كان فجرًا رماديًّا.

السماء صامتة، لا طيور، لا همس ريح.

وكأن العالم كله تواطأ مع أفكاري كي لا يشتتني.

خرجتُ من البوابة الجنوبية لكونوها،

لا أحد ودّعني.

ولا أنا رغبت بذلك.

هذا ليس وداعًا…

بل دخولٌ إلى قاعة مغلقة لا باب للخروج منها.

وجهتي: كيري.

لكن ليس إلى الميناء، ولا إلى الشوارع المغمورة بالضباب.

بل… إلى أعماقها.

إلى حيث يقيم “ذلك الرجل”.

أوتشيها مادارا.

أعرف أنه ليس حيًّا كما كان.

وأعرف أنه ليس ميتًا بالكامل أيضًا.

لكني شعرت بشيء بعد معركة الضريح.

شيء وُلد داخلي، شيء لم يكن من عيني،

ولا من جسدي.

بل من نظرة واحدة…

تركها فيّ.

هو من زرع لعنتي.

وهو من يملك علاجها.

لكن هل يُعقل أن يُداوي من هو سبب المرض؟

هل أُراهن على عقل قاتل، على حكمة ظلٍّ اختار أن يبقى في ظله؟

أنا ذاهب…

ولست واثقًا مما أريد أن أعود به.

عين؟

قوة؟

أم إجابة؟

ربما كلها…

وربما، لا شيء.

لم أحمل سوى سيفي.

ولا أحتاج غيره.

وضعت يدي على ختم الهراشين الذي كنت قد زرعته،

قرب حدود كيري، ذات مهمة قديمة.

انتقلت.

*

الضباب ابتلعني في لحظة.

الهواء رطب كأنفاس مريض،

ورائحة الطين والموت تختلط في الريح.

وقفت.

ثم همست لنفسي:

“ها أنا قادم، يا مادارا…

فهل ستقتلني هذه المرة؟

أم كنت تنتظرني منذ البداية؟”

وتقدّمت.

دون خوف.

لكن بثقلٍ في القلب…

أعرف أني سأضعه على الطاولة، وقد لا أسترده.

**

حين غادرت كونوها،

لم يكن في نيّتي أن أحمل سيفي ضد أحد.

لكنني كنت أحمله…

لأني لا أثق بشيء.

أرض الضباب كانت كما سمعتها دومًا:

باردة، رطبة، كأنها تهمس في أذنك دون أن تنطق.

الطبيعة هنا لا تصرخ… بل تختبئ،

كأن العالم يعيش تحت غطاء رماديّ لا يثق بالضوء.

سرتُ وحدي في المسار الحجري المبلل،

نقطة دخولي كانت منحدرًا فرعيًا لم يستخدمه كثيرون من قبل،

لكن ختم الهراشين الذي غرسته في مهمة سابقة قبل أعوام

لا يزال على حاله.

فعلته،

ثم ظهرتُ فجأة في أول حدود قرية الضباب.

لم تمضِ سوى دقيقة…

حتى ظهروا.

خمسة رجال…

وجوه مغطاة، لا شارات واضحة، لا شعارات.

لكنني عرفت من نظرتهم:

أنهم من وحدة “المراقبة الخارجية” في كيري،

المعروفة بحساسيتها لأي اختراق.

تقدّم قائدهم خطوة، وقال:

“من أنت؟ وكيف دخلت حدود الضباب دون استدعاء رسمي؟”

وقفت بثبات، وقلت بصوت هادئ:

“اسمي هاتاكي سامرو.

شينوبي من كونوها.

جئتُ بطلب مقابلة شخصية مع الميزوكاجي.”

نظر بعضهم إلى بعض.

ثم عاد القائد يسأل:

“هل تحمل تصريحًا؟ أو دعوة؟”

أخرجت لفافة صغيرة من ردائي،

بختم الهوكاجي الثالث،

وختم خاص بي.

“هذه مهمتي الرسمية:

طلب تبادل معلومات طبية بين القرى الكبرى.

لكن السبب الحقيقي… سأسلمه للميزوكاجي فقط.”

صمتٌ للحظة.

أحدهم همس للآخر، ثم تلقى إشارة.

قال القائد بعدها:

“اتبعنا.

أي حركة مشبوهة…

وسينتهي الأمر دون تحذير.”

“بكل سرور.”

سرت خلفهم.

خطواتي خفيفة، لكن ذهني لا يهدأ.

أنا لا أتيت من أجل الطب،

ولا من أجل كيري.

ولا من أجل الميزوكاجي.

بل أتيت لأجل رجل واحد …

يسكن بين ظلال هذا الضباب،

رجل لم يره أحد منذ زمن…

ولا يعرف أحد أنه ما زال على قيد الحياة.

