-- السؤال الأخير هو... اسم مجرم بحرف الجيم؟
بجانب الحكم كرويتة، ظهر شخص أعرفه جيداً، لا يمكنني أن أخطأ شعره الأصهب المميز. كان مصففاً للخلف عوضاً عن شكله العشوائي القديم. وعوضاً عن ملابسه السابقة، كان يرتدي زياً كحلياً رسمياً.. أبعد يد المقدم من أمام الحكم كرويتة وقربها لفمه وسأل السؤال.
-- سأكرر السؤال مرة أخرى، جميعاً، فلتعطوني اسم مجرم بحرف الجيم؟
بعدما اختفى من العدم ظهر من العدم، وزيه هذا.. أكان من الشرطة؟ وسؤاله هذا في مكان يعلم أنني فيه! هل معنى كلام شهاب كان...
"جمبري!" صرخ الجمهور بصوت واحد.
-- عدو البشرية الأول بحرف الجيم؟
"جمبري!" أعاد الجمهور تكرار نفس الاسم بصوت يملأه الكره والحقد.
-- وأخيراً، اسم أكثر شخص تكرهونه بحرف الجيم؟
كانت نفس الإجابة، تم تكرار اسمي مراراً وتكراراً بأبشع طريقة، كمجرم، كقذر، كحثالة تشارك في كرهها كل الحشد الضخم هذا. أأنا شخص مبغوض لهذه الدرجة؟
صوتهم وهم ينادون اسمي ظل يخترقني بما فيه الكفاية لجعلي أكره نفسي وأشعر بالذنب. رغم أني لا أذكر أي جريمة فعلتها في حياتي.
-- اذاً أيها الجمهور، أتعلمون أن أحد أتباع مكروهيكم جمبري يتواجد بينهم الآن؟
وأشر علينا نحن المتسابقين.
ارتفعت صيحات غضب الجمهور، مع صراخهم بعبارات مثل اقبض عليه، بينما حافظ افراد الشرطة على مستوى الشغب.
"ايفوني كان حياتي بأكملها! أرجعوه يا مجرمين!"
"أخذت قرضاً لكي اشتري تلك السيارة!"
"فقط المكيف فقط!!"
"أربع سنين في تخصص علوم الحاسب ذهبت هباءً!"
كل هذا الصراخ من أجل ايفون ومكيف! ظننتني قتلت أحداً!
-- اهدأوء، لا داعي لكل هذا الغضب، فنحن زدنا أمن هذه السنة لكي نقبض عليه، لقد أحطنا كل المداخل بالفعل وسنتأكد أنه لن يفلت.
وهذا الكاذب، خدعني واستدرجني لهنا! استدرجني؟ لما لم يمسكني من البداية؟ لما أطلق سراحي عندما كنت في الزنزانة إذا ما كان سيقبض علي مرة أخرى؟ هل هو غبي؟
مشى الأصهب إلينا ونظر بنظرة باردة عكس نظرته البشوشة التي اعتدت عليها. أخرج قطعة خشب صغيرة، كتب عليها اسمه باللون الأسود، من مخبأه وأظهرها أمامنا.
"أقدم نفسي إليكم، أنا قائد الشرطة زين أقصوان، أسف على كل ما حدث لكن هذا في سبيل الإمساك بالعدو، لذا لا تأخذوا الأمر بشكل شخصي"
عندما قال هذا كنا فعلاً محاصرين بعناصر الشرطة، لم يكن هناك مجال للهروب، وقف زين أمام المقنع الأصفر وطلبه منه أن يرفع كمه.
رفع العجوز كمه ليظهر أنه لا يخفي شيء، على العكس لو رفعت كمي فستظهر البيجاما التي لا تنزع.
توجه زين للأحمر والفضي، اللذان بالتأكيد لما يكونا يخفيان شيئاً.
والآن، هو أمامي أنا والأبيض. بما أنه يعرف هويتي لما لم يختصر الأمر ويبدأ من عندي بدلاً من تفتيش الجميع...
"أروني أذرعكم"
ماذا سأفعل؟ بعد ما حصل، أنا لا أريد التخلي عن حريتي أبداً. كل ما رأيته منذ استيقاظي هو عالم غريب و مسابقة غبية، لكن...
الهواء النقي الغير مصطنع.. صوت الناس.. دفئ الجو.. والحياة التي في المكان.. أشياء لا توجد في مكان مثل السجن.
مكان بارد بلا حياة..
مكان فارغ..
صامت..
وحيد..
مثل ذلك المكان..
"لا"
أجاب الأبيض على زين.
"لا؟ لما لا؟ أهناك ما تخيفه؟"
"أليس من العدل أن ترينا ذراعك أولاً؟ أيها المحترم قائد الشرطة؟"
محلق زين فيه، ثم أمر أفراد الشرطة بالقبض عليه.
"لاا! انتظر! سأظهر ذراعي!"
قطب زين حاجبيه، "أسرع"
"لكن عليك أن تفوز علي أولاً!"
أشر زين مجدداً لأفراد الشرطة، لكن سرعان ما أمسك الأبيض بيده.
