كان آزار فاقداً وعيه و هو مستلقيٍ على حائط كوخٍ مدمرٍ قليلاً ، لكن ما زال أفضل حالاً من أغلبية الأكواخ المدمرة .
و بعد فترةٍ غير معروفة ، إرتجفت عيناه و هو يحاول فتحهما ، و أول منظرٍ أستقبله عند فتح عينيه ، هي غرفة صغيرة جدارها الأيسر محطم و أجزائه متناثرةٌ في الغرفة ، أدار آزار رأسه لينظر في النافذة القريبة منه ، فوجد أنه حالياً داخل القرية التي تمت مهاجمتها و قد أتى الصباح بالفعل .
" أستيقظت أخيراً "
سمع آزار صوتً من الجهة الأخرى من الغرفة ، فأدار رأسه ليرى شين نو جالساً على كرسيٍ خشبي محدقً به
" ما الذي حدث؟ "
سأل آزار بصوت هادئ و ضعيف بينما ينظر لشين نو
" ماذا تقصد؟ ألا تذكر؟ ، بعد أن هاجمك وحش الزو الهمجي الثاني لكي يقتلك ، تدخلت في الثانية الأخيرة و قتلته ، ثم أرجعتك للقرية و عالجتك ، أما بالنسبة للمهمة ، فقد تفرق المد بعد أن قتلت بعض وحوش الزو القليلة "
" كم مضى على فقداني لوعيي؟ "
" يوم و نصف تقريباً "
نهض شين نو من كرسيه و توجه ناحية آزار ليسلمه بعض اللحوم
" هذه لحوم وحوش الزو الهمجية ، ستساعدك على الشفاء بسرعة "
أخذ آزار اللحوم دون كلام ثم بدأ بأكلها ، و هكذا بعد أن أنهى وجبته تحدث
" لماذا؟ "
" همم؟ "
تسأل شين نو عن ماذا يقصد آزار
" لماذا عدت و أنقذتني؟ أنت فقط في ذرة المستوى الإبتدائي من تدفق الزو ، كانت فرصك قليلةً جداً و المخاطرة عالية ، كنت تستطيع فقط الهرب و أن تسلم تقريراً للطائفة عن أن المعلومات ناقصة ، لذلك ، لماذا؟"
سأل آزار بينما يحدق في عيني شين نو
إبتسم شين نو قليلاً عندما سمع كلام آزار
" هل تعتقد أني شخصٌ طيب؟ "
" لا أظن أنك من النوع الذي سيضحي بحياته من أجل شخص لا يعرفه ، و أيضاً ، وحش الزو الهمجي الثاني قد أتى من جهةٍ قريبة منك ، صحيح انك لم تعلم عنه مبكراً ، لكن لو حاولة تحذيري كنت سأستطيع الهروب بالكاد من هجومه ، لكن في تلك الحالة ، سيكون أمامك مباشرة في وضعية الهجوم و لن تملك فرصةً للهروب أو المقاومة ، لذلك لم تحذرني ، هذا شيءٌ أفهمه ، شخصٌ ألتقيت به في مهمةٍ واحدة فقط لن تضحي بحياتك الخاصة من أجله ، لكن ما لا أفهمه ، لماذا عدت و أنقذتني رغم أن فرص موتك كانت عالية؟ "
حدق آزار بشين نو بينما يستجوبه ، أما بالنسبة لشين نو فكان متفاجئاً قليلاً من ذكاء و سرعة تحليل الطرف الآخر ، رغم أن هجوم الوحش كان مفاجأةً ، و رغم أنه كان مصاباً بأصابات خطيرة في ذلك الوقت ، لكنه أستطاع رؤية و تحليل كل هذه الأمور ، أبقى شين نو الإبتسامة و أقترب من آزار
" أنت محقٌ بأمر ، أنا لن أضحي بحياتي من أجل شخصٍ لا أعرفه ، و صحيح أني رأيت الوحش الثاني أثناء هجومه ، و لو حاولة تحذريك وقتها ربما أستطعت الهرب ، و كنت سأصبح محاصراً بهجوم الوحش بدلاً منك ، لكن ، أنا لم أقم بتحذيرك ليس فقط بسبب حياتي ، و لكن أيضاً كانت هذه أفضل طريقة لقتل وحش الزو الهمجي الثاني... "
