحدهما داخل الأخر، وكانت الدماء تغطي جثة الرجل تقريبا، كان شعره البني ببعض خصل الشيب تتساقط أمام وجهة لتغطية، فقام جورج بامساك كتف الرجل وهو يسحبه ليعيده لمكانه "هيه، هل--"


ما ان مسكت يد جورج كتف الرجل، حتى أمسكت يد كبيرة ودموية بمعصمه بقوة وكانها ترغب بتحطيمها، فصرخ جورج مفزوعا عندما أكتشف بأن الرجل لا زال حيا ويقوم ب رفع رأسه وجسده ببطء و تثاقل.


"يا إلهي! هل انت بخير يا سيدي؟!" تخلوا جورج عن فزعه وسارع ليساعد الرجل على الجلوس جيدا، بينما تأوه الرجل الضخم، وعندما اعتدل تقريبا في جلوسه وهو لا زال يحكم قبضته على معصم جورج-ويكاد يكسره، تنهد بصوت ثقيل و أجش "آآهه!--آه..اللعنة، ذلك الشيطان الحقير.."


تعجب جورج وارتبك، هو لا يقصدني، صحيح؟ انا لست شيطانا! . تجهم ولكنه لا زال تحدث بلطف قدر الإمكان "لا اعلم من تقصد يا سيدي، ولكننا اتصلنا بالإسعاف، لا باس، سيصل قريبا--"


"هراء!" قاطع الرجل الضخم جورج بصوت مخيف و بارد، ورأسه رفعه ونظر ل جورج مباشرتا، والاول مرة، استطاع جورج رؤيت وجه الرجل. كانت ملامح وجهة مخيفة، بدا في نهاية الخمسين، وكان ذو لحية قصيرة و كثيفة، فكين ضخمين وتعابير وجهة بدت ك القرش، ملطخ بالدماء المنهمرة من راْسه ونذبة قديمة تعبر على طول عرض جبينة أسفل خصل شعرة المبعثر، كان يبدو مخيفا للغاية بملامح وجهة القاسية و خصوصا عينيه الفضية الحادة والباردة كنصل السيف.


عينية تلك، كانت مخيفة للغاية للحد الذي جعل جورج يتوقف في مكانه متسمرا و مرعوبا بهيبة الرجل الساحقة، بينما اكمل الرجل بخشونة وبرود "الإسعاف، الشرطة، الدفاع المدني و كل ذلك الهراء، لا يصلون ابدا في الوقت المناسب، انهم فقط يتأخرون بينما يتناولون الكعك والقهوة الباردة المليئة بالقذارة!"


ارتبك جورج من وحشية الرجل، وحاول ان يهرب بمعصم يده التي بالكاد يستطيع الشعور بها، وقبل ان يتحدث فقد تغيرت تعابير الرجل فجاءا، اصبحت هادئة و لطيفة، نظرات أب حنون يعطف على أبنه الذي أخطاء، وقال بصوت مختلف "كم الساعة الآن يا بني؟"


كاد ان يضيع جورج في ارتباكه، الا ان الألم في معصم يده اليمنى أعاده لوعيه لينظر لساعته بسرعة ويحدق بها "انها تقريبا الثانية عشر الا ثلث يا--"


"اللعنة!" ومره اخرى قاطع الرجل جورج بصرخة غاضبة وهو يضرب بقبضة يده الأخرى مقود السيارة، ولو استطاع جورج رؤيت يد الرجل حينها، فكان ليرا شرار او نار خفيفه تلتف حول قبضة الرجل قبل ان تختفي. ولكن في تلك اللحظة فقد صرخ جورج متألما من معصم يده الذي فقد الإحساس بها كليا. نظر الرجل بتثاقل وغضب عارم كالوحوش من فوق المقود الذي هشمته يده الضخمة، وسرعان ما اصبحت عينيه كآبه، ملئا بالندم و الحسرة و الكراهية، وثم تنهد تنهدا طويلا وثقيلة بينما يسقط رأسه و كتفيه "لقد فات الأوان على الندم..اللعنة على ذلك اللقيط! لو لم اثق به، لما ماتت!!"


