كان الليل يغطي العالم في هذا الوقت و حتى ضوء القمر قد تم حجبه بواسطة الغيوم ، كما لو أن الظلام يريد أن ينتشر في العالم ، و يمكن سماع أصواتٍ صاخبة بالقرب من القلعة الحدودية
كان بعض الأصوات غاضباً ، بينما البعض الآخر مرتعباً و خائفاً ، لكن أشتركت جميع الأصوات في شيءٍ واحد ، كانت تختفي بعد بعض الوقت
خلف القلعة الحدودية حيث كانت يتمركز جيش مملكة السيوف التسعة ، كان هناك الكثير من الجنود متجمعين معاً بدروعهم و سيوفهم ، في نفس الوقت على الأرض أمام الجنود كانت هناك جثثٌ مقطوعة الرأس منتشرة على الأرض في كل مكان
يمكن رؤية الكثير من الأسرى يسيرون مع الجنود و يقفون في صفٍ لأنتظار إعدامهم ، هذا صحيح إعدامهم
كان هؤلاء الأسرى هم الذين تبقوا من المعركة بين الوحدة التاسعة و قوات الأعداء ، لقد أمر القادة الأعلى بأن يتم إعدامهم
بينما كانوا يقفون في الصف منتظرين موتهم المؤكد ، كان الكثير منهم يصرخ بغضبٍ على الجنود حوله بينما البعض يتوسل من أجل حياته ، يمكن أن ترى الكثير من مشاعر اليأس منتشرةً بين الأسرى
لقد تم ختم قوتهم و لا سبيل لهم للمقاومة ، و الآن سيتم إعدامهم بلا رحمة ، هكذا ستنتهي حياتهم!
" أرجوك!! ، أتوسل أليك! لا أريد المو- "
" اللعنة!! ، اللعنة!! ، اللع- "
" لا!! ، لا أريد الموت!! ما زال لدي أحلام أريد أن أحقق- "
لم يكن هناك رحمة و لا كلماتٌ أخيرة و لا شفقة ، كان هناك فقط الموت! هذه هي الحرب!!
على مسافة كان آزار و بلود و هولزين يشاهدون هذا الإعدام معاً ، بالنسبة لشين نو قال أنه غير مهتمٍ بموت بعض الأسرى و أراد التركيز على تدريبه قبل الأنطلاق للحرب غداً
بينما كانت مناظر القتل تتكرر أمام عينيه ، تنهد آزار بخفة و ألتفت نحو بلود ، في النهاية كان فتى صغير ، هذا المنظر قد أثر عليه أكثر من المعركة التي مر بها ، كام يشاهد الأعدام بينما شحب وجهه و يبدو أنه لم يكن بخير
وضع آزار يده على كتف بلود و تحدث
" بلود ، لقد أخترت إتباع شين نو لذلك عليك أن تتحمل مناظر كهذه ، و حتى أسوء منها في المستقبل ، في أوقاتٍ كهذه تظهر قيمة الروح البشرية ، في النهاية يمكن أنهاء حياةٍ كاملة معها أحلامٌ و طموحاتٌ و مشاعر بتلويحةِ سيفٍ واحدة "
لم يرفع بلود عينيه عن الإعدام و تمتم
" لا أظن أنني سأتعود على شيءٍ كهذا الأعدام ، على الأقل ليس في وقتٍ قريب... "
" من الأفضل أن لا تتعود ، لأنه في اللحظة التي تتعود فيها على إهدار الحياة هكذا ، ستنسى قيمة الروح البشرية ، و عند نسيانك لهذه القمية ، ستكون نهايتك سيئةً حقاً "
أجابه آزار و تعبيرٌ معقدٌ في عينيه ، لم تكن هذه أول مرةٍ يرى منظراً كهذا ، الحرب بين الطوائف دموية و وحشية ، صحيحٌ أنها ليست مثل الحرب بين الممالك ، لكنها لم تخلوا من إعدامٍ كهذا
على الجانب ، تحدث هولزين الذي كان يستمع لمحادثتهما بصمتٍ بينما يشاهد الأعدام
" ببساطة البقاء للأقوى ، إذا لم ترد أن تكون في المستقبل مثل هؤلاء الأسرى ، فمن الأفضل أن تزيد قوتك بقدر ما تستطيع "
