.
"أحمر وأزرق... اعتقد أننا حللناها، ما رأيك سجي؟"
وققنا عند رجل صبغ نصف شعره الأيمن بالأزرق والنصف الآخر بالأحمر بينما كان يأكل في سلام، هذه هي إجابته؟
أجبته:
"لا.. أحاولت أصلاً؟"
"بالطبع! اعتقد أنه علينا أن نبحث عن مرسل الرسالة، والقلمين أوصلانا لهذا الرجل"
من مرافقتي لناجي، عرفت أنه يبلغ السادسة عشر، وهو عاشق للألغاز ولهذا تحمس عند رؤية الرسالة، لكن؟ مستواه رهيب!
من الواضح أن الأحمر والأزرق يشيران إلى الشرطة، صحيح أني لا أظن أن المرسل من الشرطة لأن لا أحد منهم يحقد علينا، لكن لا يوجد شيء آخر يشير إلى هذين اللونين.
نظرت إليه وهو يستجوب الرجل البرئ، شعرت بالشفقة... على المسكين الذي يتم مضايقته وهو يأكل إفطاره، وعلى المراهق بسيط التفكير الذي ظن أنه حل اللغز.
تنهدت...
يستطيع رزين الانتظار.. اعتقد؟
"ربما اللونان يرمزان إلى مكان وليس شخص"
استمع الفتى لتلميحي، وفكر بينما عدل نظاراته.
"صحيح.. لم أفكر في هذا! أملك فكرة عن مكان محتمل!"
أحسنت ممتاز رائع وجميل وخلاب، أرجوك خلصني أريد العودة للنزل وأرتاح.
سرت خلفه حتى يقودني لمركز الشرطة. لاحظت أنه بين الحين والآخر يقرأ من دفتر ملاحظات صغير معه.
....
"وجدته! لنبحث عن رزين الآن" أشر على المكان بينما يبتسم.
مصنع آلوان خشبية...
لم يحلها بعد؟! أضعت ساعة من وقتي لأذهب لرجل غريب ومصنع خشب! والأسوأ هو عيناه الواثقتان من الحل....
قبل أن أقول أي شيء له قاطعنا صوت خلفنا، كان هناك غيرنا عند المصنع، رجال بزي موحد كحلي.. أو الشرطة.
لما هم هنا؟! وبالخصوص هذا الأصهب!
بضعة منهم اقتربوا منا وتوسطهم زين.
"ماذا تفعلون هنا؟" سأل قائدهم.
على الرغم انهم نادونا إلا أنني حرصت على أن انظر للجهة المقابلة واتجاهلهم، نظر إلي ناجي بتعجب قبل أن يرد على الشرطي.
أجاب ناجي على الشرطة:
"تلقينا رسالة من مجهول ونحن نحقق في الأمر"
بينما ما زلت أخفي وجهي، طلب زين من ناجي إعطائه الرسالة ليراها.
"يا له من لغز محير" قال زين.
"هل هذه المنطقة محظورة؟"
"لا، فقط قضية صغيرة، تستمر منتجات المصنع بالاختفاء لذا نحقق في الأمر.. اختفاء؟ ألا تقول الرسالة أن شيئاً قد أخذ منك أيضاً؟"
"هل يعقل أن القضيتين من نفس العقل المدبر!"
أمسك الاثنين الرسالة معاً وأخذوا بالتفكير باللغز. أما أنا فالتفت مغادراً في لحظة غفلتهم.
بسرعة أمسكت يد كتفي مانعة إياي من الابتعاد.
"إلى أين ستذهب سجي؟ سندخل المصنع الآن لنحقق أكثر!"
شد ناجي كتفي بينما أنا مصر على إكمال طريقي، وخلال تركيزي على ناجي تحرك الأصهب ليقف أمامي قبل أن انتبه.
"هذا الوجه! أنا أعرفه!"
شعرت ببرد يجتاحني فجأة.
"مستشار الرئيس، أهذا أنت؟ كلا.. أنت تشبهه فحسب"
ثم التفت بلا مبالاة متجهاً للمصنع ومعه ناجي الذي سحبني معه.
مستشار؟ مستحيل لقد رأى وجهي بكل وضوح ولم يعرفني؟! هل هو فخ آخر أم أنه ضرب رأسه؟!
بعد ملاحظة نظرات أفراد الشرطة المتشككة بسبب رغبتي بالهرب حالما قابلتهم، قررت أن اتبع ناجي بهدوء...
.
.
.
عندما كنا على بعد خطوات من دخول المصنع، اتى رجل ما يرتدي قبعة تخفي وجهه رمى ورقة ما على رأس ناجي ثم هرب.
من يهرب بهذا الشكل أمام الشرطة؟ يا رجل أنت مريب بزيادة!
بغباء لم تهتم الشرطة بالرجل الهارب بل تجمعوا حول ناجي الذي فتح الورقة.
[ وي وا ]
كان هذا ما دون عليها لا غير.
"وي وا؟ أشعر أن لهذه الكلمات ارتباط عجيب بي!" قال زين.
بالطبع لأنها صوت سيارة الشرطة!
"مرتبطة بك؟ يا سيد شرطي ما هو اسمك؟"
"زين"
"زين! عرفت هذا! أنت هو الحل، الأزرق يشير لزيك الكحلي والأحمر لشعرك وأما الوي وا لاسمك!"
"مستحيل! أنا كنت المجرم طوال هذا الوقت؟!"
هز ناجي رأسه مع نظرة حزينة دلت على أن زين كان المجرم طوال الوقت.
