كان صباح كونوها مثقلاً بالصمت.

السماء رمادية، والشوارع خالية إلا من بعض الشينوبي العابرين بوجوه واجمة.

وقفت أمام مرآة غرفتي، أنظر إلى نفسي بثبات. وجهي بدا هادئاً، لكن في أعماقي كانت الحرب قد بدأت منذ أيام.

ثبتُّ درعي وأحكمتُ سيفي إلى ظهري.

“ هذه

هي

البدايه ” تمتمتُ.

خرجت من قصر الهاتاكي. كان الخدم يتحركون بصمت كما اعتادوا، غير أن أعينهم هذه المرة حملت شيئاً مختلفاً. قلق؟ ربما. احترام؟ ربما أكثر.

سرتُ في طرقات القرية. نسيم بارد لامس وجهي، حاملاً رائحة المطر.

لمحت الأطفال يراقبونني من بعيد. أعينهم الصغيرة تحاول أن تفهم معنى هذه الأيام الثقيلة.

“لا

تدعو

الحرب

تسرق

طفولتكم

.

” فكرتُ، دون أن أنطق.

وصلت إلى مبنى القيادة.

البوابة مفتوحة، والحارسان من الأنبو وقفا بصمت، أومآ برؤوسهما تحية.

دخلتُ القاعة الكبرى.

الضوء الخافت، ورائحة الخشب القديم، وأصوات الحضور المنخفضة… جميعها صنعت جواً يحمل رهبة القرارات المصيرية.

نظرتُ فوراً إلى الجهة اليمنى.

كان ميناتو واقفاً بثبات، وعيناه الزرقاوان تتفحصان القاعة بحذر.

إلى جانبه، يارا ، شعرها القصير بدا مبتلاً قليلاً من نسيم الصباح، وملامحها الصلبة تخفي قلقاً واضحاً.

تقدمتُ نحوهما. رفعت يدي بخفة، وعلى وجهي ابتسامة واسعة، ثم نطقت:

“يو، كيف الحال، ما بال الجو هنا كئيب؟”

رفع ميناتو حاجبيه، ثم ابتسم بخفة.

“ أنت لا تفهم الجدية أبداً ”

يارا عبست، لكنها لم تمنع طرف ابتسامة صغيرة من الظهور.

“الجدية تشقينا يا صديقي.” أجبتُ، ثم أضفتُ بسخرية: “من يكسر الصمت يُذكر أكثر ممن يصمت.”

جعلتُ نظري يتجول في القاعة.

على يساري، رأيت شيكاكو نارا ، شاباً، لكنه يحمل حكمة أكبر من سنوات عمره. جلس بجانب والده، شيخ عشيرة نارا ، الرجل الذي لطالما احترمه الجميع حتى الهوكاجي.

بالقرب، فوجاكو أوتشيها واقف بثبات بجوار عمه، شيخ عشيرة الأوتشيها ، عيونهما تلمع بنظرات حذر وفطنة.

ساكامو ، أخي، يقف كالعادة بذراعيه المعقودتين، وعيناه الحادتان تراقبان الحاضرين.

في الصف الأمامي، كان السانين الثلاثة : أوروتشيمارو بملامحه الهادئة الغامضة، جيرايا بابتسامته المعتادة، تسونادي بكبريائها وثقتها.

قادة الجونين توزعوا بين المقاعد: شيكاكو، فوجاكو، يوهي شيكارو ، ومستشارو العشائر.

كل شخص هنا لا يمثل نفسه فقط. كان يحمل صدى أصوات العشائر التي تقف خلفه، ومصير أولئك الذين سيُرسلون إلى الجبهة.

وفجأة، انفتح الباب الكبير بصوت أجوف.

دخل دانزو ، خطواته بطيئة وثابتة، يتبعه اثنان من المستشارين الكبار. ملامحه جامدة كأنها قناع حجري.

ثم، دخل الهوكاجي الثالث، ساراتوبي هيروزن ، بردائه الأبيض ووشاحه الأحمر، وقبعته الرسمية فوق رأسه.

وقف الجميع دفعة واحدة.

قال الهوكاجي بصوت ثابت: “اجلسوا.”

جلسنا جميعاً، والسكون يخيم على القاعة.

“موضوع اجتماعنا الأول…” بدأ الهوكاجي، “تعيين قائد الحملة إلى أرض الرياح.”

