كنّا على بعد أمتار من بوابة كونوها، لم ندخل بعد.

طريق الغابة خلفنا، والريح بدأت تتغير… لم تعد محمّلة بغبار المعارك، بل بشيء يشبه البيت.

أحسستُ أن أحدًا يقترب… ليس بشعور عدائي، بل كما يُقترب من شخصٍ افتقدك.

“أنتِ تأخرتِ عن المفاجأة، كوشينا.”

قالها ميناتو فجأة، بابتسامة صغيرة.

وظهرت.

من بين الأشجار، خرجت كوشينا بخطوات سريعة، شعرها الأحمر يتمايل كشرارة حمراء مشتعلة، ووجهها يختلط فيه الحنين بالغضب المكبوت.

“أخيرًا!” صاحت، وهي تتوقف أمام ميناتو ثم تضربه على كتفه بقوة.

“هل كنتم تنوون أن تدخلوا من دون أن تروني؟! أحمق!”

ضحك ميناتو وهو يفرك كتفه:

“آلمتني… لكنني اشتقت لكِ أيضاً.”

التفتت إلى يارا، ثم عانقتها فجأة.

“كنت قلقة عليكِ، غبية باردة القلب… لو تأخرتِ أكثر، لكنت أتيت إليكم بنفسي.”

يارا ابتسمت بخفة، وقالت بصوت خافت:

“اشتقت لكِ أنتِ أيضاً… رغم إزعاجك.”

ثم نظرت إليّ.

وقفت لثانية، وكأنها لم تعرف إن كانت تريد أن تضربني أم تعانقني.

لكنني سبقتها، وقلت بنبرة مائلة للسخرية:

“ها هي… الأميرة الغاضبة، حامية البوابة، صاحبة الشعر الناري وصوت المدفع.

كيف حالكِ، يا جينشوريكية الشكوى المتنقلة؟”

رفعت حاجبيها، وانفجرت في وجهي:

“ماذا قلت أيها الحثالة الفضية؟! جينشوريكية الشكوى؟!”

ضحك ميناتو بشدة، واضطر للتمسك بيارا حتى لا يقع.

يارا رفعت يدها لتغطي فمها وهي تكتم ضحكتها.

كوشينا تقدّمت خطوة، رفعت يدها وكأنها ستضربني، فرفعتُ يدي في وضعية استسلام وهمية:

“أمزح! أمزح! اشتقنا لكِ، لا تتحولي إلى الكيوبي الآن.”

قالت، وهي تضربني ضربة خفيفة على صدري:

“أنت لا تتغير أبداً، تظن أن المزاح يُخفي اشتياقك، لكني أراك… اشتقت لنا، أليس كذلك؟”

نظرت إليها، ثم قلت بهدوء:

“ربما…

لكنني اشتقت للهدوء أكثر منكم جميعًا.”

ردّت كوشينا بابتسامة راضية، وكأنها فهمت كل شيء دون حاجة لكلمات.

“تعالوا… الهوكاجي ينتظر.

ولا تفكروا بالدخول وحدكم، أنا سأدخل قبلكم، وإلا لن أسامحكم.”

مشينا معها نحو البوابة، وأنا خلفهم…

أراقب ظهورهم، وأفكر:

“البيت لا يبدأ بالجدران، بل بالذين يستقبلونك دون أن يسألوا"

الغرفة كانت هادئة أكثر من اللازم.

ميناتو واقف أمام مكتب الهوكاجي الثالث، يلقي تقرير المهمة بصوت متوازن، والعينان الرماديتان خلف الطاولة تتابعانه بثقل رجل رأى حروبًا أكثر مما تطيقه الخرائط.

يارا تقف على الجانب بصمت، وشيكاكو يجلس مستندًا على كوعه، يسجل ملاحظات كأن كل حرف في هذا التقرير سيُغيّر مجرى الحرب القادمة.

أما أنا…

فكنت أفكر في القرد.

“هل لحم القرد مشوي يُقدّم مع الخبز أم الأرز؟

هل تُناسبه بهارات المطر أم صلصات الصخر؟

هل يُصبح أكثر طراوة بعد قتال بيجو؟

وهل يمكن أن يُقدم بجانب الحصان المحمّر؟”

استرسلت في التخيل.

وربما لو فتحت مطعمًا بعد الحرب…

وفجأة…

ضربة خفيفة على ساقي من تحت الطاولة.

صوتها “تِسْك” – تمامًا كما توقّعتها من يارا.

رفعت بصري لأجد الجميع يحدّق فيّ.

وميناتو واقفٌ أمامي، وقد انتهى من تقريره.

والهوكاجي… ينظر إليّ بعينين حادتين فيها شيء من الضيق، وشيء من التسلية.