توقف شين نو هنا بينما زادت الإبتسامة على وجهه ، بينما زاد الإرتباك على وجه آزار
" فكر بها ، لو أنك أستطعت الهرب من هجوم الوحش في آخر ثانية ، و أستهدفني هجومه بدلاً عنك ، سأصاب بأصابةٍ خطيرة إذا لم أمت ، في تلك الحالة ، هل لديك الثقة في قتل وحش زو همجي بمفردك؟ "
هز آزار رأسه معترفاً أنه لن يستطيع ، ففي النهاية كانت الوحوش أقوى من البشر حتى لو كانوا في نفس المستوى الزراعي ، ناهيك عن فرق عالم كامل
" لذلك السبب لم أحذرك و أختبئةُ مباشرةً ، ثم بعد أن هجم عليك الوحش و لم يجدني ، ثبت تركيزه عليك ، و بينما هو يستهدفك ، وصلة للمكان الذي أرسلك إليه طائراً ، و رأيت أنه كان يتقدم ببطئ نحوك ، لم أهجم مباشرةً ، فكما قلت لك ، لن أضحي بحياتي من أجل شخصٍ لا أعرفه ، لذلك أنتظرةُ لكي أجد فرصةً لقتله "
عندما شرح شين نو الأمر كاملاً ، أصبح وجه آزار مصدوماً اكثر و أكثر ، بقي صامتاً بينما حدق في عيني شين نو التي بقية هادئةً رغم كل الأمور التي حدثت
" في النهاية ببساطة ، أنقلبت الأدوار ، و أصبحت أنت الطعم "
أنهى شين نو كلامه بهذه الجملة و حرك كرسيه و جلس أمام آزار مباشرة محدقاً في عيني الطرف الآخر المصدومة
و بعد عدة لحظات ، أختفت الصدمة من عيني آزار و أستبدلت بالهدوء التام ، ثم أبتسم و قال
" إذاً ، لو لم يظهر الحوش في وقتها فرصةً لقتله ، لم تكن لتتحرك وقتها و تنقذني أليس كذلك؟ "
" بالتأكيد "
كلمة واحدة ، أجاب شين نو آزار بها مباشرةً ، لكن لم يدم صمته طويلاً و أكمل
" لكن ، هذه كانت الحالة الطبيعية التي كنت سأفعلها لو كان أي أحدٍ غيرك "
" ماذا تقصد؟ "
" عيناك ، في تلك اللحظة التي كانت فيها حياتك واقفةً على شعرة ، أستطعت رؤية عينيك بوضوح ، لكن لم أرى أي خوفٍ من الموت فيهما ، كل ما رأيته ، هو الغضب و الطموح ، و الأكثر منهما رغبة الإنتقام "
عندما ذكر شين نو الإنتقام ، لمعت عينا آزار بنية قتل عند تذكره لإنتقامه الذي صبر عليه طويلاً ، لكنه قمع نية القتل و أستمر بالإستماع لشين نو
" هناك الكثير من الأشخاص الموهوبين في العالم ، لكن ، ما يهم حقاً ليس مقدار موهبتك ، في النهاية هي وسيلة للوصول لطموحك ، للمكان الذي تريد أن ترتفع له ، بعض الأشخاص يرضون ببعض المراتب التي يظنون أنها عالية بما فيه الكفاية ، هؤلاء ، حتى لو أمتلكوا أعظم موهبة في العالم لن يصلوا لأي شيءٍ عظيم ، لكن في المقابل ، رأيتك ، أنت لا تضع هذه الطائفة في عينيك ، و تريد أن تصعد أكثر ، ليس فقط إرتفاعً أعلى بقليل ، لا ، أنت تريد الوقوف على القمة! "
أشتعلت أعين آزار بعد سماع كلام شين نو ، كان محقاً ، آزار لا يريد الوقوف عند هذه الطائفة ، فبالنسبة له ، هذه مجرد خطوةٍ أولى له ، هو يريد أن يصبح أقوى و أقوى ليصل لقمة العالم و يحقق إنتقامه ، و حتى بعد تحقيق إنتقامه ، هو يريد أن يستمر بطريق الزراعة ، ليصل لآفاق لم يصل أحدٌ لها من قبل ، لكن ، بعد التفكير في كلام شين نو ، زاد الإرتباك لدى آزار و سأل
