كان الليل قد أسدل ستاره على المعسكر، والريح تحمل في طياتها رائحة التراب والعرق والرماد. داخل خيمة القيادة، جلستُ أمام ساكامو، مصابي بدأت تخف تحت العلاج، لكن التعب لم يترك عينَي أخي.
كان يراجع الخرائط، يدوّن تحركات العدو، عينيه تتحركان بسرعة العقل المخضرم. لم أطق الانتظار أكثر.
“ني سان…” قلتها بصوت هادئ، لكن معبأ بثقل القرار الذي أحمله.
رفع رأسه ببطء، عيناه التقتا بعيني. كانت نظرة الأخ والقائد معاً.
“لدي خطة.”
أومأ لي كي أتابع.
“لقد طورتُ تقنية دمجت فيها الفوينجتسو والجينجتسو وأساليب التمويه التي أبرع فيها. الختم الجديد يسمح لي بإخفاء تشاكراي بالكامل… حتى بالنسبة لأقوى النينجا الحساسين. لن يتمكنوا من الشعور بي إطلاقاً.”
ظل ساكامو صامتاً.
“سأتسلل إلى خلف خطوط الرمال، وأدمّر مؤنهم الغذائية وأستهدف النينجا الحساسين. بعد ذلك، سأترك آثاراً مزيفة لحاميات المطر… ليعتقدوا أن الهجوم جاء من جانبهم، مما يدفع الرمال إلى تعليق العمليات ضدنا وتحويل تركيزهم.”
ساكامو عقد حاجبيه. لم يكن يشكك، بل يفكر.
“كل معركة خضتها…” قال بصوت منخفض، فيه نبرة من الألم. “…كنت تحارب وكأنك لن تعود حياً.”
لم أستطع كبح الابتسامة الساخرة. “لكنهم لم يستطيعوا إلى الآن.”
نظر إليّ طويلاً. ثم تنهد. “هذه ليست مسألة إلى الآن، سامورو.”
“أعلم.”
“الخطة خطيرة، وربما تكون فرص النجاة ضئيلة.”
“لأجل هذا نحن شينوبي، ني سان.”
بعد لحظة صمت، أومأ. “سنعرضها على المجلس. القرار لن يكون قراري وحدي.”
في الصباح، خيمة القيادة امتلأت.
ساكامو في صدر الخيمة، إيزونا إلى يمينه، وشينزاكي نارا إلى يساره، جبهته مرسومة بالتفكير الدائم.
ثم دخلت تسونادي.
ملامحها جامدة، لكن القلق يظهر خلف الصلابة.
جلست صامتة.
ساكامو قال: “سامورو. اشرح للجميع.”
وقفت. نظرت إلى الوجوه جميعاً. لم أرَ قادة فقط. رأيت من سيتحملون ثمن قراري، إن فشلت.
“كما قلت لساكامو-ني سان… طورت تقنية أسميتها فوئينجتسو: كاجي نو كاكوماي. عباءة الظلال.”
وضعت لفافة على الطاولة. فتحتها. الرسم المعقد للختم انكشف.
“الختم مصمم لسحب ذبذبات التشاكرا وإعادة توزيعها في البيئة. لا توقيع تشاكرا. لا صوت. لا اهتزازات.”
إيزونا انحنى ينظر للختم. عيناه المتمرسة حللت التركيب.
“سأستخدم التقنية للتسلل إلى خطوط الرمال. الهدف الأول: المؤن الغذائية. الهدف الثاني: الحساسين. الأهداف الثانوية: نشر أدلة مزيفة لحاميات المطر، ليظن الرمال أن الخطر يأتي من المطر، لا من كونوها.”
شينزاكي قال بهدوء: “الاستنزاف الاستراتيجي. تخريب إمدادات العدو وعينهم وآذانهم… وخلق ذعر سياسي.”
أومأت. “بالتحديد.”
