بصوت هادئ يتابع ثرون حديثه و لاتزال أبتسامته تلك مرسومة علي وجهه إلي الان

يتابع حديثه إليه و نبرة صوته تعلوا شيئا فشيئا الي الان

ثرون : من الرائع حقا رؤية البشر يغيرون من أنفسهم فقط بعد سماعهم لتلك الكلمات

كان الامر يستحق عناء الانتظار .. كان الامر حقا يستحق عناء أنتظار كل تلك السنوات .. !

فرؤية ذلك "الفتي" وهو ينقلب علي أخوته و رؤيته و هو يقتلهم كان امرا يستحق عناء الانتظار طوال كل تلك السنوات

ولكن ما كان ممتعا بالنسبة لي اكثر من رؤيته و هو يقتل أخوته هو رؤية جشع ذلك "الصغير" و طمعه يزداد يوما بعد يوم

كانت رؤية ذلك "الصغير" وهو ينموا شيئا فشيئا أمرا أستحق عناء الانتظار بحق

ثرون : لأكون صادقا لازلت أشعر بالندم الي الان علي قتله .. فلقد كان من الممكن أن أستغله أفضل أستغلال الي الان

لازلت أشعر بالندم حقا الي الان

تعلم جزء بالفعل من القصة و لكن دعني أوضح لك ما عجز "ذلك الرجل" عن توضيحه لك "الكاهن"

و سأكون كريما معك و سأخبرك بما كان سيحدث لو لم تتدخل أنت بهذه الحرب

ثرون : مع موت "الاميرة الكبرى" لملك كيريان التي تزوجت من حاكم "أيزان" و مع موت "أبنته الوسطي" التي أتهم بقتلها ذلك "الطبيب"

و مع موت "الصغرى".. ما الذي كان ليحدث لـ"كيريان" بموت "الحاكم" و عدم وجود وريث للحكم بعد وفاته .. ؟!

"شاريوس" لم يعد بأمكانه تصديق تلك الكلمات ..

"الي أي مدي كان ذلك الرجل يخطط بجعل الحرب تدوم لوقت أطول .."

يلتزم الصمت بينما تابع "ثرون" الحديث و ملامح السعادة لا تزال مرسومة الي الان علي وجهه

ثرون : أظن أنك تعرف الاجابة بالفعل ..

فمع موت الحاكم و عدم وجود وريث للحكم من بعده سيتقاتل نبلاء مملكته فيما بينهم للصراع علي العرش

كان الامر ليكون ممتعا لو جرت الخطة كما كنت أريد و لكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك .. !

فلقد ظهرت "أنت" ... جعلت اللعبة أفضل بكثير مما ظننت ..

لا .. لقد جعلت اللعبة أفضل بكثير مما كنت أخطط له ..

ثرون : ممتن حقا لما قمت به الي الان ... ممتن حقا لما فعلته الي الان ..

ولكن من المؤسف أن النهاية ستكون هنا ..

يحرك سيفه ببطئ الي الاعلي بينما كان ينظر له و ملامح وجهه تقل حدتها شيئ فشيئا

و تقل أخيرا حدة أبتسامته الي أن تختفي تماما عندما قام بأنزال سيفه بأتجاه عنقه حينها

بالنسبة "لشاريوس" كانت تلك تقريبا النهاية و لكنها لم تكن ..

كانت تلك بداية القتال بالنسبة له و إليها ..

بأخر لحظة تمكنت "رييا" من الوصول و تمكنت بالكاد من صد ذلك الهجوم ..

ينظر لها شاريوس بصمت الي ان تحدث إليها

شاريوس : ما الذي تفعلينه هنا .. ؟!

تلتفت إليه لتنظر له بينما كان لا يزال علي الارض و يده اليسرى فوق جرحه

رييا : و ما الذي تفعله أنت ببقائك علي الارض الي الان .. ؟!

شاريوس : ...

رييا : ألازال بأمكانك القتال .. ؟!

أم انك تنوي البقاء هناك لبعض الوقت ؟!

كانت أبتسامة خفيفة قد رسمت علي وجه "شاريوس" بعد أن سمع تلك الكلمات تصدر عنها

بهدوء عاد ليحمل السيف مرة أخرى بيده اليمني بينما لا تزال يده اليسرى علي الجرح الذي كان قد لحق به قبل لحظات

ألتزم الصمت بينما عاد ليحاول الوقوف و لم يستطع التحدث إليها فلقد كانت علي حق ..

