الطريق إلى المعبد… لم يكن يشبه أي طريق سبق أن سلكته.

كانت الأرض تتغير كل نصف ميل،

من تراب صلب إلى حجر أملس،

ومن ظلّ كثيف إلى نورٍ لا مصدر له.

كأن المكان لم يُبْنَ في الطبيعة… بل فُرض عليها.

يارا كانت خلفي بخطوتين، لا تسأل، لا تتذمّر.

صارت تعرف متى تصمت، ومتى تراقب.

الجوّ ساكن، أكثر من اللازم.

حتى الطيور اختفت،

ولا صوت سوى احتكاك الرمال تحت أقدامنا.

ثم… ظهرت القمّة.

معبد هاغورومو.

بناء حجري ضخم، كأن الجبل نفسه انقسم ليكشف عنه،

جدرانه مغطاة بنقوش قديمة،

لا تشبه كتابة نينجا، ولا رموزًا عشائرية…

بل لغة لا يتقنها سوى من عرفها من الداخل.

في أعلاه…

عين واحدة محفورة،

دقيقة، مستديرة، تتوسّطها ست حلقات: الرينغان.

وقفتُ.

نظرتُ للأعلى.

ثم نظرتُ إلى يارا،

كانت تتأمل المعبد بصمت لم أعهده فيها.

همست:

“ما هذا المكان؟”

أجبت:

“إنه حيث يبدأ التاريخ الحقيقي.”

اقتربنا.

الساحة أمام المعبد كانت واسعة، مرصوفة بحجارة رمادية،

وبين كل حجر وآخر… نبتت وردة سوداء صغيرة.

كأن الأرض هنا لا تعترف بلون الحياة الطبيعي.

أمام الباب، نقوش متداخلة،

وفي المنتصف، منصة حجرية صغيرة.

وضعتُ يدي فوقها.

الهواء تغيّر.

كأن المعبد تنفّس.

اهتزّ الباب ببطء، ثم بدأ بالانزلاق إلى الداخل…

بصوتٍ لا يشبه الحجر…

بل يشبه الذاكرة حين تُفتح فجأة.

نظرتُ إلى يارا.

كانت تنظر إليّ أيضًا… بعينين فيها حذر، وفضول، وربما شيءٌ من القلق.

قلت:

“من الآن… قد لا يبقى شيء كما كان.”

أومأت.

ثم دخلنا.

دخلنا القاعة،

وصوت خطواتنا كان الصدى الوحيد في هذا الضريح الحجري العظيم.

كل شيء في المعبد يوحي بأن لا أحد داسه منذ قرون…

الهواء ثقيل، ليس لأنه خانق، بل لأنه مُحمّل بما لا يُقال.

أمام الجدار الداخلي، توقفتُ.

كان ممتلئًا بنقوش لا تُشبه أي شيء رأيته من قبل.

خطوط ملتفّة، رموز متشابكة، ونقوش لا تنتمي لعصرنا،

كأن الجدار لا يريد أن يُفهم… إلا من أصحاب العيون.

نظرتُ إليه، وهمست:

“مكتوب… لكنه مغلق.”

يارا تقدمت بجانبي.

عيناها تُدقّقان في الحروف الغريبة.

“كأنها تخاطبنا… بلغة لا نعرفها.”

أومأت.

ثم أطلقت شارينغاني.

ثلاث توموي.

وفور أن فعّلتها…

تحوّلت النقوش.

بدأت تُضيء.

ثم تُعاد صياغتها أمامي، كأن الحائط يستيقظ.

وأنا أقرأ.

“حين وُلد النور من الجسد الواحد،

انقسم إلى وريثَين:

أحدهما حمل البصيرة… والآخر حمل الرحمة.”

“صاحب البصيرة…

كان صلبًا، فطِنًا، يرى السيطرة عدالة.”

“وصاحب الرحمة…

كان ودودًا، لينًا، يرى العطاء خلاصًا.”

“أحدهما أورث ذريته العيون…

التي ترى ما لا يُقال، وتُحكم بما لا يُغتفر.”

“والآخر أورث نسله الجسد…

الذي لا ينكسر، والقلب الذي لا يتراجع.”