ساد صمت ثقيل.

تقدم دانزو خطوة للأمام. صوته منخفض لكنه واضح:

“أدعم ترشيح أوروتشيمارو. خبرته في العمليات المعقدة والاستخبارات تجعله الأجدر بهذه المهمة.”

همهمة خفيفة سرت بين الحضور.

نهض شيخ عشيرة الأوتشيها ، وأومأ لابن أخيه فوجاكو .

قال بصوت واضح مقتضب:

“عشيرة الأوتشيها تؤيد ساكامو هاتاكي.”

ولم يزد بكلمة.

أرسلتُ نظرة شكر صامتة لفوجاكو، الذي رد بهزة رأس خفيفة.

وقف شيخ عشيرة نارا وتكلم بنبرة هادئة حكيمة:

“عشيرتنا، ومعها أكيميتشي وياماناكا، تدعم ساكامو. لقد قاتل أبناؤنا بجانبه طويلاً، ونثق به.”

الهيوجا التزموا الحياد، كما توقعت. قال هيشي هيوجا باقتضاب:

“نثق بحكمة الهوكاجي.”

أما عشائر كوراما، اينوزوكا، وأبورامي ، فقد أعلنوا دعمهم لأوروتشيمارو، تبعاً لتحالفاتهم مع دانزو.

ارتفعت الأعين إلى الهوكاجي.

قال ساراتوبي بصوت ثابت:

“بعد استماع الآراء، أرى أن ساكامو هاتاكي سيتولى قيادة الحملة.”

صمت البعض، بينما أومأ الآخرون بالموافقة.

تابع الهوكاجي قائلاً:

“أما أوروتشيمارو، فسيتولى قيادة العمليات الخاصة في الجبهة الجنوبية. تحركات هانزو في أرض المطر مقلقة، وقد نحتاج لخبرته هناك.”

نظر إلى دانزو مباشرة. دانزو لم يعترض، فقط بقي صامتاً، كأن الصراع السياسي انتهى مرحلياً.

“القرار نهائي.” ختم الهوكاجي. “التحرك سيكون خلال يومين. كل قائد حر في اختيار عناصره.”

حين بدأ الحضور بالتفرق، اقتربتُ من ساكامو.

همستُ بخفة:

“بدأت اللعبة الحقيقية.”

ابتسم أخي ابتسامة صغيرة، لكنها حملت عبء سنوات مقبلة من الحرب.

“وكل خطوة قد تكون الأخيرة.”

في عينيه، لمحت المستقبل… والخطر الذي لا مفر منه.

ممتاز جداً، وضحت الصورة تماماً.

سأكتب الآن الجزء الثاني من الفصل العاشر داخل قصر الهاتاكي، حوار سامورو وساكامو كما حددته، مع إضافة حوارات عميقة توضح تفكير سامورو الاستراتيجي ونظرة ساكامو القيادية.

كان الليل قد أسدل ستاره على كونوها، والهدوء سيطر على القصر كما تفعل السكينة قبل العواصف.

جلستُ في قاعة الاجتماعات الخاصة بعشيرتنا، أنظر إلى خرائط أرض الرياح الممدودة على الطاولة الخشبية الكبيرة.

لم تمضِ لحظات حتى دخل ساكامو ، خطواته ثابتة كعادته، وعلى وجهه عبء القائد الذي يتحمل مصير المئات.

قال بهدوء: “ظننتك ستذهب للنوم بعد الاجتماع.”

ابتسمتُ بخفة. “وكيف أنام وهناك حرب تنتظرنا؟”

جلس قبالتي، وأسند ذراعيه إلى الطاولة. لم يكن يحتاج لأن يتكلم. النظرات بيننا حملت ما يكفي من الكلمات الصامتة.

قطعت السكون قائلاً:

“ني سان… من تفكر في أخذه معك؟”

تنهد ساكامو، نظر إلى الخريطة ثم قال:

“لم أحدد بعد. ما زلت أفكر. هل لديك نصائح؟ وما بال خطتك هذه لرفع أسهمي؟ هل تريد أن تجعلني هوكاجي؟”

ضحكتُ ضحكة صافية. “يبدو أنني كُشفت. انظر إلى الجانب الإيجابي… ستُذكر عشيرة هاتاكي بأنها أول عشيرة فاشلة يصبح منها هوكاجي.”

