كان صمته هو التحذير.
لم يقل شيئًا.
لم يرفع صوته.
فقط ضم كفّيه… وأغمض عينيه.
وفجأة…
ارتجّت الأرض.
سمعت الصخر يتشقق من بعيد،
والهواء نفسه بدأ يصرخ.
ثم رأيته.
ورأيتها.
بوذا ضخم… ذو ألف ذراع.
كل ذراع أكبر من شجرة عملاقة،
وكل كفّ موجهٌ نحوي،
كأن الإله نفسه قد قرر أن يسحقني بكامل وزنه.
**
“يا إلهي…”
همستها دون قصد.
لم أتراجع…
لكني عرفت:
هذه اللحظة ليست للكبرياء… بل للنجاة.
⸻
اختفيت.
ومضة…
ثم ومضة…
ثم ومضة.
ضربات الأذرع تنهال على المكان الذي كنت فيه،
كل ضربة تُحدث انفجارًا أرضيًا،
وتخلق سُحبًا من الغبار والصخور.
واحدة… لو لم أكن في الهيراشين…
لكسرتني تمامًا.
**
“القوة هذه… حتى الراسينغان لا تكفي.”
ثم جاءت الفكرة.
عضضت على أسناني، جمعت الشاكرا في لحظة واحدة،
وفعلت:
“تقنية نسخ الظل المتعددة!”
ظهر عشرات النسخ من حولي…
كل نسخة رفعت يدها اليمنى،
وجمعت راسينغان ضخمة ، مشبعة بشاكرا الناسك.
الهواء بدأ يهتز من كثافة الضغط.
**
“كل نسخة ستهاجم ذراعًا…
نقطع هذه الوحشية من الجذور.”
**
ركضنا معًا، أنا ونسخي،
نقفز بين الصخور، نتحرّك بسرعة محسوبة.
أول ذراع…
اصطدمت بها ثلاث راسينغان.
الخشب تفتّت،
الطاقة انفجرت،
وأحد الأذرع تهشّم وانكسر!
نسخة ثانية صعدت أعلى،
ضربت كفًا قادمًا نحونا.
انفجار آخر…
ثم آخر…
كانت المعركة تبدو كأنها سماء تُقاتل نفسها.
**
رأيت وجه هاشيراما أعلى البوذا،
ما زال صامتًا،
لكنه كان يراقبني.
“هل يشعر بالحزن؟
هل ما زال جزء منه واعيًا؟”
لكنني لم أملك الوقت لأتساءل.
**
أحد النسخ سُحق.
ثم آخر.
لكنني كنت أقترب.
أذرعه تتساقط واحدة تلو الأخرى،
ببطء… لكن بثبات.
“هكذا إذاً…”
همستُ وأنا أركض فوق أحد جذوع الذراع المتكسرة.
“حتى الآلهة…
يسقطون إذا عرفت متى وأين تضربهم.”
⸻
مع كل ذراع كنت أحطمها…
كان جسدي يزداد إنهاكًا،
وشاكرا الناسك تتراجع شيئًا فشيئًا.
لكن نظري لم يغادر الرأس.
رأس البوذا.
موقع التحكم.
مركز الاتصال بين هاشيراما وهذا الوحش الخشبي.
كنت قد زرعت الخطة.
نسخة واحدة…
أخفيتها خلف أحد الصخور،
لم تُشارك في المعركة،
انتظرت.
وها قد حانت لحظتها.
**
رأيتها تتحرّك الآن،
تجمّع شاكرا ضخمة في كفها،
تدوير عنيف، صرير الهواء،
راسينشوركن بدأت تدور كالنجمة.
“الآن…!”
أطلقتها النسخة بقوة كاملة،
موجهة نحو رأس البوذا العملاق.
أرض المعركة صمتت لحظة…
حتى الهواء بدا وكأنه توقف ليشاهد.
**
لكن قبل أن تصل…
ارتفع شيء من بين أكتاف البوذا.
تنين خشبي هائل.
