كنت جالسًا على الأريكة،
الضمادات تغطي جانبي وكتفي،
وكوب الشاي في يدي لم يبرد بعد.
رأيت الباب يُفتح بعنف.
شعرت بالريح قبل أن أرى الوجه.
ميناتو.
وجهه متجهم،
شعره أصفر متناثر،
وعيناه تتفحّصني كما لو كنت شبحًا خرج من معركة مع الإله نفسه.
ابتسمت… لا إراديًا.
رفعت حاجبي، وقلت:
“ما بك أيها الوغد الأشقر؟ تبدو كأنك خرجت من جنازتي.”
اقترب بسرعة، ثم أشار إليّ بإصبعه:
“ماذا فعلت أيها المغفّل؟!”
ضحكت.
ضحكت لأن قلقه كان مضحكًا… ومؤلمًا.
“إذا كنت ستذهب لتفعل هذا… لماذا لم تخبرني؟”
هززت رأسي، ورشفت من الشاي.
“هل كنت ستأتي معي إلى عملية إبادة؟”
تنفّس بصوت مرتفع، ثم حكّ رأسه بعصبية.
“ماذا لو مت؟ ماذا لو سقطت؟!”
نظرت إليه، وابتسمت:
“يا إلهي… هذه أول مرة أراك فيها غاضبًا.
ههههه… ميناتو، أنت تكاد تبدو ككوشينا الآن.”
زمّ شفتيه، ثم جلس قبالتي دون أن ينبس بكلمة.
ثم، بعد لحظة، سأل:
“هل يمكنني أن أدخل مع تسونادي؟”
سكتُّ.
ثانية… اثنتين… ثلاث.
أخرجت زفيرًا طويلاً، كأن داخلي تحوّل إلى رماد.
“حسناً…”
**
بعد دقائق…
ظهر ميناتو من جديد، ومعه… تسونادي.
الضوء من خلفها جعلها تبدو وكأنها قادمة من المعركة، لا من المستشفى.
وقفت عند الباب، وضعت يدها على خاصرتها، وقالت بنبرة مليئة بالسخط:
“أنت من فعل هذا؟
أنت من فجّر الجذر؟
أنت… يا هذا، هل تتمنى النفي؟!”
رفعت رأسي، وابتسمت ببراءة مفتعلة:
“لم أفعل شيئًا… هذا ليس أنا.”
صمت.
ميناتو وتسونادي تبادلا النظرات.
تسونادي فركت جبهتها، وقالت:
“بالله عليك… ما زلت تمزح؟!”
ميناتو سأل:
“أين يارا؟”
أشرت للغرفة المجاورة:
“تحتاج لبعض الوقت وحدها.
دعها… هذا الأمر أكبر مما توقّعته.”
تقدّمت تسونادي نحوي،
جلست على ركبتيها أمامي،
فتحت حقيبتها الطبية، وبدأت تفحص الجروح.
“قل لي بصراحة… هل فعلتها لسبب وجيه؟
أنا لا أعالج الحثالة.”
أجبت بهدوء:
“فعلتها انتقامًا… لي، ولكونوها.”
ثم أضفت بابتسامة:
“وأيضًا، لا توجد رائحة قذرة فيّ، فحواسك تعمل جيدًا، دكتورة.”
تنهّدت. لكنها لم تمنع نفسها من معالجة الجروح.
**
بعد دقائق، مددت لها شيئًا.
زجاجة زجاجية…
مختومة بعناية.
داخلها…
عين شارينغان ثلاثية التوموي.
رفعت حاجبها.
“ما هذا؟
من أين تأتي بكل هذه الأعين بحق الجحيم؟!”
قلت بهدوء، دون انفعال:
“هذه… هدية من شخصٍ عزيز.
أريد أن يرى مصير تلميذه، ولو بعينٍ واحدة.”
سكتت.
نظرت إلى العين، ثم إليّ.
ربما كانت تفهم أكثر مما تقول…
وربما كانت تلك اللحظة بداية قبولهم لما حدث.
ولحقيقة أن سامورو…
قد تغيّر.