مادارا.

هل سينكرني؟

هل سينتظرني؟

أم سيقتلني قبل أن أفتح فمي؟

لا أعلم.

لكنني أتيت على أي حال.

إلى الداخل…

حيث لن يعرف أحد ما الذي خرج مني إذا لم أعد.

**

أكيد، إليك الفصل الجديد كاملاً من البداية حتى لحظة دخول غرفة الميزوكاجي ، مكتوب بلغة فصحى، مشبع بالغموض، وفيه تخطيط ذكي من سامرو عبر زرع أختام الهراشين في أماكن متعددة داخل كيري كاحتياط للهروب، مع شعور متزايد بالخطر، حتى لحظة دخول اللقاء الرسمي.

الفصل السادس والثلاثون – الظل الذي ينتظر

من

منظور

سامرو

حين عبرت أسوار كيري،

كان الضباب يُحيط بي ككفن حي.

لا ريح، لا أصوات، فقط رطوبة تتسلل إلى العظم.

رائحة الملح في الهواء.

صوت خفيف لخرير مياه من بعيد.

لكن خلف كل ذلك…

عينٌ تراقب. أو عشرة.

لم يكن المكان آمنًا،

ولا أنا كنت جاهزًا للثقة.

رافقتني وحدة مراقبة مكوّنة من خمسة شينوبي،

لم يتكلموا كثيرًا،

لكن خطواتهم متناسقة… مدرّبة على القتل.

كنت أحصي الشوارع، الزوايا، الشرفات.

وأزرع.

**

كلما مررنا بممر ضيق،

أو حائط حجريّ ثابت،

أطلقت بصمت ختمًا صغيرًا من الهراشين،

أخفيه خلف بصمة تشاكرا بالكاد تُكتشف.

واحد خلف نقطة الحراسة الأولى.

آخر قرب صخرة مشققة على مدخل السوق.

ثالث تحت جسر الماء الصغير…

ورابع… قرب المعبد المهجور الذي تجاهلوه.

أربعة أختام،

في أربعة أماكن متباعدة،

كافية لصنع مهرب في أي لحظة إن ساء الوضع.

لكنني كنت أعلم…

لن أستخدمها إلا في حال واحدة: إن التقيت به.

وصلنا إلى مبنى الإدارة الرئيسي.

بناية قديمة، يحيط بها تماثيل حجرية لرؤوس الضفادع…

وفي الداخل، ردهة باردة ذات أعمدة مشبعة بالماء.

قال قائد الوحدة:

“انتظر هنا، سيتم استدعاؤك بعد قليل.”

أومأت له دون كلام.

ثم وقفت، وظهري إلى الجدار،

أحفظ كل زاوية، كل مخرج.

بعد خمس دقائق، فُتح الباب أمامي.

قال أحد الحراس:

“هاتاكي سامرو… الميزوكاجي بانتظارك.”

سرت نحو الداخل.

خطواتي ثابتة، أنفاسي موزونة…

لكن قلبي كان مستعدًا لإشعال سيفي في أي لحظة.

دخلت الغرفة.

فسيحة، مستديرة، مضاءة بنور طبيعي يتسرّب من السقف.

وفي المنتصف…

جلس الميزوكاجي، خلف طاولة حجرية بسيطة،

يرتدي عباءته الرسمية،

ووجهه مغطى بشبكة خفيفة كالعادة…

تُخفي ملامحه، لكنها لا تمنع تلك النبرة العميقة… التي لم تكن له.

جلس بصمت، ثم قال:

“كنت أعلم أنك ستأتي، سامرو.”

ارتجف الهواء داخلي للحظة.

ليس من كلماته…

بل من الذي تحدّث من خلاله.

لم يحرّك فمه كثيرًا.

لكن الصوت…

ذاك الصوت.

رأيته في الضريح… في لحظة التجمد… في الجدار المنقوش… في الخوف.

صوت الخوف اللذي زرع في صدري

“مادارا…”

لم أقلها.

لكنها ارتفعت داخلي كصفعة باردة.

تقدّمت حتى وقفت أمام الطاولة.

قال الميزوكاجي بصوته الغريب:

“أمامك دقيقة واحدة لتسألني ما جئت لأجله،

بعدها… سنُقرّر إن كنت ستعود إلى كونوها.”

ابتسمت بهدوء.

ثم قلت:

“لا أحتاج سوى ثلاثين ثانية…

لكنك تعلم أنني لم آتِ لأطرح سؤالًا.

أنا أتيت… لأسمع إجابتك.”

كان هذا هو اللقاء.

السكون خلف الباب…

والذئب خلف القناع.

**

2025/05/14 · 30 مشاهدة · 959 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025