ابتسم ساكامو، ثم هز رأسه: “فاشلة؟ هذا ما تظنه، أم ما يظنه الآخرون؟”

“كلهم.” قلتها بسخرية خفيفة، ثم أكملت بنبرة جدية: “لكننا سنجعلهم يعيدون التفكير.”

سادت لحظة صمت، ثم قلت بصوت منخفض:

“أخي… يجب أن نتحدث عن الحرب.”

أومأ ساكامو ببطء، مستعداً للإنصات.

قلت: “علينا التواصل مع وغدة الشينجو.”

رفع حاجبيه بدهشة. “هل تقصد الأميرة تسونادي؟”

“وهل هناك وغدة أخرى؟” ابتسمتُ ابتسامة جانبية. “خبرتها الطبية، خاصة في مجال مقاومة السموم، ستكون سلاحاً حاسماً. أرض الرياح مشهورة باستخدام السموم. لو ضمنا وجود تسونادي معنا، سنقلل الخسائر بنسبة هائلة.”

ظل ساكامو صامتاً، يفكر. رأيت في عينيه القبول التدريجي للفكرة.

تابعت قائلاً: “وأيضاً، يجب أن نتحدث مع عشيرة الأوتشيها. تخصصهم في أسلوب النار سيكون ميزة استراتيجية. الرمال ضعيفون أمام اللهب، ويمكننا استغلال الطبيعة لصالحنا.”

قال ساكامو: “علاقتنا بفوجاكو وعمه جيدة. أظن أنهم سيوافقون على التعاون بسهولة.”

أومأت. “سنحتاجهم ليس فقط في القتال، بل في التأثير المعنوي أيضاً. إذا علم جنود الساند أننا نستخدم تقنيات النار بكفاءة عالية، سيزرع ذلك الرهبة في صفوفهم.”

جلس ساكامو بهدوء، ثم تمتم: “تفكيرك بات عسكرياً أكثر مما توقعت يا سامورو.”

ابتسمتُ: “الحرب تعلمنا. ومن لم يتعلم، يسقط.”

ساد صمت آخر، لكن هذه المرة لم يكن صمت تردد، بل صمت تفكير.

كنت أعلم أننا لسنا فقط نخطط لمعركة، بل نرسم خطوط مستقبل كونوها… ومستقبلنا.

السماء كانت تلبس ثوب الليل، والرياح تحمل نسمات باردة كأنها تسبق أحداثاً لا يعلمها إلا القدر.

سرتُ إلى جانب ساكامو عبر الشوارع الصامتة في اتجاه قصر السينجو.

حين وصلنا إلى البوابة، فتح الحراس لنا الطريق دون أن ينبسوا بكلمة.

هؤلاء الرجال يعرفون جيداً أن من يطرق باب عشيرة السينجو في مثل هذه الليالي لا يبحث عن المجاملات.

سرنا في الرواق المزيَّن برايات السينجو العريقة، حتى بلغنا القاعة الكبرى.

فتح الحارس الباب، وهناك… وقفت تسونادي .

كانت شامخة، ذراعاها معقودتان فوق صدرها، ونظرتها الحادة تخترق الهواء.

وما إن وقعت عيناها عليّ حتى تقدمت خطوة، وقالت بصوت غاضب:

“ماذا تريد أيها الوغد؟!”

رفعت حاجبي، وابتسمتُ ابتسامة ساخرة:

“ما زلتِ غاضبة، أيتها الأميرة؟ لم أُفسد ناواكي، بل هو من أفسدني.”

زمّت شفتيها، وعيناها تبرقان بالتهديد. للحظة، اعتقدت أنها ستلكمني كما فعلت مئات المرات في طفولتنا.

لكن ما إن التقت نظراتها بنظرات ساكامو ، حتى خفت حدة ملامحها.

أومأت له باحترام واضح. “ساكامو… لم أعلم أنك سترافق هذا المزعج.”

قال ساكامو بصوته الهادئ المعتاد:

“نحن هنا للحديث، لا للجدال.”

رمقتني تسونادي بنظرة صارمة، ثم أشارت بيدها: “تفضلا بالدخول.”

جلسنا حول الطاولة. أكواب الشاي قُدمت، لكن لا أحد مسها.

بدأ ساكامو الحديث، نبرته رسمية وجادة:

“نستعد للحملة إلى أرض الرياح. وكما تعلمين، الرمال يعتمدون السموم في أسلحتهم وتقنياتهم.”

