***
انطفأت الكاميرا، وأُتيح وقت للجمهور لالتقاط الصور والتحدث مع المشاركين في “سيأتي لاحقًا”.
“أنتَ وسيمٌ للغاية!”
“أه، أ- أشكرك!”
“سأحرص على مشاهدة البرنامج حين يُعرض!”
تشوي سيهي، المعجبة المخضرمة بعالم الآيدولز، استغرقت في الذكريات وهي تنظر إلى أعضاء فرقتي Take Scene و ثلاثة أشهر ومئة يوم
حتى فرقتها المفضلة إلى الأبد، Drop Out ، مرّت بمثل هذه الأيام.
تلك المرحلة التي كانوا فيها متأثرين ومتفاجئين من وجود المعجبين، يحتفظون بذلك الحماس الطفولي والخجل اللطيف.
بالطبع، مع مرور الوقت، سيعتاد هؤلاء على مثل هذه الأمور.
قد يصل الأمر ببعضهم إلى التحديق الفارغ في حفلات التوقيع وهم يكررون: "آه، حقًا؟” لا أكثر.
لكن، أليس من الجميل مشاهدتهم الآن على هذه الحالة؟
مع ذلك، لو كان هناك شخص واحد فقط يشعر بأنه مختلف…
“كيف انتهى بكما المطاف بالتقدم لحضور التصوير؟”
“كنا نبحث عن أماكن للذهاب في موعدنا في ميونغدونغ، فصادف أن وجدنا الإعلان!”
“آه؟ أنتما ثنائي؟”
“ألا يبدو علينا؟”
“يقال إن المحبين يتشابهون، لكنني ظننتكما شقيقين توأمين.”
“توأم؟”
“لا يمكنني أن أقول إن أحدكما يبدو أكبر من الآخر، أليس كذلك؟”
“آه، بحقك ما هذا الكلام!”
كان ذلك من هان سي أون، أحد أعضاء ثلاثة أشهر ومئة يوم
ما قصته بالضبط؟
يشبه الأمر وكأنك تشاهد نجم آيدول مخضرم له أكثر من عشر سنوات في المهنة وهو يُجيد خدمة المعجبين.
حين اقترب الثنائي للحصول على توقيع، قاد الحوار بطبيعية وكأنه معتاد عليه منذ زمن.
وعندما طلب طالبان ثانويان التقاط صورة، دخل بينهما واضعًا ذراعيه على كتفيهما وبدأ يضحك ويتحدث معهم بحماس.
من أفعاله، يبدو نجمًا اجتماعيًا من الدرجة الأولى…
لكن الشعور الذي يمنحه لا يُشبه ذلك إطلاقًا.
مظهر هان سي أون لا يشبه ذلك الشاب الاجتماعي المرح، بل إن الهالة التي تحيط به أبعد ما تكون عن تلك الصورة.
رغم أن التفكير بهذه الطريقة يبدو مبالغًا فيه، إلا أنه يعطي انطباع شاب زميل في الصف، وسيم للغاية، هادئ، قليل الكلام، ويخفي سرًا ما.
لكن ذلك الزميل، رغم كونه لا يهتم بأي شيء في العادة…
إن تجرأتَ وتحدثت إليه، يبتسم لك بابتسامة مشرقة ويتصرف بلُطف!
وأثناء تخيّلها لمشاهد تفجّر مشاعر المعجبين، كانت تشوي سيهي تراقب هان سي أون بحذر.
نظراته تجاه الجمهور مختلفة قليلًا عن البقية.
ولا تعلن إن كان من المناسب استخدام هذا الوصف، لكنه يُشبه شعور شخص ينظر إلى حبيبه القديم.
ليس هناك خفقان، لكن هناك امتنان.
هل جننتُ تمامًا؟
في تلك اللحظة، نظر هان سي أون باتجاه تشوي سيهي وابتسم.
وكأنه يسألها: “لمَ تنظرين فقط؟ تعالي.”
في تلك الابتسامة، تحركت تشوي سيهي نحوه على استحياء دون أن تشعر.
“أنتِ من معجبي فرقة أخرى، أليس كذلك؟”
“…؟! كيف عرفت؟”
“لأنكِ جئتِ بمفردك.”
في تلك اللحظة فقط، أدركت تشوي سيهي أن أولئك الذين جاؤوا بدافع الاهتمام الحقيقي بالآيدولز – مثلها – كانوا جميعهم قد حضروا بمفردهم، دون أصدقاء أو مرافقة.
