الفصل السادس :- الكونت ألدريك أبسولون .
في قصر الأرشيدوق فيكتور ...
بداية يوم جديد مليئ برائحة الزهور التي تدخل من النافذة .
" سيدتي استيقظي . "
تزيح الخادمة ليديا الستاير عن النوافذ وضوء الشمس الذي ينفذ ناحية السرير على تلك الفتاة المستلقية بشعرها الفضي كالحرير تغطي وسادتها الناعمة .
اقتربت ليديا نحو السرير بينما تنزع الغطاء بسرعة .
" أعذريني سيدتي ولكن يجب ان تستيقظي الآن ! "
تحدثت ليديا بصوت حاد قليلا بينما يظهر العبوس عليها , استدعت الخادمات الأخريات لمساعدة ليسيا لتغيير ملابسها .
جلست ليسيا على السرير , لا زالت تشعر برغبة الشديدة للنوم .
" ليديا ارجوكِ بضع دقائق اخرى . "
كانت ليديا منشغلة بإختيار احد الفساتين الجميلة التي تليق الأنسة ليسيا .
" آنستي , ما رأيك أيعجبك اللون الأحمر أو الأصفر أم الأزرق ؟ "
" هاه ؟ "
سرعان ما بدأت ليسيا منزعجة بينما تبعثر شعرها و تصرخ .
" ليديا ! "
"آهه , أنستي السيدة ليزا سوف تصب غضبها علي اذا لم تستيقظي . "
عيني ليسيا التي تحدق في ملامح ليديا المكتئبة , تنهدت بهدوء .
" حسنا ."
نهضت ليسيا من السريرالناعم والدافئ بملابس نومها البيضاء , اقتربت ليديا وفي يديها ثلاثة فساتين بسعادة كبيرة تملئ محياتها .
" انستي , ماذا ستختارين ؟ "
ابتسمت ليسيا برفق بينما تشرق جمالاً بتلك الإبتسامة الدافئة .
" حسنا ..."
بعد دقائق قليلة .
كانت تقف ليسيا عند شرفة النافذة تنظر لتلك الحديقة الجميلة و أوراق ازهار تتطاير مع الرياح والذي يجعل شعرها الحرير يرفرف بينما تبتسم بسعادة .
' أجل هذه السعادة التي ارغب بها , و الحرية المطلقة غير مقيدة بتلك الأوهام الكاذبة . '
بينما ظهرت ليديا أمام الشرفة , رأيت تلك الإبتسامة الدافئة التي قد أختفت قبل أيام .
" انستي , أنا سعيدة بأنك تبتسمين هكذا . "
التفت ليسيا تنظر إليها بقليل من الدهشة .
" منذ متى وأنتِ هنا ؟ "
" لقد أتيت الآن ."
عند التفكير في الأمر , لم تتحدث ليسيا أبدا عن خطبتها مع الإمبراطور كلاوديا منذ ذلك اليوم .
' أذاً , يجب علي التحدث الى أبي اليوم , هل أذهب على غرفته ؟ ماذا لو كان مشغولاً ؟ '
" ليديا , أرغب في التحدث الى أبي . "
ظهرت بعض علامات التعجب في وجهه ليديا , بعدما لاحظت ليسيا تعابير ليديا المتسائلة .
" حسنا , أرغب بإخباره بأمر ما ."
- - - -
كان الأشيدوق فيكتور يقلب بعض الأرواق على المكتب , بينما بالكاد ينظر بعينيه المتعجدة قليلا وأثر التعب واضحة على وجهه , يبدو أنه أرهق نفسه كثيرا بالعمل .
" سيدي , أشعر ان الأنسة ليسيا في الأيام الماضية لا تبدو بخير , أخشى أنه حدث شيئا ما لها . "
التفت الأرشيدوق فكتور الى خادمه المخلص مايكل الذي يبدو قلقاً .
" هل حصل شيئا ما بينها و بين الإمبراطورعندما ذهبت للحفل الإمبراطوري آخر مرة ؟ "
تحدث الأرشيدوق بينما عينيه تنظران بعمق بكمية الأوراق التي في يده .
" لا أعلم سيدي , لكنني أذكر عندما عادت للمنزل وفتحت الباب لها كانت شاحبة جداً . "
تراجع الأرشيدوق فكتور للخلف قليلاً , التصق ظهره بالكرسي .
بينما أغمض عينيه ببطء , عندها يمكن سماع صوت طرق الباب بهدوء .
ذهب مايكل يفتح الباب بعدما أشار له الأرشيدوق بفتحه .
" آهه , مرحبا مايكل ! "
" آنستي ! "
دخلت ليسيا الغرفة بينما توقفت في منتصفها وتحدق في الأرشيدوق وبعض من ملامح التوتر ظاهرة عليها .
" ابنتي , ما بك هكذا ؟ أجلسي هنا . "
أشار الأرشيدوق نحو الأريكة ناحية اليمين , تحت وقوف ليسيا الساكن لم تتحرك .
" يبدو أن لديك شيئا مهما . "
أشار الأرشيدوق لمايكل ليخرج من الغرفة , تبقى ليسيا معه بمفردها .
" أبي , أنا - "
" هل تخبريني بشأن فسخ خطبتك من الإمبراطور كلاوديا ؟ "
رفعت ليسيا عينيها من على الأرض , أجابت ببطء .
" أنا لم أعد أرغب بالزواج منه ! "
" لماذا ؟ "
سأل الأرشيدوق بهدوء , صمتت ليسيا قليلاً .
