اذا لتصنع لك عائلة و لتجرب ان يكون لك زوجة تحبها و تهتم لامرها .. او ان يكون لك ابن ..
ليس عليك العودة الي ذالك البأس المسمي بالكاهن انت حر فيما تفعله و حر في اختيار طريقك
حر في الذهاب اينما اردت ووقتما اردت ذلك .



بدا عليه الارتباك و التزم الصمت و لم يتحدث ..
طرحت عليه سؤالا اخر و اذكر انني كنت ابتسم له و انا اطرح عليه ذالك السؤال ..

اذا ... هل قررت الي اين ستذهب ..؟


اختفت ملامح التردد التي كانت تبدوا عليه قبل قليل .
بدا و كأنه قد اتخذ قراره بالفعل .. و رد قائلا

رافيال : ساعود .. ساعود للكنيسة .الكاهن يجب ان يتم معاقبته علي كل ما فعل .
حتي و ان عنا هذا ان اعاقب علي ما فعلته انا الاخر
ماذا عنك .. ايها الـ"الشيطان"


ازعجتني تلك الكلمة و ازعجني ذالك الوصف نوعا ما عندما سمعتها منه حينها ..
لكنه اصاب نوعا ما .. قمت بالرد عليه قائلا ..



لم اكن من البداية شيطان .. كنت بشريا فيما مضي ..
ماذا انوي ان افعل .؟!


ليس عليك الاهتمام لامري..
فلتذهب حيثما اردت الذهاب و لا تقلق بشاني سارحل من القرية بعد ان انتهي .
أنا اريد دفن من مات من البشر .. فلا يجب ان يبقوا هكذا لوقت اطول ..


اذهب انت اولا لتلك المدينة .
و سالحق بك و سأذهب للكنيسة لآري ذالك الكاهن بعيني لاحقا ..
اذهب انت اولا و انتبه لنفسك يا فتي .


انتهيت من الحديث معه و رحل ذالك الفتي عائدا الي الي مدينته
و بدأت انا الحفر بدوري لاقوم بدفن من مات من سكان تلك القرية .

هذه المرة و انا اقوم بدفنهم لم اشعر بأى شئ و انا اقوم بدفنهم ..
ربما لانني اعتدت علي رؤية البشر يموتون او لانني دفنت سكان قريتي فيما مضي ..
لكن كان الشعور بالفراغ و الوحدة لا يطاق بحق .

استغرق الامر مني وقتا الي ان انتهيت و ذهبت الي المدينة التي دلني عليها ذالك الفتي
ذهبت الي المدينة التي توجد بها الكنيسة لكن لحظة وصولي لم تصدق عيناي ما رآته حينها ..


دخلت المدينة و كانت الجثث منتشرة في كل مكان ...
كل الجثث ملقاة علي الارض ..

كان من الواضح انهم لم يتعرضوا لهجوم ..
لم تكن هناك اي اصابات .. و لم يكن هناك اي اثار للدماء ..
و كذالك لم يكن وباء ..


حتي و ان كان وبائا ما كان ليموت كل هذا العدد من البشر في بضعة ايام فقط ..
بحق السماء ما الذي حدث هنا ..؟!



بدأت اتجول في المدينة بحثا عن اي ناجين .. و حاولت البحث عن رفيال .. لكنني لم اعثر عليه
شعرت بالقلق عليه نوعا ما آن ذاك .. لكنني لم اعثر حتي علي جثته ..


ظننت ان الامر غريب و بقيت ابحث في ارجاء المكان و لم اجد اثرا لمخلوق قط .
كما لو ان المدينة باسرها امست مدينة من الموتى في بضعة ايام فقط .

استمررت بالبحث في المدينة لساعات طويلة .. لم اجد اي ناجي ..
جميع من كان في المدينة قد لقي حتفه ..

يأست من البحث عن ناجين .. و كان من الواضح جدا انه لم يكن هناك ناجين ..

ذهبت للمكان الذي كان من المفترض ان تكون فيه تلك الكنيسة التي اخبرني عنها ..


لكنها لم تكن موجودة ..!

انها الان مجرد كومة من الانقاض ..


لم استطع احتمال الامر لوقت اطول آن ذاك .. و لم ارد ان اتعمق في البحث لوقت اطول ..
تركت تلك المدينة و ورائي العديد من الاسئلة ..