قال، بنبرة هادئة لا تُخطئها الأذن:

“سامورو… إلى متى تريد أن تبقى تشونين؟”

رفعت يدي ببطء، وضبطت نبرة صوتي بجدية مصطنعة:

“إلى الأبد، سيدي.

أرغب أن يتم تسميتي رسميًا بـ التشونين الأبدي…

فقد سبقني أحدهم للقب الجينين الأبدي، ومن العدل حفظ التوازن.”

شيكاكو اختنق بكتم ضحكته،

يارا أغمضت عينيها لثانية كأنها تطلب الصبر من السماء،

أما ميناتو، فاكتفى بابتسامة واهنة.

قال الهوكاجي بهدوء:

“للأسف… مجلس الشيوخ وافق على ترقيتك إلى رتبة جونين.

وأُدرج اسمك في السجلات أمس.”

أطلقت تنهيدة درامية، ثم وضعت يدي على صدري:

“جدي، أرجوك… لا تفعل.

رتبة الجونين تعني المزيد من المهمات، والمزيد من وجع الرأس.

دعني أظل سعيدًا في قاع التسلسل الإداري.”

رد بصوته العميق، بابتسامة خفيفة:

“إذا أصبحت جونين،

سأمنحك إذنًا رسميًا لدخول مخطوطة التقنيات المحرمه ،

واختيار واحدة لتتعلّمها تحت إشراف مختص.”

صمتّ.

ثم قلت:

“موافق… لكن بشرط.”

رفعت يدي، وأشرت على من في الغرفة:

“كل من هنا… يجب أن يُمنح حق الاطلاع عليها أيضاً.”

نظر الهوكاجي إليهم للحظة، ثم قال:

“إن وافقوا، لا مانع لدي.”

قال شيكاكو وهو يكتب:

“فكرة جيدة… طالما أنها مخصصة للميدان فقط.”

ميناتو علّق بابتسامة:

“أهم شيء أن لا تكون وصفة لطهي القرد.”

ابتسمت.

ورأسي بدأ يُخطط…

ليس لوصفة جديدة، بل لتقنية تُضاف إلى سلاحي القادم.

ملعب التدريب الثالث.

الهواء هنا دائمًا مائلٌ للرطوبة، والريح لا تتوقف عن تحريك أوراق الشجر في تناغمٍ غريب، وكأن كل شيء يتدرب من تلقاء نفسه.

وقفت وسط الساحة، أحدّق في السكون، وفي يدي لفافة تحمل ختم الهراشين.

ورغم كل ما قرأته عنه…

شيء ما كان مفقودًا.

قمت برسم الختم على حجر متوسط الحجم، ووضعت يدي عليه، ثم… لا شيء.

أعدت المحاولة.

ولا شيء.

خلفي، كانت يارا تجلس بهدوءٍ على صخرة، تُغمض عينيها وتحاول استشعار التوازن الداخلي لتنشيط جينجتسو “كوكوأنغيو”.

أما ميناتو…

فكان مستلقيًا على العشب، يضحك مع كوشينا، بينما تقذفه بثمرة تفاح بين الحين والآخر.

صرخت:

“ألا يوجد احترام لتقنيات الموتى؟!”

ضحك ميناتو دون أن ينظر إليّ.

مشيت باتجاهه، ثم جلست إلى جانبه، متعبًا من المحاولة.

قلت:

“ميناتو… لماذا لم تتعلم تقنية من المخطوطة؟”

نظر إليّ، عيناه زرقاوان كسماء ما بعد العاصفة، ثم قال ببساطة:

“ليست هنالك تقنية تناسب أسلوبي مع الهراشين.

أنا لا أحتاج قوة مدمرة،

بل استقرار وفعالية.”

ثم أضاف وهو يغمز:

“إن أردت المساعدة في الهراشين… أخبرني، أيها الجونين الأبدي.”

ابتسمتُ بسخرية خفيفة، ثم قلت بعد لحظة:

“هل ستذهب مع جيرايا إلى حملة أرض المطر؟”

هزّ رأسه نفيًا وقال:

“لا، أخبرني سينسي أنه لا يحتاجنا هناك.

قال إن هناك من يجب أن يُحافظ على استقرار الجبهات الأخرى.”

نظرت إلى السماء، ثم عدت ببصري إلى الختم المرسوم على الصخرة.

تمتمت:

“الغريب…

أحيانًا لا تحتاج أن تكون في وسط النار…

لتُحدث التغيير.”

قال ميناتو وهو يقف:

“وأحيانًا…

يكفي أن تكون الشخص الذي يختار متى لا يُقاتل.”

2025/05/11 · 36 مشاهدة · 902 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025