هذه المرة لمعت أعين بلود بالفهم و التوق إلى القوة ، كانت هذه المرة مختلفةً عن توقه للقوة من أجل الأنتقام لعائلته ، لا ، هذه المرة أراد القوة من أجل أن لا يكون مصيره مثل هؤلاء الأسرى و يموت هكذا بلا هدف
في الحقيقة ، لم يتكاسل بلود في الشهر الذي قضاه مع الفرقة الرابعة ، لقد تم تسليمه طريقة تدريبٍ و بعض الموارد للتدريب ، حتى أنه وصل للمستوى الرابع من تحضير الجسد بمساعدة الموارد التي حصل عليها من الفرقة في شهرٍ واحد! ، على الأقل الآن سيستطيع حماية نفسه قليلاً لأن أغلب الجنود في مستوى تحضير الجسد ، رغم أن أكثرهم في المستويات القمة
لكن بلود ما زال لم يفهم ، لماذا هجمت المملكة الأخرى عليهم؟ ماذا فعلوا لأغضابهم؟ ، لذلك قرر سؤال آزار
" لكنني لا أفهم ، لماذا تهجم مملكة الصخور السوداء علينا؟ ما هو الخطأ الذي فعلناه لأغضابها؟ "
قبل أن يجيب آزار على سؤال بلود ، تم سماع صوتٍ يقترب من خلفهم
" لم تفعل مملكة السيوف التسعة أي خطأ ، و لم تكن مملكة الصخور السوداء مخطئةً هي الأخرى ، لا يوجد أحدٌ مخطئ "
ألتفت الثلاثة ليروا شين نو يقترب منهم ببطئ بينما يراقب الإعدام بلا مبالاة ، سأل آزار بأستغراب
" ألم تقل أنك غير مهتمٍ بالإعدام؟ "
" هذا صحيح ، لكن قائد الوحدة دين مو أمرني بأن آتي و أشاهد الإعدام لكي ' أقوي قلبي ' حسب كلامه "
' تقوي قلبك؟ هل لديك قلبٌ من الأساس؟ '
هذا كان تفكير آزار عندما تدخل بلود و تحدث
" سيدي ، ماذا كنت تعني عندما قلت أنه لا يوجد أحدٌ مخطئ؟ "
نقل شين نو بصره إلى بلود و تحدث بنبرةٍ هادئة
" مثل ما قلت ، لا يوجد أحدٌ مخطئ ، يوجد فقط القوي و الضعيف ، إذا كنت ضعيفاً فسيتم التحكم بحياتك من قبل القوي ، مملكة الصخور السوداء ليست مخطئةً في هجومها علينا ، ففي نظرها نحن أعدائهم و عندما يغزوننا ستزداد قوتهم و ثروتهم و أراضيهم ، لذلك لم لا يغزوننا؟ "
" هذا غير عادلٍ بعض الشيء... "
" غير عادل؟ ، دعني أسئلك سؤالاً إذاً ، أنت كنت تعيش في القرية لذلك لابد أنك قد تذوقت لحم الدجاج مثلاً ، أليس كذلك؟ "
" هذا صحيح "
" إذاً دعني أسئلك ، بأي حقٍ أتى المزارع و قتل الدجاجة؟ لقد كانت تملك حياتها الخاصة لكن المزارع أتى و قتلها و حتى أنه قد صنع منها طعاماً ، و في النهاية أنت أكلت هذه الدجاجة بلا إهتمامٍ بأنه قد تم قتلها و أنهاء حياتها بلا حق ، أخبرني أين الحق هنا بالنسبة للدجاجة؟ "
" هذا... "
" دعني أعطيك مثالاً آخر ، ملك مملكة السيوف التسعة ، إذا قام بأمرك بأي أمر ، هل تستطيع الرفض؟ "
" بالطبع لا ، أنه الملك "
" هذا صحيح أنه الملك ، لكن هل أنت قد أخترته ملكاً عليك؟ "
" م-ماذا؟ "
" لقد أتيت لهذه الحياة و أكتشفت أن هناك ملكاً يحكمك ، أنت لم تختره ليكون ملكاً عليك لكن هل تستطيع أن ترفض أمراً له؟ ، لا ، لا تستطيع لأنه يملك القوة! ، يستطيع أن يأخذ كامل موارد هذه المملكة بدون أن يتكلم أحد من سكان المملكة ، لماذا؟ ببساطة لأنه يملك القوة! ، أخبرني ، ما هو الحق في أن يأتي رجلٌ توج نفسه ملكاً عليك من تلقاء نفسه و يأخذ كامل الموارد التي في أرضك و في النهاية يجب أن تضع إبتسامةً على وجهك أثناء تنفيذك لأوامره ، أخبرني ما هو الحق هنا؟ "