بينما لم تكن بحاجة لتستمع لما كان يريد ان يقوله لها فرؤيته و هو يحاول النهوض كانت كافية بالنسبة لها

"قبل دقائق قليلة بساحة الحرب"

خلال الدقائق القليلة التي كان قد استغرقها "شاريوس" بقتاله لـ"ثرون"

و خلال الدقائق اللاحقة التي تلت القتال بعد انضمام "رييا" للقتال تغيرت ساحة الحرب بشكل تام

فعلي خلاف ما كنت عليه بداء جزء كبير من جيش "ثرون" بالتراجع بينما بداء عدد اخر من جنوده بالتقدم لتغطية من بداء بالتراجع منهم

و نتيجة لفقدان جيش كلا المملكتين قائدين دفعة واحدة و بقاء قائد جيش "كيريان" بالميدان

بات من الصعب أبقاء الجنود كما كنوا عليه قبل و خلال وقت القتال

ولكن رغم ذلك لم يعطي "قائد الجيش" امرا لجنوده بالتراجع الي الان

سرعان ما تغير الوضع و بداء عدد القتلي لكلا المملكتين "كيريان" و "أيزان" بالازدياد

بينما شهد عدد قتلي جنود "ثرون" انخفاضا ملحوظا خاصة بعد تقدم الخط الثاني من جنوده للقتال

بعيدا عن ساحة الحرب تلك التي سرعان ما باتت اكثر فوضى مما كانت عليه منذ بداية القتال

بدائت "رييا" بالتقدم الي الامام و كانت تلك بداية الجولة الثانية للقتال

بهحوم تلو الاخر من "رييا" نحو "ثرون" و بصد هجومها مرة تلو الاخرى كانت الافضلية بكل تأكيد لصالح "ثرون"

ولكن ما جعل الوضع مختلاف خلال القتال هو وجود "شاريوس" فقد كان يقوم بتغطية نقاط ضعفها مرة تلو الاخرى

تغير مجرى القتال باللفعل فـ"ثرون" لا يستطيع القيام بهجوم كل ما كان بأستطاعته هو صد الهجوم

فلقد كانت "رييا" تقوم بالهجوم المباشر بينما اكتفى "شاريوس" بأستغلال الفرص اثناء الهجوم

و مع هجوم تلو الاخر "ثرون" بات مدركا أنه بموقف صعب فكل مرة يقوم فيها بمواجهة تلك المرأة يقوم فيها بترك فرصة لـ"شاريوس" ليقوم بهجوم مضاد

او العكس فكل مرة يقوم فيها بتركيز هجومه علي "شاريوس" الذي كان مصابا كانت "رييا" هي من كانت تتصدي لذلك الهجوم

كان من الواضح أن "ثرون" بموقف صعب

فسرعان ما بدأت الاصابات تلحق بجسده أصابة تلو الاخرى وجرح تلو الاخر

ولكن جسده بطريقة او بأخرى كان يتجدد مع كل اصابة كانت يتلقاها خلال القتال

ورغم ذلك رغم انه كان يدرك انه بموقف صعب

ألا أنه بدا مستمتعا للغاية حتي علي الرغم من ذلك الكم من الاصابات الذي كان قد لحق به جراء ذلك القتال

يدرك "شاريوس" أنه لم يعد لديه وقت طويل بسبب أصابته ولكن وجه ذلك الرجل و هو يستمتع بالقتال و طريقة نظرته إليهما جعلته يستمر الي الان

كان القتال بين ثلاثتهم محتدما للغاية الي الان و لكن كانت تلك هي البداية فقط ..

سرعة وتيرة القتال هي التي أخذت تزداد و كذلك طريقة قتال كلاهما قد تغيرت خلال القتال ..

لم يكن مهما عدد المرات التي يتمكنان فيها من اصابته

و لم يكن مهما عدد المرات التي يتمكنان فيها من قطع ذراع او ساق

لم يكن مهما حتي عدد المرات التي يلحقان فيها ضررا بالغا برقبته او حتي بجسده

فلقد كانت اصابات "ثرون" تشفي بسرعة

"رييا" تنظر بدهشة شديدة لما كان يحدث أمامها بينما شاريوس ظل هادئا لبعض الوقت

كان يعلم جيدا أن سرعة شفاء جسد ثرون باتت أسرع مما كانت عليه قبل دقائق فقط من وصول "رييا" و انضمامها للقتال

كان يدرك تماما ان الامر الامر يسوء مع مرور القتال

رييا : ما الذي يجري هنا .. ؟!

شاريوس : لن تكون هناك فائدة أن أستمر القتال هكذا ..

عوضا عن هجمات سريعة و مباغتة بداء كلاهما بتوجيه هجمات مميتة

يستمران بالهجوم بينما تستمر الاصبات باللحاق بـ"ثرون" و لكن علي الرغم من ذلك لم يتوقف عن التقدم و الهجوم الي الان

بداء كلاهما يدركان الاختلاف بينهما و بينه

فلقد كان من الواضح أنه لم يعد يهتم بتجنب تلك الهجمات و لم يعد يهتم ما أن تعرض لتلك الاصابات المميتة ام لا

فتلك الابتسامة علي وجهه ظلت كما هي منذ أن بداء القتال و الي الان كما لو أنه كان قد فقد القدرة علي الشعور بالالم خلال القتال ..

