2 - لسبب لا أعرفه أنا أكره الساعات ذات البندول


تيك توك


إن العرب مميزون للغاية , نعم سيدي الفاضل إن العرب مميزون للغاية و كلامي ليس بالمبالغ فيه أو ما شابه ففقط تخيل للحظة معي أنك قد دخلت إلي مطار في أحد الدول الغربية محاصراً بالبشر من كل الأجناس تأمل قليلاً فيهم لدقائق و أخبرني إذ كنت قادراً علي تمييز الوجود العربي بينهم ؟!

تيك توك

للأسف الشديد سوف تقدر علي ذلك بسهولة....ماذا تقول ؟! أتقول إنه أمر سهل للغاية ؟! ...... سؤال واحد: لماذا هذا الأعتقاد ؟ ماذا ؟! البشرة البنية و الملامح العربية ....؟! هيبة الفرسان.....؟!! ....

تيك توك

صديقي هل خلايا مخك سليمة ؟!! حقاً لقد بدأت أقلق عليك , أتدرك أن العرب هم أجناس مختلطة من مخنلف الأجناس و الألوان فستجد منهم ذا الأصول التركية و الشرق أسيوية و السمراء و القوقازي و الفضائي و خلافهم لكن ما يثير دهشتك هو أنه بالرغم من اختلافهم في الأصول إلا أنهم لديهم قاسم مشترك واحد ألا و هو شعر الجسد ...

تيك توك

لا صراحة إن العرب _ كتصنيف _ يمتازون بهذه الصفة فصدقاً فهم لا يكتفون بمجرد شعر طبيعي تجده في الذقن أو الذراعين و الساق بل أن شعرهم له شعر علي أطرافه , عجباً كم هي غريبة الأفكار التي تراودك جراء أبسط التلميحات فها أنا الان أؤدي رقصة بحيرة البجع علي كرسي أشعر و انه من جرحي حرب 73 محاولاً الحفاظ علي توازني ريثما أقوم بتنظيف سقف حجرة المعيشة , أنا لا أعرف حقاً لماذا فكرت بأمر كهذا

تيك توك


أعتقد إن هذا ما يسمي بتأثر الإيحاءات نتيجة أنني قد أكون قد لمحت شيئاً دون التركيز عليه فحولها حينها عقلي غعي صورة أخري و أعتقد أن هذا الشئ بالتأكيد هو شعر ساقي و لربما أنني شخص تافه فحسب لا يجد ما


تيك توك


يفعله لكن كل ما يهمني هو أن أجد شيئاً يفصل بين فكري و ما أقوم به من تنظيف للشقة , أنا فعلاً أكره هذه المرحلة التي تبدأ من بعد فتحك للقفل بالمفتاح و دخولك إلي مكان هو تعريف كلمة مُهمَل علي مر السنين وصراحة أنا لم أكن أتوقع هذا العمل الشاق حيث أنني كنت مرهقاً بالسفر و منشغلاً بحديثي مع السمسار و

بذكر السمسار

تيك توك

" بص يا باشا دي شقة لقطة و مفيش حد ساكن معاك إلا ثلاث شقق "

نعم هذه حقاً " شقة لقطة " تحيط بها الحدائق و في إنعزال تام عن العالم بمعني أخر هي مكان مناسب لأجل التغيير

تيك توك

دائماً ما تري في الأفلام و المسلسلات الأجنبية قيام البطل عندما يضيق ذرعاً من حياته يقوم إما بالانتحار _ و في تك الحالة يكون بطلاً ثانويا أو انه البطل الرئيسي لكن المنتج يحب خسارة الأموال_ أو بالتوجه إلي دولة أخري أو جزيرة منعزلة لكن بما أنني عربي مؤمن لذلك فكرة الانتحار لا تمت بصلة الي قاموسي _ أو لأنني جبان فحسب_ و أما السفر خارج البلاد أو أن أجوب العالم رفاهية لا تقبل بها محفظتي لذلك كما يفعل المتحضرون


تيك توك


تجدني توجهت إلي محافظة أخري إلي شقة غريبة في مبني من أربعة طوابق كل طابق به شقتان و ثلاث شقق مسكونة و ناطور لن يجيبك مهما ناديته_ حتي الان لم أره _ و سمسار يحط بطنه الكبيرة بيده اليمني و يخبرك " يا باشا كلعهبيجي هنا "


تيك توك


لقد وجهت اليهم ضربة مباغتة ... نعم لقد كانت مباغتة انتشرت بعدها سحابة كثيفة من الغبار لمحت من وراءها تلك الكائنات ثمانية الأرجل و هي تتقافز يمنة و يسرة ...


