7 - المُتوحشون—الفصل السابع

الفصل السابع

(الرواية تحتوي على 20 فصل تقريبًا)

عندما تسللت أشعة شمس الصباح عبر الأشجار، كان كاو يتألم، وبدا مستيقظاً تماماً. وخزته بشرته في الهواء البارد.

أمضى الليل بين الأغصان قبالة منزل آل ستريكهام، رغم إلحاح غلام وسكريتش بضرورة العودة إلى العش. إلا أنه لم ينم أبداً. ماذا لو عادت المرأة أو جاوبون أو الرجل الصغير المروّع؟ تذكر كاو وقاحة جاوبون في الممشى. لقد ماتت الأفعى السامة الآن، وتولى غلام وسكريتش رمي جثتها في حوض أزهار مخبأ في الحديقة العامة. لكن، لا يمكن أن يكون الأمر مصادفة؛ لا بد أن السجناء قد أطلقوها. أرادوا من دون شك الانتقام من آمر السجن ستريكهام.

قال غلام بنبرة استياء: حسناً، أنا مسرور لأننا بقينا هنا طوال الليل. هل يمكننا الآن الذهاب للنوم قليلاً؟

كان سكريتش جاثماً في مكان أبعد على الغصن. فلنعد إلى العش.

قال كاو وهو يمدد ذراعيه: «قريباً».

قال سكريتش: لا يمكنك البقاء هنا طوال اليوم!

الغرابان محقان ربما. لن يهاجم السجناء في وضح النهار.

تمتم كاو أخيراً: «حسناً، هيا بنا».

ما إن وصل إلى أعلى جدار الحديقة العامة حتى انفتحت ستائر غرفة نوم ليديا. وقفت هناك في البيجاما ونظرت إليه مباشرة. حزر من وجهها الشاحب أنها لم تنم كثيراً هي أيضاً. كانت عيناها حمراوين كما لو أنها تبكي.

تمتمت: «انتظر هنا!». وأغلقت الستائر مجدداً.

قال كاو للغرابين: «تبديل في الخطة».

بعد دقائق قليلة، خرجت ليديا من المنزل، وهي ترتدي سروال جينز وبلوزة خضراء ومعطفاً أبيض منتفخاً من دون كمين، وتنتعل حذاء رياضيًّا. نزل كاو عن الجدار، وقال لها: «أنا آسف بشأن بنجي».

اكفهرّ وجه ليديا قليلاً، لكنها حبست دموعها، وقالت بهدوء: «لم تكن غلطتك. لكني لا أفهم؛ من أين جاءت تلك الأفعى؟».

قال كاو: «رأيت أحداً في الليلة الماضية». لم يشأ إخافة ليديا، لكنه لا يستطيع إخفاء الأمر عنها أيضاً. «مباشرة بعدما غادرتُ، أعتقد أني رأيت واحدة من السجناء؛ رأيت امرأة تهرب بعيداً من منزلكم».

قالت ليديا: «هنا؟! لماذا لم تخبرنا؟».

قال كاو: «لم أشأ التطفل، فقد طلب مني والدك المغادرة».

زمّت ليديا شفتيها وقالت: «هل تعتقد أن لها علاقة بالأفعى؟».

قال كاو: ربما. لم أرَ أبداً أفعى مثلها في بلاكستون من قبل».

قالت ليديا: «أنا رأيت، ولكن في حديقة الحيوانات فقط. قالت أمي إنها هربت من هناك ربما». نظرت ليديا إلى المنزل مجدداً. «أنا خائفة. لقد تلقى والدي تهديدات من قبل، ولكن ليس من هذا النوع».

أراد كاو مواساتها، لكنه لم يعرف كيف. لذا، غيّر الموضوع وقال: «يجدر بنا الذهاب إلى المكتبة. ربما وجدت الآنسة والاس شيئاً عن ذلك العنكبوت».

قالت ليديا: «فكرة جيدة. قد يساعد ذلك أبي في تعقب السجناء».

قال سكريتش، من أعلى الحائط: انتظر! لست جاداً في الذهاب معها، أليس كذلك؟ إنها خطيرة! هي ووالدها.

نظرت ليديا في اتجاه صوت الغراب.

قالت: «أوه، لم أنتبه إليهما. مرحباً أيها الغرابان!».

