الفصل الثامن :- ليلة ما قبل العاصفة ( 1 ) .
تحت أنوار قصر عائلة الإرشيدوق فكتور والتي تعكس أنوارها أمام طاولة مستديرة و رائحة الأطعمة الزكية والتي يجلس عليها الأرشيدوق و ليسيا بمفردهما, يبدو أن الأرشيدوقة ليزا لازالت بالخارج بمنزل احدى صديقاتها و أخيها ينام دائما في مثل هذه الساعة , تحدق ليسيا بهدوء نحو طاولة العشاء .
يجلس الأرشيدوق بهدوء شديد , يسند ظهره على الكرسي بشكل مريح , يتنهد طويلا وعينيه تحدقان في كأس النبيذ الذهبي , يحركه ببطء بينما يرفع عينيه أخيرا نحو ليسيا .
علاوة على ذلك , رغم الإرتكاب الذي يجتاح ليسيا فإنها تستطيع السيطرة على نفسها , الكثير من الأفكار تراودها , والخوف الشديد بما سيحدث تاليا .
حادثة محاولة تسميم الإمبراطور كلاوديا في الحفل الإمبراطوري , هذا يجعلها تفكر كيف هذا الأمر مختلف عن حياتها السابقة ؟
' ذاكرتي جيدة بما يكفي , الإمبراطور من المستحيل أن لا يلاحظ تسمم مشروب النبيذ . "
عند التفكير في الأمر , في الحفل الإمبراطوري لم تعلم ليسيا في أثناء وقوفها بعيداً بين حشد من النبلاء الذين كانوا يتهامسون بإستمرار بالذم و النميمة نحو الإمبراطور كلاوديا , شعورها الذي أغمرها بالتحرك نحو كلاوديا اثناء مشاهدته شرب النبيذ .
ولكنها لم تتحرك شبراً واحداً , ربما ذكريات ماضيها المؤلمة تمعنها من فعل شيء .
لن تنكر ذلك الشعور الذي تملك قلبها , شعور السعادة .
' ألن يكون موته كافيا لإنهاء عذابي . '
بسبب هذه الحادثة لم تستطع ليسيا فصل خطبتها أمام الإمبراطور وذلك المجتمع النبيل في الحفل الإمبراطوري .
" ليسيا ..؟ "
' ولكنه لا يزال حيا ! بعد ... '
" أين ذهبتي بتفكيرك .. ليسيا ؟ "
استيقظت ليسيا تحت تفكيرها العميق بعد تمكنها من سماع الأرشيدوق عندما ازدادت بنرته بينما ينطق اسمها .
" آهه .. أبي ما الأمر ؟ "
تحدثت ليسيا بنبرة جريئة بينما تنظر للأرشيدوق , تعلو تعابير منزعجة في وجه الأرشيدوق , أخذ شرفة من النبيذ قبل أن يتمكن من التحدث .
" لماذا ترغبين بالخروج في هذا الوقت ؟ "
تمسك ليسيا كأس النبيذ أمامها برفق , أرادت رفعه ببطء , ولكنها توقفت تحت سؤال الأرشيدوق , ابتسمت ليسيا بلطف شديد تحدق في عيني الأرشيدوق .
" أدرت أن أرفه عن نفسي قليلاً يا أبي . "
ساد الصمت في المكان بينما ينظران لبعضهما .
لا زالت ليسيا متمسكة بحذرها بينما تلقي نظرة خاطفة خلفها , تقف الخادمة لونا بإشراق و الإبتسامة المزيفة التي تملكها بجانب ليديا التي تكاد تنهار من القلق .
" اعذريني , لا تستطيع ان تخرجي في هذه الساعة , اصبح الوقت متأخر . "
التفتت تنظر ليسيا نحو الأشيدوق الذي أنهى حديثه وأستمر بالنظر إليها .
" الشمس لا زالت لم تختفي بعد , أستطيع ان أعود قبل ذلك ! "
تنهد الأرشيدوق فكتور , لقد كان يتساءل هل من الجيد خروجها في هذا الوقت ؟
" بخصوص مأدبة الخطوبة بالغد ... "
بينما يتحدث الأرشيدوق بهدوء قاطعته ليسيا بسرعة .
