49 - لطيفان جداً جداً

"سؤالٌ آخر، لِماذا أنتُما لطيفان معي ؟"

ضحِك الضابِطان ثم قال أحدُهما

"لأنّنا سجينان أيضاً، ولولا قوّتُنا وإخلاصُنا لما تمّ اختِيارُنا للانضمام إلى جِنس الضبّاط"

رفع آيدين حاجِبَيه وسأل باستغراب

"جِنس الضبّاط ؟"

قال الضابِط الثاني

"لا تهتم فهذا مجرّد اسم، أهم شيءٍ الآن هو أن تتعوّد على الحياة في حُفرة الجحيم، فهنا سيقتُلك الآخرون على كِسرة خُبز، وشابٌّ رقيقٌ مِثلُك.. همممم، أخشى أن يَسعوا خلفَك لاغتِصابِك لأنه لا توجد نِساءٌ هنا"

أومأ الضابِط الأول بِرأسِه ثم قال

"نعم.. هذا صحيح، سيتم اغتِصابُك بالتأكيد لِأنك ضعيف، خاصةً إذا علِموا بِأنك هُنا بِسبب أميرةٍ ما"

تغيّرَت نظرة الضابِط الثاني ثم قال لِصاحبِه بِنبرةٍ مُنحرِفة

"بِذكر هذا.. فنحن أيضاً لا نملِك نِساءً هنا، هل سيغضَب علينا الرئيس إذا قُمنا.."

تغيّرَت تعابير الاثنَين فجأةً وسال اللعاب مِن جانِب فَم الضابِط الأول وهو يقول

"أتمنى أن تعذُرنا يا صغير، فهذا أمرٌ مفروغٌ مِنه وسيحدُث لك اليوم أو غداً، أليس مِن الأفضل الترفيه عنّا أوّلاً ؟"

كان آيدين ينظُر إليهِما بِعبوسٍ لأنهما في مُستوى الإثبات، لكنّه ابتسَم بعدها وقال

"وهل سأحصُل على حِمايتِكُما إذا رفّهتُ عنكُما ؟"

أومأ الاثنان بشدّةٍ واحمرّ وجهاهُما فاقترَب مِنهما آيدين وقال

"إذن.. دعاني أُرفِّه عنكُما قليلاً"

قال هذا ثم أخرَج خِنجرَيه واستخدَم طاقتَه الذّهنية لِتثبيت الضابِطَين قبل أن يقفِز نحوَهما باستِخدام سُرعة الظلال التسعة، لم يكبَح الطّوق طاقتَه بِسبب جسدِه الغريب حيث لا يملِك مراكِز طاقةٍ عادية مثل جميع البشر، لذلك استطاع اغتِنام الفُرصة ضدّ الضابِطَين لِنَحرِهما بِسهولة، سقط الضابِط الأيمن بينما قاوَم الأيسر قليلاً فاستدار آيدين وأمسكَه مِن قرنَيه ثم أكمَل نحرَه، وكل هذا حدث في ثانيةٍ واحِدة حتى أنهما لَم يعلما لِماذا أو كيف ماتا بِهذه السرعة، سقط الضابِط الأيمن فقام آيدين بِاستخدام تقنية النّسخ وحصل على نموذجَين جديدَين مع مركزَي طاقةٍ مِن مُستوى الإثبات، بالإضافة إلى بعض الموادّ الصناعية الغريبة التي شكّلوا بِها قرونَهم وحوافِرَهم حيث انضمّت إلى الرداء السحري كالعادة.

نظر إلى الجُثّتَين ثم قهقه وقال في نفسِه

[يا لهُما مِن شخصَين لطيفَين، كيف استطَعتِ تثبيتَ الاثنَين وهُما في مستوى الإثبات ؟]

مع أن آيدين هو الذي استخدَم الطاقة الذهنية لِتثبيتِهما إلا أن الحقيقة هي أنه قدّم الفِكرة فقط و فايري هي التي نفّذَت طلبَه، لكنه لم يتوقّع بِأن يَثبُت الضابِطان في مكانَيهِما ويتعرّضا للذبح بِهذه السهولة، أجابَته فايري

{لأنهما لم يكونا مُستعدّين، لا تعتمِد عليّ كثيراً لِأنك قد لا تكون محظوظاً مثل هذه المرة}