قال غلام وهو ينظر إلى ليديا باستهجان: سكريتش محق. أقترح أن نعود إلى العش ونبقى بعيدين عن الأنظار إلى أن تنتهي كل هذه المسألة.

أحسّ كاو بالغضب، لكنه أبقى صوته ثابتاً وقال: «أنا ذاهب. وهذا قرار نهائي».

ألقت ليديا نظرة على الغرابين وقالت: «إنهما لا يحبانني، أليس كذلك؟».

قال كاو: «ليس الأمر هكذا. لكنهما خائفان عليّ».

قال غلام: أنا جدي. لا يمكن أن يأتي شيء جيد من مسألة العنكبوت هذه. لماذا لا تنسى أمره؟

استدار كاو صوب الغراب. «اسمع غلام، هل تعرف أمراً ولم تخبرني به؟ إذا كنت تعرف شيئاً فانطق به».

برم غلام رأسه بعيداً وقال: كل ما أعرفه أن ميلكي تحدث البارحة. ولم يحصل هذا أبداً من قبل. لقد فقد صوابه ربما، لكني لم أحب ما قاله.

بدت ليديا مرتبكة وقالت: «غلام؟ هل هذا اسمه؟».

أخذ كاو نفساً عميقاً، وقال بهدوء للغرابين: «أعتقد أن لذلك السجين علاقة بوالدَيّ. لا تتوقعا مني أن أبقى جالساً في عشّ على شجرة طوال حياتي وأنسى أمرهما». هذه المرة، صمت الغرابان.

حرّك غلام منقاره وقال: افعل ما تراه مناسباً.

أصبح كاو معتاداً على تقلبات مزاج غلام على مرّ السنوات. قد يكون الغراب العجوز عنيداً، لكن هذا الأمر مختلف. بدا متألماً تقريباً.

حسناً، هذا مؤسف جداً. لا يحتاج كاو إلى من يهتم به.

قال لليديا: «هيا، فلنذهب».

اجتازا نصف المسافة المحاذية للحديقة العامة عندما أدرك كاو أن الغرابين لم يلحقا به. نظر إلى الخلف، ورأى غلام وسكريتش جاثمين حيث تركهما وهما يراقبان.

ثم عرف الحقيقة. إنهما يغاران من ليديا. إنهما منزعجان لأني لم أعتمد عليهما هذه المرة.

سألت ليديا: «هل كل شيء على ما يرام؟».

قال كاو: «لا بأس». وبدا صوته بارداً. برم رأسه بعيداً عن غرابيه وتابع المشي.

لقد حان الوقت ليستقل عنهما وينجز الأمور بمفرده.

تفرّعت من الحديقة العامة طرقات عدة تؤدي إلى المدينة. يميل كاو عادة إلى التسلق على الأسطح، والسير في الممرات الخلفية أو السكك الحديدية، لكنهما سلكا اليوم الطريق الرئيس، حيث المستودعات ومحلات تصليح السيارات. بقي صامتاً لبعض الوقت وهو يفكر في جداله مع الغرابين، متسائلاً عمّا إذا كان يجدر به قول أي شيء بطريقة مختلفة. لكن، ما إن وصلا إلى أطرف المدينة حيث بدأت تظهر المباني الشاهقة والمتاجر، حتى كسرت ليديا جدار الصمت.

قالت: «هل تعلم؟ عندما قلت إنك تتحدث إلى الغربان لم أصدقك فعلاً. لكنك تتحدث إليها فعلاً، أليس كذلك؟ أنت تفهم فعلاً ما تقوله لك».

قال كاو: «نعم. منذ أن...». منذ أن أخذته مجموعة من الغربان بعيداً عن أهله، كان على وشك قول ذلك، لكنه لم يعرف كيف ستكون ردة فعلها على ذلك.

قالت ليديا: «يمكنك إخباري». ووضعت يداً على ذراعه، ونجح في عدم الهروب بعيداً.

«لم أخبر يوماً أياً كان».

أجابت: «جرّبني. أرجوك. أريد أن أنسى بنجي».

ألقى كاو نظرة عليها للتأكد من أنها لا تبتسم. نظرت إلى الخلف، وبدا وجهها صريحاً وصادقاً. توقف عن المشي، وأخذ نفساً عميقاً. هل كان فعلاً مستعداً لمشاركتها هذا الآن؟

قال ببطء: «لطالما اعتنت بي. لا أذكر الكثير من الأمور قبل الغربان».

