⸻
مرّ شهر كامل منذ هدأت جبهة الرياح، ومنذ أُغلقت ملفات الجحيم هناك بشبه هدنة لم نصدقها إلا عندما جاء التوقيع من الكازيكاجي شخصيًا.
لكن مع كل هذا…
كانت الحرب لا تزال مشتعلة.
ليست على أرضنا، بل في السماء الرمادية التي لا تُخفي أنها تبكي على أرض المطر.
تسونادي، أوروتشيمارو، وجيرايا… ذهبوا.
بقيتُ هنا، أراقب.
•
اليوم كان مختلفًا.
منذ الصباح، حشود القرية تتجمّع على جوانب الطريق، الجنود يرتبون الصفوف، والرايات التي خُزنت بعد أول معركة أُخرجت من جديد.
ساكامو هاتاكي… عاد.
•
وقفت عند البوابة، لا أرتدي زيًّا رسميًا، ولا حتى عباءة كونوها.
مجرد شينوبي… يقف في الظل.
بجانبي كانت ميو، زوجة أخي، تضع يديها على بطنها المتكوّر بهدوء، وعيناها لا تفارقان الطريق.
•
ثم… ظهر.
صوت الهتاف ارتفع كأنه موجة جارفة،
والهوكاجي بنفسه كان واقفًا عند طرف الممر، ينتظر بابتسامة ممتلئة بالفخر.
•
رأيت ساكامو يتقدّم وسط الجنود، عباءته البيضاء ملطخة بعض الشيء، لكنه يمشي مستقيمًا كما كان دومًا.
•
“لقد عاد الذئب.” قلتها بصوت خافت.
ميو ابتسمت، وقالت دون أن تنظر إليّ:
“لقد وعدني أن يعود قبل أن يولد ابننا… ووعدني مرة واحدة فقط.”
•
تقدّم ساكامو، وانحنى قليلًا أمام الهوكاجي، الذي مدّ يده ليربّت على كتفه.
لم يتكلما، لكن صمتهم كان أبلغ من أي حوار.
•
ورغم كل شيء…
لم أتحرك. لم أصفق. لم أصرخ.
فقط… راقبت.
لأني أعرف…
أن ما ينتظرنا في أرض المطر، سيكون أقسى من كل شيء مضى.
⸻
بكل سرور، إليك:
⸻
بعد شهرين من تلك العودة، كان كل شيء قد بدأ يبرد.
الجبهات لم تعد تشتعل، والتحركات السياسية أصبحت أكثر من الصفقات العسكرية.
لكن الهدوء في كونوها لا يعني غياب الحركة.
**
في ذلك المساء، كانت الأضواء تلمع فوق نوافذ قصر الهاتاكي، والطاولات قد مُلئت بكل ما يخطر على بالك من أطباق.
أعددتُ عشاءً خاصًا…
ولم أدعُ أيًّا من القادة أو المسؤولين،
بل فقط أولئك الذين أحترمهم كرفاق… وأصدقاء.
**
في القاعة الطويلة، جلس ميناتو إلى جوار كوشينا،
ويارا في الزاوية تقطع الطعام ببطء وهي تُراقب الجو بحذر.
شيكاكو، فوكاجو، وعمي إيزونا، كلّهم كانوا هناك.
**
رفعتُ الكأس، وضربت به الملعقة بلطف:
“أتمنى لو بقيت تسونادي وناواكي معنا هذا المساء،
فهما الوحيدان في هذا العالم الذين يوافقانني الذوق في الطعام.”
ضحك خفيف تسرّب من بعض الحاضرين، وكوشينا علّقت:
“أجل، لأنكم الثلاثة تشتركون في عشق الأكل الثقيل والمشبوه!”
ميناتو قال:
“أظن أن ناواكي كان سيفضل الطعام فقط لتجنّب كلام سامورو.”
يارا تمتمت:
“هو لا يتوقف حتى أثناء البلع.”
**
ابتسمت.
ثم اعتدلت، ونظرت إلى الجميع:
“أحم، أحم…
جمعتكم الليلة هنا لأخبركم خبراً مفرحاً.”
الجميع نظر إليّ.
ابتسمت وقلت:
“أنا… سأصبح عماً لكاكاشي"
ارتفع صوت ساكامو من الجانب:
“أيها الوغد! ألم أخبرك أن تترك ااسمه لي ولا تفرح باسم كاكاشي!”
رددت وأنا أمد يدي بتفاخر:
“كيف لا أفرح بمجيء… كاكاشي الجميل؟”
ساكامو وقف، عاقدًا ذراعيه:
“ومن قال إنه ولد؟ ومتى قررت تسميته كاكاشي؟!”
قلت بثقة، وأنا أضع يدي على صدري:
“الآن. وعندي إحساس أنه سيكون ولد…
ثم إن كاكاشي اسم رائع، أليس كذلك؟”
**
انفجر الجميع في الضحك.
كوشينا صاحت:
“لا أحد يقرر اسم طفل في حفلة عشاء!”
يارا قالت بابتسامة ساخرة:
“هذا الطفل سيحمل مصيبة قبل أن يُولد.”
ميناتو علق وهو يضحك:
“إذا ورث لسان عمّه… فلن يصمت أبداً.”
**
نظرت إليهم جميعاً…
وضربت الطاولة بخفة:
“كل ما أردته… أن أخلق لحظة جميلة،
وسط هذا العالم القبيح.”
•
ضحكهم كان الجواب الوحيد الذي احتجته.
⸻
بعد أن غادر الجميع، بقيت في فناء القصر الخلفي، حيث ضوء الفوانيس يرقص على أطراف الأشجار، والموسيقى الخفيفة تلاشت مع نسيم الليل.
•
خطوات ناعمة اقتربت من خلفي.
استدرت… فكانت يارا ، تحمل كوبًا من الشاي الدافئ، وتمدّه لي.
•
“هذا بدلًا من طبخة القرد التي وعدتنا بها.” قالت بسخرية هادئة.
ضحكت، وأخذت الكوب منها:
“ما زلت أبحث عن المورد المناسب…”
•
جلست بجانبي، وقالت:
“هل فكرت يومًا… أننا سنعود هكذا؟
في ليلة هادئة، لا جواسيس، لا دماء… فقط طعام وضحك؟”
•
قلت وأنا أرتشف الشاي:
“بصراحة؟ لا.
لكنني… كنت دائمًا أتخيلها.”
•
ابتسمت.
“جميل أنك ما زلت تتخيل.
ذلك يعني أننا لم نخسر كل شيء بعد.”
•
قلت بهدوء:
“بل بدأنا نكسب… شيئًا جديدًا.”
•
نظرت نحو السماء، ثم قالت بابتسامة:
“في المرة القادمة، أنا من سيتولى الطهو.”
رفعت حاجبي:
“اتفقنا. بشرط: لا تطبخي شيئًا قد يحاول قتلي قبل أن يُطهى.”
•
ضحكت.
ضحكنا.
وتركنا الليل يأخذنا بهدوء إلى صفحة جديدة… لا حرب فيها، فقط ضوء شاحب وأمل ناعم.
⸻