اليوم

هو

اليوم

السادس

بعد

الاجتماع

الهدوء ثقيل. ليس هدوء المعسكر بعد معركة… بل هدوء العقل حين لا يكون هناك عذر للهرب من الأسئلة.

لماذا أشعر أني ما زلت داخل معسكر الرمال؟

هل انتهت المهمة حقًا؟

أم أن المهمة الحقيقية بدأت الآن… حين لا أحد يراقبني؟

أجلس على الأرض، أفرش أمامي ثلاث لفافات فارغة، وأضع بجانبها حجرًا صغيرًا أستخدمه للضغط بدلاً من القلم. الفكرة ليست الرسم… بل القرار.

ختم الانتقال أولاً.

لماذا أحتاج ختم انتقال؟

الهيرايشن بعيد المنال، وميناتو نفسه بالكاد بدأ يلمح له. لكن لو كان عندي ختم يسمح لي بالتنقل بين نقطتين، ولو بعد خمس ثوانٍ من التحضير… يكفيني.

لا أريده في القتال… بل أريده في الإنهاء. في كمين. في موقع حساس أريد أن أختفي منه فورًا بعد الضربة.

هل الفكرة منطقية؟

نعم. لأن التسلل والانسحاب عندي أكثر أهمية من المواجهة.

أبدأ برسم دائرة فيها مسارين لتدفق التشاكرا، ثم أضيف خطًا مائلًا لتوجيهها. لكن التشاكرا تتداخل. أشعر بأنها تتصارع داخل الورقة.

أغلق عيني.

أسأل نفسي: التشاكرا، عندما تتحرك… هل تبحث عن هدف؟ أم تنتظر أن تُوجّه؟

أقرر تعديل الرسم. أضع نقطة ارتكاز لتوجيه المسار. أحاول مرة أخرى.

هنا… بدأت أشعر بالثبات. التشاكرا تستجيب.

لكنها بطيئة.

وهذا جيد… أنا لا أريد السرعة، أريد الدقة.

أنتقل إلى لفافة أخرى.

ختم إخفاء التشاكرا.

النسخة التي أستخدمها ممتازة للتمويه، لكنها عديمة القيمة أمام المستشعرين المهرة.

أسأل نفسي:

هل الإخفاء هو الحل؟ أم التلاعب؟

هل الأفضل أن أُخفي تشاكراي؟ أم أظهر تشاكرا مزيفة؟

ماذا لو شعر بي المستشعر… وظنني نملة؟

أو فأرًا؟ أو تشاكرا لا تشكل خطرًا؟

أبدأ برسم ثلاث دوائر حول الختم الرئيسي. كل دائرة تحاكي ترددًا معينًا. الأولى تردد طاقي منخفض، يشبه حركة الهواء. الثانية تشاكرا بشرية ضعيفة. الثالثة تشاكرا ميتة.

“العدو لا يهتم بما لا يفهمه”، أقول لنفسي.

“لذا سأجعله يفهم ما أريده أن يراه.”

أضع خطًا رفيعًا بين الدوائر، لخلق تشتت.

أشعر بأن الختم بدأ يتنفس.

جميل.

ثم أصل إلى ما كنت أنتظره…

ختم الذاكرة.

أوقف كل شيء.

أغلق اللفافات.

أتنفس.

“لماذا أحتاج هذا الختم؟”

أسأل نفسي ببطء، وكأني أخاف من الجواب.

ليس لأني أخاف من الذكريات…

بل لأنني لا أحتمل أن أنسى واحدة.

كيف سأعرف متى تغيّرت نبرة صوت جاسوس؟

كيف أسترجع موقع خيمة كازو ليلة الهجوم؟

متى كانت لحظة ارتباك تشو الأولى؟

وما كانت ملامح عيون الضابط الذي تأخر في إعطاء أمر الانسحاب؟

كل هذه تفاصيل… لكنها مفاتيح.

التفاصيل الصغيرة لا تُكتب في التقارير.

لكنها تُغير مصير أمم.

لهذا أريد ختم الذاكرة.

ليس ليستعيد المشاهد كأنني أشاهدها… بل ليمنحني مكتبة لحظية، عقل احتياطي .

أبدأ بالرسم.

الدائرة الأولى لتخزين المشهد.

الثانية لتحديد نوع الإشارة (سمع، بصر، إحساس).

الثالثة لتأمين الدخول.

أرسم حرف S داخل العين. صغيرة، مائلة.

لماذا تحت العين؟

لأن العين ترى… لكن سامورو يحفظ.

أستخدم أدوات الحفر الدقيقة، مع تشاكرا منخفضة، وأحفر تحت عيني اليمنى.

لا ألم.

لكن في لحظة التفعيل، شعرت بارتجاج في رأسي.

ليست صداعًا… بل كأن بابًا قد فُتح.

أتأمل لدقائق. لا صوت. لا فكرة.

ثم أختبره.

أتذكر وجه تسونادي في لحظة غضبها عليّ.

أستدعي نظرتها. عيناها. ارتجاف يدها. رائحة الزيت على قفازها.

كل شيء واضح.

الختم يعمل.

أتجه إلى خيمة ساكامو.

يدرك ما أطلبه قبل أن أتكلم.

“أريد كل الخرائط، كل تحركات العدو، وأحدث معلومات استخبارات كونوها.”

ينظر إلي للحظة. لا يسأل لماذا.

يُخرج اللفافات.