"انتظر! هذه هي القواعد! طالما نحن في ساحة (كيلوغرام من الرجولة) كل شيء سيتحدد بطريقة المسابقة!"
لما تتلافى رؤيته لذراعك بهذه الشدة؟ وألم تجد طريقة أفضل؟
"صحيح! قوانين (كيلوغرام من الرجولة) لا تمس!"
"فلتقبض عليهم بطريقة المسابقة!"
بشكل غير متوقع، بدأ الجمهور بدعمه بشكل مفاجئ. هل أنتم مع الشرطة أم معه؟
ازداد صراخ الجمهور على الشرطة مما وضعهم في ضغط هائل.
بعدما رأى زين وضع الجمهور، أمر الجنود بالتراجع.
"لا بأس، سنقوم بما تريدون"
لما قد تستمع لهم؟ شرطة هذا العالم بلا سلطة.. لا لحظة هذا لصالحي أيضاً..
أمر زين الحكم كرويتة بأن يقود اللعبة. تقدم وأخذ يشرح قواعد اللعبة. في تلك اللحظة انتبهت لملامح الحكام الثلاثة المتوترة والخائفة.
-- ح-حسناً! سأشرح القواعد! ستكون هذه لعبة فرق، الشرطة ضد المقنعين، واللعبة هي (شرطي حرامي)!
اسم على مسمى، والشرطة ستكون الشرطة ونحن سنكون الحرامين صح؟ لا يوجد حتى مكان للاختباء في هذا الملعب المفتوح! هل نختبأ بين الجماهير؟
-- الشرطة ستكون الشرطة والمقنعين الحرامين، ستعد الشرطة حتى العشرين وسيختبأ المقنعين، وبعد انتهاء العد ستبدأ المطاردة، منطقة اللعب هي الملعب فحسب، إن خرجت ستخسر!
قال القواعد ثم ابتسم وغمز لزين.
إنه يحاول أن يكسب الشرطة! هذا واضح اللعبة ضدنا تماماً!
صمت الجميع دل على الموافقة على قواعد اللعبة، أخبر زين أفراد الشرطة بالانصراف ليبقى هو وشرطي آخر فقط ضدي أنا والأبيض الوحيدان اللذان لم يظهرا ذراعهما.
"مهلاً! قبل أن نبدأ باللعبة اقترح أن يغمض كل الجمهور والحكام والشرطة أعينهم كذلك! أعني كلهم يشجعونكما لذا لن يكون من العادل رؤية أين سنختبأ صح؟"
اقتراح مشبوه من الأبيض.. ولما بدأ فجأة بالثرثرة بعدما كان مفعل مود البارد؟
-- منطقي.. حسناً ليغمض الجميع أعينهم لتكون اللعبة عادلة!
ودعماً لقرار الحكم الغبي، أغمض الجميع أعينهم وبدأوا بالعد معاً. مانحين لنا فرصة للهرب، لكن الوقت القصير يحول دون ذلك، ما فائدة اقتراح الأبيض إذاً؟ أيحاول لعب اللعبة فعلاً؟
التفت ناحيته لأجده اختفى بلا آثر.
"تسعة عشر... ثمانية عشر.."
العد بدأ! المسافة بيني وبين البوابة كبيرة لتجعل من المستحيل الهرب حتى لو أعطوني دقيقة. كيف هرب الأبيض في ثواني؟!
التفت حولي وثم لمحت شيئاً ناحية الجماهير الذين أمامي...
***
تمكنت من الهرب بنجاح.. خرجنا نحو الأسواق المزدحمة واختلطنا بسكان المدينة. اتبعته وأنا افكر. لما ساعدني؟ كان رجل في خمسينياته بدأ الشيب بغزو شعره.
أشار ناحيتي حينما كنت في الملعب، وجعلني أبدل ملابسي وأندمج مع الجمهور وهكذا تمكنت من الهرب.
لا أعرف هدفه ولا حتى اسمه.
بعد فترة من المشي توقفنا ناحية زقاق فارغ حيث كان ينتظرنا شاب يشبهه، ذو شعر أسود وشامة على خده.
على ما يبدو أنهما يعملان معاً.
"وصلتما؟ المكان خالي لذا يمكننا التحدث الآن" قال الشاب.
"أنتما...."
"لا! لا حاجة للشكر لقد فعلنا هذا لأننا...."
"لا، لا أعني هذا. أنت لم تغمض عينك أثناء اللعبة، هذا غش!"
"أهذا ما يهمك؟ لقد أنقذناك" قال الرجل الكبير بغضب.
وضع الشاب يده عليه لتهدئته ثم قال:
"لا بأس، سأعرفك بنا، أنا رزين وهذا جدي شاهين. رغم وقوف العالم ضدك إلا هناك الكثير من الناس المدينين لك، مثلنا، يا جمبري قشطة... مدمر الحضارة البشرية وعدو البشرية الأول"
انقلعوا انتوا وهم! كل شوي يا مدمر الحضارة البشرية! قلت لكم ما سويت شيء! أزعجتوني لدرجة إني نسيت كيف أتكلم فصحى!