الريحُ الباردةُ تضرب وجهي…
لكنها لا تحرّكني.
كنت واقفًا عند حافة رأس الهوكاجي الثاني ،
توبيراما سينجو،
الرجل الذي أرسى أولى دعائم نظام الأنبو…
الرجل الذي، دون أن يعلم، مهّد لولادة الجذر.
وقفتُ فوق جمجمته المنحوتة في الصخر،
أراقب كونوها من الأعلى،
والقرية تبدو من هنا صغيرة…
أصغر من آلامها…
أصغر من خياناتها.
**
الظلال غطّت جزءًا من وجهي،
بينما القناع البرتقالي يغطي النصف الآخر.
في داخلي، كانت عاصفة لا تُرى.
هدوءٌ خارجي…
وغليان لا يسمعه أحد.
نظرت إلى الأسفل، إلى عمق القرية.
وهناك… تحت قدمي،
في أحشاء كونوها،
ينام مقر الجذر .
•
كل خطوة ستُخطى بعد الآن…
ستكون بعين واحدة، وقلبٍ لا يريد الرحمة.
أغمضت عيني،
ثم فتحتها ببطء.
الظلال التي كنّا نخشاها،
جعلتني واحدًا منها.
**
نزلت بهدوء من أعلى التمثال،
واتجهت إلى حيث يبدأ الأنفاق السرّية .
صوتي لم يخرج،
إلا حين لامست الأرض مجددًا.
تمتمت:
“سينسي…
انتظرني.”
⸻
المدخل مخفي تمامًا…
كما أتذكره من المعلومات التي جمعتها خلال الأشهر الماضية.
تمثال حجري مكسور في أحد أزقة كونوها…
تحت قدميه ختم متآكل،
وخلفه جدار صامت…
لكنه ليس جدارًا حقيقيًا.
وضعت يدي عليه بهدوء.
دفعة تشاكرا…
وانزلق الجدار بهمسٍ لا يسمعه سوى من اعتاد الإصغاء للظلال.
**
نزلت عبر النفق الضيّق،
خطوة تلو خطوة،
حتى غمرني الظلام.
لا أضواء.
لا أصوات.
مجرد نفسٍ بارد،
كأنه آتٍ من قبرٍ مفتوح.
**
بعد أمتار من التقدّم،
توقف الزمن.
شخصان…
أجسادهم مغطاة برداء الجذر الأسود،
أقنعة بلا ملامح،
يقفان أمام الممر التالي، كأنهما ظلّان لا يتحرّكان.
لكنني كنت أعرف…
أن عيونهما تراقبني من خلف القناع.
أحدهما بادر بالكلام، بصوتٍ آلي:
“المنطقة محظورة. عرّف بنفسك.”
لم أجب.
فقط خطوتُ للأمام.
**
تحرّك الأوّل بسرعة،
رمى عليه سكينًا من النوع الذي يُستخدم للشلّ،
لكنني لم أحتج حتى لتفعيله.
بحركة من الرسغ فقط،
تغيّرت وقفتُه إلى وقفة سقوط.
**
سقط على الأرض،
في رقبته جرح صغير،
لم أحرّك فيه حتى السيف بوضوح…
كانت ضربة من ظلّ السيف، لا من نصله.
الثاني تراجع بسرعة،
ثم اختفى مستخدمًا أسلوب الجذر في الاختفاء ضمن الجدران.
همس في الظلام:
“من أنت؟!”
فأجبته بصوتٍ منخفض:
“من بُني هذا المقر على دماء أستاذه.”
ظهر خلفي…
لكنني كنت هناك قبله.
ظهره انقسم بخط واحد.
لم يصرخ…
لم يسقط بسرعة…
فقط تلاشى كما تتلاشى الخطايا القديمة.
**
اثنان.
كلاهما من رتبة تشونين قوي .
كلاهما… لم يمنحني حاجة لاستخدام العين.
**
وقفت وسط الممر.
ثم نظرت أمامي،
حيث يبدأ طريق الانتقام الحقيقي.
“هذا مجرد البداية.”
⸻
من
–
كان اليوم عاديًا… أو هكذا ظننت.
في الغرفة الخامسة تحت الأرض،
تجمّعنا نحن العشرة.
تسعة من الجونين، وأنا الوحيد الأقل رتبة بينهم.
لكنني كنت فخورًا.
أن أُؤتَمن على هذا الطابق، وسط هذه الأسماء…
يعني أنني أثبت جدارتي.
الجو خانق،
الإضاءة خافتة كأنها تكرهنا،
والهواء يحمل رائحة تعفّن لا يعرف مصدرها أحد.
•
ثم… انفتح الباب.
لم نسمع خطوات.
لم نشعر بتشاكرا.
لكن الباب… انفتح.
•
دخل شخص واحد.