صمت آيدين ولم يقُل شيئاً آخر، فتّشَهما فلَم يجِد معهما غير قُرصٍ رمادي عليه زرٌّ واحِد، تصفّحَه قليلاً ثم ضغط على الزّر، لكنّ يدَه تجمّدَت فجأةً ولم يستطِع الضغط على الزّر، قالت فايري

{هذا الزر مُخصّصٌ لِتفجير طوقِك}

شعَر آيدين بِالبرودة أسفل ظهرِه ثم ابتلَع ريقَه وتنهّد لِأن فايري قد أنقذَته، لكنّه بدأ يُفكّر فيما تستطيع فايري فِعلَه أيضاً بِما أنها تستطيع حتى التحكّم في يدِه، هزّ رأسَه لِطرد هذه الأفكار ثم أخرَج بعدَها قنينة الحِمض وأذاب بِها الجُثّتَين، انتظَر حتى ذابَت الجُثّتان تماماً ثم حفر الأرض بِيدَيه وأخرَج تُراباً جديداً لِتغطِية الآثار، وفي نفس الوقت.. كانت فايري تُراجِع ذِكرياتهِما فحصلَت كبِدايةٍ على شكل اللباس الذي يُعطى للمساجين وكان عبارةً عن سروالٍ قصير بِاللون الأسود، شكّلَت مِثلَه بالرداء السحري حول وسط آيدين ثم قالت

{هذه هي خريطة حُفرة الجحيم، أين تُريد الذهاب ؟}

فكّر قليلاً ثم قال

[سأختبِئ في مكانٍ ما حتى تأتي سفينة المساجين ثم أتسلّل إليها للمُغادرة، هل توجد معلوماتٌ حول السفُن في ذِكرياتهِما ؟]

قالت

{أنصحُك بالبقاء في هذه الجزيرة لِبعض الوقت لِأنه مكانٌ جيد للتدريب، لكن دَعني أنزِع عنك هذا الطوق أولاً لِأنهم قد يُفجّرونَك عن بُعد باستخدام أداةٍ أخرى}

فجأةً.. خرجَت مِجسّاتٌ رقيقة مصنوعة من الرداء السحري واخترقَت بِها ذلك الطّوق وفي نفس الوقت أحاطَته بِدِرعٍ من الطاقة الذهنية في حال حدث خطأٌ ما وانفجَر، وبعد ثوانٍ قليلة.. فُتِح الطّوق ثم اختفى مع قُرص التفجير فقالت

{لقد نقلتُهما إلى الخِزانة، سأصنَع لك طوقاً مُزيفاً باستخدام الرداء السحري}

وفجأةً.. بدأ يتشكّل طوقٌ شبيه بالأول، ابتسم آيدين لأن امتِلاك فايري قد جعل كل شيءٍ سهلاً عليه، راجَع الخريطة ثم خرج مِن الغار وسلَك طريقاً يؤدّي إلى حيث يوجد السجناء، وحسب ذِكريات الضابِطَين.. يجِب على آيدين المرور عبر مكتب التسجيل وبوابةٍ محروسة، كما أن المرور يكون في النهار وليس في الليل، أما الضابِطان فقد أتيا إلى الزنزانة دون إخبار السلطات العُليا لأنهما كانا يتجوّلان في مكانٍ قريبٍ عندما سمِعا صوت سقوطِه على الأرض فجلبا الطّوق لِتقيِيدِه أولاً ثم إخبار الرئيس عنه في الصباح.

بعد حصولِه على كل هذه المعلومات.. ابتسَم ونظر نحو جِسرٍ مُرتفِع ثم قال

[ماذا عن القفز مِن فوق هذا الجِسر ؟]

قالَت فايري

{أستطيع تقديم بعض الحِماية، لكن سيكون عليك استِخدام تقنية الظلال التسعة لِتخفيف وزنِك وإخفاء صوت سقوطِك}

التحرّك بِهدوء هو ما تمتاز بِه تقنية الظلال التسعة، ومع أنه لا يزال في قمة المستوى الثاني إلا أنه يستطيع استِخدامَها للإفلات من الحرّاس، خاصةً أنه سيسقُط في مكانٍ مُخصّص للمساجين ولا توجَد فيه حراسة.

تسلّل إلى الجسر ثم استخدَم الرؤية الليلية بِمساعدة فايري وحصل على أفضل طريق يَنزلِق منه، قفز مباشرة ودون تفكيرٍ فاستخدمت فايري درعاً من الطاقة الذهنية كما ساهمَت أيضاً في تخفيف وزنِه لِأن الطاقة الذهنية معروفةٌ بِتحريك الأشاء عن بُعد، أما هو فقد كان يقفِز من عتبةٍ لِأخرى حتى سقط أخيراً على الأرض دون أن يُثير أي ضجة.

