كانت الوحدة التاسعة تسير حالياً في سهلٍ واسع يمتد للأفق ، لم يكن السهل مخضراً و جميلاً ، كان العشب محترقاً و متيبساً في كل مكان مع إنتشار الرماد في كل مكان ، كما أن آثار المعارك القديمة كانت واضحةً عليه
أستذكر شين نو مسارهم الذي سيسلكوه بعد تجاوز هذا السهل ، كانت هناك قريةٌ سيصلون إليها قريباً ، و بعد تجاوز تلك القرية و الأستمرار إلى الأمام سيصلون إلى قلعةٍ حدودية ، حيث ستكون هناك عددٌ من الوحدات المتمركزة في القلعة لغرض القتال مع قوات العدو على الجهة الأخرى في أي وقت
كانت تحركات المملكة الأخرى منذرةً بالخطر لبعض الوقت الان و غامضة ، لذلك أرسلتهم مملكة السيوف التسعة لتعزيز بقية الوحدات المتواجدة في القلعة
بينما كان شين نو يفكر بهذه الأمور ، فجأة سمع صياح بعض الجنود في المقدمة ، نقل بصره للأمام ليجد في الأفق مباني صغيرة الحجم محترقة و متهدمة
عندما رأى قائد الوحدة هذه المباني ، إنزعج و أمر مسرعاً
" فالتتقدم القوات بسرعة!! "
أنطلق على وحشه بأتجاه المباني المحترقة ليتبعه بقية الجنود بسرعة ، بالطبع كان شين نو مع وحدته يتبعهم هو الآخر
عندما أقترب الجنود من المباني المتهدمة و المحترقة ، تكشف أمامهم منظرُ قريةٍ متهدمةٍ بالكامل ، كانت المباني محترقةً و تحولت بعضها لرمادٍ بالفعل ، كما أن آثار التحطيم و القطع واضحةٌ في كل مكان
عندما وصل الجنود إلى داخل القرية ، بدأوا السير ببطئٍ و لاحظوا كل شيءٍ حولهم بحذرٍ و مفاجئة ، فجأة و بينما كانوا يتقدمون ، حبك الكثير من القادة و الجنود حواجبهم في نفس الوقت ، لاحظ شين نو أيضاً الأمر المزعج و تمتم
" رائحةُ دماء "
أنتشرت رائحة الدماء في كل مكانٍ في هذا الجزء من القرية ، تقدم قائد الوحدة ليكتشف مصدر الرائحة ، بالطبع كان بقية الجنود يتبعونه
تقدم الجميع ببطئٍ إلى أن وصلوا إلى منعطفٍ صغير يقود إلى وسط القرية ، عندما أستدار الجنود من المنعطف
قابلهم منظرٌ مرعبٌ و مثيرٌ للأشمئزاز
كانت توجد ساحةٌ متوسطة الحجم في وسط القرية ، حالياً ، كانت أرضية الساحة ممتلئةً بجثثٍ مشوهةٍ و مقطوعة الأطراف ، كان الدم منتشراً في كل مكان مع توزع العديد من الأطراف العشوائية في كل مكان مثل الرأس أو يدٍ مقطوعة أو حتى بعض الأمعاء الداخلية
" اللعنة! "
لعن قائد الوحدة بصوتٍ خافت ثم ألتفت
" فالينتشر الجنود و يبحثوا عن أي ناجين من القرية! ، و لتخرج الفرقتان الخامسة و السادسة لتحيط بالقرية و تتأكد من عدم وجود أعداءٍ قريبين! "
" حاضر!! "
أستمع الجنود إلى أمر قائد الوحدة و أنتشروا بسرعة في القرية ليبحثوا عن أي ناجي من هذه المذبحة ، بالطبع كان شين نو أيضاً أحد الذين يبحثون ، لقد ذهب لغرب القرية و أمر جنوده بتفتيش المباني بدقة ، و بدأ يتجول في الشارع الترابي و ينظر حوله بتفحص
فجأة!