" سأذهب ! "
" ماذا ؟ "
" ولكن لنعقد معاهدة . "
" معاهدة ؟ "
تراجع الأرشيدوق للخلف يريح ظهره قليلاً , لم يعد يعلم ما سبب تقلبات ليسيا المزاجية .
" أظنني سأتأذى في المأدبة بسبب الإمبراطور. "
" ليسيا ! "
" أعدك .. يا ابي اذا لم أتأذى في هذه المأدبة , لن أطالب بفسخ الخطبة . "
عند سماع ذلك , اصبح الأرشيدوق يفكر لبضع لحظات ..
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ __ _ _ __ _ _
تقف ليسيا أمام العربة الخاصة بها , تلك العربة عليها شعار عائلة الأرشيدوق فكتور ذو لون ذهبي على شكل طائر الطاووس , بينما تبتسم ليسيا بسعادة , والرياح التي تهب في مسارها يجعل قبعتها البيضاء تكاد تخرج عن رأسها بينما تتشبث بها بقوة .
التفتت تنظر ليسيا للأعلى نحو شرفة في القصر بينما تبتسم , ابتسم الارشيدوق فكتور الواقف هناك بثبات بينما ينظر إليها وبعض القلق ينتابه .
تحدث مايكل بهدوء خلف الأرشيدوق , بينما ينظر لتعابير الأرشيدوق المرهقة .
" هل أنت متأكد من ذلك ؟ سيدي ؟ "
التفت الأرشيدوق إليه بينما لازالت الإبتسامة في شفتيه .
" عينيها تملؤها الحياة ! كيف لي أن أرفض ما ترغب بفعله ؟ "
تنهد مايكل بإبتسامة .
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
تجلس ليسيا بهدوء في تلك العربة الفاخرة بينما تنظر من نافذتها , يتحرك الناس في أسواق العاصمة , بينما تفكر في شيء واحد فقط .
' الكونت أبسولون ! آتية إليك . '
التفتت نحو الخادمة ليديا التي تجلس بجانبها بإحراج شديد .
" أنستي ! أخبرتك أن لا أصعد العربة ! "
تبتسم ليسيا على لطف ليديا بينما تردف .
" أنتِ شخص عزيز على قلبي , ليديا ! "
اثناء سماع ليديا ذلك , ابتسمت بسعادة رغم الإحراج الذي تملكه .
" هل فعلتي بما أخبرتك ؟ هل أوصلتِ الرسالة الى الكونت ألدريك أبسولون ؟ "
" أجل آنستي بالطبع . "
شعرت ليسيا بالراحة بعد سماع إجابة ليديا , و أثناء تحديق ليسيا لمتاجر العاصمة , التفت إليها متجر ما يمتلك لوحات رسم معلقة على حائط المتجر , بينما تصرخ ليسيا فجأة تحدث سائق العربة .
" توقف ! هنا توقف للحظة ! "
تهبط ليسيا من العربة بفستانها السماوي البراق , بينما تتوجه نحو المتجر , بينما تحاول الخادمة ليديا الإسراع إليها .
" انستي ! لماذا أمرت السائق بالتوقف فجأة ؟ "
بدأت خطوات ليسيا مسرعة ولكن سرعان ما تتباطئ إلى ان تتوقف , بينما تكاد فتح باب المتجر , توسعت عينيها بشدة بينما تنظر من الذي خرج من المتجر .
توقف اثنين غرباء المظهر أمامها , تلك الظلال التي تعميهم بسبب تلك القبعات التي يضعونها فوق رؤوسهم و المتصلة بمعاطف سوداء طويلة .
يمران بجانبها بسرعة , بينما تلقي نظرة سريعة على أحدهما .
' شعر ذو لون أسود ؟ '
وصلت عيني ليسيا تحدق به , بؤبؤ عينيه السوداء التي تشع للحظة باللون الأحمر تلتقي بعينيها , ولكن سرعان ما الإثنين أختفيا .
