⸻
الأرض لا تزال تحتفظ بحرارة المعركة، حتى ونحن في قلب المعسكر.
رائحة الدم والبارود تحفر في أنفي، والسكون الذي نعيشه الآن ليس هدوءًا… بل جمودٌ ما قبل العاصفة التالية.
أمسكت كتفي اليمنى، الجرح لم يلتئم بعد.
سقطتُ مرتين في ساحة القتال، لكن لا وقت للتطبيب… ليس بعد.
•
خيمة القيادة نصف محطمة، ومملوءة بنظرات ثقيلة.
جلستُ على المقعد المصنوع من خشب عجَل به النجارون في أول أسبوع للحرب.
عن يميني كانت تسونادي، عيناها لا تكفّان عن مراقبة كل شيء… وملف المصابين لم يفارق يدها.
عن يساري جيرايا، وجهه هذه المرة بلا ابتسامة، وصدره يعلو ويهبط من التعب.
وإيزونا يجلس متقاطع اليدين، يتأمل الجميع كعادته، لكنك لا تعرف إن كان يفكر فيك… أم يقرأ شيئًا خلفك.
وآخرهم شيكاكو… رأسه محني للأمام، وقلمه يتحرك ببطء فوق خريطة بيانية تضم كل نقاطنا القتالية.
•
قالت تسونادي أولاً، وهي تفتح اللفافة:
“الجرحى من كونوها 83، القتلى 21 حتى الآن.
خسائرنا أمام الكازيكاجي كانت الأكبر.
جناح الإنقاذ ما زال يعمل.
المخزون الطبي سينفد خلال ثلاثة أيام إن استمر الوضع بهذه الوتيرة.”
•
قال جيرايا، وهو يضغط على صدغه:
“لم تصلنا أنباء عن وحدة سامورو بعد.
لا إشارات ولا مراسلين.”
رد إيزونا دون أن يرفع رأسه:
“الخطة التي وُضعت لا تضمن العودة.
كانت مقامرة منذ لحظة اقتراحها.”
•
لم أعلّق.
كنت أراقب كل شيء… وكل من حولي يُفكر في الأمر نفسه.
هل فشلت الخطة؟
هل خسرنا الثلاثة الأكثر جرأة في كونوها… في رهان واحد؟
•
لكن لحظة الصمت لم تدم.
خطوات.
ثلاثة فقط… لكن خلفها أصواتُ شينوبي كثيرة.
•
التفتنا جميعًا.
فتحت ستارة الخيمة بقوة، ووقف في المدخل:
سامورو.
وجهه مغطى ببقع رماد، شعره الفضي مشعث، درعه مشقوق من الجهة اليسرى.
•
خلفه، ميناتو… متعب، يده ملطخة بختم لا يزال يتوهج قليلًا.
ثم يارا… صامتة، لكن في عينيها يقظة لا تنطفئ.
•
وراءهم، أربعة شينوبي من كونوها، يحملون بحبال قوية… اثنين.
**
روشا.
هان.
الوحشان… الجينشوريكي.
أسرى.
**
توقفت أنفاسي للحظة.
تسونادي وضعت يدها على فمها بذهول.
جيرايا فتح عينيه أكثر مما اعتدته منه.
شيكاكو رفع رأسه فجأة… وبقي مُحدقًا في الأسرى.
•
أما إيزونا…
فقط ابتسم.
ابتسامة نادرة، صغيرة… لكنها قالت الكثير.
•
تقدّم سامورو بهدوء.
قال، بنبرة خالية من أي تصنع:
“عدنا.
ومعنا التذكرة الأولى لإنهاء الحرب.”
•
نظرت إليه مطولًا، ثم نهضت، رغم ألم الكتف، ووقفت أمامه.
كاد قلبي يقول له: “أنت مجنون… لقد تجاوزت الحدود.”
لكن عقلي… عقلي قال:
“لقد فعلها.”
•
قلت بصوتٍ يسمعه الجميع:
“تقرير؟”
رد وهو يسلّمني لفافة مطوية:
“كل شيء موثّق.
الختم، التنفيذ، الإصابات، توقيت الانسحاب، والأسر.
لا شيء خارج الخطة…
إلا النجاح.”
•
نظرت إلى روشا وهان.
كانا واعيين، لكن شاحبي الوجه.
مقيدين، عاجزين، ومهزومين.
نظرت إلى سامورو مرة أخرى، ثم قلت:
“إذن…
الخطوة القادمة تبدأ هنا.”
⸻
⸻
جلس الجميع، بينما كان الهدوء المشوب بالذهول يخيّم على خيمة القيادة.
كان روشا وهان قد اقتيدا إلى خيمة الحراسة العليا، وتولت فرقة الختم حراستهما دون أن ينبس أحدهم بكلمة.
أما هنا… فالأنفاس تُحسب، والكلمات تُقاس.
•
وضعتُ لفافة التقرير التي قدّمها سامورو على الطاولة أمامي، نظرت إليه، ثم إلى الحضور.
قلت:
“عملية الأسر تمت بنجاح، والختم فعال.
لكن السؤال الحقيقي الآن…
ما التالي؟”
•
تسونادي ما زالت مصدومة قليلاً، لكنها استعادت رباطة جأشها سريعًا:
“هذان الاثنان ليسا جينين عاديين، بل قنبلة سياسية.
لو علمت آيوا، فلن يهدأوا حتى يستعيدوهما… أو ينتقموا.