ولم يعد ذلك الفتى الهادئ الذي عرفوه ذات يوم.
⸻
⸻
خرج ميناتو وتسونادي،
أغلق الباب خلفهما… وساد الصمت.
أردتُ أن أتنفّس،
لكن الهواء نفسه بدا ثقيلاً،
كأنّ شيئًا في صدري ما زال يُصرّ على الاختناق.
•
خطوت نحو الحمّام،
ووقفت أمام المرآة.
كان الضوء خافتًا،
والبخار يتصاعد من الماء الذي فاض من الإناء النحاسي الصغير.
•
نظرتُ إلى وجهي…
•
الضمادات على كتفي،
الندبة التي تغرز نفسها في طرف عنقي،
والأهم من كل ذلك…
**
عيناي.
•
عين في موضعها…
لكنها باهتة.
كأنّ الحياة غادرتها.
كأنها تطفئ نورًا بقي فيها طويلًا.
•
والعين الأخرى…
التي زُرعت للتو.
•
كانت… حادّة.
لامعة.
غامضة.
•
حدّقتُ أكثر.
فجأة، دون أمرٍ مني،
تحوّلتا إلى شارينغان ثلاثية التوموي.
ثم…
مانجيكيو شارينغان.
ثم… عادت طبيعيّة.
•
نظرت في المرآة مطوّلًا.
نصف وجهي في الظل…
نصفه في النور.
•
همست لنفسي:
“أنا رجل يحمل عينَين…
إحداهما ترى الحاضر،
والأخرى تنظر في الغياب.”
•
تنفّست ببطء،
وهمست مجددًا:
“يجب أن أجد حلاً…”
•
فكرت…
“خلايا
…
.
لكنّها
.
الوحيد
…
.
ضعيفة،
…
.
•
تخيلت مستويات الخلايا في رأسي:
• المستوى الأول: زيتسو – استقرار ضعيف، طاقة محدودة.
• الثاني: ياماتو – مستقرّ، لكن غير قتالي.
• الثالث: أوبيتو – دمج جزئي، وقوة خارقة.
• الرابع: مادارا مع خلايا الحكيم – التكامل الكامل… بين الحياة والموت.
•
همست مجددًا:
“لا خيار.
يجب أن أبدأ من المستوى الأول.”
•
**
فجأة… رأيت انعكاسًا آخر في المرآة.
•
سمعت صوتها خلفي:
“هل ذهبوا؟”
أجبت دون أن ألتفت:
“نعم، ذهبوا.”
•
قالت بهدوء، ونبرتها حانية:
“هل ستذهب أنت أيضًا؟”
صمت.
ثم قلت:
“لا… سأبقى هنا أيضاً، إذا سُمح لي بالبقاء.”
•
اقتربت، حتى لم يعد بيننا سوى ظلّي.
“بالطبع، سأسمح لكاتي بالبقاء.”
قالتها بصوتٍ خافت، لكنه اخترق كل شيء.
•
نظرت إليها، شعري ما زال مبللًا،
والماء يقطر من عنقي.
ابتسمت، وهمست:
“يجب أن يبقى لقب كاتي لواحد منا فقط.”
•
ابتسمت هي الأخرى،
ومدّت يدها لتعدّل خصلة من شعري:
“أنت كاتي.”
•
توقّف قلبي للحظة.
لم أستطع الردّ.
لم أستطع قول شيء.
فقط… أومأت برأسي، كأنني طفل فقد صوته.
•
اقتربت، وطبعَت قبلة على جبهتي…
ثم على خدي…
ثم على زاوية عيني.
•
قالت، وهمست بأنفاس دافئة:
“فلنذهب إلى النوم.
الليلة… لا أريد أن أنام وحدي.”
•
ضحكت، وأجبت:
“فقط قولي إنك تريدين وسادة، مثل المرة الفائتة.”
•
غمزت، وقالت:
“وهل سترفض الأمر؟”
•
أجبتُ وأنا أرفع حاجبي:
“أبدًا.”
•
ثم خرجنا معًا،
كما لو أن كل ما في الدنيا… كان يحتوينا داخل تلك اللحظة فقط.
⸻