“يو، يارا.”
كانت تقف تحت ظل شجرة الساكورا القديمة في ساحة التدريب الشرقية. شعرها القصير الأسود، الذي يعكس طبيعتها العملية وقوتها، تحرك مع نسمات الصباح الباردة.
رفعت رأسها فوراً، عيناها الرماديتان التمعتا بدهشة خفيفة. “نعم، سامورو؟”
تقدمتُ خطوة، حتى صرت قريباً بما يكفي لتلتقي أعيننا.
“هناك تقنية… أريد أن أسلمك إياها.”
قلتُها بوجه جاد، نبرة لا أستخدمها إلا نادراً.
عبست يارا، ملامحها الجدية ظهرت فوراً. “تقنية؟”
على بُعد خطوات، كان ميناتو يجلس بجوار شجرة أخرى، يرسم أختاماً على لفافة. رفع بصره عندما سمع نبرتي، ابتسم بخفة، كأنه توقع هذا.
كوشينا، التي كانت تمسك بدفتر صغير، توقفت عن الكتابة ونظرت إلينا. “ماذا هناك؟”
ميناتو مال نحوها، همس بابتسامة: “سامورو جاد اليوم… هذا نادر.”
يارا اقتربت خطوة، نظرتها أصبحت أكثر جدية. “ما هي التقنية؟”
ابتسمتُ، لكن بدون أن أخفف من جديتي. “ستعرفين قريباً.”
ميناتو قال بمكر وهو يعبث بأختامه: “هذا يعني أنه قرر أخيراً أن يعترف بشيء.”
كوشينا نظرت إليه، ثم نظرت إليّ مبتسمة: “شيء شخصي؟”
لم أرد. فقط قلت بهدوء: “سلاح للضرورة. وليارا فقط.”
تايم سكب — بعد أسبوعين
“جربيها مرة أخرى.”
وقفت أمام يارا في ساحة التدريب.
كانت الشمس تشرق بين الأغصان، ناثرةً خيوط الضوء فوق الأرض الرطبة.
يارا أومأت، جمعت التشاكرا في راحة يدها. التيار الكهربائي بدأ يتجمع ببطء، ثم أطلق أزيزاً خافتاً عندما تدفق على طول ذراعها.
راقبتُ عينيها… الإصرار، الثقة، والذكاء.
تحركت بسرعة خاطفة، ضربت الجذع الخشبي، وانفجرت الطاقة عند التلامس. صوت التشقق كان واضحاً، والخشب تحطم بحدة.
نظرتْ إلى يدها بدهشة، ثم إليّ. “سامورو… هل حقاً أنت اخترعت هذه التقنية؟”
ابتسمتُ. لم يكن إعجاباً بالتقنية فقط، بل بها. قوتها… طريقتها السريعة في التعلم… وعزمها الذي لا يتغير.
“الذي اخترعها ابن أخي.” قلتُ بابتسامة ساخرة.
تجهمتْ. “لا تملك ابن أخ في الأصل.”
ضحكتُ. “هذه الحقيقة.”
هزّت رأسها بيأس، ثم قالت بجدية: “لقد شعرت أن هذه التقنية قوية جداً… لكنها تستهلك طاقتي بشكل ضخم.”
جلستُ على صخرة قريبة، وضعتُ سيفي بجانبي.
“يارا، اسمعيني.” نطقتُ بنبرة جادة.
سكتتْ فوراً، عيناها ثابتتان تنتظران كلماتي.
“هذه التقنية مخصصة للقتل والاغتيال. تستهلك تشاكرا كثيرة. لا يمكنكِ استخدامها ضد الجميع، خاصة في الحرب المقبلة. استخدميها فقط عندما تواجهين خصماً أقوى منك، خصم لا تملكين أمامه سوى ضربة واحدة.”
أومأتْ ببطء.
في داخلي، قلت دون صوت: أتمنى أن تبقي بخير.
ميناتو وكوشينا كانا يراقباننا من بعيد. لاحظتُ أن كوشينا همست شيئاً لميناتو، فابتسم ابتسامة خفيفة.
في نفس اليوم — المساء
في الوقت الذي غابت فيه الشمس، توجهتُ إلى ساحة القتال الخاصة بعشيرتي.
هناك، انتظرني رجل أعرفه جيداً… أخي، ساكامو.
كان واقفاً بثبات، السيف على ظهره، ينظر إلى الأفق حيث امتدت أراضي النار بلا نهاية.