مرة اخرى فقد ضرب المقود بيده، وظهرت نارا اكثر اختفت بسرعة مرة اخرى، ومرة اخرى صرخ جورج طالبا الرحمة لمعصمة المتحطم، وبعد لحظات نظر الرجل نحو جورج بعد سماع تأوهاته التي يحاول كبتها، وبعد تحديق طويل نسبيا، التمع الأمل في عيني الرجل، وصاح فورا بصوت منخفض "نعم، انت!"


"ايها الشاب" نادرا الرجل على جورج بصوت منخفض، لينظر له جورج بغضب وحقد، وصرخ عليه "ماذا؟! يا من يريد تحطيم يدي!!"


ظهرت الاندهاش على الرجل، ولكنه ابتعد سريعا ليحل مكانه ابتسامة واسعة راضية "تريد يدك، ايها الشاب؟"


فصاح عليه جورج ببرود "وهل أبدو لك كمن يريد العيش بيد واحده؟"


أصبحت اعين الرجل باردة و ساطعة، وابتسامته زاد رضائها و تفائلها "انت لا تعرفني، استطيع ان أجعلك تعيش بجسد مشلول، الا ان قمت بشيء واحد لي"


نظر جورج للرجل بتعجب و قال بشدة "هل هكذا تعامل من حاول إنقاذك ايها اللعين؟" ولكن لم يكن جورج أحمقا، استطاع ان يعلم بان هذا الرجل يقول الحقيقة، انه يستطيع ان يجعله مشلولا حقا، وذلك بفضل خبرته القديمة ك شابا مجرم سابقا، ولهذا تحدث بحده و برود "ماذا تريد ايها المجنون؟"


ضحك الرجل فجاءا بصخب، وثم نظر لجورج بإعجاب و برود وهالته المهيبة تضغط بشدة على جورج، وهو يبتسم بشراسة ويقول بصوت منخفض كالشيطان "شابا ذكي، ألست كذلك؟ جيد جدا، هذا افضل بكثير"


ثم ادخل الرجل يده الى داخل معطفه، واخرج حجرا أبيض شكله يبدو كالنجم الثماني و يتوهج في داخله وهيج ناري منتقد، كان الحجر صغيرا، ك حبة العنب، ونظر للحجر لوقت طويل بتعابير معقده لا تفهم، قبل ان يمده لجورج ويقول بصوت طبيعي "خذ هذا الحجر، خبئه جيدا ولا تضعه ابدا او تعطيه لاحد او تريه لاحد.."


عندما نظر جورج للحجر الذي وضعه الرجل في يده، رفع حاجبيه في دهشة، وكانت الحرارة الدافئة سابقا والتي تحيط السيارة، بدت وكأنها تنبعث من الحجر نفسه، وفجاء قبضة قبضة الرجل على يد جورج الممسكه بالحجر ليشعر بأطراف الحجر إلحاده تغرز في راحة يده، ونظر للرجل الذي قال بصوت مرعب وبارد "ان علمت بانك فعلت ذلك، وسأعلم بلا شك، فتأكد بأني ساعثر عليك، وساقتلك ببطء كي تندم جيدا على مخلفتك لامري، ايها الشاب الذكي"


تجمد جورج في مكانه، وفجاءة ضرب البرق و الرعد السماء، واضائي وجه الرجل عليها، ليرى جورج مشهدا مرعبا، بعيني الرجل الفضية سابقا، كانتََ الان حمراوتان كالياقوت، وبياضهما اصبح أسود مشؤوم، وظهرت عروق متضخمة حولهما وعلى كامل وجهة ويديه، لتنزل عينيه دماء، بينما ابتسم في وسط عذابك الذي لم يعلم به جورج، وقال بصوت حنون بدا ك همس شيطان رحيم "انها أمانة في يديك يا جورج، إياك وان تضيعها، او ستقضي على ما تبقى من عالمنا بعد ما تبقى من الكارثة القادمة"


تشنج جورج في مكانه، واخيرا ترك الرجل كلتا يدي جورج حره طليقه، ولكن جورج لم يهتم لهما، بل-وبشكل غريب- احس بالخوف والقلق في داخله، ليس عليه، بل على هذا الرجل الغريب الذي لم يقابله مره واحده من قبل في كامل حياته "كارثة قادمة؟ ماذا تقصد يا سيدي؟"