خرج من ظهر التمثال كوحش من أعماق الأرض،
دار حول الرأس، ثم اندفع ليواجه الهجوم.
**
اصطدمت الراسينشوركن بالتنين مباشرة.
الضوء انفجر،
الريح صرخت،
والصدى دوّى في أرجاء الجبهة.
ظللت أراقب…
ثم رأيت التنين يتفتّت.
خشبه تكسّر، طاقته تلاشت، لكنه…
أوقف الهجوم.
**
“توقّع ذلك…”
همست، وأنا أراقب الغبار يتصاعد من السماء.
**
هاشيراما…
لم يتحرك.
لكنه كان يعرف.
“إذاً… حتى التنين لم يكن سوى طبقة دفاع.”
نظرتُ إلى أعلى…
التمثال ما زال واقفًا،
لكنه فقد عدة أذرع، ودرعه تناثر.
وأنا…
كنت أستعد لما بعد.
“المواجهة الآن… لم تعد عن البوذا.”
“الآن… وقت إنهاء كل شيء.”
⸻
ألف ذراع…
ألف موت يلوّح في كل اتجاه.
كل خطوة خاطئة تعني سحقًا نهائيًا.
لكنني لم أتردد.
كنت أرى مساري بين الجحيم.
**
أذرع البوذا تنهال كالعواصف،
كل واحدة منها تُسحق بها أرض كاملة،
لكنني كنت أخترق الفراغ بينها كالبرق.
أطلقت خناجري بسرعة،
واحدة… اثنتان… خمس…
الوميض يتنقل، والجسد يتبع.
الزمن أصبح ملكي الآن.
**
تفاديت ضربة أفقية بوميض خاطف،
ثم انتقلت أعلى جذع مكسور
ثم خلف ذراع ملتوية…
حتى وجدت اللحظة التي كنت أبحث عنها.
**
وقفت على ذراع ثابتة للحظة.
نظرت إلى الأعلى.
رأس البوذا.
حيث يقف هاشيراما…
مركز القوة، قلب المعركة.
أخرجت خنجرًا جديدًا من ختمي،
نقشت عليه ختم الهيراشين بثبات،
ثم همست:
“الوميض الأخير.”
**
رميته.
ارتفع في الهواء كشهاب،
واخترق الريح حتى غُرس في الخشب الضخم لرأس البوذا.
في اللحظة التالية…
اختفيت.
**
ظهرت فوقه.
الهواء هناك… ساكن.
الضغط… ثقيل.
لكن الأرض تحتي الآن ليست أرضًا… إنها كتف إله.
نظرت أمامي…
وها هو هاشيراما سينجو .
واقفًا.
صامتًا.
كأنه كان ينتظرني.
أذرع البوذا تتوقف عن الحركة.
كل شيء سكن…
إلا أعيننا.
أنا وأنت فقط.
نهاية الرحلة… بدأت الآن.
⸻
الوقوف هنا…
فوق رأس البوذا،
ليس شرفًا… بل مخاطرة.
كل شبرٍ حولي ينبض بشاكرا الطبيعة،
كأنني أقاتل الأرض نفسها.
لكنّ نظري لم يفارق هاشيراما سينجو .
كان يقف على بُعد خطوتين،
جسده في نمط الناسك،
عيناه تلمعان بهدوءٍ مخيف.
**
لم أنتظر.
اندفعت نحوه…
خنجر الوميض في يدي، مغلف بعنصر الرياح،
مُعد للقطع.
لكنه كان جاهزًا.
ذراعه تحركت بخفة لا تليق بجسده الضخم،
خشب كثيف خرج من راحته،
وتصدى للضربة الأولى.
**
تراجع خطوة، ثم ضرب بكفّه.
رمح خشبي اندفع نحوي من نقطة عمياء.
انتقلت عبر ختم خلفه،
ثم ظهرته مجددًا.
راسينجان سريعة… من الأسفل إلى الأعلى.
أدار جسده وتفاداها،
ثم رد بركلة مباغتة.