أومأت تسونادي، لكنها لم تُظهر كثير اهتمام بعد.

تدخلتُ قائلاً:

“نرغب بانضمامكِ للحملة. وجودكِ سيدعم القوات طبياً بشكل لا يُقدَّر بثمن. قدرتكِ على معالجة السموم، وتدريب الفرق الطبية، سيوفر علينا خسائر لا تُحصى.”

رفعت حاجبيها بدهشة خفيفة، لكنها سرعان ما أخفتها.

“تريدونني في خط النار؟”

ابتسمتُ بخفة:

“ليس للقتال فقط. بل لتكوني عصب الدفاع الطبي وتحصين الجنود ضد السموم. وسيتولى ساكامو تأمين الحماية لكِ.”

التقت نظراتها بنظرات ساكامو، ثم بعينيّ. لم تكن بحاجة لتفكير طويل. كانت تعلم أن السؤال هنا ليس عن رغبتها، بل عن مسؤوليتها.

قالت بصوت جاد:

“لو كان ناواكي بين أولئك الجنود، لما سمحت بموته بسبب سم رخيص.”

ابتسمتُ ابتسامة خفيفة.

“لهذا نحتاجكِ.”

صمتت لحظة، ثم قالت:

“سأنضم… بشرط. لا أحد يُملي عليَّ أسلوبي، ولا أوامر فوق سلطتي الطبية.”

قال ساكامو فوراً:

“موافقة.”

حين نهضنا استعداداً للانصراف، نظرت تسونادي إلى ساكامو وقالت بهدوء:

“أثق بك.”

ثم وجهت نظرة صارمة نحوي وأضافت:

“أما أنت… ما زلت تجلب المصائب كما كنت تفعل مع ناواكي.”

ضحكتُ:

“وما زلتِ تلك الأخت التي تصفعني أنا وناواكي كلما أخطأنا.”

هزت رأسها، وابتسامة صغيرة ظهرت قبل أن تخفيها سريعاً.

“احموا الجنود… وعُودوا جميعاً.”

في نفس الليلة، كنتُ مع ساكامو في قاعة الاستقبال بعشيرة الأوتشيها.

جلسنا قبالة فوجاكو وعمه شيخ العشيرة .

بدأ الحديث بنبرة رسمية.

قال ساكامو:

“نتقدم بالشكر لعشيرتكم لقبول الاجتماع. قوات الأوتشيها ستكون محورية، فالنيران هي سلاحنا الأمثل ضد الرمال.”

أومأ فوجاكو بثقة:

“رجالنا مستعدون. سنخصص وحدات للقتال في التضاريس الصعبة، مع تدريب خاص لمواجهة الرمال المتحركة.”

كل شيء سار كما توقعت.

الكلمات مدروسة. الخطة واضحة.

لكن بينما تابع ساكامو الشرح، لم تكن عينا شيخ العشيرة تنظران إلى الخريطة… بل إليّ أنا.

قال بنبرة منخفضة:

“ندرك حجم المخاطرة التي نتحملها بدعمكم في هذه الحرب.”

أجاب ساكامو:

“ستنال عشيرتكم تقديراً يليق بتضحياتها.”

لكن الشيخ لم يكتفِ بهذا الرد.

رفع بصره نحوي، نظر إليّ نظرة طويلة، وكأنها تقرأ خلف الكلمات.

“ونحن نتوقع أن تحفظ عشيرتكم هذا التعاون… في ذاكرتكم، وفي أفعالكم.”

لم أتردد. نظرت إليه بثبات وقلت:

“لن ننسى.”

كانت عبارة بسيطة، لكنها حملت ما هو أبعد من المعاني الظاهرة.

ساكامو و فوجاكو اعتقدا أن النقاش انتهى هنا.

لكن الحقيقة… كانت في تلك النظرة المتبادلة بيني وبين الشيخ.

لم تكن تحتاج إلى مزيد من الشرح.

“السياسة

الحقيقية

لا

تُقال،

بل

تُفهم

.

حين خرجنا من القاعة، قال ساكامو بصوت خافت:

“أرى أن النقاش سار كما خططنا.”

ابتسمتُ بخفة:

“تماماً كما توقعت.”

لكنه لم يعلم… أن جزءاً من الخطة لم يُكشف بعد، ولن يُكشف.

2025/05/08 · 51 مشاهدة · 1593 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025