يعطيني صندوقًا صغيرًا فيه سجلات من نارا، وهيوغا، وآنبو مجهولي الهوية.

“شكراً، ني سان.”

في الليل، أجلس في خيمتي.

أفرش الخرائط.

أضع علامات على الجبهات.

وأبدأ أفكر.

“لو كانت كيري تتحرك من البحر، من سيواجهها أولاً؟”

“إذا استغلت سونا انشغال كونوها بالمطر… من يحمي الحدود الجنوبية؟”

“هل ستخون كونوها أحد حلفائها لتقليل الضغط؟”

أضع ورقة جديدة.

أرسم ساحة حرب… فيها كل القرى، كأنها بيادق على رقعة شطرنج.

لكن اللعبة ليست عادلة.

البيادق هنا… تموت حقًا.

أغلق عيني.

أول مشهد يُحفظ في ختم الذاكرة… ليس معركة.

بل خريطة.

خريطة لحرب… لم تبدأ بعد.

لكنها بدأت… في رأسي.

الورقة أمامي مليئة بالخطوط. بعضها مائل، بعضها ملتف، بعضها حاد كأنني رسمته بسكين.

أنا لا أدوّن استراتيجيات، بل أسجل نوايا القرى.

ما الذي تريده كيري؟

لماذا سونا هادئة بعد أن فقدت قادتها؟

هل تتصرف تشو بدافع الانتقام… أم تنتظر تحرك كونوها لتبرر الرد؟

أستخدم ختم الذاكرة وأبدأ استدعاء كل معلومة حصلت عليها. أشبه ما يكون بفتح أدراج عقلي.

صور، مشاهد، تفاصيل صغيرة:

قائد فرقة من كومو يحمل دائمًا لفافة زرقاء.

أحد تقارير نارا ذكر أن مجموعة من كيري شوهدت في وادٍ بعيد عن جبهتها الأصلية.

تقرير قديم عن الرمال أشار أن تشو تحتفظ بجونين نخبة في الداخل رغم الحرب.

كل واحدة من هذه التفاصيل… كأنها إبرة في كومة نار.

أربطها.

“إذا كانت كيري تنتشر خارج جبهتها، فهي تستعد للتوسع.”

“تشو تُخفي قوتها… لأنها لا تثق بالتحالف.”

“كومو… لا تزال تنتظر فرصة، وتراقب فقط.”

أنا لا أحلل… أنا أقرأ نوايا بشر لم يكتبوا نواياهم أبدًا.

اليوم التالي.

أقرر اختبار أختامي.

أذهب إلى أرض تدريب مهجورة قرب الخيمة القديمة، حيث تُجرى تدريبات الأنبو الصامتة.

أرسم ختم الانتقال على حجر، وختمًا آخر في نهاية الممر.

أملأ التشاكرا ببطء. أشعر بها تتحرك داخلي كأنها ماء ثقيل.

أركض… أصل للحجر الأول… أضغط.

ينتقل جسدي فجأة للمكان الثاني… بعد تأخير قصير.

نجحت.

الزمن ليس لحظيًّا… لكن يكفي لتكون حركة قتل – انسحاب.

أبتسم. “أداة للانسحاب الذكي… وليس للبطولة.”

ثم أختبر ختم إخفاء التشاكرا.

أفعّله. أضغط على الرمز الأوسط، الذي يُحاكي تردد تشاكرا حشرة صغيرة.

أستدعي شينزاكي نارا لاختبار كشفه.

يمشي حولي.

“لا شيء هنا،” يقول.

“أنا هنا.” أظهر خلفه.

ينظر إليّ، يهز رأسه بإعجاب مكتوم. “أخفيت نفسك… وجعلتني أراك بدون أن أراك.”

أعود ليلاً. أجلس قرب خريطتي. أبدأ محاكاة ذهنية لحرب نينجا شاملة.

كوهو على الجبهة الغربية.

سونا تضرب في الجنوب.

كيري تهبط من البحر، لكنها تقطع خطوط التموين بدل مواجهة مباشرة.

كومو… تتدخل بعد أن تضعف كونوها من ثلاث جهات.

ميناتو في الخط الأمامي… يارا في دعم الجنود الطبيين.

أسأل نفسي:

“أين أكون أنا؟”

الجواب يأتي ببطء.

“أنا لا أكون… بل أتحرك حيث لا يكون أحد.”

أكتب خطة تدخل:

“سامورو يُزرع داخل خطوط العدو. يضرب القادة. يعطّل الموارد. يقتل المستشعرين. يخلق فوضى تجبر العدو على سحب قواته للداخل.”

بهذا… تتوازن الكفة.

الختم تحت عيني بدأ يأخذ لونًا أغمق. ليس بسبب التشاكرا… بل بسبب ما خزّنه.

كل شيء رأيته، حفظته.

ليس لأنني أخاف النسيان… بل لأني لا أريد أن أسمح له بأن يُعيد نفسه.

في هذه الحرب، النسيان ليس ضعفًا.

النسيان خيانة.

وأنا لا أنسى.

أغلق اللفافة، وأستلقي ببطء.

الخيمة مظلمة.

السماء لا نجم فيها.

لكن داخلي… مضاء.

مليء بخطوط… وأختام… وخطط.

مليء بذكاء لا يُستخدم بعد.

لكن قريبًا…

سيُستخدم.

2025/05/09 · 53 مشاهدة · 1036 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025