كان الملعب الثالث في كونوها هادئًا في هذا الصباح.

هدوءٌ يشبه الورقة البيضاء قبل أن تُمزقها أول قطرة حبر.

جلستُ على صخرة منخفضة تحت ظل شجرة قديمة، أراقب ميناتو من بعيد.

كان واقفًا في قلب الدائرة الرملية، لا يتحرك، لا يختلّ توازنه ولو للحظة.

عيناه تتابعان ثلاث نقاط ختمية للهراشين.

أصابعه تتحرك بدقة، ورسم التشاكرا حوله كان ناعمًا لدرجة أن الهواء نفسه بدا أبطأ.

همس وهو يكوّن ختم يده:

“ختم… ختم… تركيز…”

ثم اختفى.

خلال أقل من ثانية، ظهر عند كل واحدة من النقاط الثلاث، واحدة تلو الأخرى، في تتابع دقيق لا يُقاس بالبصر العادي.

عندما توقف، كان يحمل بين يديه ثلاث أوراق، انتزعها من فوق كل ختم.

صفقت بخفة من مكاني:

“ثلاث أوراق، ثلاث نقلات، صفر خطأ.”

التفت إليّ، ابتسامة هادئة على وجهه:

“تحتاج إلى فهم الإيقاع، لا السرعة.

الهراشين ليس سباقاً… بل تناغم.”

اقتربت منه، وقلت بابتسامة ساخرة:

“لهذا لا تزال تسميها تقنية النقل اللحظي؟ أنت تجعلها تبدو كفنٍ راقص.”

قال وهو يجلس على الأرض:

“وأنت؟ متى ستتوقف عن التعامل مع التقنيات كأنها أسلحة فقط؟”

ضحكت بصوت خافت:

“ربما عندما تتوقف عن تجاوز أساتذتك بعد شهر واحد فقط.”

نظر إليّ:

“تعلمت الهراشين قبلك، لكنك فهمت جانبًا مختلفًا منها.

لكنك الآن… تملك أكثر مما يملكه أي كتاب.”

صمتُ لوهلة، ثم قلت:

“كاكاشي .”

نظر إليّ، فهم المقصود دون أن أسأله.

قلت:

“أريدك أن تكون معلمه.”

رفع حاجبه:

“بهذه البساطة؟”

“نعم.”

ابتسم وقال:

“وماذا أيضًا قررت؟”

نظرت إليه نظرة عميقة:

“ستكون الهوكاجي الرابع.

وابنك سيكون اسمه… ناروتو.”

ساد الصمت للحظة.

ثم انفجر بالضحك:

“هل قررت هذا قبل أم بعد أن أصبحت نبيًّا؟”

قلت:

“أراه فقط. أنت… أكثر من مجرد عبقري يا ميناتو.”

تنهد، ثم قال بنبرة جادة:

“إذا كان كاكاشي سيتعلّم مني…

فماذا ستعلّمه أنت؟”

نظرت إلى السماء:

“أفكر في البرق الأرجواني.

لكنني لم أتقنه بعد.”

ثم تمتمت:

“هل أزرع فيه خلايا هاشيراما؟ لا… خطر.

لكن هنالك حل آخر…”

نظرت إليه مجددًا:

“عندما يعود جيرايا، اطلب منه أن يُدرّبك على طور الناسك.

إن نجحت، علّمه لكاكاشي.

إن لم تنجح… سيظل الاحتمال قائمًا.”

قال بهدوء:

“فكرة جيدة. لكنك تعرف أن طور الناسك لا يقبل كل الأجساد.”

قلت:

“أعلم. لكنك مختلف. وثقتي بك ليست مجاملة.”

وفي تلك اللحظة، سقط أنبو من بين الأشجار، راكعًا:

“الهوكاجي يطلب حضوركما فورًا.”

نهض ميناتو فورًا، وابتسم:

“فلنرَ ما يريده جدي هذه المرة.”

احستت بالختم … وانتقلت.

