64 - إشارة العصر الجديد || نهاية المجلد الثاني ||

كان الجو صامتاً بعد أن حيا بردراك الفتى الأعمى و لقبه بال'الأمير' ، عندها أنزل الفتى الأعمى يده ببطئٍ عن ذقنه بينما أرتفع حاجباهُ قليلاً بفرح ، تحدث بهدوءٍ دون أن يلتفت لبردارك

" بردارك؟ ، لقد عدت مبكراً ، يبدو أنك أخترقت لنواة الزو أبكر من المتوقع "

كان صوته هادئاً و مسكناً ، كان أي شخصٍ يسمع هذه النبرة سينسى هموم العالم و يبدأ بالتفكير في أخذ قيلولة ، لكن يبدو أن بردارك متعودٌ على هذه النبرة ، أجابه مباشرةً

" سمو الأمير ، كنت محظوظاً بما يكفي لأجد فاكهة زو عالية الجودة لتساعدني على الأختراق ، لقد عدت بعد أن أخترقت مباشرةً كما أمرتني "

أومأ الفتى الأعمى عندما سمع كلمات بردارك ، ثم رسم على وجهه إبتسامةً صغيرة بينما يتحدث

" يبدو أن فاكهة الزو عالية الجودة لم تكن هي الشيء الوحيد الذي أكتستبه من رحلتك "

سعل بردارك قليلاً ، لكنه في الثانية التالية قدم شيمون بينما يشير لها

" سمو الأمير ، هذه الفتاة هي شيمون ، تستطيع القول أنها تحت وصايتي "

ثم أستدار بردارك نحو شيمون بينما يشير للفتى الأعمى

" شيمون ، هذا هو الأمير الأمبراطوري لأمبراطورية الشمال المتجمد ، المكان الذي نحن نعيش فيه حالياً ، يسمى بالأمير نورث "

" أنه العبقري الأعلى للأمبراطورية و الذي ساهم بأنجازاتٍ عظيمةٍ جداً لها ، و هو ما زال فقط في عمر 23 "

لمعت أعين شيمون بالأعجاب عندما سمعت هذه الكلمات ، لم تعجب فقط في أنه العبقري الأول في الأمبراطورية ، لكن فكرة أنه كان أميراً كما في القصص الخيالية جعلتها تتحمس

بالنسبة للأمير نورث ، فقد تنهد قليلاً بينما يهز رأسه و يتحدث لبردارك دون أن يلتفت له

" بردارك ، أنت تبالغ كثيراً ، انا لست عبقرياً ، انا فقط أفكر في الخطط ، الجنود الذين يطبقون الخطط هم أصحاب الفضل "

لكن بردارك أعترض بصوتٍ هادئ

" سمو الأمير ، لا يمكن لأحدٍ أن ينكر فضل خططك في تنمية الأمبراطورية و الفوز في الحروب ، لا تكن متواضعاً جداً "

تنهد الأمير نورث مرةً أخرى بعجز ، لكن في الثانية التالية شعر بشخصٍ يقترب منه ، بالتحديد كانت شيمون

صحيحٌ أنه كان أعمى ، لكنه ما زال يستطيع أستعمال الزو للشعور بمحيطه و أستعماله كعينيه

أقتربت شيمون من الأمير و وقفت أمامه ، لكن نظرتها كانت مركزةً على لوح الشطرنج الذي أمام الأمير ، رفعت رأسها للأمير بينما تسأل و تشير للوح الشطرنج

" الأمير نورث ، ما هذا؟ "

لقد عاشت شيمون في مدينةٍ صغيرةٍ و بعيدة ، حتى أرقى شخصٍ في تلك المدينة ربما لم يلمس قطع شطرنجٍ في حياته ، ليس غريباً أنها لم تتعرف عليه

إبتسم الأمير نورث قليلاً و تحدث بينما تحدق عيناه الرمادية الميتة في الهواء أمامه

" هوه؟ ، هذا يسمى لوح شطرنج ، أنه نوعٌ من أنواع الألعاب الفكرية ، هل تريدين التجربة؟ "

إزداد الضوء في عيني شيمون عندما سمعت ان هذه لعبة و جلست في المكان المواجه لنورث مباشرةً ، أراد بردارك منعها ، لكن نورث آشار له بعدم ذلك

" الآن ، إذا أردتي أن تلعبين ، يجب أن تعرفي أنواع القطع و... "