تنتظر....

تراقب ......

و تتهيأ......

لكن أنا لم أنتظر ....

تيك توك


أرسلت إليهم بسرعة نفخات سريعة من المبيد الذي قبضت عليه يدي اليمني لتنتشر بعدها رائحته القوية خانقة الأعداء و صاحبها ....

لقد صار عددهم ضئيلاً , ما يُعد علي أصابع اليد العشرة....

الأنسحاب ليس خياراً متاحاً ...

البيت قد دمر و الأطفال قد ماتوا.....

وضع خطة.....

مستحيل ..... لا يوجد وقت لهذا ......

اذاً فليمت قيصر ....

حان وقت الهجوم الأنتحاري .....


تيك توك


تقدمت العناكب واحد تلو الأخرو من لا يعرف عن العناكب السرعة فهو لم بعش , لقد بدأت أشعر بالضغط منها إذ يجب علي الحفاظ علي مسافة بيني و بينها فهي تتقدم وأنا أتراجع ....

فهي تصرخ صراخات صامتة و أنا أرش سُماً صامتاً .....

حتي لا مس ظهري الحائط ....

تباً لقد حوصرت ....

لكن الجانب المشرق من الأمر أنه لم يتبقي منهم إلا ثلاثة ....


أشاهدت يوماً فيلم " الجيد , السئ و القبيح " ؟! إذ كنت قد شاهدته حينها ستكون قد أرحتني من عناء أخبارك عن الموقف الذي أنا فيه الان و إذ لم تكن قد شاهدته فكل ما سأخبرك به هو أن تتخيل مواجهة علي الطراز المكسيكي بين عصابة العناكب و الجنس البشري ...

هذه المعركة ستحدد من المسيطر في هذه المملكة...

أنا أسف أيتها العناكب أنا لن أخشاك اليوم , يمكنك عضي و قتلي ....

يمكنك جعلي أصرخ كما الفتاة الصغيرة لكنني لن أتراجع ....

لأن محفظتي قد صرخت و بكت قبلي و أنا أعطي السمسار ماله....

مسلح ب"شبشب" في اليد اليمني و قاتل عناكب _ صراحة هو قاتل لكن قاتل ماذا ؟! أنا لا أعرف _ في يدي اليسري ....

مسلحة بفكيها و سم في حلقها....

بدأ التلاحم....


تيك توك


كثيراً ما أخبرتني أمي أنني أحمق و كذلك أخبرني والدي لكن ماباليد حيلي , فماذا ستفعل إن كنت شخصاً سريع الشعور بالملل ؟ّ بخاف من الحشرات و يشمئز منها ؟! بالطبع ستتظر لها من وراء خيالك , لكي لا تخاف و لكي لا تمل , و صراحة لكل شخص شخصيته فالخوف من الحشرات عامة و العناكب خاصة شائع بين البشر فأنا أذكر أيام امتحاناتي في نهاية المرحلة الثانوية أن برص قد دخل إلي اللجنة متنزهاً علي احد الوائط فاذ بأحدي الفتيات تصرخ مستغيثة بالمراقبة " ميس ميس ب..ب..برص الحقي ..." لتسرع المراقبة الشجاعة و تأخذ حقيبة يدها التي كانت موضوعة علي مقعد مسنود علي الحائط الذي يتنزه عليه مستر برص ثم توجهت الي اخر الفصل , نعم ان الخوف هو امر لا يرتبط بسن أوالسبب بل انه لا يمكنك تسمية الخوف خوفاً إّ ارتبط بسبب لأنه حينها سيندرج تحت مسمي المرض النفسي أو الفوبيا فحينما تخشي المرتفعات مثلا , لماذا؟ّ لأنك تخشي أن تقع , أو عندما تخشي شيئاً ما لأنك قد مررت بتجربة سيئة مخيفة متعلقة بها يتولد حينها فوبيا لديك , أو هو اشمئزاز من أمر تظنه مقرفاً , بينما الخوف هو أمر فطري و مهما سمعت عن أسباب متعددة عن الخوف ستجد معظمها_ إن لم تكن كلها _ في أصلها خوف من الموت ناتجة عن عدم معرفتك للمجهول, فببساطة ما لا تعرفه تخشاه ,تخشي أن يقتلك ,و إذ حان أجلك خشيت ألم الموت و خشيت ما بعد الموت ,فأنت تخشي ما يقبع في الظلام لذا تخشي الظلام , أنت تخاف من العناكب حيث لا تعرف اذ كانت سامة أم لا أنت تخشي و تخشي و تخشي و في النهاية أنت تخشي ما لا تعرفه ... ما لا تفهمه ... و هذا ما كان متواجداً في سينما الرعب , ففي بادء الأمر كانت أفلام الرعب كلها و لعل أشهرها طارد الأرواح الشريرة بأجزائه _ أذكر حينها أن هذا الفيلم مُنع من دخول مصر _ تهتم دائماً بالحبكة القوية التي تتراكم لتبني لك هيكلاً لفيلم قوي , و هناك أنواع من الأفلام قد نراهها الان تليق بالأطفال أمثال أفلام الزومبي و مصاصي الدماء و نتساءل لماذا كانت هذه الأفلام القديمة تصنف علي إنها أفلام مرعبة ؟ .....