وبعد لحظة…

وصل ميناتو، يبتسم:

“سبقتني مجددًا.”

قلت وأنا أتقدّم إلى باب المكتب:

“الخبرة تسبق السرعة أحيانًا، يا هوكاجي المستقبل.”

مكتب الهوكاجي الثالث كان أكثر ازدحامًا من المعتاد.

رائحة الحبر، ورق الخرائط المفتوح، وصمت الخطر الذي لا يُعلن نفسه.

كنا أنا وميناتو آخر من دخل.

فور وصولنا، التفتت الأنظار نحونا.

هيروزين ساروتوبي كان واقفًا خلف مكتبه، ويداه متشابكتان خلف ظهره.

إلى يمينه وقف دانزو شيمورا، صامتًا… لكنه لا يخفي نظرته الباردة إليّ.

على الجانب الأيسر، كانت يارا تقف بجانب الخريطة، ذراعاها متقاطعتان، تنظر إلى نقطة معينة في الخريطة وكأنها تحفظها في ذاكرتها.

وقفت أنا إلى جانب ميناتو، متجهّم الوجه… لأنني رأيت من لا أرغب في رؤيته.

قال الهوكاجي الثالث بنبرة هادئة لكنها ثقيلة:

“امتلاك اثنين من كونوها يُتقنان الهراشين… كنزٌ لم نمتلكه منذ زمن.”

لم أرد.

مجرّد وجود دانزو في الغرفة جعلني أصمت، لا لأني لا أملك ما أقوله… بل لأني وعدت نفسي:

حين أتكلّم أمامه، سأجعل كل كلمة تساوي جرحًا قديمًا.

ميناتو قال:

“سيدي، طلبتَ حضورنا من أجل مهمة؟”

دانزو قال دون أن ينظر إلينا:

“أو بالأصح… احتمال عملية تمتد خارج الحدود.

ونحتاج لنقل فوري وتنسيق لحظي.”

لم أردّ، لكن يارا نظرت إليّ للحظة، ثم إلى ميناتو.

شعرتُ بأنها لاحظت تغيّري.

حتى ميناتو، الذي نادرًا ما يُظهر القلق، بدا ينظر نحوي بطرف عينه.

هيروزين قال بهدوء:

“لقد طلبتُ منكم الحضور لمهمة سرية من الرتبة S.

ليست معروفة للعامة، ولا حتى لغالبية الجونين.”

قال ميناتو:

“ما نوع التهديد؟”

أجاب دانزو:

“تسرّب معلومة عن مختبر قديم كان تحت سيطرة كيري… ويبدو أنه تحرّك مؤخراً.

لا نعرف من يديره الآن، لكن المؤشرات تقول إن شيئًا ما يُعاد بناؤه هناك.”

أخفضت رأسي، ثم رفعت نظري نحو هيروزين،

لكنني لم أنطق.

يارا هي من قالت:

“هل نُرسل فريق استطلاع… أم نُنفّذ تدخلًا مباشرًا؟”

ردّ الهوكاجي:

“سأدع القرار لكم، لأن المهمة تعتمد على عنصر السرعة والسرّية.

وسامورو… أنت قائد المهمة.”

رفعت رأسي فجأة، والتقت عيناي بعيني دانزو.

هو لم يتحرك.

لكنني شعرت بشيء غريب في صدره…

كأنه فهم أنني لن أسكت إلى الأبد.

همست في نفسي:

“هذه المهمة قد تكون البداية.”

قال ميناتو بهدوء:

“متى نتحرك؟”

أجاب الهوكاجي:

“خلال 48 ساعة.

جهّزوا أنفسكم، ولا تُخبروا أحدًا.

نريدها صاعقة… غير متوقعة.”

أومأت يارا، وميناتو تبادل النظرات معي.

ثم خرجنا بصمت،

لكن خلفنا…

كان الظل يتقلص على وجه دانزو.

2025/05/11 · 40 مشاهدة · 773 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025