وعند التفكير في الأمر، بدت الفكرة منطقية.
غالبًا، كانوا يتصفحون محتوى متعلق بالآيدولز وصادفوا إعلان الحضور لـ”سيأتي لاحقًا ”.
ولأنها ليست فرقتها الأساسية، لم يكن هناك دافع لإقناع الأصدقاء بالحضور معها، فجاءت لترى ما تقدمه الفرق الجديدة.
ويبدو أن هان سي أون التقط هذه التفاصيل بدقة.
يا إلهي، إنه سريع الملاحظة.
ومع ذلك، يبقى الأمر غريبًا.
كيف علم أنني جئت وحدي؟
هل كان يراقبني؟
أم أنه فقط لاحظ أنني واقفة وحدي؟
ربما صديقتي ذهبت للحمام، أو كانت تتجول لالتقاط توقيعات من الآخرين، أليس كذلك؟
بينما كانت تشوي سيهي تفكر بذلك، حصلت على توقيع من هان سي أون وتبادلا الحديث قليلًا.
“إذاً، أنتِ من معجبي Drop Out ؟”
“نعم أنا Dreaming .” (اسم معجبي Drop Out)
“سمعتُ إشاعة عن عودتهم المرتقبة.”
“آه؟ كيف عرفت؟ إنها مجرد همسات بين Dreaming.”
“سمعتها مصادفة لكن، ألا تعتقدين أن أغنية عودتهم هذه المرة ستكون مذهلة؟ على مستوى المركز الأول في بيلبورد مثلًا.”
“…المركز الأول في بيلبورد؟”
“نعم أتمنى أن تكون أغنية عن رجل أناني عاش حياته بطريقته، ثم يتوسل إلى امرأة واحدة بكل جوارحه.”
ضحك هان سي أون وهو يقول ذلك.
وبعد سماع هذا الكلام، بدا فعلاً وكأن المفهوم يناسب Drop Out تمامًا.
فهم الأفضل في تقديم هذا النوع من المفاهيم في عالم الآيدولز.
لكن، مهارته في الحديث خارقة فعلًا.
حتى حين راقبته عن بُعد، شعرت بهذا، لكن بعد التحدث إليه، اتضح أنه يُتقن جذب الحديث ببراعة.
نظراته المتكررة للعين وسط الكلام تُظهر احترافًا حقيقيًا.
إن أقام حفل توقيع بهذا الشكل، فستغرق وسائل التواصل الاجتماعي في سيل من التدوينات عنه.
حينها، أعاد هان سي أون ورقة التوقيع إليها مبتسمًا ابتسامة مشرقة.
“في المرة القادمة، أتوقع أن تقولي إنكِ من معجبي Drop Out ومعجبيَّ أنا أيضاً.”
شيطان.
لا شك أنه شيطان ساحر.
انتهت فقرة الحضور، وبدأ الموظفون بتفريق الجمهور.
خرجت تشوي سيهي من موقع التصوير وهي تفكر في عدة أمور.
أولاً، لم يتم التطرق إطلاقًا إلى مسألة ضبط المعلومات.
عادةً، في نهاية مثل هذه الفعاليات، يُمنع نشر الصور الشخصية أو تسريب نتائج البرنامج.
لكن “سيأتي لاحقًا ” لم يتطرق لذلك.
يعني أنهم يتوقون إلى الاهتمام.
فالبرنامج ليس مدعومًا من شركة كبرى، كما أنه لا يستهدف جمهورًا عامًا كبرامج المنافسة الكبرى، بل أشبه بمنافسة داخل الشركة لفرقة آيدولز، لذا يبدو أنهم يرحبون حتى بضجة سلبية.
والأمر الثاني الذي أثار اهتمامها هو المنافسة بين Take Scene و”ثلاثة أشهر ومئة يوم”.
لم تستطع الحكم الكامل بعد، إذ لم تشاهد إلا الأداءات الفردية وأغانٍ من الكاريوكي.
لكن عموماً Take Scene بدت مدرّبة تدريباً جيداً، أما ثلاثة أشهر ومئة يوم فتميّزوا بالحيوية.
وأخيراً…
هان سي أون.
من ناحية المظهر فقط، فإن لي إي أون هو الطاغي.
يشعرك أنه سيستحوذ على كل إعلانات مشروبات الطاقة إن نجح.