تيك توك

الإجابة هي أنها كانت جديدة , نعم كانت جديدة و لم تكن معروفة , كانت مجهولة بالنسبة للمشاهدين لهذا شعروا بالخوف و هم يشاهدون هذه " الثيمات " الجديدة , بينما الان قد يندرج أي فيلم تحت متعلق بالرعب تحت مسمي الأكشن , أنت تعرف سبب القصة فهو مس من شيطانأ و فيروس يعيد الوتي للحياة و تعلم بعدها أن طارد الأرواح الذي ارسله الفاتيكان مسلح بوشاحه الأرجواني القاتم ومائه المقدس و لسانه الاتيني سيطرد الشيطان و أن السلاح اذي طوره الجيش سيمحي الفيروس .....

الأمر بسيط...

أنت تعلم إذاً لن تخاف ....

أنت تجهل إذاً ستبلل الفراش ....


" عشان تنضف الأزاز كويس و يبرأ اعمله بالجرنان "

هكذا كانت تقول أمي و هذا ما أقوم به الان , لقد كانت أمي مثل أي أم دائماً ما تتمني لأبناءها الافضل, دائماً ما كنت تؤثرهم علي نفسها

و تتمني أن يكونوا أفاضل الناس , دائماً ما تسهر الليالي و دائماً ما تحمل الهموم ...هموم الأبناء ...هموم الزوج....هموم أسرتها ...هموم العالم بأسره لكن لا أحد يحمل همومها , لقد كانت أمي جبلاً راسخاً قوياً أخذ يفتت الزمان صخره و أخذت الهموم تفجر عيوناً من الدموع فيه , لقد رأيت أمي و الزمان يتغذي علي صحتها و رأيت نظرات الحزن و الالم في عينيها , لقد كنت أتمني لو رفعت قليلاً من الهموم عنها , كنت أتني إذ سألتها ماذا تتمنين من الحياة لأحققه لك أن تخبرني شيئاً غير " نفسي تكون أحسن واحد في الدنيا ..." , كنت أتمني لو أنني تمكنت من جلب العالم بأسره علي طبق من ذهب لأمي و أضعه أمامها و هي تحتضر و أخبرها يا أمااه أفرحي , يا أمااه أفرحي , يا أمااه رجاءاً أفرحي لكنني لم أفعل شيئاً غير إمساك يدها بين يدي و الدمع تنهمر من عيني بينما كانت البرودة تتسرب إلي جسدها وتغزوه و وجهها يزداد شحوبا و من بين ألامها ز من بين اقتراب أجله قالت " خلي بالك من أبوك , ده أنت ملكش حد غيره .."

"محمود....."

هاااا....؟! أمي ؟! هذا صوت أمي ؟! لكن .... , أتعرف عندما تعتقد بأن هناك من يقف خلفك و ينظر إلي ظهرك؟ أتعرف عندما تشعر بأحدهم يتحرك خلفك لأنك رايت شيئاً يتحرك في زاوية مجال رؤيتك ؟ هذا ما حدث لي .... لهذا التفت الي الخلف ...

متطلعاً....

متأملاً....

متلهفاً....

لكن لا احد خلفي....

لقد كنت متأكداً من أنني قد سمعت صوت أمي , نعم هذا هو الصوت الذي كان يداعب أذني لخمسة عشر عاماً ,أشعر بالدماء و هي تتدفق إلي رأسي بسرعة , و نبضات قلي و هي تضطرب , لكن ماذا كنت أتوقع ؟! أكنت أتوقع أن أري أمي التي توفت منذ ستة أعوام واقفة خلفي ؟! هل حينها سأكون سعيداً أم خائفاً ؟ لا أعرف متي لكن سرعان ما وجدت الدموع و هي تعانق وجنتاي , تباً لي ..