تجاهلت استنتاجه الغبي وسألت:
"لم أفهم ما دخل الوي وا باسمه؟"
أشر ناجي لأفراد الشرطة الباقين وأخبرهم بأداء واجبهم، ذرفوا الدموع قبل أن يكبلوا رئيسهم الذي ما زال تحت تأثير البلوت تويست وقاموا بقيادته لمركزهم.
تجاهلت غبائهم مرة أخرى وسألت:
"ناجي ما علاقة الوي وا باسم زين؟ لم أفهم.."
"حللنا اللغز بنجاح سجي! لكن.. أين رزين؟"
يتجاهلني...
لم أعد اهتم لمكان رزين فالتعب أرهقني بما فيه الكفاية، حتى أنني بدأت أهلوس، فعندما راقبت أفراد الشرطة يأخذون زين تهيأت أني أرى شعر زين يتحرك بمفرده رغم عدم وجود رياح...
.
.
.
وقبل أن نرحل من المكان، رجل مألوف الهيئة ظهر أمامنا.
"هيهي! للأسف لم تقتربوا حتى!"
الرجل الذي هرب مسبقاً عاد، الان سيصدمنا بأنه العقل المدبر.
"أنا هو العقل المدبر!"
ثم نزع القبعة ليظهر وجهه الذي أعرفه، دبيازة، الحكم دبيازة!
"أنت.. الحكم.. لما؟!" قال ناجي بصدمة
ظهر لي أن ناجي يعرفه، هل حضر المسابقة؟ لا.. الأهم لما دبيازة يريد الانتقام منا؟
"لما؟!! لأن هذا الرجل والاثنين اللذان معه السبب في طردي من العمل! بدأ كل شيء في يوم عمل عادي عندما..."
لاااا لا تحكي قصة حياتك!
فلاش باك~ فلاش باك~ فلاش باك~
.
.
"دبيازة، كرويتة، سمبل، ثلاثتكم موكلين بحراسة موقع مسابقة (كيلوغرام من الرجولة) التي ستقام اليوم، أمنوا المكان ولا تقوموا بأي شيء غبي"
"حاضر!" رد ثلاتنا معاً.
كان ثلاثتنا قادة فرقة تتكون من ٥٠ شرطي، خرجت مع الثلاثة لتحديد المنطقة التي ستحرسها كل فرقة.
"أنتما ألم تتعبا من هذا؟"
نظرت وسمبل إلى كرويتة متجهم الوجه.
"القائد الأعلى لا يقوم بشيء سوى رمي العمل علينا، أنا لم أره يقوم بأي عمل قط!"
"هذه هي وظيفة القائد الأعلى، أليس كذلك؟ أتردينا أن نتمرد عليها مثلاً؟" رددت عليه.
"لا أبداً! كل ما أعنيه هو أن علينا أن نشعللها ونطلق العنان لأنفسنا! نحن نستحق القليل من المرح! ما رأيكم بأن..."
سرد لنا كرويتة أفكاره التي بدت مسلية، رفضت بالبداية بسبب صرامة القائد، لكنه أقنعني في النهاية.
عوضاً عن قيادة الفرق، لعبنا دور حكام المسابقة للتسلية وتجاهلنا مهمتنا، لم نكن نعرف أن القائد سيأتي للملعب بنفسه!
اتى القائد بشكل مفاحئ وأعطانا نظرات التهديد القاتلة المدمرة البوم بام.
وليزيد الأمر سوءاً، تسبب كرويتة بهرب المتسابقين بسبب لعبة شرطي حرامي التي اقترحها!
***
بعد نهاية المسابقة طلب منا القائد أن نأتي لمكتبه.
سألنا القائد بحزم:
"ألديكم تفسير؟"
لم يجب أحد..
عبس زين ثم قال:
"كرويتة وسمبل، سيخصف نصف راتبكما لمدة ثلاث شهور، أما أنت يا دبيازة فأنت مطرود"
صدمت من ما قاله واعترضت:
"لكني أنا الوحيد الذي لم يشارك في التحكيم بعد! جلست بجانبهما فقط فلما اتلقى الطرد؟!"
"هذي المرة العاشرة التي تتخطى فيها عملك هذا الشهر، لقد نبهتك مراراً، سأعطيك مكافأة نهاية خدمة لذا لا تقلق"
حاولت جعله يتراجع عن قراره لكن لا فائدة، أعطاني المكافأة ثم طردت بلا شفقة!
لذا قررت أن انتقم من السبب! لو لم يهرب سجي هذا من الملعب لكنت تلقيت عقاب أقل!
عدنا إلى الحاضر~ عدنا إلى الحاضر~ عدنا إلى الحاضر~
.
.
سألته:
"كيف عرفت أني المقنع الأسود؟"
"فهمت. بالمناسبة أعجبني اللغز! أنت مبدع!" قال ناجي لدبيازة.
"هيهي أخجلتني! أحب الالغاز وقصص الغموض، اعتقد أني تعلمت منها"
"أنا كذلك معجب كبير لقصص الغموض!"
فجأة بدأ الاثنان بالكلام عن أشياء لا أعرفها وبدى أنهما متفاهمان جداً.
كررت:
"يا دبيازة، كيف اكتشفت أني المقنع الأسود؟"
اكملا تجاهلي ثم قررا الذهاب لإكمال مناقشتهما وأصبحا صديقان بدقيقة.
نظرت إليها وهم يرحلان ثم قلت:
"طب على الأقل أين رزين؟!"