لكن مع ذلك، الشخص الذي ترك أقوى انطباع كان هان سي أون.
يختلف عن البقية من حيث الإحساس.
ربما لم تتأكد من قوة صوته بعد، لكن الإحساس الذي ينقله رائع.
حتى إن فشلت فرقة ثلاثة أشهر ومئة يوم ، يبدو أن هان سي أون سينجح بأي طريقة.
“هممممم.”
أخرجت تشوي سيهي هاتفها، وبدأت تكتب منشورًا في مجتمع معجبي الآيدولز.
كانت قد قضت وقتًا ممتعًا، فقررت أن تثير الجدل كما يتمنى فريق الإنتاج.
بشكل متعمد ومثير.
<اليوم حضرت برنامج الأسد المجنون × عرض حي للآيدولز الغريب هههه: تقرير + تقييم شخصي>
بما أن عالم الآيدولز ممل هذه الأيام، لعلها تُحدث ضجة؟
وبالفعل، لم تمضِ سوى دقائق قليلة حتى بدأ سيل التعليقات يتدفق.
***
بعد انتهاء التصوير في غرفة الكاريوكي، جلست Take Scene مع ثلاثة أشهر ومئة يوم في مقهى الطابق الأول يتناولون القهوة وبعض الخبز، وتبادلوا حديثًا بسيطًا.
بطبيعة الحال، لم يكن ذلك حديثًا حقيقيًّا، بل مجرّد كلمات مجاملة تقال أمام الكاميرا.
حتى تلك المجاملات انقضت سريعًا، وبدأ كل فريق يتحدث بين أعضائه فقط.
“سيون ، هل سبق لك أن ترسمت من قبل؟”
“بالطبع لا لماذا تسأل؟”
“طريقة تعاملك مع المعجبين كانت احترافية إلى حدٍّ مذهل.”
“فقط تصرفت كما أرى أنه ينبغي.”
هذا البرنامج يحمل صيغة غريبة بعض الشيء، إذ لم نكن نعلم من منّا سيغني.
وفي تلك الأثناء، كانت تقييمات الحاضرين قد انتهت بالفعل، وما إن واجهنا بعضنا البعض، حتى استقبلنا النتيجة.
بمعنى آخر، قد تميّز أحدنا بصفة المنتصر، والآخر بصفة المهزوم، من أول لقاء.
في هذه الحالة، فإن عبارات مثل: “لقد حالفني الحظ، لقد غنّيتَ بصورة رائعة”، ما هي إلا كلمات جوفاء لا محل لها من الصدق.
فنحن لم نسمع أداء بعضنا حتى نحكم.
ولو أنهم، بدلًا من تركنا جالسين في حالة من الذهول، عرضوا علينا مقطع الفيديو المصوّر للتو لنتفاعل معه ونلتقط ردود أفعالنا، لكان أجدى.
هل دخلتُ في حالة من الإفراط العاطفي مجددًا؟
بدأت أجد في نفسي أتذمر بلا مبرر واضح.
وربما يكون السبب هو فايد
ربما يكون السبب هو فايد هل أتحدث معه قليلاً لأعدل مزاجي؟
في لحظة ساد فيها الصمت الحرج، توجهتُ إلى فايد بكلمات، وكأنني أهدف إلى كسر الصمت قسرًا:
“هل تحب أغاني فريق ودي”؟”
لكن ردّ فايد على سؤالي جاء بما لم يخطر ببالي مطلقًا:
“وماذا تريدني أن أقول؟ سعيد لأنك ربحت؟”
فوجئ أعضاء Take Scene من ردّه وتدخلوا في محاولة لتهدئته، بينما لم يعرف أعضاء ثلاثة أشهر ومئة يوم كيف يتصرفون.
حتى الطاقم بدأ يهمس وينظر نحوي.
ولكن…
لم أشعر بأي غضب.
بل على العكس، وجدت في الأمر متعة.
فايد فتى ذكي.
أو لنقل، هو من أولئك الذين تتسارع أفكارهم وحساباتهم حين يتعلق الأمر بمصلحتهم الخاصة.
لذا، لم يكن ذلك الردُّ زلة لسان، ولا تصرفًا طائشًا.
لقد أنهى حساباته مسبقًا.
أدرك أن ما يقوله الآن لن يُعرض على الشاشة.