بات كل منهما علي يقين تام ان ذلك الرجل كان يفقد آدميته شيئا فشيئا خلال القتال

لم يعد يشعر بالخوف من الموت و لم يعد يشعر بالائلم جراء تعرضه لتلك الاصابات

لا شئ مطلقا كان يشعر به ذلك الرجل سوى شعور واحد و هو الفرح خلال ذلك القتال

بات كلاهما يدرك جيدا أن ذلك الرجل لا يجب له أن يبقي مدة أطول علي قيد الحياة

ولكن لم يعد لدي أي منهما الوقت و لا حتي الطاقة الكافية لمتابعة ذلك القتال

يتراجع "شاريوس" الي الوراء بينما ظلت "رييا" تقاتل ذلك الرجل الي الان

يتراجع ببطئ الي الوراء ثم يتحدث إليها قائلا ..

شاريوس : هل يمكنكِ الصمود لدقيقة واحدة .. ؟!

رييا : ما الذي تنوي أن تفعله .. ؟!

شاريوس : يمكنني وضع نهاية لهذا القتال

احتاج الي دقيقة واحدة ..

رييا : و هل سينجح الامر .. ؟!


شرايوس : لا أعلم .. و لكن ألديكِ أية افكار أخرى ؟!

رييا : عليك بالاسراع أذا .. !

يتراجع الي الوراء بينما بداء بحمل سيفه رأسا علي عقب مشيرا بنصل السيف الي الارض

يحرك يده اليسرى التي كانت مغطاة بدمائه قبل لحظات ليضعها علي سيفه و يمسك بنصل سيفه بيده بقوة

و ببطئ تغطي الدماء المتساقطة من يده

تتساقط الدماء ببطئ علي سيفه الي ان تغطي دمائه نصل سيفه أخيرا

يغرز سيفه أرضا بعد أن أنتهي

بينما جسده يرتجف من الالم و من تلك الاصابة التي كان قد تعرض لها سابقا

و لكنه لم يعد يملك وقتا أطول ليضيعه علي أية حال

شاريوس : " لم يعد هناك وقت .. ! "

كان ينظر إليها و هي تقاتل و كان ينظر إليها و هي تتراجع ..

كان ينظر إليها و كان ينظر إلي ذلك الرجل و ملامح وجهه لم تتغير عندما كانت تحاول هي ان تتراجع

شاريوس : "لمرة واحدة علي الاقل .. أريد أنقاذ تلك المرأة علي الاقل

اريد حمايتها ولو لمرة واحدة و اخيرة .. لا اريد فقدانها .. و لا يمكنني تحمل فقدانها ..

ادرك جيدا ان ما بقي لي من حياة غير كاف لاتمام تلك "القدرة" ..

ادرك ذلك جيدا .. و لكن لمرة واحدة اخيرة .. اريد فقط انقاذها .. "

شاريوس : ...

كان القتال محتدما للغاية بين ثلاثتهم الي الان

لم يلحظ أي منهم من كان يقترب من الخلف .. لم يستطع أي منهم أدراك من كان يقترب

و لم ينتبه أي منهم أنه كان يقترب إليهم الا عندما كان قد فات الاوان بالفعل علي الانتباه إليه و هو يقترب

لم ينتبه "شاريوس" أن "ذلك الرجل" كان يقف خلفه تماما

لم ينتبه أنه كان هناك من يقف خلفه ألا عندما تعرض للطعن من الخلف

يلتفت ببطئ إلي الوراء بعد أن طعن لينظر إليه ولكن رغم ذلك لم تكد عينه تصدق ما كانت تراه

تغير وضع الحرب و بات عدد القتلي يتزايد بسرعة شديدة خاصة بين صفوف كلا من جيش "كيريان" و "أيزان"

لم يعد بالامكان ايقاف تلك الحرب و لم يعد بالامكان السيطرة عليها فلقد فات الاوان بالفعل علي ايقافها

" قبل دقائق قليلة "

"وبعيدا عن ساحة الحرب تلك"

كانت تلك المرأة تنظر الي تلك الحرب و ظلت تنظر الي قتال أولائك الثلاثة الي الان

كانت تنظر بصمت عندما تحدثت بخوف شديد و بصوت متقطع

رينيه : لم يعد لديه "لون" .. لم يعد لروح ذلك "الرجل" اي "لون" .. !

يلتفت إليها ببطئ شديد و أخذت ملامح وجهه تتغير بعد سماعه لتلك الكلمات ...

لم يكد يصدق ما كان يسمعه منها

نيفيريا : ما "اللون" الذي ترينه الان ..

تتحدث بخوف شديد إليه قائلة

رينيه : لم يعد لروح ذلك الرجل "لون" ..

لم يعد لديه اي "لون روح" باتت روحه فاسدة الان ..!

يعود لينظر من جديد إلي هناك ثم يتحدث و علامات الغضب عليه باتت واضحة

نيفيريا : سنغير الخطة .. لا يمكننا ترك كلاهما يموت ..

سنقتحم تلك الحرب الان ..

.

.

.

يتبع

2020/05/28 · 233 مشاهدة · 1757 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024