شرح نورث اللعبة لشيمون لعدة دقائق ، كان بردارك يقف بجانبه طوال الوقت بهدوء ، بينما تستمع شيمون له بتركيز ، بعد أنتهاء الشرح ، بدأت بتحريك القطع لتلعب مع نورث

في نفس الوقت الذي كان فيه نورث يحرك القطع و يلعب قليلاً مع شيمون ، تحدث مع بردارك

" من الجيد أنك أتيت مبكراً ، يبدو أننا سنكون مشغولين في المستقبل... "

" سمو الأمير ، أنت تقصد... "

سأل بردارك بصدمةٍ خفيفةٍ في صوته البارد ، لكن الأمير أجابه بهدوء

" جنس الشياطين يصبح أقوى و أقوى مع الوقت ، كانت أمبراطورية الشمال المتجمد تحمي القارة منهم و تصدهم منذ سنواتٍ لا تعد ، لكنني أستطيع أن أرى أن الشياطين يتجهزون لأمرٍ كبير "

" ليس هم فقط ، هناك الكثير من الممالك و الأمبراطوريات التي تهبط و تصعد ، و الكثير من العباقرة النادرين يظهرون يوماً بعد يوم "

" الحرب تحصل كل يومٍ و في كل مكان ، القتل ، السرقة ، الاغتصاب ، التعذيب ، في نفس الوقت هناك المجد ، الشرف ، الثروة ، و القوة "

" هذه العوامل جميعها ، هذه الفوضى ، هي إشارة ، إشارةٌ لبداية عصرٍ جديد "

لم يحتمل بردارك أكثر و سأل السؤال الذي أراد معرفته أكثر

" عصرٌ جديد؟ ، إذاً ، هل سيظهر المفتاح الأخير...؟ "

إبتسم نورث عند سماعه لسؤال بردارك ، حرك قطعة الشطرنج أمامه بينما يجيبه

" هذا محتملٌ جداً ، في كل مرةٍ يظهر فيها مفتاح ، يتزايد عدد العباقرة في العالم و تكثر الفوضى في كل مكان ، الأمر كما لو أن العالم يرحب بالمفتاح عن طريق قتل الضعفاء ، و صعود الأقوياء "

" المفتاح الأخير ، صحيحٌ أن العصر قد أصبح فوضوياً ، لكن هذا لا يعني أننا نعلم متى سيظهر المفتاح ، ربما غداً ، ربما بعد سنة ، ربما بعد مئة سنة ، لكننا نعلم أنه سيظهر في النهاية ، هذه الأشارة لكي نتجهز له "

" يملك جنس الشياطين مفتاحاً واحد ، أنه في أيدي أمبراطروية السلف الشيطاني "

" و يملك جنسنا البشري مفتاحين ، الأول لدينا نحن ، أمبراطويرة الشمال المتجمد ، و الثاني لدى أمبراطورية الصاعقة الأرجوانية "

" سمو الأمير ، إذا ظهر المفتاح الرابع و الأخير حقاً ، أليس هذا يعني ، بأن الأسطورة ستتحقق؟ "

لعب نورث لعبته و حرك قطعة الشطرنج ، بينما كان يحدق في الفراغ و يجيب بنفس الصوت الهادئ

" إذا ظهر المفتاح الرابع ، ستتجمع المفاتيح الأربعة في العالم ، و عندها ، ستتحقق الأسطورة "

" أنا حقاً أشعر بالفضول لمعرفة من سيكون صاحب المفتاح الرابع ، هل سيكون أحد العباقرة الصاعدين؟ ، أم سيكون أحد الشياطين؟ ، أم سيكون أحد المتدربين العشوائيين؟ ، أم سيكون أمبراطوراً قديماً؟ "

كانت هناك إبتسامة خفيفة على وجه نورث عند حديثه ، و رغم أن عيناه عمياء ، كان الأمر كما لو أنه يرى من خلال الوقت و يتحدث

" بعد ظهور صاحب المفتاح الرابع ، ستصل الفوضى في العالم إلى ذروتها ، من سيفوز؟ ، من سيخسر؟ ، من سيعيش؟ ، من سيموت؟ "

" أن العد العكسي من أجل حكم العالم قد بدأ بالفعل "

" طك! "

كان هناك صوت نزول شيءٍ صغيرٍ على لوحٍ خشبي ، كانت خطوة نورث الأخيرة ، لقد فاز...

