{ صوفيا }
كان منظره مثيراً للشفقة بحق ! يجثو على الأرض أمامي يطلب مساعدتي لإنقاذ شقيقته، رغبته مني كنتُ أراها على حد السواء مع الجنون و اللا منطقية و الهراء، و لكن لا أستطيع أن أنكر بأن جزءً عميقاً في نفسي شعر بالأسى على حاله المزرية، و مع هذا ما زال عقلي هو المسيطر الأقوى ! ما زال يخبرني بأن الفرصة الذهبية ما زالت أمامي و يجب علي أستغلالها في أسرع وقت
" هذا مستحيل !! "
ظهر الكلام من فمي بنبرةٍ ناهرةٍ فَزِعة، أمسكت حقيبتي التي كانت مرمية على الأرض بجانبي و رفعت جسدي من على الأرض و توجهت للخروج من هذا المكان المريب و المجنون و الذي لا يمت للمنطق بأي صلة !
صراخ داميان يتزايد و معه آدم الذي كان يحاول أن يطوق داميان جيداً و لا يجعله يفلت من قبضته، توجهت مسرعة للمنفذ الوحيد أو البوابة التي تفصل بين هذا الجانب و الجانب الآخر، وصلت لها .. لمعت عيناي سعادةً حين رأيت المخرج و إبتهجت كامل ملامحي، و عندما كنت على وشك خطو خطوتي الأولى خارجاً أنغلقت الأبواب و المخرج الوحيد من هذا الجنون !!
أوصِدَت الأبواب في وجهي و كأنها توجه لي صفعةً في غاية القسوة !
" لا لا لا لا لا لا لا لا لا !!! "
كررت رفضي للأمر و أنا أضرب الأبواب الزجاجية بحالةٍ من الهيستيرية
" لا هذا مستحيل !! أفتحي الآن أفتحي !!! "
أصرخ بأنهيار على هذا الحال، وصلت الى درجة أن عيناي قد غرقت في الدموع، جسدي بدء بالأرتعاش و صوتي فقدت السيطرة على طبقاته، خارت قوى جسدي و ابتدأت بساقاي، فقد سقطت على الأرض جاثيةً أمام الأبواب محنية الرأس و الدموع تجري بدون أنقطاع من عيناي
" لماذا ؟ لماذا حدث هذا ؟! لقد كنت قريبة للغاية "
بنبرة منهارة باكية نطقت محدثةً نفسي
' هذا لأني صاحب القوانين هنا '
تحدث صوتٌ كان يتموقع خلفي، اكتسحت القشعريرة كامل انحاء جسدي و تركت برودة في جميع أطرافي، يداي اللتان كانتا متوضعتان على الأبواب لاحظت حركتهما المرتعشة بشكلٍ واضح، بحذرٍ و بطئ و بعيون متسعة أدرت رأسي للخلف لأرى الذي يتواجد خلفي، فور أن لمحته عيناي زادت نبضات قلبي جنوناً، و أنطلقت الصرخات العالية من ثغري، أنكمشت و وضعتُ ذراعي أمام وجهي ك حاجز بيني و بين هذا الذي لا أعرف ما هيتهُ
' أرى أنكِ ستكونين فريسة سهلة لحيواناتي الأليفة '
نطق كلامه بنبرةٍ واضحٌ فيها الضحك و الأستمتاع، توقفت عن الصراخ و حينها لا اعرف كيف وجدتني الشجاعة، فقد أبعدت أحدى ذراعاي قليلاً من أمام عيني حتى أستطيع رؤيته و حين سقوط مدى رؤيتي عليه عاد الخوف يقرع أبواب كياني بقوةٍ أشد من البداية !
كان كياناً مرعباً من شدة بشاعته ! وجهه لا يتواجد به أي شيئ ! لا عيون، لا أنف، لا أذنين، فقط ثغرٌ واسع و أسنان ضخمةً مسننة مرعبة و عديدة، مع أبتسامة واسعة أبرزت هذه الاسنان اكثر !
كنت أشعر بأسناني تصطدم ببعضها البعض و أشعر بجسدي الخائر من القوى، حسناً هذا الشعور لم يخلفه هذا الوجه البشع فقط، بل كان جسده يعتبر الضربة القاضية !
جسده ضخم لدرجة أن رأسه يبدو صغيراً عليه، فارع القامة و ذراعيه كذلك، كانتا طويلتان و مقززتان ذات أنامل طويلة كذلك و أظافر حادة مرعبة، أنا حتى لا أستطيع أن أدعوها أظافر، هي أقرب للمخالب ! أما ساقيه فهي قصة مختلفة، كانت ك الخاصة بالنعاج !