"في ذالك الوقت ظننت ان الوقت وحده سيكون كفيلا بحل كل تلك الاسئلة ..
لكنني كنت علي خطاء .. "

تركت المدينة وعدت الي حياتي التي اعتدت عليها ..
طوال الالف عام اللاحقة كنت وحيدا تماما ..

بقيت طوال الالف عام تلك اتجول من الشرق الي الغرب و من شمال الارض لجنوبها .
مر الوقت ببطئ شديد و كانه لم يكن يمر .


كانت الايام بالنسبة الي تشبه بعضها مع اختلاف طفيف .
البشر الذين رآيتهم امس كانوا قد ماتوا اليوم ..
و البشر الذين اراهم اليوم سيموتون غدا و سوف آري بشرا غيرهم .

خلال الاف عام تلك كان شعوري بالوحدة لا يطاق
و استمر شعوري بالوحدة هذا الي ان التقيت بتلك الطفلة قبل ثلاثة اشهر فقط من الان ..


اذكر جيدا انه كان يوما ممطر ..
كان يوما ممطر تماما كاليوم الذي التقيت فيه ذالك ال مخلوق فيما مضي


المطر كان يهطل بغزارة و البشر يجرون لاجل الاختباء .
كنت اسير في احدى شوارع المدينة الي ان رآيتها بالصدفة .


كانت ثيابها رثة و كانت نائمة بجوار الحائط .
لفتت انتباهي و قلت في نفسي انه لم يتغير شئ حتي مع مرور الوقت ..
اقتربت اليها و حاولت ايقاظها لكنها لم تكن نائمة بل كانت فاقدة للوعي ..
كنت قلقا .. !


لم كنت قلقا عليها حينها .. ؟!
لاكون صادقا لا اعلم الاجابة الي اليوم ..

ربما لانها كانت طفلة صغيرة و ربما لانها ذكرتني بأبنتي سابقا ..
لم يكن سبب قلقي عليها مهما حينها


حاولت ايقاظها مرة اخرى الي ان استعادت وعيها .
بعد ان استعادت وعيها اخبرتها ان تنتظرني و ذهبت مسرعا لاشتري لها بعض الطعام
قدمت لها الطعام و التهمته بشراهة .. التهمته كما لو انها لم ترى طعاما من قبل ..


بعد ان انهت طعامها حاولت الحديث اليها اخبرتها باسمي حاولت سؤالها عن اسمها
لكنها لم تستطع ان تتكلم ..


ربما هي لم ترد ان تتكلم ..



حاولت سؤالها عن والديها لكنها التزمت الصمت ايضا .
اردت تركها و كنت سافعل لكنني لم استطع ..

شعوري بالعجز عن حماية ابنتي فيما مضي منعني من ترك تلك الطفلة وحيدة .
حاولت الحديث معها مرة اخري و اخيرا بدات بالحديث ..


اذا الازلتي لا تريدين اخباري باسمك .. ؟

ردت علي سؤالي بصوت هادئ ..

كان لها صوت جميل ..


ايا : ايا ..
اسمي هو ايا ..


ياله من اسم جميل .
كم عمرك اذا يا صغيرتي .. ؟



ايا : ثمانية اعوام ..


شعرت بالاسف اتجاهها ..
كيف لطفلة ان تترك وحيدة في سن صغيرة كتلك .. ؟!
طرحت عليها سؤالا اخر ..

ايمكنك ان تحدثيني لم كنتي تنامين في الشارع و الجو ممطر ..؟!

ايا : ليس لدي منزل او مكان اذهب اليه .



ووالديك ..؟


ايا : ليس لدي ..


ما رايك ان اكون انا عائلتك اذا .. ؟!
اتريدين ان تاتي معي ..؟!
ان اتيتي معي يمكنكي مناداتي بـ"أبي"


حتي اليوم لازلت لا ادري كيف استطعت ان اقول لها تلك الكلمات ..
لكن لاكون صادقا .. لم اكن نادما ابدا علي ما قلته لها ..
فمنذ ذالك اليوم .. تلك الطفلة .. اصبحت بمثابة ابنة لي .



.

.

.


يتبع


بتمنى ان الفصل داه يكون نال اعجابكم

و ياريت تعذروني علي اي اخطاء املائية


و كل عام و انتم بخير :)


2018/08/25 · 469 مشاهدة · 1086 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024