اقتربتُ منه، وقفت بجانبه بصمت، نراقب معاً اتساع الأرض التي كنا سنقاتل لأجلها.
“ني سان…” بدأتُ، “هل ستقود الكتيبة التي ستتجه إلى أرض الرياح؟”
هز رأسه ببطء. “نعم. الهوكاجي طلب مني قيادة الجبهة الغربية. الرمال يتحركون بسرعة، ويحتاجون لمن يوقف تقدمهم.”
سكتُّ لبرهة، ثم قلت: “سأذهب معك.”
ساكامو التفت إليّ، عيناه لم تخفيا القلق الأخوي المعتاد. “الحرب ليست تدريباً يا سامورو.”
ابتسمتُ. “لهذا السبب يجب أن أكون هناك.”
هز رأسه ببطء، كأنه توقع هذا الرد.
“قبل أن نذهب…” قال، “أريد أن أرى ما وصلت إليه. سمعتُ أن لديك الآن أسلوباً جديداً.”
أومأتُ. “سيافة الوهم.”
“نزال ودي إذن؟”
“نزال ودي.”
وقفنا متقابلين في وسط الساحة، كل منا أمسك بسيفه.
الهواء كان ساكناً، كما لو أن الطبيعة تحبس أنفاسها في انتظار هذا اللقاء.
ساكامو رفع سيفه بثبات. “لن أجاملك.”
ابتسمتُ. “ولا أنا.”
بدأنا بالدوران ببطء حول بعضنا البعض.
كنت أعرف أسلوبه جيداً. قوته في الثبات والدقة. أما أنا… فكنت أعتمد على السرعة، التمويه، والخداع.
هاجم ساكامو أولاً. ضربة سريعة رأسية. صدَدتُها، لكن قوتها دفعتني للخلف خطوة.
“ما زلت تحتفظ بقوتك.” علقتُ.
ابتسم. “وأنت أسرع.”
تناوبنا الضربات. كل صدى لاصطدام السيوف كان يحكي قصة القتال.
كانت خطواته دقيقة، ثقيلة، تحمل وزن سنوات من الخبرة. أما أنا، فكنتُ أتحرك بخفة، مثل الرياح بين الأغصان.
ساكامو ضغط الهجوم. ثلاث ضربات متتالية.
صدَدتُ اثنتين، والثالثة أفلتُّ منها بمناورة.
“لن تدوم سرعتك طويلاً، سامورو.” قال بنبرة هادئة.
“ولا تحتاج لأن تدوم.” ابتسمتُ.
ثم، جاءت اللحظة.
“اللحظة الواحدة.”
حبستُ التشاكرا في سيفي. لا برق. لا ضوء. فقط صمت الانتظار.
ساكامو وجه ضربة أفقية. تركتها تمر بجانب كتفي.
وفي اللحظة التي تلامست فيها السيوف، أطلقتُ التشاكرا.
الوهم انفجر في دماغه. رأيت عينيه تتجمدان، تركزتا على ضربة قادمة من اليمين، بينما الضربة الحقيقية جاءت من اليسار.
لكن… تحرك بشكل لم أتوقعه.
بقوة خبرته، كسر الوهم في اللحظة الأخيرة. تحرك بزاوية دقيقة، ومنع الضربة.
قبل أن أفهم كيف فعلها، وجدتُ سيفه يلامس عنقي بخفة.
“النزال انتهى.” قال بثبات.
تجمدتُ للحظة، ثم ابتسمتُ.
“كما توقعتُ.”
أنزل ساكامو سيفه، نظراته ليست نظرات منتصر متعالٍ، بل أخ أكبر فخور.
“تقنيتك عظيمة، سامورو. لو كان خصمك أي شخص آخر، لسقط تحت وهمك.”
“لكن الخبرة انتصرت.”
“دائماً.”
صمتنا للحظة. الهواء حمل رائحة المطر القادم.
“كن مستعداً يا أخي.” قال ساكامو. “أرض الرياح تنتظر.”
“أنا مستعد.”
في تلك الليلة، جلستُ في غرفتي، السيف في حجري.
سيافة الوهم لم تعد مجرد تقنية. أصبحت جزءاً من روحي، من فلسفتي.
القتال لم يكن استعراض قوة. لم يكن سحق العدو. بل كان ذكاءً… دقةً… وسيطرة على اللحظة.
وغداً، حين تهب رياح الحرب، سأكون مستعداً… وأقوى.