مرّ شهر منذ غادرنا كونوها.

شهر في المجهول… في طرق بلا لافتات، وأيام بلا وجهات.

خلاله، أصبح الصمت بيني وبين يارا أكثر وضوحًا من أي كلمة.

تغيرت هي… كثيرًا.

لم تكن تحتاج أن تقول لي إنها تدربت، أو أنها أقوى.

عيناها قالتا كل شيء.

شارينغان بثلاثة توموي.

تدور بثبات… تحلل، ترصد، وتقرأني قبل أن أتحرك.

كنا نقف في ساحة مفتوحة تحيط بها تلال ترابية، والهواء الخفيف يحرك أطراف ملابسنا.

سحبت يارا سيفها.

وأنا… فعلت المثل.

لم نتبادل تحية.

الاحترام موجود… دون حركات.

اندفعت أولًا.

لم أتفاجأ.

هجومها ليس سريعًا فحسب، بل محسوب، فيه توازن بين القوة والخفة.

صدّيت الضربة الأولى، ثم الثانية… ثم شعرت بها.

وميض الشيدوري.

لكن هذه المرة، لم تكن في راحة يدها…

بل صارت سيفًا، يصدر أزيزًا خافتًا، كأن البرق ذاته امتزج بالفولاذ.

ابتعدت للخلف بخطوتين، ثم ثلاث.

هي تعلم تمامًا أنني لن أستخدم عيني… ليس بعد.

في اللحظة التالية، تركتُ نبضي ينخفض،

ثم فعّلت سيف الوهم.

ضوء داخلي… صامت.

كأن السيف لم يكن موجودًا إلا في رأسي.

لكنه فعل فعله.

سقط سيفها على الرمال.

ابتسمتُ لنفسي.

وأسقطت سيفي أيضًا.

تايجتسو؟

لا بأس.

اندفعت نحوي بلا تردد، لكمة، ثم دوران، ثم قفزة.

حركتها دقيقة، وقربها مني… أكثر مما اعتدت.

عندما اقتربت بما يكفي، مرّت يدها على كتفي.

في نفس اللحظة، لمستُ طرف ردائها من الجهة الخلفية،

لمدة أقل من ثانية…

وكان كافيًا.

زرعت الختم هناك، بلا صوت، بلا ضوء.

تابعنا القتال.

ورغم كل توتر الاشتباك…

لحظة عابرة وقعت عيناي على شيء لم أتوقع أن أراه.

طرف خصلتها المنفلتة… كان يلتف خلف أذنها بشكل مرتب جدًا.

ورغم اشتداد القتال، ما زالت تُحافظ على ترتيبها.

“يا للعجب… إنها لطيفة جدًا"

لم أسمح لتلك الفكرة أن تتجاوز حدّها.

لكن قلبي… سمعها.

ثم، حين رفعت يدها اليمنى وفعّلت الشيدوري للمرة الثانية،

فعلت الختم في لحظته.

انتقلت.

ووقفت خلفها بهدوء تام.

“خسرتِ.”

استدارت بسرعة.

حدّة عينيها لا زالت كما هي.

“غش! استخدمت الهيراشين… كان هناك ختم في ملابسي!”

رفعت يدي بهدوء:

“لا… هذا ختم جديد.

فعلته عندما لمستُ ردائك… في تلك اللحظة القصيرة أثناء القتال اليدوي.”

شهقت.

ثم عبست، وقالت بنصف جدية:

“أنت غشاش في النهاية.”

وقفتُ بصمت.

لطيفه جداً

ثم همست:

“أنت المنتصرة… لقد خسرت.”

تقدّمت خطوة، نظرت إليّ طويلًا…

ثم سألت:

“هل… تشفق علي؟”

رفعت رأسي، ببطء،

ثم قلت:

“لا.”

توقفت، ثم أضفت:

“أشفق… على نفسي.”

جلسنا قرب نار صغيرة،

خشبها يشتعل ببطء، ويُنبت حولنا ظلًا ناعمًا فوق الرمال الداكنة.

كنا نصمت، لكن الصمت بيننا لم يكن حاجزًا.

بل راحة… لا يحتاج أحدنا فيها أن يبرّر وجوده للآخر.

نظرت إليّ، عينها تطفئ الشارينغان أخيرًا،

ثم سألت، بصوت هادئ:

“إلى أين سنذهب الآن؟”

رفعت بصري نحو السماء، ثم قلت:

“إلى معبد هاغورومو.”

لحظة صمت.

ثم، بنبرة مستغربة:

“معبد من؟”

“هاغورومو… حكيم المسارات الستة.”

شهقت خفيفة، ثم نظرت إليّ بشك.

“أهو… حقيقي؟”

أجبتها دون أن ألتفت:

“ستعرفين… غدًا.”

ساد الهدوء قليلًا،

صوت النار يتراقص بيننا.

ثم سألتها، بنبرة ناعمة، لا تعني المزاح… ولا الجدية:

“يارا… ماذا أكون بالنسبة لك؟”

رفعت حاجبًا:

“أنت؟ … وغد مزعج.”

ابتسمت.

“فقط… وغد مزعج؟”

أومأت وهي تأخذ رشفة ماء:

“نعم… الوغد المزعج الوحيد.”

نظرت إلى اللهب… ثم قلت:

“لطالما كنت الوحيد… فسأرضى.”

ضحكت بخفة،

ثم قالت:

“وأنا… ماذا أكون بالنسبة لك؟”

نظرت إليها، عيني تتأمل جانب وجهها تحت ضوء النار.

“أنتِ… الشخص الذي لا أقدر أن أرحل دونه… لكنني لا أجرؤ على البقاء معه.”

سكتت.

لم تردّ.

ولم أطلب منها شيئًا.

بعد دقائق، قالت:

“عندما نصل إلى ذلك المعبد…

أريد أن أعرف كل شيء.

بدون ألغاز، بدون نصف إجابات.”

أجبتها:

“حين أصل إلى كل شيء…

ستكونين أول من يعرف.”

2025/05/13 · 40 مشاهدة · 564 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025