قالت: «لكنك تذكر شيئاً ما؟».

عضّ كاو شفته. لقد أخبر ليديا أسراراً أكثر مما أخبر أي شخص آخر في حياته؛ فلمَ لا يخبرها بهذا أيضاً؟

بدأ: «الكابوس الذي أراه. إنه حقيقي مثلما أعتقد». ظنّ كاو أنه سيبدو أحمق عند إخبارها عن الكابوس بصوت عالٍ، لكن فيما أخبرها عن الغربان وكيف حملته بعيداً عن النافذة المفتوحة، وعن تخلي أهله عنه، أصغت إليه بدقة.

وقبل أن يدرك كاو الأمر، راح يخبرها المزيد؛ عن الأيام الأولى عندما كان العش صغيراً وبالكاد يتسع له، وعن مختلف الغربان التي جاءت وذهبت، وعن اكتشاف المزيد والمزيد من بلاكستون بصورة تدريجية.

فيما خرجت الكلمات من فمه لتخبرها كم كانت التجربة صعبة، وكم شعر بالوحدة، أحسّ بذلك الإحساس القديم المألوف يتراكم في صدره. الغضب من والديه لأنهما جعلا الأمر صعباً جداً عليه. لماذا لم يتركاه بالقرب منهما ويحباه مثل أيّ والديْن حقيقيين؟ لقد رأى بعينيه كيف عانقت السيدة ستريكهام ليديا عندما كان بنجي يموت، وسمع اليأس في صوت والدها أثناء معركة الممشى عندما ظنّ أنها في خطر. كيف استطاع والداه أن يفعلا ما فعلاه؟ كل الأوقات التي شعر فيها بالجوع، أو وقع عن الأغصان، وعندما ارتعد بسبب البرد في ليالي الشتاء... أين كانا؟

قالت ليديا: «هاي كاو، هل أنت بخير؟».

أدرك كاو أن أصابعه مطبقة على شكل قبضة محكمة. احتاج إلى بضع ثوانٍ لإخراج الغضب من داخله، ثم قال: «نعم، أنا آسف».

أحس بيدها تتسلل إلى يده، وتضغط عليها، ثم قالت: «أفهمك. أهلاً بك في منزلنا، في أي وقت».

ابتسم كاو. «لست أكيداً من أن والدَيْك يقولان هذا أيضاً».

لكن عيني ليديا ركّزتا على شيء ما خلفه. إنه كشك جرائد. قالت ليديا: «انظر!». مشت صوب الكشك، وحملت جريدة، ودفعت للرجل الجالس في الداخل، ثم عادت إليه مسرعة. فتحت الجريدة كي يتمكن كاو من رؤية ما في داخلها.

لم تعنِ الكلمات أي شيء بالنسبة إليه، باستثناء تلك الموجودة في أعلى الصفحة؛ بلاكستون التي تشبه الكلمة الموجودة على بوابات الحديقة العامة. إلا أن الصور كانت واضحة كفاية؛ وجوه المساجين الثلاثة الفارّين. أشارت ليديا إلى السجين صاحب الوشم وقالت: «اسمه كلارنس تراب، المعروف بجاوبون. المرأة اسمها إليانور كروس، والرجل صغير القامة اسمه إرنست فيتش». تصفحت عيناها الكلمات الصغيرة. «يقولون إن الثلاثة كانوا مسجونين في سجن الصيف المشؤوم بسبب جرائم عدة ارتكبوها، ومنها القتل والسرقة والخطف. لقد حُكِم عليهم بالسجن المؤبد من دون أي احتمال للعفو. أعتقد أنهم لهذا السبب كانوا يخضعون لإجراءات أمنية مشددة».

سأل كاو: «ما هو الصيف المشؤوم؟».

نظرت إليه ليديا كما لو أنه قد سألها للتو: أين السماء؟

قالت: «كنت فعلاً منطوياً على نفسك، أليس كذلك؟ الصيف المشؤوم هو موجة الجرائم التي حصلت قبل بضعة أعوام؛ الكثير من الاعتداءات والجرائم غير المبررة، في كل بلاكستون. الكثير من الحيوانات الوحشية جابت في الشوارع. وأمور غريبة فعلاً حصلت. يبدو أن بلاكستون كانت جميلة جداً قبل ذلك؛ هذا ما يقوله لي والدي على الأقل. يقول إن المدينة لم تتعافَ أبداً».