ارتخاء الرجل على مقعده، وتنهد تنهدا طويلا، وشعر اخيرا براحة في داخله، راحة رغم ان جسده كان يغلي من الداخل ويتقطع ببطء، قبل ان يقول وهو يغلق عينيه بثقل، ولكنه لا زال يجيب على سؤال جورج المرتبك "ستعرف بنفسك عند حلول منتصف الليل، ان السماء غريبة، الا ترى؟ عليك جمع قدر ما تستطيع من المؤان والهرب بعيدا عن المدينة مع من معك بأسرع ما تستطيع، جورج"


مرة اخرى لم يهتم جورج لكيف عرف الرجل اسمه، ولكن ما اهتم له وانتبه له اكثر، هو نصيحة الرجل الغريبة، مؤان؟ هروب؟ لماذا؟ ماذا قد يحدث في منتصف الليل؟ واية كارثة هذه التي تخيف الرجل هكذا؟.


وكما لو قرا الرجل أفكار جورج، فقد قال والدماء تنزف من فمه بعد سعاده الحاد "الوقت ينفذ، اهرب بسرعة! وخذ معك ايضا اي سلاح حاد غير المسدسات او الأسلحة النارية! فهي بلا فائدة ضد الوحوش، خذ خريطة و بوصلة ايضا فالانترنت لن يفيدك بعد منتصف الليل"


مرة اخرى ارتبك جورج اكثر واكثر، ولكنه أومأ ممسكا بكتف الرجل بيده، وتعابير وجهة اصبحت مختلطه بين الهدوء و التقديم و الخوف، لماذا يفعل ذلك؟ لماذا اصبح وجهة يملئه الاحترام نحو الرجل الغريب؟ لا يعرف جورج السبب ايضا، لم يفهم سبب فعله الان ولا سبب ما قاله الان بصوت منخفض وثقيل "حسنا، أعدك بان احمي هذا الحجر الغريب يا سيدي"


"سميث" فتح الرجل عينيه ببطء، نصف مفتوحه وهي تلتف وتنظر نحو جورج بغرابة، بينما قال الرجل بابتسامه غريبة دون ان يحرك راْسه "توقف عن مناداتي سيدي وانا لست بسيدك، اسمي سميث تشانرونق"


لم يتساءل جورج عن الاسم الغريب، بل أومأ بابتسامه مطمئنة "جورج كاسنر، سميث تشانرونق"


ضحك سميث بضعف، قبل ان يسعل دماء مرة اخرى، وضرب يد جورج عن كتفه، وقال بصوت منخفض "اذا، اذهب الان، يا جورج كاسنر، و أهرب"


"حسنا.."كان صوت جورج ضعيفا، لا يعلم لماذا، ولكنه لم يرغب بترك الرجل هكذا يصارع الموت، ولكن كان عليه فعل ذلك، كاحتراما، و وقف واغلق الباب بهدوء وابتعد عنه ببطء، ثم نظر للحجر النجمي في يده، يستطيع ان يرمي الحجر ويتخلص منه هنا و الان، ولكنه لم يفعل، بل قبض عليه في يده بقوة، وشعر وكأنه يقبض في يده سبب كونه حي حتى الآن.


عاد خطوات قليله للخلف، ثم التفت على صوت ميريلي، و واجهة بنظرات جاده بينما هي تقترب منه و يقترب هو منها "علينا الدخول بسرعة لشقتي يا ميري"


توقفت ميري بدهشه و استغراب "ماذا؟"


ولكن جورج امسك بكتفيها بقوة ونظر لها بجدية و شدة جمدتها "رجاءا استمعتي لما سأقوله و نفديه، علينا الهرب بسرعة من هنا و التوجه للطريق السريع بأسرع ما نقدر وبأكثر قدر ممكن من المؤان"


"ماذا تقول فجاءا؟ ماذا هناك؟ ماذا عن الجثة في السيارة؟!" قبل ان تكمل جميع أسئلتها، فقد امسك جورج ب وجنتيها بيديه الدافئتين، ونظر لها بعيني هادئتان و مريحتان "اسمعي لي فقط ي ميري، واعدك باني سأخبرك بكل ما أعرفه، فقط دعينا ندخل ل شقتك بسرعة، فنحن لا نملك كل الوقت قبل الكارثة في منتصف الليل"