فمن المستحيل أن يُبث مشهد يُظهره بشكل سيء في برنامج صُمم أساسًا ليرفع من شأنTake Scene ، لا سيّما منذ اللقاء الأول.
وربما سيأتي كاتب البرنامج أو المخرج قريبًا ليحاول تهدئة الوضع.
ولو كان فايد غاضبًا حقًا إلى ذلك الحد، لكان قد تلفظ بألفاظ بذيئة.
أي إن ما فعله متعمّد، هدفه إضعاف معنويات ثلاثة أشهر ومئة يوم، ليقول لهم: “بغضّ النظر عمّا تفعلونه، من سيترسم في النهاية هم نحن.”
وكذلك، ربما ليرفه عن نفسه قليلًا في أثناء ذلك.
ما أدهشني فيه، هو أنه لا يملك ذلك الذكاء الحاد إلا عندما يتعلق الأمر بإيذاء الآخرين.
“هاه.”
ضحكت من هذه الفكرة.
ربما أدهشته ابتسامتي، إذ بدت على وجهه علامات التردد.
لكنه قد أساء التقدير.
الجهد والموارد التي استثمرتها أنا الآن أكثر بكثير من تلك التي استثمرها فايد.
صحيح أن شركة “ليون الترفيهية ” ستقف بكل تأكيد إلى جانب فايد، لكن برنامج “سيأتي لاحقًا ” مختلف قليلًا.
المخرج “كانغ سوكو” قد وضع بالفعل خططًا لإصدار نسختين من أغنية “تحت ضوء الشارع ”، وينوي استغلال أداء “تزهر الزهور” لجذب الانتباه.
والأهم من ذلك، وهو ما لم أكن أتوقعه، أن ملحن تزهر الزهور هو “كريس إدواردز”، الملحن المصنَّف ضمن الأعلى على قائمة بيلبورد، والذي نخوض مفاوضات معه على أساس شروط تتعلق بي شخصيًّا.
التخلي عني في هذه المرحلة؟
الخسارة ستكون فادحة.
بل الأدق أن نقول إنها تكلفة الفرصة البديلة بين بقائي ورحيلي أنا أو فايد
على أي حال، ذلك لا يهم الآن.
وقد بدأ فايد يشهق من جديد بعينيه المتوهجتين:
“ما الذي يضحكك؟”
“أأنت أحمق؟”
“…!”
“أليس من الطبيعي أن أفرح بالفوز؟ هل عليّ أن أحزن لأني ربحت؟”
“أيها اللعين…!”
لم يسبق لي أن تصرفت بهذه الطريقة منذ وقت طويل.
لطالما كنت أتصرف بحذر بالغ مع فرقة “GOTM ، ونحن نطمح لتحقيق مبيعات تصل إلى 200 مليون نسخة.
لكن هذه الحياة، مجرّد دورة ستنقضي.
صحيح أن لدي ما أحرص على نيله فيها، إلا أن هذا لا يمنعني من مواجهة بعض الأمور بجرأة أكبر.
“سيون!”
إي إي أون اقترب مسرعًا خشية أن يحدث شجار، فأشرت إليه بيدي مطمئنًا إياه، ثم التفتُّ إلى فايد وقلت:
“اعتذر وسأدع الأمر يمر.”
“وإن لم أفعل؟”
“سأنسحب من البرنامج.”
“هل جننت؟ أتظن أن بإمكانك إخراجي؟”
ضحك باستهزاء، لكني رأيت في عينيه بريق توتر.
ربما يتخيل الآن أنني ابن مدير شبكة M Show مثلًا.
آه، يا له من أمر ممتع!
“لا، لن أجعلك تنسحب، بل أنا من سينسحب.”
“أأنت تهدد بانسحابك؟!”
“نعم.”
،“أتظن نفسك البطل؟ هل أصابك الجنون؟”
أجل، أعاني نوعًا من الاكتئاب المتعلق بالعودة بالزمن.
ولكن، في هذه المرحلة، لا يوجد ما يمنعني من أن أكون البطل.
“أنا أعيش في يوكسام-دونغ.”
“وماذا في ذلك؟”
“لأنك ستأتي غدًا لتقديم الاعتذار أردت فقط أن تعلم العنوان مسبقًا.”
رغم أنه واصل صياحه بكلمات غاضبة، إلا أنني كنت في مزاج حسن، فأعطيته نصيحة قيّمة:
“تعال بالمترو، فحركة المرور خانقة.”
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]