حاول كاو استيعاب المعلومات، وبدأ قلبه يخفق بسرعة. «قبل كم عام حصل ذلك؟».

قطّبت ليديا حاجبيها. «ربما... سبعة أعوام أو ثمانية».

قال كاو: «ثمانية أعوام؛ أي عندما تخلى والداي عني». الصيف المشؤوم، والداه، السجناء الفارّون، العنكبوت.

قالت ليديا: «حقاً؟ هل تظن أنها مجرد صدفة؟».

لم يجب كاو، وأسرع في خطواته، وركضت ليديا للحاق به. شعر أن خيوط اللغز بدأت تتضح، لتتصل مع بعضها في شبكة خنقت كل جانب من حياته.

وفي وسط كل ذلك يوجد عنكبوت.

المقاعد خارج المكتبة كانت فارغة.

قالت ليديا: «هذا غريب. يوجد عادة الكثير من الأشخاص هنا صباح يوم السبت».

وعندما وصلوا إلى أعلى الدرج، رأى كاو لافتة معلّقة على الباب. توقفت ليديا وقرأتها ثم قالت: «أوه، إنها مقفلة».

قال كاو: «لا يمكن. طلبت منا الآنسة والاس العودة اليوم».

سألت ليديا: «حسناً، هذا ما تقوله اللافتة. ماذا سنفعل الآن؟».

قال كاو: «فلنتحقق من الجهة الخلفية. فهناك تترك لي الكتب عادة».

وفيما استدارا حول جانب المكتبة، بدأ إحساس بالانزعاج ينمو لديه.

كانت سيارة الآنسة والاس مركونة في مكانها الاعتيادي. عرف أن السيارة الزرقاء الصغيرة تخصها لأنه شاهدها وهي تصل فيها في الأيام التي وصل فيها باكراً، تواقاً للحصول على كوبه الأسبوعي من الشوكولا الساخنة.

تغلغل الخوف في كل صدره. وعندما وصلا إلى درج منفذ الحريق، لاحظ أنه تم رش رذاذ طلاء على الجدار.

شهقت ليديا، ووضعت يدها على فمها.

شعر كاو فجأة ببرد شديد، وتمتم: «لا... أرجوكم... ليس الآنسة والاس».

إنه عنكبوت مرسوم حديثاً؛ لأن الطلاء لا يزال يلمع. تماماً مثل ذاك الذي رآه في كابوسه. قفز كاو إلى أسفل الدرج للوصول إلى الباب الجانبي، وجرّب المقبض. لم يكن مقفلاً. وضع إصبعه على شفتيه ودخل.

خيّم الصمت في الداخل. كان مكتب الآنسة والاس مضاء، والباب مفتوحاً قليلاً. اختلس كاو النظر إلى الداخل. لا أحد.

همست ليديا: «يجدر بنا الاتصال بالشرطة».

قال كاو: «ليس الآن».

الأنوار الأساسية في المكتبة مطفأة، لكن ثمة رائحة غريبة في الهواء ذكّرت كاو بالحديقة العامة بعد المطر الغزير. رائحة رطبة وعفنة مثل الأوراق الميتة.

توجه إلى الرفوف في الجهة الخلفية للمكتبة. هناك! الآنسة والاس. طغى عليه الارتياح. كانت جالسة أمام مكتبها بطريقة جانبية، ونظارتها متدلية حول عنقها.

نادى، وهو يمشي صوبها: «آنسة والاس!».

وعندما وصل أمام المكتب، طغى عليه الذعر في الصميم. خلفه، أصدرت ليديا تأوهاً صغيراً. كانت الآنسة والاس جالسة بشكل منتصب، وهي تنظر إليه مباشرة بعينين مفتوحتين وغير مركزتين. ثمة خطب ما في فمها. غطت خيوط فضية شاحبة شفتيها وأنفها مثل القناع. خيوط عنكبوت. سالت خيوط دم من وجهها على القميص قشدي اللون، مما ولّد أشكالاً مروّعة باللون القرمزي.