كارثة؟ قبل منتصف الليل؟ الا ان ميريلي لم تسأل اي سأل، بل أومات بعد وقت قصير بارتباك، وهي تشعر بيدي جورج الدافئتان تمسحان على وجنتيها "ح-حسنا"


****


فتح جورج دواليب المطبخ بسرعة و ألقى كل الطعام المعلب فيها الى الحقيبة التي على الطاولة، وثم فتح دولاب اخر والقى ما فيها في الحقيبة الرياضية، بينما ميريلي فقد جائت من المستودع بحقيبة رياضية ممتلئة اخرى وعلى ظهرها حقيبة ظهر، وضعتها على الطاولة بتعب ولهثة قليلا قبل ان تنظر لجورج الذي كان يفتش درج الأدوات، وقالت ب قلق "جورج..ماذا يحدث بحق؟..لماذا كل هذا؟"


اخرج جورج سكين كبيرة في غطاء لها ك الغمد من الدرج، نزع الغمد عن السكين وفحص حدتها بأصابعه، قبل ان يلتف لميريلي وهو يعيد السكين الى لمدها ثم يدخلها في حزامة، وقال وهو يغلق الحقيبة و يحملها على كتفه "أخبرتك، ثقي بي و سأخبرك في الوقت المناسب، الان هيا، لنرحل بسرعة.."


نظر لساعة يده، فا اذا بها تشير الى الثانية عشر الا عشر تقريبا، فتجهم وقام بحمل الحقيبة الاخرى ودفع ميريلي نحو الباب بلطف واستعجال "..نحن لا نملك كل الوقت يا ميري، لا نملكه"


زمت ميريلي شفتيها بعدم راحة، ولم يسعها سوى النزول مع السلالم بسرعة وجورج خلفها.


خرجٌ من البناية، توقف جورج فجاءا ونظر نحو السيارة السوداء للرجل سميث تشانرونق، وفجاءة احس بقدمية تجري نحو السيارة، وصاح لميريلي ان تتبعه. عندما فتح جورج السيارة، فلم يعثر على سميث، بل كل ما عثر عليه هي ملابس سميث و معطفه الأسود متكومه جميعا على مقعد السائق، بلع جورج لعابة وعقد حاجبيه، ليزيد ان يعرف ما حدث ل سميث، لانه شعر بانه لو عرف ذلك بانه سيرًا كوابيس مزعجة عندما ينام، لهذا قام بإمساك جميع الملابس و رميها للمقعد الخلفي ويليها الحقائب و احذية سميث، بينما صاح ل ميريلي "هيا اركبي!"


ولكن ميريلي توقفت في مكانها بارتباك "ولكن الم تقل ان هناك جثة؟"


جلس جورج في مقعد السائق و ادار المحرك، تنهد عندما سمع صوت المحرك يهدر بشدة دللتا على عمله، ثم قال وهو يمسك باب مقعده بنفاذ صبر يحاول الاحتفاظ به "رجاءا يا ميري اركبي و سأخبرك بكل شيء في الوقت المناسب، فقط اركبي الان!"


عقدت ميريلي حاجبيها بارتباك و خوف، لا تعلم لماذا، ولكنها لا زالت تمتثل لاوامر جورج بثقة عمياء، وجلست في المقعد المجاور له وأغلقت الباب بعدها، ثم اخدت نفسا عميقا وهي تنظر ل جورج لثواني قبل ان تنظر للأمام نحو المطر الغزير للعاصفة الرعدية المفاجئة "حسنا..ساغلق فمي وأسألك في وقت لاحق"


نظر جورج نحوها بنظرة اعتذارية، وعاد ينظر للأمام بقوة وسحب مقبض السيارة، وانطلق بالسيارة بسرعة.


كانت ساعة السيارة حينها تشير الى الساعة 11:55، خمس دقائق قبل منتصف الليل، وخمس دقائق قبل الكارثة..



----

تأليف "NO.zero"

وفقرة السؤال تبدا

مع بدايتها وهو جواب البارت السابق، والجواب اصلا قرأتوه فا مو لازم أعيد الجواب 🌚

..

السؤال هو

[ماذا سيحدث عند منتصف الليل؟]

الجواب غدا ان شاء الله

ارئكم وشكرا لقرئتكم.

2018/07/22 · 397 مشاهدة · 1933 كلمة
NO.zero
نادي الروايات - 2025