أذرع طويلة ذات مخالب و ساقان مثل حيوان ذو حوافر و رأس صغير بالنسبة لهذا الجسد الضخم و كل ما فيه هو ثغر ذو ابتسامة و أسنان مرعبة !
كان المنظر يفوق قدرات عقلي، و علمت هذا عندما بدأت الرؤية يقل مجالها و وضوحها عندي، و في ثوانٍ ساد الظلام جَل مرآي !
________________
{ داميام }
بعد أن هربت صوفيا بحياتها بدأت أتشاجر مع آدم من أجل أفلاتي، كان يظن بأني سوف أهجم على صوفيا و لكني لم أكن كذلك، لقد كنت أشعر فقط بالخذلان، لم أكن أعلم بوجهها الحقيقي، ما أعنيه هو أني متفهم موقفها من ناحية النجاة بحياتها و لكن أن يظهر من ثغرها كل ذلك الكلام القبيح ! كان الصدمة الأشد لي
' داميان بحق السماء عد لرشدك ! '
صرخ آدم بالقرب من أذني و هو يحاول أن يقمع تمردي عليه
" أنا بكامل رشدي آدم ! لذا أتركني حالاً !! "
صرخت بنبرةٍ غاضبة آمراً في نهايتها
' أنت لن تفعل لها شيئاً ؟! '
سأل آدم و قد كان أمر تحريري يعتمد على اجابة هذا السؤال
" لا ! أنا لن أفعل لها شيئاً ! و الآن حرر سبيلي ! "
بنبرةٍ توضح صبري الذي نفذ صرخت على آدم، حررني آدم من قبضته و حينها عبثت بشعري بخشونة و ملامح الخذلان و الغضب واضحةٌ وضوح الشمس على وجهي، لم يعد بوسعي تحمل هذا الشعور الخانق و الثقيل ف قمت بلكم أقرب جدارٍ لي بأقوى ما لدي و ختمت الأمر بصرخةٍ غاضبة خرجت من ثغري، بعدها سقطت على الأرض جالساً و شبح الخيبة يخيم فوق رأسي
" بحق هل هناك موقفٌ اسوء من هذا من الممكن أن أكون فيه ؟! "
تكلمت مع نفسي بنبرةٍ خافتة متسائلاً، أنا أعي بالفعل الموقف الذي نحن به و لكن ما زال شعور الخذلان من أحب البشر لديك شديد الألم او الشجن بتعبيرٍ آخر، بعد ثوانٍ معدودة من سؤالي هذا حصلت على أجابة له ! كان صراخ صوفيا عالياً لدرجة أنني أستطعت سماعه بكل وضوح ! الخوف حينها انسكب علي سكباً من رأسي حتى أخمص قدمَي، رغم شعوري بالعجز و لكن في ذات اللحظة انطلقت لمكان تواجد صوفيا، كانت حينها هي الشيئ الوحيد الذي أراه في عقلي
( أين صوفيا ؟، أعثر على صوفيا، أنقذ صوفيا، أحمي صوفيا ! )
كانت هذه الجمل التي عمل جسدي و عقلي على تنفيذها، وصلت لحيث مكان صوفيا ف وجدت جسدها على الأرض و بيني و بينها شيئ ضخم مرعب يقف حاجزاً بيننا ! كان ظهره فقط مرعباً !! صرخ إيان عندما رأى ظهر هذا المخلوق فقط و سقط على الأرض، أما آدم كان واقفاً يرمق هذا الشيئ الضخم بنظراتٍ حذرة، لقد كنت خائفاً للغاية و هذا الشيئ لا يمكن انكاره و لكن خوفي عليها فاق جميع مشاعري الأخرى بكثير !
حاولت أن أقترب حتى أصل لجسد صوفيا و لكن قبل أن أخطو خطوتي الأولى استدار هذا الكيان لنا مما زاد قوة قرع الخوف لقلوبنا !
' لقد غيرت رأيي، لن يستطيع أي أحد منكم أن يخرج من هنا إلا أذا فاز في اللعبة، هذا هو التغيير الوحيد، لذا يا أعزائي لا تبلخلوا على أنفسكم و أستمتعوا بهذه اللعبة التي لا مثيل لها '
ألقى كلامه هذا علينا نحن الثلاثة بنبرةٍ ضاحكة، و أستمر بالقهقهة حتى بعد أنتهاء كلامه، جسده كان يتحرك مع ضحكته كذلك مما زاد شكله رعباً أكثر !
' أتمنى لكم لعبة ممتعة يا أعزائي ! '
الفصل الخامس - إنتهى