تسونادي زفرت بقوة. “سامورو، لو افترضنا أن الختم يعمل كما تقول… الرمال لا يعتمدون فقط على التشاكرا. يستعملون الارتجاجات، الرائحة، وحتى حس الرمال الذكية. أي خطأ… موت.”
رفعت عيني بثبات. “لم أخطط للخطأ.”
إيزونا قال: “لكن إن نجحت الخطة، ستجبر الرمال على التوقف مؤقتاً. وهذا يمنحنا الوقت لإعادة تنظيم قواتنا… وربما إنهاء الحرب بلا مواجهات مفتوحة.”
تسونادي ضربت الطاولة بيدها. “أنتم تتحدثون كأننا نلعب رقعة شطرنج! هذه ليست أرقاماً. هذه حياة شخص.”
“ليست حياة شخص،” قال شينزاكي بهدوء. “إنها حياة عشرات… وربما مئات من رجالنا.”
ساكامو لم يتكلم. عيناه فقط مثبتتان عليّ.
تقدمت خطوة. أخرجت لفافة ثانية.
“أعرف أنكم تشكون. لهذا… سأريكم.”
وضعت إصبعي على مركز الرسم.
فعلت الختم.
في لحظة… تشاكراي اختفت.
إيزونا جفل قليلاً. تسونادي اتسعت عيناها. حتى شينزاكي، الذي نادراً ما يتأثر، ارتفع حاجباه.
“لا يمكنني الشعور بتشاكراك.” قالت تسونادي بصوت خافت.
إيزونا لمس الهواء من حولي. “ولا أنا.”
ساكامو أغلق عينيه للحظة.
تسونادي صاحت: “حتى لو أخفيت التشاكرا… لن تخفي آثار الدم. أنفاسك. أصوات خطواتك. الرمال أذكى من ذلك.”
“لقد تدربت على تقنيات الإخفاء البصري والصوتي. كل خطوة محسوبة. كل حركة ستكون جزءاً من الخطة.”
رفعت بصري إليهم جميعاً.
“سأفعل أي شيء، لأجل إنقاذ ولو حياة شخص واحد… شخص واحد فقط، يهمني أن يبقى.”
صمت.
“ولو كلفني ذلك حياتي.”
تسونادي بدت وكأنها ستعترض مجدداً، لكن شينزاكي وضع يده على الطاولة.
“إنه قراري أيضاً، يا تسونادي. كقائد عشيرة. لو لم نجازف الآن، قد نفقد أكثر من مجرد شينوبي واحد. سنخسر المستقبل.”
إيزونا قال بهدوء: “أنا أؤيد. الرهان كبير، نعم. لكن البديل هو المزيد من الموت المؤكد.”
ساكامو ظل صامتاً، ثم رفع عينيه إليّ.
“أنا… أعرف أنني لا يمكنني منعك. حتى لو رفضت، ستجد طريقك للقيام بهذا.”
“ني سان…”
“لكنني سأكون الأحمق إن لم أضع كل قوتنا خلف ظهرك.”
وقف. التفت إلى الجميع.
“الخطة ستنفذ. بدءاً من الغد.”
تسونادي زفرت، لكنها لم تعترض. “إذن، سأعد مصل الطوارئ. لو أصبت، وأحضروك لي في الوقت المناسب… سأقاتل الموت لأجلك.”
أومأت. “هذا كل ما أحتاجه.”
ساكامو قال بصوت حاسم: “ابدأ الإعداد. ستنطلق مع أول ضوء.”
في تلك الليلة، لم يكن النوم ممكناً.
لم يكن الخوف ما أبقاني مستيقظاً.
بل فكرة واحدة… أن هذه قد تكون آخر مرة أرى وجوههم. أخي. أصدقائي. الذين وقفوا معي رغم كل شيء.
لكن لو نجحت… سينجو الكثير.
وسيصبح الظل درعاً، لا مقبرة.