صدَمتني في كتفي،
تراجعت…
لكنني كنت قد زرعت خنجرًا على الأرض تحتي.
**
ومضة…
وعدت إلى فوقه.
تبادلنا الضربات.
ركلة… تصدٍ.
قطع… انحراف.
خشب… برق.
**
كنت أسرع.
لكنه أقوى.
كنت أدق.
لكنه أعمق.
كل حركة منه تحمل خبرة قرن،
وكل ضربة مني تختصر عصرًا من السرعة.
**
صرخ الهواء حولنا.
كل خطوة نهز بها رأس البوذا،
كأن التمثال بدأ يتصدع من وطأة المعركة.
**
رفعت رأسي.
نظرت إليه.
“هذا هو الفارق…
لست أقاتل مجرد هوكاجي.”
**
تقدم بخطوة.
وقال بهدوء:
“وأنا لست أقاتل مجرد وميض…
بل برقًا لا يُمكن إيقافه.”
ثم هجم مجددًا.
⸻
لم تكن معركة قتالٍ فحسب…
بل صراع عقول،
صراع أعمار.
كل ضربة من هاشيراما كأنها تحمل حكمة جيل،
وكل حركة مني تختبر حدود الزمان والمكان.
لكن شيئًا بداخلي كان يعلم…
إن لم أفتح فجوة الآن،
لن أجد فرصة أخرى.
**
خدعة صغيرة…
خطوة خاطئة…
وتركت له الفراغ.
**
هاجم.
رأيت الخشب يلتف من كفّه،
يتحول إلى رمح حاد .
طعنني به.
شعرت بالاختراق.
اختنقت لحظة.
لكنني…
ابتسمت.
**
استفدت من المسافة.
وضعت كفّي على ظهره تمامًا،
حيث استقرت يدي للحظة واحدة.
ونقشت الختم.
ختم الهيراشين.
**
تراجع، سحب الرمح، وأنا ترنحت للخلف.
الدم يسيل من جانبي…
لكني كنت قد أنهيت ما أردت.
رفع رأسه، ونظر إليّ:
“أصُبتَ.”
أجبته، بابتسامة متعبة… لكنها مليئة بالمعنى:
“لكنّي…
وصلت.”
**
“متى…؟”
سأل، كأنه فهم متأخرًا.
أشرت إلى ظهرك.
“من هنا… ستكون النهاية.”
⸻
الرمح اخترقني…
الدم تساقط على الخشب.
لكنه لا يعلم…
أنه لم يكن الوحيد الذي أصاب.
كنت قد طبعت الختم…
بهدوء، في اللحظة التي حسبها انتصارًا.
**
سحبت نفسي للخلف،
الأنفاس ثقيلة…
لكني ما زلت أقف.
“الآن…”
رفعت راحتي اليمنى،
جمعت شاكرا الناسك بسرعة،
تجمعت في شكلٍ لولبي، دوّار…
راسينغان.
لكن هذه ليست راسينغان عادية.
شاكرا الغضب، الدقة، و… النية الوحيدة: إنْهاؤه.
**
هاشيراما بدأ يدور، يحسّ بالخطر،
لكن…
ومضة.
اختفيت.
وفي اللحظة التالية…
ظهرت خلفه.
يدي اندفعت مباشرة إلى ظهره حيث طُبع الختم،
وغرزت الراسينغان بكل قوتي في عموده الفقري.
**
“راسينغان!!”
الهواء انفجر.
الصوت دوّى فوق الوادي.
الخشب تصدّع.
الطاقة انفجرت على شكل لولب عملاق.
ظهر هاشيراما انحنى للأمام من شدة الضغط.
**
صرخ بصوت لم أسمعه من قبل.
صوت رجلٍ أُجبر على القتال،
لكن قلبه لم يكن هناك.
**
تراجعت، والدم يقطر من فمي،
أنظر إليه وهو ينهار على ركبتيه…
جسده يرتجف.
**
“هذه… النهاية، هاشيراما سينجو.”
⸻