' كيف أخبره بأنه حاول قتلي في حياتي السابقة ! '
" اجيبيني , لماذا ترغبين بفسخ الخطبة بعد أن أصريتي عليها ؟ "
" هذا ..."
يبدو أن ليس لدي خيار أخر , ركعت ليسيا على الأرض بركبتيها بفتسانها الأصفر الخلاب .
" هذا - هذا لأنه يريد قتلي ! "
تحت دهشة الأرشيدوق من تصرفها المفاجىء , كانت هذه أول مرة تركع فيها ليسيا طوال حياتها .
" أنهضي ليسيا ."
" أنت تعلم بالفعل , بدأت أخاف من الإشاعات التي تقال عنه أن لديه طبيعة سادية و فساده ...."
قاطع فجأة الإرشيدوق حديثها بصراخه بغضب شديد , مما جعل ليسيا تفزع .
" ليسيا قلت لك انهضي ! "
بينما يقف من على الكرسي ويديه المتمركزة على الطاولة .
كانت دموعها عالقة في جفني عينيها الحمراء الجميلة بينما بدأت بالصراخ وقلبها الذي ينبض بالقوة , ويديها الملتصقتان بالأرض .
" لا أريد فقدانك مرة أخرى أبدا ! "
سرعان ما تبدل الغضب الى دهشة كبيرة تملئ وجهه الأرشيدوق , بينما ينظر بعينيه منظر ابنته المزري كما لو عانت مدة طويلة جداً , دموعها التي تنهمر بإستمرار على الأرض بينما تتذكر جثة والدها على الأرض تحت بركة دماء .
بعد دقائق خرجت ليسيا من غرفة الأرشيدوق فيكتور , تمتلك ملامح باردة تمشي في الرواق بهدوء , كان يتساءل الخادم مايكل بينما يحدق بها كهذا .
دخل مايكل الغرفة بينما رأى الأرشيدوق يمسك جبهته تحت ارهاق شديد.
" سيدي , ما الأمر ؟ "
تحدث مايكل بصوته المرتجف والقَلِق .
" يبدو أنها رأت حلم سيء يا مايكل ! "
" ماذا ؟ ما الذي تعنيه ؟ "
وقف الأرشيدوق فيكتور والتفت ينظر ناحية النافذة وضوء ذو لون برتقالي مائل للإصفرار يسطع عليه بينما الشمس تغرب على القصر .
" أخبرتني ان الإمبراطور كلاوديا حاول قتلي ! "
" سيدي ؟ هل هذا سبب حالتها هذه المفاجئة ؟ "
في تلك الليلة , بدأ القلق يدخل في القلب الوالد الحنون .
علاوة على ذلك , كانت ليسيا في غرفتها تفكر ماذا ستفعل , فليس لديها ثقة بأن الأرشيدوق يصدقها , تسير وتدور في الغرفة مراراً وتكراراً .
بينما كانت تشاهد ليديا حالة ليسيا الغريبة منذ أن عادت من مقابلة الأرشيدوق فكتور , خطرت فكرة في عقل ليسيا مما جعلها تشعر بسعادة غامرة تحت توترالخادمة ليديا .
" هذه هي يا ليديا , لقد وجدتها . "
كيف لي أن أنسى هذا ! يجب علي مقابلة الكونت ألدريك أبسولون !
مما أتذكره في حياتي السابقة , كان ممن أعظم و اقوى فرسان الإمبراطورية .
- - - ---- --- - - - -- - -- -- - - - -- - - - - - - - - --
في رواق مظلم , يمكن الفيكونتيسة كورنيليا سماع صوت أقدام بعيدة تقترب وصولاً إليها تدريجياً .
بينما كانت تنظر في الأرض بوجه بارد , قدميها المقيدتان التي تقيد حركتها , تشقق شفتيها وتهالك جسدها المستمر , ملابسها البالية و مختلطة بالتراب , من ينظر إليها سيشعر حتماً بالشفقة عليها .
" آنسة كورنيليا . "
تحت سماع اسمها رفعت رأسها ببطء شديد , بينما حركت شفتيها .
" أنت ... "
أجاب بسرعة بتلك العينين الباردة تغطيها خصلات شعره الأسود الناعم , صوته الحاد والخانق .
" أنا رئيس الخدم كادين , أتيت لإعطائك رسالة من جلالته . "
" جلالته ..؟ "
أخرج كايدن تلك الرسالة من جيبه بينما يمرر بها نحو يدي الفيكونتيسة كورنيليا , أخذت كورنيليا الرسالة فتحتها بسرعة و يديها ترتجفان اثناء أمساكها لهذه الورقة الهشة .
{ الكاهنة العظمى للكنيسة المقدسة ' زهرة الشمس ' , الفيكونتيسة كورنيليا .. أخبرهذا فقط لكِ , قد يأتي أحد ما قريبا إليك .....}
كان جسد كورنيليا يستمر بالإرتعاش , تضع يدها أمام شفتيها وعينيها المفتوحة على أواخرها .
التفت يحدق رئيس الخدم كايدن في الفيكونتيسة كورنيليا , يمتلك وجه مظلم بينما يصدر من خلال شفتيه صوتاً يدل على استياء شديد , استمر يشق طريقه في الظلام .
____________ ___ _ ____ __ _ _ _ __ _ ____ __ _ ___
نهاية الفصل السادس .