يجب علي أن أنتهي م...



صوت تحطم .....

لسبب لا أعرفه بدأت إضاءة المصاح الوحيد الذي يضئ الصالة في الشقة المكونة من حجرتي و حمام ومطبخ و صالة في التراقص , لسبب لا أعرفه صدر تواً صوت تحطم قادم من حجرة النوم التي تقع في أخر الردهة


لقد بدأت نبضات قلبي بالتسارع و كأنني علي وشك الأصابة بنوبة قلبية ...

في الشقة التي تقع في الطابق الثانيفي المبني المحاط بالأشجار من كل ناحية الذي يحتوي علي أربعة طوابق و ناطور لن تجده حين تحتاجه , في الشقة التي أرسلني إليها السمسار الذي تتسع معدته للعالم , في الشقة التي لا يوجد بها أحد غيري وقفاً متجمداً تحت إضاءة مصباح متراقص وصوت حفيف الأغصان و هي تصطدم بالحائط منتشر في أرجاءها , صدر فيها صوت تحطم قادم من حجرة النوم, لسبب لا أعرفه أنا أشعر بالبرودة الشديدة و كأنها كائن يزحم علي الحوائط قادماً من الحجرة لكي يجذبني إلي هوة مظلمة ....

أتناول بيدي اليمني المكنسة الخشبية لا أعرف السبب لكن لعلي أشعر بالأمان قليلاً ثم أتوجه إلي الحجرة تحت الضوء المتراقص علي إيقاع دقات قلبي

تباً ....

أنا أقترب و كذلك الدماء تقترب من الأنفجار من رأسي..

لأنفاسي غير المنتظمة و كأن أحدهم ممسكاً برئتي...

الدموع التي احتشدت في مقلتي.....

و ذلك الصمت الثقيل الذي أشعر منه بأن شيئاً خاطئاً هنا ....

قدم يمني تليها يسري....

يمنة ثم يسري....

و كأنني رضيع يتعلم المشي .....

لقد اقتربت...

رائحة عطر....

الان أعلم ما هو الشئ الذي كُسر....

إنها زجاجة العطر , لكن السؤال هو كيف للزجاجة أن تقع و تكسر و أنا لم أخرجها من الحقيبة ؟!


تباً .....

يمنة و يسري ....

توقف...

هناك صوت غريب ....

أغمض عيني محاولاً التركيز علي هذا الصوت ...

تباً لقد زاد توتري ....

" أصل كله بيجي هنا يا باشا "

في هذه اللحظة تمنيت لو أن "كله " متواجد معي حتي يخرجني من هذا الموقف..

أخذ نفس عميقاً أملء به رئتي ثم أقفز مرة واحدة نحو الغرفة حينها ...

مياااوووووووو....

ينطلق _ علي ما يبدو و أنه قط أسود _ بسرعة من الحجرة متوجهاً إلي الصالة في حين وقعت أنا هلي مؤخرتي و أنا لا أقوي علي الحراك ...

لا يوجد شئ بالحجرة ....

مجرد قط....

هههههههههههههههههههههههههههه.....

بعد شعوري بالأرتياح ....

و بعدما هدأت ...

و بعد محاولات عديدة لأستمالة القط بال"بسبسة " لكي يأتي إلي قمت بركله بقدمي العارية من باب الشقة ثم أغلقت الباب....


تيك توك


أنه صوت الساعة ....

نعم أمر عجيب ؟ّ , و كأن هذه الساعة القديمة ذات البندول قد قررت إضافة بعض المؤثرات الخاصة بالتعاون مع مصباح حجرة الجلوس ....

عندما تكون قد اعتدت علي صوت رتيب...

تيك توك

عند انقطاعه لن يكون أمر مريحاً

تباً ....

لكن أبدى القط لوهلة و كأنه يبتسم لي ؟!

اقشعر جسدي....

بحركات رشيقة قمت بالتوجه إلي حجرة النوم ثم ألقيت بنفسي علي السرير و أنا ألعن أبو القط و أبو الساعة ذات البندول و أبو الشقة و أبو " كلهم بيجوا هنا "

تيك توك

و لسبب لا أعرفه أنا أكره الساعات ذات البندول.

_____________________________


2017/06/28 · 417 مشاهدة · 2103 كلمة
someone_else
نادي الروايات - 2024