مع أنه يَملِك الرؤية الليلية إلا أنه لا يستطيع رؤية المناطق البعيدة، لذلك لم يرَ كَم هي كبيرةٌ هذه الجزيرة أو عدد الحُفر العِملاقة التي توجَد فيها، حيث توجد آلاف المناجم القديمة والجديدة، وهي تحت إدارة العصابات التي تستَعبِد المساجين الضعفاء باستخدام القوة، وما يزيد الطين بلةً هو أن العصابة التي تملِك رخصةً مِن السلطات يتم تخفيف الحَضر عن قوة أعضائها، لذلك تجِد بعض أفراد العِصابات في مستوى الإثبات أو حتى مستوى الارتقاء، سواءً كان ذلك هو مستواهُم الحقيقي أو أن الأطواق على أعناقِهم قد قلّلَت مِن قوّتِهم إلى الحدّ الذي يُفيد السلطات.

حتى يكسِب رئيس العصابة ودّ السلطات.. يجِب أن يُظهِر جدّيتَه في التعدين، حيث يجِب أن يُقدّم كل أسبوعٍ كميةً مُعيّنةً من المعادِن، وتختلِف الكمية حسب قيمة المعدِن، فهناك مناجِم طبيعية للحديد والنحاس وغيرهِما، وهناك مناجِم للبِلّورات البيضاء أو حتى الصفراء، وبين هذا وذاك.. يحصُل البعض أحياناً على معادِن نادِرة تكفيهِم للعيش بِسعادةٍ لِوقتٍ طويل.

بخِلاف المعادِن.. توجد موارِد أخرى يُمكِن بيعُها، لكنّ أغلبَها لا يُمكِن الحصول عليها بِسهولة، ومِن هذه الموارِد نجِد الوحوش التي تسكُن الكهوف العميقة، حيث يَتم اصطِيادُها وأخذُ بِلّوراتِها الوحشية وأطرافِها المُعدّلة، وتُستخدَم هذه الأطراف المُعدّلة مثل الدروع والقشور في صِناعة الأسلحة وغيرِها، لكن أكثر ما تُستخدَم فيه هو تحويل المُواطنين إلى أجناس أخرى، مثل القرون التي على رؤوس الضبّاط في حُفرة الجحيم وحوافرِهم الصلبة.

الأطراف المُعدّلة مُختلِفةٌ عن الجِلد الصناعي الذي يَستخدِمُه آيدين، حيث يَحتوي الجِلد الصناعي على آلياتٍ عُضوية بِحجم النانو ويمكن لِـ فايري التحكّم فيها، أما الأطراف المُعدّلة فهي موادّ مُختلِفة تنجذِب للطاقة الوحشية وتتشكّل بِطريقة عشوائية، وأحياناً تكون هذه الموادّ ثمينةً جداً، لذلك يسعى إليها الصيادون وحاصِدي الكنوز الطبيعية.

غير المعادِن والوحوش.. يعثُر البعض أحياناً على الأعشاب النادِرة في الكهوف العميقة، لكن البحث عنها أمرٌ نادِر لِأنها تكون في الأجزاء السفلية وتحوم حولَها الوحوش القوية لانتظار نُضجِها، فالوحوش أيضاً تستخدِم موارِد التدريب لانجِذابِها إليها بِشكلٍ طبيعي مثلما تنجذِب إلى باقي الموارِد الأخرى التي تَزيد مِن قوّتِها الجسدية أو تُعزِّز مُستوياتِها التدريبية.

راجع آيدين ذِكريات الضابِطَين بينما يتقدّم للأمام، وبعد اطّلاعِه على العديد مِن المناطِق التي بإمكانِه زِيارتُها.. ابتسَم وقال

[هذا المكان يبدو مُثيراً للاهتمام، لكن.. يجِب عليّ رفع مُستوى تدريبي بِسرعة، لذلك سأختبئ مُؤقتاً في المناجِم المهجورة]

سلَك طريقاً بعيداً عن أوكار العِصابات واستغلّ الظلام في التنقّل بينما يتحدّث مع فايري

[ما هو السحر ؟]

2020/03/13 · 784 مشاهدة · 1180 كلمة
abox33
نادي الروايات - 2024