كان يرتدي قناعًا…
دوّامة برتقالية ملتفّة نحو عينٍ واحدة.
لكن القناع كان مغطّى بالدماء.
قطراتٌ ما تزال تقطر منه.
دماء لم تجف،
كأنّه خرج لتوّه من بطن الجحيم.
•
نظرتُ إليه…
لكنني لم أرَ بشريًا.
رأيت الشينيغامي.
نعم… إله الموت.
واقفًا بيننا، بجسد هادئ، وعين واحدة لا ترمش.
•
بادر اثنان من الجونين بالهجوم.
حركاتهم دقيقة… مميتة.
لكن الشخص المقنّع لم يتحرّك.
رأيتُ الاثنين يسقطان…
بضربتين لم أرَ كيف وُجّهتا.
ثم التحق ثالثهم… ثم رابعهم.
الجو تلبّد بالصمت.
•
صرخت، دون أن أعي:
“ماذا؟!”
أغمضت عيني للحظة،
وفتحتها على جحيم.
أربعة من زملائي قد قُتلوا.
الآخرون في مواقع الدفاع،
يتقدّمون بثقة، لكنني… لم أعد أراها.
**
ثم اختفى من مكانه.
ظهر خلف واحد منهم،
طعنه في العنق.
خمسة فقط تبقّوا… وأنا بينهم.
•
بدأت أتنفّس بصعوبة.
جسدي لا يرتجف،
لكن قلبي… ليس في مكانه.
اللعنة على دانزو…
واللعنة على أعدائه…
كل ما في داخلي صرخ:
لا أريد أن أموت.
تشبثت بعقلي،
عدت لوضعيتي.
قلت في نفسي:
“سأقاتل… حتى النهاية.”
•
ثم…
توقّف الزمن.
رأيت الشوركين الذي رماه أحدهم… معلّقًا في الهواء.
رأيت قطرات العرق… ساكنة.
كل شيء جامد.
ما عدا القاتل.
**
رأيته يتحرك.
ببطء مرعب…
ينتقل من واحدٍ إلى آخر.
يقتلهم.
واحدًا… اثنين… ثلاثة… أربعة…
وهو لا يصدر صوتًا.
**
ثم…
استُؤنف الزمن.
الشوركين سقط.
الجثث تهوت دفعة واحدة.
لم يبقَ إلا أنا… و”ساكورداي”، زميلي الأخير.
•
همست:
“هل هذه… نهايتي؟”
ثم أحسست بشيء…
ألم.
ألم في بطني.
أنزلت نظري ببطء،
فرأيت… أمعائي تتدلّى من بطني، تتلوّى مثل الأفاعي.
لم أسمع صوتًا.
لم أشعر بضربة.
فقط… الألم.
•
نزلت دمعة.
واحدة فقط.
لكنها… لم تكن لها أيُّ معنى.
⸻
خرجت من الغرفة المُلطّخة بالدم،
صوت الجثث لا يزال يتردّد في أذني…
ليس لأنني سمعته، بل لأن الزمن أخبرني بما سيقع،
ثم أعاد لي الوجع دفعةً واحدة.
**
مشيت ببطء في الممرات الداخلية للجذر،
كأن الجدران تراقبني،
كأن الدم العالق على يدي يتنفس.
كنت أترنّح دون أن أُظهر ذلك.
عيناي مفتوحتان…
لكن داخلي بدأ ينهار.
**
لقد تجاوزت الثانية.
استخدمت القدرة…
لمدة ثانيةٍ ونصف.
النصف الزائد…
يشبه الموت.
**
دخلت أحد الأجنحة المهجورة.
كانت غرفة قديمة منسية، ربما كانت مركز مراقبة،
لكن لا أحد هنا الآن…
سوى العرق المتجمّد على جبيني،
والحريق الذي ينهش داخلي.
**
جلست على الأرض،
أسندت رأسي إلى الجدار،
أغمضت عيني…
فارتدّت عليّ اللحظة التي أوقفت فيها الزمن.
سمعت أنفاسي.
ثقيلة، متقطّعة،
كأن الهواء نفسه ينتقم مني.
**
“كل ثانية… ثمنها لحظة من الجحيم.”
**
رغبت أن أرتاح.
أن أسمح لجسدي بأن يخمد…
لكن صوتًا داخليًا تمتم في أذني:
“ليس الآن.”
**
فتحت عيني من جديد،
رفعت القناع قليلاً لأتنفس بشكلٍ أفضل،
ونظرت إلى سقفٍ لا حياة فيه.
همست:
“لن أرتاح…
حتى أُنهي كل شيء.”
“سينسي…
دمك لم يجف في روحي بعد.
واليوم…
بدأت فقط.”
**
أعدت القناع على وجهي،
ونهضت رغم كل شيء.
وخرجت من الجناح…
كأنني لم أُخلق لأعرف النوم أصلًا.
⸻