ساد الهدوء الممر المؤدي من قاعة الهوكاجي، لكنه لم يكن هدوء راحة، بل ثِقلٌ ينذر بما ينتظرهم.
كانت خطوات يارا راسخة كأنها تسير نحو قدرٍ تعرفه، فيما مضى ميناتو بجوارها يقلب أوراق الملف مرارًا، عيناه تتفحصان السطور كأنها تخبئ أسرارًا.
أما سامورو، فقد سار خلفهما، يرفع الملف كما لو كان صحيفة، يتظاهر بالاهتمام، لكن عينيه تجولان في السقف، تتابعان خيوط العنكبوت كأنها أكثر إثارة.
قال وهو يتنهد:
“مئة مشتبه به؟ هل نحن في مهمة نينجا أم نعد سكان كونوها؟”
لم تلتفت يارا، لكنها ردت بجفاء:
“أغلق فمك، سامورو.”
ابتسم، ثم قال بخفة:
“إذاً، السيدة الحديدية ما زالت تكره المزاح في اللحظات الحرجة.”
قال ميناتو وهو لا يزال يحدّق في الملف:
“نصف هذه الأسماء تحمل ختم الهوكاجي الأسود… هذا يعني أنهم خطر حقيقي.”
قال سامورو وهو يغلق الملف بإهمال:
“ومع ذلك، لا يوجد أمر إعدام مباشر. كأنهم يريدوننا أن نقتل… ثم نندم.”
توقفت يارا واستدارت نحوه:
“نحن لا نُنفذ أوامر، بل نصدر الأحكام. هذه ليست مهمة، بل تطهير.”
قال ميناتو:
“ثلاثتنا فقط. لا أنبو، لا جذور، ولا حتى مراقبين.”
قال سامورو وهو يربط واقي جبهته:
“جميل. حرب صامتة بلا جنود، فقط بقايا ضمائر تتحرك في الظل.”
قالت يارا:
“نلتقي عند البوابة الجنوبية بعد نصف ساعة.”
غادرت، وتبعها ميناتو بهدوء.
أما سامورو، فقد تأخر لحظة، نظر إلى الباب خلفه، ثم تمتم:
“ما أقسى أن تموت في مهمة… لا يعرف أحد أنها حدثت.”
مرت ثلاثة أيام.
تم التحقيق مع ستة وسبعين مشتبهًا، وخرجوا جميعًا أبرياء.
لم تُزهق روح واحدة دون دليل.
لكن الثلاثة عشر الآخرين… شُطبوا من القائمة، لا بأقلام، بل بدم.
جلست يارا قرب نار خافتة في كهف حجري، تنظف نصل سكين لم يتسخ، بينما كان ميناتو يقلّب الصفحات بصمت.
أما سامورو، فكان يرسم بحجر صغير دوائر على الأرض.
قال سامورو:
“كم بقي؟”
رد ميناتو:
“ستة وعشرون.”
قال سامورو مبتسمًا:
“أحب الرقم الفردي… يشعرني أن النهاية قريبة.”
قالت يارا:
“ليسوا مجرد أفراد، بل شبكات.”
أومأ ميناتو وأشار إلى الخريطة:
“هناك دلائل على أن بعضهم ينتمي لشبكات استخباراتية تتبع كيري، كومو، وربما جذور دانزو.”
قال سامورو وهو يلوّح بالحجر:
“رائع. نحن لا نطارد ذئبًا واحدًا، بل ثلاثة… وكلهم يلبسون ثياب كونوها.”
لكن فجأة، قطعت يارا الصمت.
قالت وهي تمسك لفافة سرّية صغيرة وصلتها من وحدة الاستعلامات:
“لدي معلومة مؤكدة… أحد المشتبهين أقر تحت الجينجتسو بوجود اجتماعٍ قريبٍ لجواسيس قرية السحاب.”
رفع ميناتو رأسه فورًا:
“أين؟”
قالت:
“مستودع مهجور عند الحدود الشرقية. الموعد خلال أقل من ساعة.”
قال سامورو:
“جميل. نزهة ليلية، مع بعض الحرق.”
قال ميناتو:
“علينا تنفيذ هذه العملية قبل أن يتفرقوا. إنهم قادة خلية، سقوطهم يعني خنق نصف شبكة كومو.”
قالت يارا وهي تحدّق في سامورو:
“لقد رأيت هيئة الجاسوس جيدًا. يمكنك استخدام تقنية التحول والتسلل وحدك.”
أومأ سامورو، قال بتهكّم:
“تخاطرون بي وحدي؟ مؤلم.”
قالت:
“سنتحرك نحن من الخلف، نغلق المنافذ. عندما تكون مستعدًا… أعط الإشارة.”
قال ميناتو:
“ننفذ بصمت، وننسحب كما دخلنا. لا أثر، لا تأخير.”
نهض سامورو، أخرج لفافة، رسم بها خطوط التحوّل على جسده، وخلال لحظات، لم يبقَ أثر له، سوى ملامح جاسوسٍ خائنٍ قُدّر له أن يُبعث للحظة أخيرة.
قال بابتسامة ساخرة:
“إذا لم أعد… قولوا إنني متُّ من الملل.”
قفز إلى الظلال، واختفى بين الأشجار.
تبعه ميناتو ويارا في صمتٍ عسكري.
والقمر، وحده في السماء، لم يجرؤ على أن يشهد.