" تتتتك "
سمع شين نو صوت صرير خشبٍ من إحدى المباني القريبة ، ألتفت ناحية المبنى الذي أتى منه الصوت و أقترب منه ببطئ و هدوء
بعد السير لبضعة خطوات ، كان شين نو أمام المبنى الصغير المتهدم مباشرةً ، توقف ، حدق من الحائط المتهدم داخل الغرفة الفارغة ، لم يكن هناك شيءٌ داخل الغرفة غير بعض الأثاث المتهدم
رفع شين نو قدمه و دخل للمبنى ، سار دخله بينما يلتفت يميناً و يساراً
خطوة...
خطوتان...
ثلاث خطوات...
فجأة!
تحطم السقف الذي فوق شين نو و هبط ظلٌ كبير متجهاً لشين نو من الأعلى ، في نفس الثانية سحب شين نو سيفه و قطع الظل الساقط عليه ، لكن ظهرت نظرة تفاجئٍ في عينيه لجزءٍ من الثانية ، لتختفي و تصبح نظرة تسلية في الثانية التالية
بينما كان شين نو يقطع الظل ، في نفس الوقت تقريباً ، خرج من تحت الأرضية الخشبية خلف شين نو ظلٌ صغير يحمل سكيناً حادة ، تقدم الظل الصغير و أستهدف ظهر شين نو بسرعة
لكن شين نو لم يعطه فرصةً حتى للأقتراب منه حيث أدار سيفه بسرعة بينما كان يوجهه ناحية الظل الصغير ، و أوقفه على بعد شعرةٍ منه قبل أن يصل الظل الصغير إلى ظهر شين نو
رغم أن وصف كل هذه الأمور يبدو طويلاً ، لكنه حصل في بضعة ثواني فقط ، و الآن أستطاع شين نو تمييز الظل الذي هاجمه
كان أمامه فتىً صغير بشعرٍ أسود قصير و عيونٍ بنية ، لم يكن شكله مميزاً أو جميلاً و ملابسه الممزقة و المنقوعة بالدماء لم تساعد على تحسين شكله
" ماذا لدينا هنا؟ ، فتىً ذكي يريد قتل بعض الأشخاص "
إبتسم شين نو ناحية الفتى و تحدث ، فهم شين نو ما أراد الفتى فعله ، لقد أصدر الصوت سابقاً عن عمد حتى يأتي أحد الجنود و يتحقق منه ، ثم عندما يدخل الجندي إلى الغرفة سيسحب الفتى الصغير خيطاً رفيعاً لفك الأخشاب المربوطة معاً في السقف ليقع السقف
و هناك على السقف ، كان قد جهز بالفعل إلهائاً ليعتقد الجندي أنه وقع في فخ العدو و العدو قادمٌ من الأعلى ، لكن في الحقيقة الشيء الذي وقع كان مجرد صندوقٍ خشبي ، و كان الفتى يختبئ تحت الأرضية منتظراً تشتت الجندي بالصندوق حتى يقتله
في الحقيقة ، لقد أعجب شين نو بتفكير هذا الفتى رغم صغر سنه
في هذه اللحظة رفع الفتى عيناه و حدق في شين نو بحدقِ كبير لا يمكن أخفائه
" لقد عذبتم جميع القرويين و قتلتوهم بالفعل! ، دمرتم المباني و أحرقتموها! ، لم يتبقى أي شيءٍ هنا لذلك لماذا عدتم!! "
تفاجئ شين نو بالحقد الذي كان يسمعه داخل صوت الفتى ، لقد نظر في عينيه و رأى فقط الغضب و الحقد و الإنتقام ، لم يرى أي نظرةٍ تشير إلى أنه فتى في عمر ال10 أو ال11 سنة كما يبدو شكله
بعد رؤية هذه النظرة في عيني الفتى ، ثم التفكير في الخطة التي توصل لها هذا الفتى الصغير ، إبتسم شين نو قليلاً ، و رغم أنه يعرف الأجابة ، إلا أنه ما زال يسأل