" آنستي ؟ هل أنتِ بخير ؟ ما بك تحدقين في باب المتجر كهذا ؟ "
تحدثت ليسيا تحت شفتيها المرتجفة .
" هل رأيتي هذين الإثنين ؟ "
تحدثت ليديا بعدم الفهم .
" ماذا تعنين ؟ "
تنهدت ليسيا بينما تدخل المتجر بهدوء , تردد في نفسها .
' اعتقد بأنني يجب علي الحصول على تلك اللوحة . '
مع صوت الجرس في المتجر , ابتسم صاحب المتجر بسعادة غامرة يرحب بهم , يبدو ان ليس هناك الكثير من الناس يدخل هذا المتجر , علاوة على ذلك , هذا المتجر يمتلك لوحات غالية الثمن , ولن يستطيع تحمل تكلفتها إلا ذو الطبقة النبيلة فقط .
بدأت تبحث ليسيا عن لوحة تمتلك سمات مخملية , لكنها لم تعثر عليها , لهذا توجهت للتاجر .
" هل تملك لوحة تم الرسم عليها زهرة سوداء اللون ؟ حيث عند النظر اليها تبعث إليك بالإكتئاب فقط ؟ "
نظر إليها التاجر بتعابير الحيرة في وجهه , بينما يردف .
" حسنا , لا أعتقد أن شيئا كهذا موجود بين اللوحات المعروضة . "
امتلئت خيبة الأمل في تعابير ليسيا , ذكرياتها تخبرها بأن تلك اللوحة كانت موجودة هنا .
ابتسمت ليسيا بلطف تحت قبعتها الجميلة .
" شكرا لك . "
بينما همت ليسيا بالمغادرة مع ليديا , التي استمرت بالتحدث إلى ليسيا بينما تجاريها بالحديث , كان يحدق التاجر إليهما إلى أن خرجا .
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
توقفت عربة ليسيا أمام قصر الكونت ألدريك أبسولون , بينما تخرج ليسيا من العربة وتتبعها ليديا , التفتت تحدق ليسيا ناحية ذلك القصر .
بالتفكير في أن هذا القصر الكبير يعيش فيه الكونت أبسولون لوحده , في حياتها السابقة تتذكر كم كان الكونت ألدريك محباً لذاته , لم يدع أحد التقرب منه أبدا , بالتفكير في سير محادثة معه يرهق كاحل ليسيا .
أتى أحد ما خلف باب القصر بينما يفتح بهدوء , وينحني يحيي الأنسة ليسيا .
' أنا ألكس الخادم الوحيد في هذا القصر , أخبرني سيدي بأن أرافقك للداخل . '
ابتسمت ليسيا بهدوء وعلامات التوتر واضحة على شفتيها .
" آهه , حسنا .. "
اصبحت ليديا تردد خلف أذن ليسيا بنبرة سعيدة .
" انه وسيم ! رغم تلك الدائرة الزجاجية العدسية التي يحملها في احدي عينيه . "
بعد دخول ليسيا القصر , أظهرت تعابيرها الجدية, وبعد ان لاحظت ليديا ذلك أغلقت فمها .
التفتت تنظر نحو هذا القصر الكبير , الى أن توقفت عينيها نحو شخصا ما يقف وسط ساحة القصر هناك بتعابير منزعجة , عينيه تحت خصلات شعره الأزرق تحدقان بها , بدأ بالتحدث بنبرة باردة .
" ما الذي ترغب به الأنسة ليسيا بالتحدث بشأنه معي ؟ "
بعد بضعة لحظات من الصمت بينهما , تألق البريق في عيني ليسيا الحمراء و تبتسم بخبث تنحني احتراماً وترفع فستانها السماوي قليلا .
" أنا ليسيا فكتور ابنة الإرشيدوق فكتور تحييك . "
تعلم ليسيا ما الذي يعجب به الكونت الإحترام الذي يكنه الأخرين إليه , اظهار الإحترام عند أول لقاء , بينما ينظر الكونت أبسولون إليها في حيرة .
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نهاية الفصل الثامن .