" ما علاقة طموحي بسبب إنقاذك لي؟ "
إبتسم شين نو لآزار و نهض من كرسيه و توجه نحو النافذة ليحدق بها ، بعد بضعة لحظات إلتفت لآزار و حدق فيه بعينيه و تحدث بينما تغطي أشعة الشمس وجهه الشاحب قليلاً
" ببساطة لأنني أملك نفس الهدف "
" أنا أريد الوقوف على القمة ، و ليس فقط على القمة ، و لكن حتى بعد الوصول إليها ، سأصنع قمةً جديدة أقف فيها وحيداً "
" أنا لم أهتم بأي احدٍ في الطائفة لأن طموحاتهم كانت قليلةً جداً و رديئة ، و لكن أنت ، أنت تملك الطموح الذي يجعلك بنفس الإتجاه معي ، لذلك ما رأيك؟ "
" أنا لا أعرف عن إنتقامك و لا أهتم ، و لكن أنا متأكد ، أنك إذا أردت تحقيقه و تحقيق طموحك أيضاً ، فستحتاج للمساعدة "
" و ليس أي مساعدة ، و لكن مساعدة من شخص يستطيع إحداث فرق "
" لذلك ، لا يهم من الذين تريد أن تنتقم منهم ، و لايهم مقدار قوتهم ، حتى طموحك بالوصول إلى القمة ، أنا أعدك بأنك ستصل لقمةٍ لم تتخيلها من قبل ، و إرتفاع لن تتوقعه "
" إذن ، هل ستتبعني لإحداث عاصفةٍ في هذا العالم؟ "
حدق آزار بعيني شين نو ، ألتان و لأول مرة يظهر فيهما ضوء ، و لكن هذا الضوء كان يخفي طموحاً و فخراً يصل للسماء في داخله ، أهتز آزار من كلمات شين نو ، ورغم محاولته لتهدئة نفسه ، ما زالت عيناه تصبحان باللون الأحمر ، و بعد مرور دقيقة من الصمت تحدث آزار أخيراً
" رغم اني قد ألتقيت بك اليوم فقط ، لكن أستطيع القول أنك شخصٌ لا تهتم بالحياة ، و لا تهتم بالطريقة طالما تنفذ هدفك ، و أنا مستعد لأقسم بالسماء بأنك لا تعرف حتى ما هي الرحمة ، هذا واضح من أفعالك لأنك لم تدفن القرويين حتى و أستعملت زميلك كطعم لتنجز مهمتك ، و حتى اني أظن أنه لو قتلني الوحش ، ستقول للطائفة ببساطة أنني كنت متهوراً و قاتلته بمفردي "
صمت شين نو منتظراً آزار ليكمل كلامه ، فأستمر آزار بعد أن تنهد
" لذلك أنا حقاً لا أريد أن أصنع من شخصٍ مثلك عدوي ، و في الحقيقة لو أنني أملك حليفاً مثلك ، لن أقلق من أن يحاول أحدٌ أن يتحداني في الخطط ، في الواقع ، وجود حليفٍ مثلك حتى لو كان شيطانً ، فطالما أن الشيطان يقف معي ، لماذا أهتم بوسائله إذا كانت نتيجته تفيدني؟ "
" حسناً ، لم لا ، سأتبعك و أرى العاصفة التي ستحدثها في هذا العالم "
...
في مملكةٍ صغيرة تسمى مملكة السيوف تسع ، داخل محافظةٍ تسمى محافظة شينان ، بالتحديد داخل حدود طائفةٍ من الدرجة الثالثة ، خطى شخصان إثنان خطواتهما الأولى للتربع على عرش , لكن ، ما هو نوع العرش الذي سيتربعون عليه...
__________________________________
نحن نقترب من نهاية المجلد الأول و أود أن أنوه أنه عندما ننتهي منه ، سيتوقف التنزيل لعشرة أيام كأستراحة و أستعداد للمجلد الثاني ، لا تنسوا التعليق 🖤👀