" شين نو هل جننت!! "
ألتفت آزار يميناً و يساراً بينما أقترب هولزين بسرعة و وقف أمام شين نو ليغطيه ، تنفسوا الصعداء بعد أن أكتشف الأثنان أن احداً لم يسمع كلام شين نو بسبب صخب الأسرى و صراخهم ، ثم ألتفت الأثنان نحو شين نو و تمتم آزار بصوتٍ ضعيف
" هل تريد الموت! ، هل تعرف ماذا سيحصل إذا سمعك أحدٌ تتكلم هكذا؟! ، الإعدام سيكون أبسط عقوبة! "
انفجر آزار عليه بينما تمتم هولزين بغضب
" هل تحاول بدأ تمردٍ أم ماذا؟! ، على الأقل لا تسحبنا معك! "
لم يجبهم شين نو و قرر البقاء صامتاً ، لقد كان يعلم أن أحداً لن يسمع حديثه بسبب الصخب لذلك تحدث هكذا ، و بالنسبة لبلود ، فكانت أعينه تلمع ببريقٍ خاص ، يبدو أنه فهم نوعاً من المنطق الوحشي المنتشر في هذا العالم...
البقاء للأقوى!
بعد بعض الوقت أنتهى الإعدام ليعود الجميع لغرفهم أو خيمهم ، كانت الحرب غداً و عليهم تجهيز أنفسهم للمعركة
بينما كان شين نو يسير إلى غرفته ، كان يفكر في الإعدام الذي حصل الآن
' أن يحصل الإعدام قبل المعركة بيوم و يتم أمر جميع القادة بمشاهدته له معنى واضح ، أنهم يظهرون لنا ماذا سيحصل لو خسرنا في المعركة غداً ، إذا خسرنا سيكون مصيرنا مثل هؤلاء الأسرى ، لذلك سيقاتل القادة و الجنود غداً بضعف قوتهم على الأقل من أجل حياتهم الخاصة '
وصل لباب غرفته و دخل الغرفة بهدوءٍ ليغلق الباب خلفه و يختفي شكله من الممر
...
مرت الليلة بسرعة و تم سماع البوق الذي يشير للتجمع مع أول أشعة شمسٍ تظهر ، تجمع جميع الجنود بسرعةٍ في الجهة الأمامية من القلعة ، داخل أرض المملكة الأخرى
كان منظر أربعين ألف جندي و بضعة الآف مهيباً حقاً ، كانت الوحدة التاسعة في الجهة الشرقية الأمامية من هذا الجيش ، وقف القادة الأعلى الأربعة معاً أمام هذا الجيش ، بعد أن حضر جميع الجنود تقدم الرجل العضلي و المشعر إلى الأمام و تحدث بصوتٍ خارقٍ للأذن
" لقد أعلنت مملكتنا الحرب على مملكة الصخور السوداء!! ، سنهجم على قلعتهم الحدودية التي على بعد نصف يومٍ من هنا! ، الأعداء يعلمون بقدومنا و قد أعدوا أنفسهم للدفاع! ، لذلك دعوني أخبركم بشيء ، هذه هي الحرب! إذا لم ننتصر سيتم قتلنا و إعدامنا مثل الأسرى الذين تم إعدامهم البارحة!! ، لذلك قبل أن تقاتل من أجل المملكة و قبل أن تقاتل من أجل المكافئات ، أنت تقاتل من أجل حياتك!! ، لذلك في المعركة عليكم أن تكونوا وحوش قتلٍ مفترسة ، هل كلامي واضح!!! "
" نعم سيدي!!! "
أجاب الجيش بصوتٍ مدوي و غاضب ، كانت عيون الجنود حمراء و تواقة للمعركة ، لقد أرادوا الحياة و المكافئات لذلك سيقاتلون اليوم كالوحوش!!
" إذاً فالنتقدم نحو قلعة العدو الحدودية ، و نغرقها بالدماء!! "
" هااا!! "
تقدم القادة الأربعة أمام الجيش بينما كانت القوات تتبعهم بخطى ثابتة و قوية للتوجه نحو قلعة العدو
لقد بدأت الحرب!!