"هل تذكرون ذلك التلميذ آيدين ؟"

نظر الجميع باستغرابٍ نحو المُدير لأنهم لا يعلمون سبب ذِكر ذلك التلميذ الذي تسبّبَ بالضجة في أول يومٍ ثم خسِر في الاختبار قبل أن يبدأ بالتّجوّل مع العمّال في المدرسة، تنهّد المُدير ثم قال

"أنتم لا تعلمون بِأنه هو الذي سرّب تِلك التسجيلات السابِقة، ومع أني لا أعلَم الكثير عنه، إلا أني سأُخبِركُم بِما حدث"

شرَح لهم كل ما حدَث مِن غَدرهِم بِه وصِراعِه مع أتباع رايفوس وغير ذلك، فهِم الجميع ما حدَث ثم بدؤوا يُناقِشون مسألة التهديد بِما أن الوقت يمرّ بِسرعة، وأثناء ذلك أعطوا معلومات آيدين لِجميع القوات المُختلِفة وأمروهُم بِالخروج والبحث عنه في كل مكان، كما أرسلوا رسائِل إلى المناطِق الخمسة والتي تُعتبَر مِثل السفارات وطلبوا مِنهم تعميم أمر الاعتقال مع جوائِز مُجزِيةٍ لِمَن يُمسِك بِه أو يُبلِغ عن مكانِه، وفي هذا الوقت.. حدثَت العديد من الهزّات بِمُعدّل هزّةٍ كل نِصف ساعة، وهذا جعل الجميع يخافون لأن التحكّم بالهزّات بِهذه الطريقة يعني بأنه يتحكّم بِكامِل تُراب المدرسة.

تسبّبَت الهزّات بِتشقّق الكثير من المباني، ما جعَل سكان المدرسة يَخرُجون إلى الساحة للاحتجاج، لذلك بدأت الإدارة بإخراج الجميع إلى مكانٍ بعيدٍ عن المدرسة كنوعٍ من الاحتياط، خاصةً عِندما بدؤوا يَربِطون ما يحدُث مع أرض الاختبار بعد فشِل الخُبراء في إيجاد أي مُتفجّراتٍ أو خنادِق تحت الأرض، وهذا جعل الأمور أكثر سوءً لأنهم للآن لم يستطيعوا فتح البوّابة، وإذا صدقَت فرضية وجود أرض الاختبار تحت المدرسة فهذا يعني بِأن حياة الأمراء والنبلاء ستكون في خطرٍ أيضاً.

بِتفكيرِهم في احتِمالية مقتَل سامهي و فلورا.. ظهرَت أمامَهم فرضيةٌ أخرى حول سبب نجاة رايفوس ونُبلاء دولة فلوريم، والشيء الوحيد الذي فكّروا فيه هو أن هُناك اتّفاقاً بين رايفوس و آيدين، وهذا جعل المُدير يتّصِل بالملوك الأربعة شخصياً لإخبارِهم، وبِهذا فقط.. قرّر ملِكان من الملوك الأربعة القدوم إلى أرَوان وهُما والِدا سامهي و فلورا، ليس فقط لأنهُما ابناهُما وإنما أيضاً لِأن قتل أميرٍ أول سيكون وصمة عارٍ لا مثيل لها.

بعد الاتّصال بهِم.. قرّر المُدير الاتّصال بِملِك فلوريم، لكن أحد المسؤولين دخَل بِسرعةٍ إلى غُرفة الاجتماعات وفي يدِه لوح المشاهدة، ربطَه بالشاشة الكبيرة ثم عرض تسجيلاً آخر يبدأ بِصوتٍ مُموّهٍ يقول

"ظهر قبل قليلٍ أحد التسجيلات التي تَفتَري عليّ بِما لم أقُل أو أفعل، لذلك أُخبِرُكم بأني.. أنا.. عديم الوجه.. نصير الضعفاء والفُقراء إلى الأبد، ولن أفعَل شيئاً فظيعاً مِثل تدمير مدرسة أرَوان وحِرمان المئات من العمّال مِن وظائفِهم، وبعد البحث في هذه القضية.. وجدتُ بعض الأشياء المُثيرة للاهتمام"