شعر كاو بالدوار، وبدت الغرفة كما لو أنها تتمايل أمامه. بدا الأمر أشبه بكابوس يتسلل إلى العالم الحقيقي.

إلا أن صوت ليديا أعاد له تركيزه، فقد قالت: «هل هي... ميتة؟».

توجه كاو إلى جانب الآنسة والاس. تعبيرها الغريب والخالي من الحياة جعلها تبدو مثل عارضة بلاستيكية في متجر. بالكاد استطاع تحمل النظر إلى عينيها اللتين امتلأتا سابقاً بالكثير من الطيبة. تحقق من معصمها للتأكد. لا نبض. كانت بشرتها باردة وشمعية.

قال: «لماذا؟! فالآنسة والاس لم تؤذِ أحداً في حياتها، بل كانت تساعد الناس».

انهار كاو قربها. وفيما فعل ذلك، لاحظ أن إحدى يديها مطبقة بقبضة محكمة، ولمح في الداخل شيئاً أبيض.

قال: «ثمة شيء ما هنا. لا بد أنها كانت تمسك به حين...». كم هو مريع قول ذلك.

استدارت ليديا حول المكتب مترددة، كما لو أنها تخاف الاقتراب من الجثة. أرخى كاو برفق أصابع الآنسة والاس، فسقطت من يدها كرة ورقية. وعندما فتحها، أدرك ما هي؛ إنها رسم ليديا للعنكبوت. عاد قلبه ليخفق بسرعة مجدداً، وأصبح فمه جافاً. ثمة كلمة واحدة فقط مكتوبة تحت الصورة. نظر إلى ليديا.

قرأت: «كوايكر. ما الذي يعنيه هذا؟».

همس كاو: «لا أعرف». عادت عيناه إلى قناع الخيوط البيضاء على وجه الآنسة والاس، وشعر بالغثيان عندما تخيل كيف كافحت للتنفس.

قالت ليديا: «سوف أتصل بالشرطة». وذهبت إلى المكتب ورفعت السماعة، ثم قطّبت حاجبيها. «لا يوجد خط هاتفي».

صدحت ضحكة قوية عبر الهواء العفن. برم كاو بسرعة حول نفسه، ورأى السجين الضخم - جاوبون - واقفاً على الشرفة في الأعلى. لقد استبدل قميصاً قطنياً لونه أحمر مثل الدم وسروال جينز بملابس السجن. انعكس الضوء المتسلل من النوافذ على رأسه الأصلع اللامع، حيث استطاع كاو رؤية الصفائح السميكة لجمجمته تحت البشرة. امتدّ وشمه من الأذن إلى الأذن؛ مما جعله يبدو شبيهاً أكثر بالمهرّج ومخيفاً أكثر من قبل.

قال كاو: «أنت!».

صرخ السجين: «أتريد الانضمام إلى الحفلة، أيها الصبي؟».

فجأة، أمسكت ليديا بذراع كاو وأشارت. «انظر!».

كانت المرأة صاحبة الشعر الداكن آتية من الجهة الخلفية للمكتبة. ارتدت فستاناً أسود من أعلى رأسها وحتى أخمص قدميها، وربطت شعرها في جديلة خلفية سميكة التفت مرة واحدة حول عنقها على شكل وشاح أسود، ثم تدلّت فوق كتفها. كانت تحمل في يدها إبرة خياطة فضية طويلة، وقالت: «لا تقلقا أيها الصغيران. كنت لطيفة معها».

كاد غضب كاو ينفجر رغم خوفه. ركض مع ليديا صوب مكتب الآنسة والاس، لكن شكلاً صغيراً اعترض طريقهما. كان يرتدي معطفاً باللون البيج، أكبر من حجمه بمقاسين تقريباً.

قال الرجل وهو يلعق شفتيه بفظاظة: «سكاتل في خدمتكما. أعتقد أنكما تعرّفتما إلى شريكيّ جاوبون ومامبا».

وجّه كاو نظرة إلى البابين الأماميّين، وانفطر قلبه عندما رأى سلسلة عملاقة مربوطة حول مقبضيهما، ومثبتة بقفل معدني.

لقد علقا في الفخ.

2020/03/05 · 260 مشاهدة · 2161 كلمة
Adk3RAK
نادي الروايات - 2024