" هل أنت أحد سكان هذه القرية؟ "
إزداد الغضب في عيني الفتى عندما سمع سؤال شين نو لأنه ظن أنه يسخر منه و تحدث بغضب
" نعم! ، أنا آخر من بقي حياً من هذه القرية!! "
" حسناً ، أتبعني "
لم يعطي شين نو الفتى وقتاً ليجادل و أمسكه من يده و قاده خارج المبنى المتهدم ، في الخارج ، تجمع الجنود بعد عدم عثورهم على أحدٍ حي في القرية و عادوا لوسط الساحة ، هناك كان قائد الوحدة و بعض القادة يناقشون بعض الأمور و الجنود تقف على الجانب
أمر شين نو جنوده بأن يقفوا جانباً و ذهب إلى قائد الوحدة و بقية القادة بينما يجر الفتى الصغير معه
بينما كان شين نو يتجه نحو قائد الوحدة ، لاحظه قائد الوحدة من بعيد و لاحظ أن شين نو يجر معه فتىً يراه لأول مرة ، لمعت عيون القائد لأنه أمتلك فكرةً عن هوية الفتى و إتجه لشين نو تاركاً بقية القادة يتبعونه
" شين نو! ، هذا الفتى هو...؟ "
" أنه آخر ناجي من هذه القرية "
لمعت عينا القائد بفرحٍ أكثر بعد سماعه لتأكيد شين نو و ألتفت ناحية الفتى
" أيها الفتى الصغير ، ما الذي حدث لهذه القرية؟ ، من الذي هجم عليكم؟ ، و لماذا لم تأتي القوات المتمركزة على الحدود لمساعدتكم؟ "
كان قائد الوحدة حائراً جداً ، لذلك كان سعيداً عندما عرف انه هناك ناجي من القرية حتى يفهم مالذي حدث ، من الذي دمر القرية؟ ، و أين كانت القوات القريبة في القلعة؟ لا يمكن أن يتجاهلوا تدمير قريةٍ قريبة من القلعة الحدودية هكذا دون فعل شيء
" أنتظر...
أنتم لستم مع الأشخاص الذين دمروا القرية؟ "
سأل الفتى بأرتباكٍ لأنه ظن أن شين نو يأخذه لأعدامه ، لكنه وجد رجلاً عجوزاً يسأله عن الذي حدث في قريته ، إذا كانوا مع الذين دمروا القرية ، فكيف لا يعرفون مالذي حدث؟
" نحن جزءٌ من جيش مملكة السيوف التسعة! ، أنا قائد الوحدة التاسعة في الجيش و قد اتينا هنا لتعزيز القوات المتواجدة في القلعة الحدودية ، كان من المفترض أن نمر بالقرية و نتجه للقلعة ، لكننا صدمنا عندما وجدنا القرية مدمرة و جميع القرويين مقتولين "
شرح قائد الوحدة الوضع للفتى حتى يهدئ و يشرح الذي جرى في القرية بالكامل
بالنسبة للفتى عندما علم أنه الآن بأمان مع جيش مملكته ، لم يستطع إبقاء مشاعره محصورةً و بكى و صرخ بأقوى صوته
" ل-لقد تم ق-قتل جميع القرويين ، و أ-أمي و أب-بي من قبل جنود المملكة الأخرى!!! "
" هاااااااااااااااااااااا "
كان الفتى يبكي و يتكلم ، لقد أفرغ جميع الحزن و السخط الذي في قلبه أخيراً عندما سمع أنه بأمانٍ أخيراً ، كان صوته أجشاً و تعباً ، لقد بكى و بكى كما لو أنه يتمنى ، يتمنى فقط أن يصل بكائه لأحبائه الذين خسرهم