انتهى الصوت فظهرَت مشاهِد تعذيب التلاميذ والتحرّش بالتّلميذات داخل أرض الاختبار، وكانت هذه هي المشاهِد التي رآها آيدين دون أن يراه أحد، وبعد أكثَر مِن خمس دقائق من مُختلف المشاهِد البشِعة التي قام بِها أتباع النبلاء والأمراء.. انتقَل المَشهد إلى قاعة البلّورة البنفسجية عِندما قال رايفوس

"لِأجل البلّورة البنفسجية.. سأقتل جميع أمراء الدول الأخرى وليس فقط سامهي و فلورا، لكني لا أدري كيف سأفعلُها دون أن أُكشَف"

وفجأةً.. انتقلَت الصورة إلى رايفوس وهو واقِفٌ وقد أخرَج هالتَه لِمُهاجمة آيدين، وانطلَق صراخٌ يقول

"توقّف ... لا تقتُلني ... أرجوك ... ألَم ترَ ما هو مكتوبٌ هُناك ؟
إذا أخذتَ هذه البلّورة البنفسجية فستنهار مدرسة أرَوان خِلال بِضع ساعات، هل تُريد قتل الآلاف مِن الأبرياء ؟"

لكن الصوت هذه المرة لم يكُن صوتاً مُموّهاً وإنما كان صوت فتاةٍ يافِعة، ليس أي فتاةٍ وإنما كان صوتاً مُعدّلاً شبيهاً بِصوت تالين، وحتى إن كان اكتِشافُه صعباً إلا أن مَن يعرِف تالين لن يشُكّ في الأمر أبداً لأن الصورة انتقلَت بعدَها إلى سقوط الحِمض عليها وبدء جسدِها بالذوبان وهي تصرُخ من الألم، وكان المنظر بشِعاً جداً لِدرجة أن بعض المُشاهدين في القاعة قد بدؤوا يتقيّؤون، ومع أنه حِمضٌ إلا أن فايري قد موّهَت الأمر بِما يُشبِه الطاقة الذهبية وأخفَت أجزاء القنّينة التي فجّرَها آيدين فوق تالين، لذلك صارَت الحِبكة مُتقنةً جداً وكأن رايفوس هو الذي قتل تالين بتِقنيةٍ شيطانية.

رغم بشاعة التسجيل إلا أن جميع المُشاهدين قد وصلوا إلى القصّة غير المروِيّة، وهي أن الأمراء قد استغلّوا كونَهم في أرض الاختبار فقرّروا اختِراق قوانين المدرسة وتعذيب زملائهِم، أما رايفوس فقد وصل إلى اتّفاقٍ عاطفيٍّ مع تالين وذهبا للتنزُّه، لكنّهما دخلا بِطريقةٍ ما إلى قاعةٍ مَخفيةٍ حيث يوجَد مصدَر الطاقة الذي تعمَل بِه أرض الاختبار، وبِسبب جشَع رايفوس وخوفِه من اكتِشاف الآخرين للبلّورة البنفسجية.. قرّر أن يقتُل تالين والأميرَين الآخرَين مع باقي النبلاء، لذلك هرَب مِن المدرسة بعد خروجِه، وحتى يَنجو مِن فِعلتِه.. تعاوَن مع دولتِه لإلصاق التّهمة بِالشخص الذي نشر فضيحة الملوك قبل أكثر مِن شهر.

بعد هذه الرسالة.. صار الجميع يعلمون بأن الذي سرّب الفضيحة هو نفسُه عديم الوجه الذي كان يفتعِل المصائب في كل مكانٍ طيلة الشهر الماضي، وهذا زاد مِن شعبِيتِه في وقتٍ قياسي حيث صار الجميع يتحدثون عنه في الشابِكة والحياة الواقعية، لكن هذا لم يصرِفهُم عن الفضيحة الأعظم والتي قام بِها الأمراء قبل أن يقوم أحدُهم بِالغدر بِهم طمعاً في البِلّورة البنفسجية، لذلك بدأت القِوى تتجهّز جدّياً هذه المرة ضد دولة فلوريم، إما لِغرض الانتقام للأمراء والنبلاء أو بِسبب الطمع للحصول على جُزءٍ من البلّورة البنفسجية.