علينا أن نقرر: هل نُفاوض؟
أم نستعد لهجوم أشد؟”
•
جيرايا قال، وهو يعقد ذراعيه:
“نملك أفضل ورقة ضغط الآن.
لكننا أيضًا نعرض أنفسنا للخطر.
احتجاز اثنين من أقوى جنشوريكي في العالم… ليس خطوة صغيرة.”
•
شيكاكو تدخّل أخيرًا، وعيناه لا تفارق الخريطة:
“إذا أدرنا الأمر بطريقة صحيحة… قد نكسر التحالف.
الساند وآيوا لا يتفقان أصلًا إلا على كرهنا.
ماذا لو استغلينا الأسرى لتفريقهم؟”
•
وهنا… تكلم سامورو.
بجدية لا تُحتمل.
قال، بصوت هادئ:
“هل يمكننا أن نطبخ البيجو؟
سيكفي المعسكر كاملًا لمدة أسبوع على الأقل.”
•
تجمّد الجميع.
جيرايا رفع حاجبيه ببطء.
تسونادي حدقت فيه بذهول.
إيزونا لم يتحرك… لكنه ابتسم خفيفًا.
أما أنا…
فقلت بتنهيدة حذرة:
“سامورو… هذا ليس وقت المزاح.”
•
لكنه لم يضحك.
قال بنفس الجدية:
“أنا لا أمزح.
إذا لم يكن البيجو قابلًا للطهو…
ربما الجنشوريكي يصلح.”
أشار بيده:
“سمعت أن طعمهم يشبه طاقة البيجو…
وأرشّح القرد، روشا، تحديدًا.
في حياتي، لطالما أردت أن آكل قردًا مشويًا.”
•
سُمع صوت اصطدام جرة ماء على الأرض من شينوبي الحراسة بالخارج.
أما داخل الخيمة…
تسونادي صرخت:
“أنت أحمق رسمي!”
جيرايا قال وهو يضحك:
“سامورو… أرجوك، احتفظ بأفكارك المريضة لنفسك.”
شيكاكو تمتم:
“رائع… الآن سنحتاج خطة لإخفاء هذا الاجتماع عن أي جاسوس.”
•
أنا؟
صمتّ.
لكن داخلي قال:
“هذا الأحمق…
يخفي خلف نكاته خطة لا أفهمها
⸻
بعد لحظة الصمت التي سادت الخيمة عقب سخرية سامورو، رفعت رأسي ببطء، ثم نظرت إليه مباشرة.
قلت بنبرة جادة، وصوت واضح:
“سنطبخ الاثنين.”
•
التفتت تسونادي نحوي بحدة، جيرايا عقد حاجبيه، حتى شيكاكو رفع رأسه للمرة الأولى، وعلّق بنظرة مستغربة.
أما سامورو… فقد رفع حاجبًا واحدًا، وكأنه لا يصدق ما سمعه مني.
أضفت دون أن أترك مجالًا للرد:
“لكننا لن نطهوهم بالنار…
بل بالحيلة.”
•
خطوت نحو منتصف الخيمة، حيث تقاطعت أنظار الجميع.
قلت:
“سنجعل جواسيسنا في الجبهات العدوة يسرّبون معلومة،
أن كونوها قررت قتل الجينشوريكي خلال ثلاثة أيام،
حتى لا تُمثل ورقة ضغط في يد أحد… وأنهم سيُعدمون سرًّا في موقع مجهول.”
•
تسونادي تمتمت:
“ستثير عاصفة سياسية.”
أومأت:
“بالضبط.
هذا ما نريده.
سنجبرهم على القدوم إلينا…
لنتفاوض بشروطنا.”
•
جلست من جديد، وفتحت لفافة فارغة أمامي، ثم بدأت أُملي بصوت واضح:
“شروطنا ستكون كالتالي:
واحد – الموارد حسب طلب الهوكاجي، وتشمل الإمدادات الطبية والتشاكرا الصناعية.
اثنان – جميع المؤن الغذائية المخزنة في معسكرهم الجنوبي تُسلَّم لكونوها فورًا.
ثلاثة – إعلان هدنة مدتها عشر سنوات.
أربعة – إنهاء التحالف العسكري مع أرض الرياح بشكل رسمي، وتقديم نسخة من الوثيقة الملغاة.
خمسة – استلام الجينشوريكي بعد تنفيذ الشروط، دون قدرة على المطالبة بأحدهما قبل ذلك.”
•
تبادل الحاضرون النظرات.
إيزونا علّق أخيرًا، بنبرة هادئة:
“خطة خطيرة… لكنها فعالة.”
•
قالت تسونادي، وهي لا تزال تمسك برأسها:
“إذا لم يصدّقوا التسريب؟”
رد سامورو بابتسامة مائلة:
“يمكنني أن أبدأ بإرسال أصابع محروقة بالبريد.”
•
رد جيرايا وهو يزفر:
“كفى… لقد شبعنا مزاحًا وسخرية.”
•
قلت، حاسمًا:
“الهدف ليس إهانتهم.
الهدف هو زعزعة وحدتهم، وإجبارهم على تجرّع طعم المفاوضة من موقع ضعف.”
•
ثم نظرت للجميع.
“نحن نُمسك الآن برقبة المعركة…
لكن نحتاج فقط أن نضغط إصبعين…
والرقبة إما تخضع، أو تُكسر.”
⸻