“ومن نزاعهما،

بدأت السلالة التي قسمت العالم.”

سكتُّ للحظة.

ثم قلت، بصوت مسموع:

“إندرا… وأشورا.”

يارا استدارت إليّ، عيناها لم تُطفأ بعد.

“من؟”

“إندرا… هو من حمل العقل.

وأشورا… هو من حمل القلب.”

“ألم يكونا مجرد خرافة؟”

نظرت إلى النقش، ثم قلت:

“هما البداية.

وكل ما تبعهم… نحن.”

“من أين تعرف أسمائهم؟”

مررت أصابعي على نقش دوّامي صغير أسفل الجدار،

شعرت بطاقة خفية، وكأن المعبد ذاته يُقرّ بما قلت.

“لأن هذا المكان… ليس معبدًا فقط.

بل سجلٌّ صامت لما لا يُروى.”

صمتنا.

ثم ظهرت جملة أخيرة، وكأنها انتظرت منا أن ننطق الأسماء أولًا:

“وسيأتي من لا ينتمي لأيٍّ منهما،

لكنه يحمل أثر كليهما…

في عينيه وندبه،

ليُعاد تشكيل الإرادة من جديد.”

همست يارا:

“هل هذا… عنك؟”

نظرت إليها، ثم إلى النقش:

“ربما…

أو ربّما… عن من سيأتي بعدنا.”

كنت ما أزال أحدّق في النقوش الباهتة على الجدار.

الكلمات الأولى اختفت، لكن شيئًا في داخلي قال لي… أن هناك طبقة أعمق،

طبقة تنتظر من يجرؤ على رؤيتها.

أغمضت عيني للحظة.

ثم فتحتها…

وتحت الجفن، دوّر المانجيكيو شارينغان بهدوء.

تغيّر العالم.

الجدار… كأنّه اشتعل.

الرموز التي كانت هامدة بدأت تُضيء، وتدور، وتنبض.

ثم ظهرت كلمات جديدة… خافتة في البداية،

ثم بدأت تتكوّن… وتُحدّق بي.

قرأتُ.

وبصوت عالٍ هذه المرة،

كي تسمع يارا كل شيء:

“قبل أن يكون الأب… جاءت الأم.”

“من عالمٍ أعلى… نزلت واحدة.”

“تحت قدميها انحنى الملوك،

وفي عينيها سكنت السماء.”

“اسمها… كاجويا.”

توقفت.

يارا قالت خلفي، بارتباك:

“من؟”

لم أجب.

أكملتُ القراءة:

“أكلت من الثمرة،

واكتملت فيها الشاكرا الأولى.

ومن تلك القوة… وُلدت الخوف.”

“أنجبت ولدين… هاغورومو وهامورا.”

“لكن حين كبرا، رأت فيهما تهديدًا.”

“أعلنت الحرب…

فقاتلاها.”

“وفي معركتهما،

انقسمت قوتها إلى تسع أرواح،

تُعرف الآن بالوحوش.”

“واختُتمت بعينٍ لا تنام… اسمها الرينغان.”

“لكن كاجويا…

رغم اختفائها،

لم تنم.”

“كانت تنتظر… أو بالأحرى… كانت تخاف.”

“خافت من أولئك الذين أرسلوها.

من سلالتها، من عشيرتها.

من قومٍ… لا يعرفون الرحمة.”

توقفت.

الصمت أثقل من الجدران.

يارا تقدّمت بخطوتين، وجهها متوتّر.

“سامورو… من هي كاجويا؟

هذه المرة، لا تُراوغ.”

نظرت إليها، ثم إلى النقش المتوهج.

“هي… البداية.

الشخص الذي جاء من حيث لا نعلم.

وجعل من عالمنا… ساحة اختبار.”

“وهي السبب في كل هذا.”

أشرت بيدي إلى الجدار، إلى الكلمات، إلى كل شيء.

“وهي التي زرعت الرعب في ابنها،

والرعب في ابن ابنها،

والرعب… فيي أنا.”

يارا صمتت، ثم همست:

“ولماذا تخاف هي؟”

نظرت في عينيها، وقلت بهدوء:

“لأنها تعرف… أنهم سيعودون.”

2025/05/13 · 27 مشاهدة · 772 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025