بعد هذه الرسالة.. صارَت أرَوان متأكدةً مِن أن شيئاً سيحدُث في المدرسة، لذلك هرَب السكان من خارِج المدرسة إلى المناطِق الخمسة تاركين منازِلهم خلفَهم، أما المدرسة فقد صارَت فارِغةً تماماً حيث اجتمَع التلاميذ والمسؤولون في ساحةٍ قريبةٍ من المحطّة، وفي هذه اللحظة.. سمِع الجميع صوت صُراخٍ قادِمٍ من بعيد

"أين هو رايفوس ... سأقتُلك أيها اللعين ... أخوك قتل عائلتي وأنت قتلتَ أختي"

نظر إليه الجميع فوجدوا بأنه أخ تالين الذي ذكرَتهُ في وقتٍ سابِق لـ آيدين، استقبلَه بعض المُشرِفين وهدّؤوه لِأن رايفوس ليس حاضِراً ودولة فلوريم لم تعُد تستقبِل اتّصالات المُدير، وقبل أن يشرحوا له كل شيء.. ارتجَف الجميع ونظروا نحو المدرسة عِندما سمِعوا صوت انهيار بعض المباني المُرتفِعة، وهذا جعل انهيار مدرسة أرَوان أمراً مصيرياً لا مفرّ مِنه.

وصل ملِك الجبال الصفراء أولاً واقترَح على مسؤولي أرَوان إرسال التلاميذ إلى مملكتِه مؤقتاً، أخذَ معه المُدير وبعض المسؤولين الأقوياء وذهبوا إلى المدرسة لِتنفيذ مهمةٍ جريئة، حيث اقترَح عليهِم استِخدام تقنِياتِهم القتالية لِحفر ثُقبٍ في الساحة العامة حيث لا توجد أية مباني، وإذا نجحوا في ذلك فقَد يستطيعون الدخول وإنقاذ التلاميذ قبل انهيار السقف، بدؤوا في تنفيذ الخطّة قبل أن يصِل ملك دولة فلوريان مع بعض أتباعِه ويُساعِدَهم فيما يفعلونَه، وبعدَه وصلَت الكثير مِن القِوى وجلبوا معهُم بعض الآليات والأدوات التي يُمكِنها المُساعدة.

.......................

داخل أرض الاختبار.. كان النبلاء يصرُخون هنا وهناك ويدفَعون أتباعَهم للقتال مع الوحوش الهائِجة، حيث كان آيدين قد أطلقهُم فقط ولم يكُن مُتأكّداً مِن فائدتِهم لِأن الوحوش تبقى داخِل مناطِقها في العادة، لكنها بدأت بالهيجان والهجوم على التلاميذ بِسبب حواسِّها القوية وشعورِها بالخطر، وحتى هذه اللحظة.. لم يشعُر التلاميذ بأن السقف قد كان ينزِل تدريجياً، لذلك كانت مُشكِلتُهم الوحيدة هي الهروب من الوحوش الفتّاكة.

كانت فلورا أكثرهُم خوفاً بِسبب ذكائها حيث حدثَت الكثير من الأمور الغريبة، بدءً من انطفاء الأضواء ثم اختِفاء رايفوس وموت التلاميذ بدل إخراجِهم ومُغادرة نبلاء فلوريم مع التلاميذ، انتهاءً بِهذه الوحوش التي كان يُفترَض بها أن تكون مُقيّدة، ومع ذلك كان سامهي يُطمئِنُها لأنهما يملِكان الطاقة الذهبية ويستطيعان التغلّب على الوحوش في اللحظات الحرِجة، لكن تفاؤلهُما قد توقّف عِندما صدرَت ضجّةٌ لا مثيل لها من السقف، نظر الجميع إلى الأعلى وتغيّرَت تعابيرُهم لِأن السقف قد سقط عليهِم وكأنه سماءٌ مُنهارَة، وكان سبَب سقوطِه السريع هو الثّقب الذي أحدثَته فِرقة الإنقاذ حيث قطعوا أحد الأعمِدة الأخيرة التي تعمل بالطاقة، فانهار بهِم السقف ولم ينجُ مِنهُم إلا المُقاتِلون الأقوياء مثل الملِكَين والمُدير وبعض الضيوف.

.......................

بالقُرب من الحُفرة العِملاقة التي تشكّلَت بعد انهِيار السقف.. صرخ ملِك فلوريان بأعلى صوتِه

"اللعنة عليك يا فلوريم، لن أهدأ حتى أقضي عليكم جميعاً"

2020/03/12 · 746 مشاهدة · 1182 كلمة
abox33
نادي الروايات - 2024