...

في مكانٍ آخر ، بعيدٍ عن أمبراطورية الشمال المتجمد التي تقع في شمال القارة

كانت توجد فتاةٌ بشعرٍ فضيٍ لامعٍ و طويل جالسةٌ على عرشٍ أرجواني ، كانت عيناها الأرجوانية اللامعة تتوهج في الظلام الذي كان يغطي القاعة

كانت تجلس على العرش بينما تضع يدها على مسند العرش و تسند وجهها على يدها ، عندها تحدثت بصوتٍ بارد

" المفتاح الأخير...أنه يخبر العالم بأنه قادم ، علينا الأستعداد له... "

" أخبر الجيش بأكمله أن يكون في أتم الأستعداد للتحرك في أي لحضة ، لا يجب أن نسمح لأحدٍ بتهديد وضعنا في القارة "

كان صوتها قاسياً و بعيداً كل البعد عن صورة جمالها الخلاب ، عند أنتهاء كلامها ، أتى ردٌ من مكانٍ غير معروف

" كما تأمرين يا صاحبة السمو "

...

في مكانٍ بعيدٍ آخر ، هذه المرة خارج حدود القارة المعروفة ، كان في الشمال البعيد جداً ، حتى أبعد من أمبراطورية الشمال المتجمد ، كانت هذه أرض الشياطين

جلس جسدٌ عضليٌ و أحمرٌ كالدماء على جبلٍ من العظام و الجثث ، كان في يده جمجمةٌ قاسيةٌ تبدو أنها لأنسانٍ ما ، كان هذا شيطاناً ، كان يرتدي فقط قماشةً سوداء تغطي الجزء السفلي من جسده

عندها ، ضغطت اليد الممسكة بالجمجمة و تبخرت الجمجمة في مكانها ، بينما فتح زوجٌ من العيون الزرقاء القاتمة و العميقة في رأس الشيطان ، و تحدث صوتٌ بارد

" يبدو أن الأمور ستصبح أكثر فوضى ، يجب أن أصبح أقوى ، أقوى بكثير و بشكلٍ أسرع... "

أستدار الشكل العضلي و دخل في عمق غابةٍ غريبةٍ و كثيفة ، كان يمكن سماع صوت عواء الوحوش الضارية و الشعور بضغطها القاتل...

...

في مكانٍ آخر ، هذه المرة كان داخل القارة ، كانت هذه مجرد أمبراطوريةٍ عادية ، حتى أنها لم تكن نخبة بين الأمبراطوريات ، على الأقل هذا في الوقت الحالي...

في داخل قصرٍ صغيرٍ و مظلم ، خرج ضحكٌ عالي و مجنون

" هاهاهاهاهاها!!! "

" المفتاح الرابع أتى! ، الفوضى ستأتي!! "

" من سيقف على قمة العالم و يحكمه؟ "

" من سيكتشف معنى الأسطورة القديمة؟ "

" من سيعرف ماذا حصل في العصور الضائعة؟ "

" هاهاهاها!! ، أنه أمرٌ جميلٌ لمشاهدته! ، أنا متحمسٌ جداً لأرى جنون هذا العالم يظهر!! "

" هاهاهاهاهاهاهاها!!! "

...

كانت هناك رداتُ فعلاٍ مختلفة من قبل القوى العظمى بعد أن علمت بقرب ظهور المفتاح الرابع ، كان هناك الذي أراد المشاهدة فقط ، و كان هناك الذي تحمس للحصول عليه ، و كان هناك الذي أخذ حذره من الجميع في هذا الوقت الفوضوي

لكن الجميع أشترك في أمرٍ واحد ، كان الجميع ينتظر ظهور المفتاح الرابع ، لأنه سيكون إشارةً لبداية عصرٍ جديدٍ في العالم

عصر حروب الأباطرة!

__________________________________

أنتهى المجلد الثاني هنا ، أتمنى أنه أعجبكم ، لا تنسوا كتابة رأيكم عن المجلد ، و كما هي العادة ، سأتوقف عن التنزيل لعشرة أيامٍ كأجازة و أستعداد للمجلد الثالث ، آمل أن تستمروا بدعم الرواية ، و تجهزوا لأحداثٍ مثيرةٍ قادمة 🖤👀

2021/08/07 · 861 مشاهدة · 1495 كلمة
Szx
نادي الروايات - 2024